وكأنها كانت تلقي نظرة الوداع الأخيرة لمنزلها الكائن في الحي الهاديء، وتصطحب نجلها وكريمتها الي المحكمة. وقبل ان تغلق باب شقتها همست لنفسها، فى هذا المكان جمع ربيع العمر بينى وبين زوجى، وفى هذا المكان يجمعنا الان الشتاء بعواطف باردة مبعثرة تمهيداً للفراق الابدى، فما فعله لا يمكن ان يغتفر ابداً. وفى السيارة، تذكرت السيدة كيف كانت حياتها هادئة مع زوجها، حتى جاءت تلك الخادمة الى منزلهما، وكأنها شيطان بقلب حجر، خطط للفراق بينها وبين حب العمر، ليقرر زوجها اهمالها مع نجلها وكريمتها، وفى نفس الوقت يظهر وجهة السلفى مصدراً فرماناً خطيراً فى حياة الاسرة، بحرمان ابنته من التعليم بدعوى خشية اختلاطها بالشباب. نفسه السلفى الذى احل تعليم ابنته فى المدارس، هو الذى يحاول تطويع الدين بفتوى مثيرة للجدل، بأن تعليم ابنته حرام. الواقعة غريبة، نكشفها من واقع الاوراق الرسمية والدعوى التى رفعتها الزوجه ضد زوجها السلفى، وقرار المحكمة، ومن ثم تحليل اساتذة علم النفس والإجتماع لتلك الحالة المثيرة للجدل. اسرة مترابطة تعيش حياة مستقرة، الأم تعمل في احد البنوك والأب مدير في شركة مرموقه، لديهما من الابناء اثنين، الجميع يشهد بأخلاقهما وتفوقهما حيث يدرسان بإحدى كليات القمة. لكن فجأة تنقلب حياة تلك الأسرة المثالية رأسا على عقب بعد دخول احدى الخادمات لذلك المنزل، استطاعت ان تقع بالأب في شباكها والزواج منه، ليقوم الاب بطرد ابناءه وزوجته ويرفض الانفاق عليهم وعلى تعليمهم والمصيبة الأكبر في تبريره في عدم الانفاق على ابنته. أمام محكمة أسرة الخليفة تقف الزوجة وبصحبتها فتاة وشاب وبجوارها محاميتها الدكتورة عزيزة الطويل، الزوجة تخفي ملامح وجهها بنظارة شمسية كبيرة بينما يوجه الابناء وجهيهما في الأرض ينتظرون دورهما في رول القضايا الكبير، يقطع صمتهم صوت حاجب المحكمة وهو ينادى على قضيتهم تدخل الزوجة وبناتهم الى قاعة المحكمة، وامام رئيس المحكمة تبدأ تروي قصتها قائلة: بعد أكثر من عشرين عام على زواجى، تزوج علي من الخادمة ثم تنهار الزوجة في البكاء يبدأ الأبناء في تهدئة والدتهم ثم تستطرد الام حديثها قائلة: تخرجنا سويا من كلية التجارة والتحق كل منا بالعمل في وظيفة مرموقة يحلم بها أي شاب وفتاة، كان قرارنا ان نبنى انفسنا بدون مساعدة من أحد، وقفت بجانبه وقمنا بتجهيز منزل الزوجية سويا، وتزوجنا وعشت معه على المرة قبل الحلوة، وانجبت ابنتى ثم ابنى، كنت اذهب الى عملى واعود الى بيتى اقوم بمهامي المنزلية كأم وزوجة، لم أقصر مع أسرتى في شيء وبدأت تشير لابنائها قائله: اسألوهم لو قصرت في شيء. الايام والسنين تمر وكبر ابنائي والتحقا بكليات القمة، بفضل الله ومجهودى معهم في المذاكرة، وبعد عشرين عام كان من حقى ان ارتاح اصبح ابنائي يعتمدون على انفسهم، صحتى لم تعد تحتمل العمل داخل المنزل وخارجه، وقررت ان استعين بخادمة تساعدنى في المنزل، ومن هنا انقلبت حياتى رأسا علي عقب، بدأت تلقي شباكها على زوجي ونجحت في الإيقاع به، وبدأ زوجى يعاملنا معاملة سيئة، يرفض الإنفاق علينا. كنت اظن في البداية انها مجرد نزوة عابرة عندما اكتشفت علاقته بالخادمة وقمت بطردها من المنزل، ووعده لي بأنه قطع علاقته بها، الا اننى فوجئت به انه تزوجها سرا، والمصيبة الأكبر، عندما واجهته وطلبت منه تطليقها فوجئت به ينهرنى ويحضرها لتعيش معنا في المنزل. وقعت من الصدمة مغشيا علي، نقلوني الى المستشفى وانا غير مصدقة ان هناك اخرى ستشاركنى في منزلى الذي بنيته على مدار عشرين عام، وبعدها ادركت ان اسرتى تدمرت بعد ان انقلب زوجى علينا، وأخذ يعاملنا بكل جحود، رافضا الإنفاق علينا وتوفير مسكن لي ولأبناءه. والمصيبة الأكبر اصراره على ان لا تستكمل ابنتنا تعليمها، بحجة ان تعليم الفتيات وخروجهن حرام. لم يعد لي ملجأ سوى ساحة العدالة وبعدها انهارت الزوجة في البكاء فيما طالبت محاميتها الدكتورة عزة الطويل بانفاق الاب على زوجته وابناءه الاثنين وقدمت مايثبت دخله والذى يتجاوز 10 الاف جنيه شهرياً، لتصدر المحكمة حكمها بالزام الاب بدفع نفقة شهرية لكل من زوجته وابنته وابنه 1500 جنيه لكل منهما. كما طالبت الأم بإنتقال الولاية التعليمية اليها حرصا على مستقبل ابناءها.