»البيان في العلاج بالقرآن« كتاب صدر عن مركز الكتاب للنشر من تأليف الاستاذ ناصف عوض المنياوي، وقد دفعني لقراءة هذا الكتاب محاولة معرفة أسرار عالم الجن كما ورد في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، خاصة وقد قرأت موافقة مجمع البحوث الإسلامية علي هذا الكتاب، وقولهم عنه بان الكتاب المذكور ليس فيه ما يتعارض مع العقيدة الإسلامية.. ولامانع من طبعه عي نفقتكم الخاصة« فماهو هذا العالم غير المرئي؟ وما طبيعة عامل الجن.. وكيف يأكل ويشرب؟ وأين يسكن؟ وهل لهذا العالم غير المنظور علاقة بعالم الإنسان؟ وهل يضر الإنسان فيسبب له الأمراض وكيف يتقي الإنسان شر هذا العالم المجهول؟ اسئلة كثيرة دارت في ذهني وأنا اقرأ صفحات هذا الكتاب الذي رجع فيه مؤلفه الي العديد من المراجع الهامة وتفاسير القرآن المختلفة. يحدثنا المؤلف عن قدرة الجهد وقدرة الإنس ويري ان للجن القدرة علي أي شيء مثل الإنس ولكن هم يتمتعون بسرعة الحركة والانتقال من مكان الي اخر حيث قال الله تعالي: »قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك واني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك« النحل 93،04. حيث تعهد العفريت لنبي الله سليمان عليه وعلي نبينا الصلاة وأزكي السلام، باحضار عرش ملكة اليمن الي بيت المقدس في مدة لاتتجاوز قيام الفرد من مقامه. وقال الله تعالي: »وأنا لمسنا اسماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا« (الجن: 8). حيث انهم كانوا يسترقون أخبار السماء ليعلموا بالخبر قبل ان يقع ولكن كل هذا قد أنتهي بعد ان بعث سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. ويقول المؤلف ان الجن مشتق من الاجتنان أي الاستتار فهم مستترون عن أعين الإنس جميعهم والجن عالم آخر غير عالم الإنس والملائكة. وحيث قال الله تعالي: »واذا أنتم أجنة في بطون أمهاتكم« -(النجم 23). أي قيل عن الجنين لاستتاره في بطن أمه ويورد المؤلف الآيات التي تتحدث عن خلق الجن مثل قوله تعالي: »والجان خلقناه من قبل من نار السموم«- (الحجر -72). وأيضا »وخلق الجان من مارج من نار«- (الرحمن - 51). ويور ماقاله المفسرون: قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد في قوله تعالي: »وخلق الجان من مارج من نار« أي من طرف لهب النار وقيل من خالص النار وقيل المارج اللهب المختلط بسواد النار. وحيث قال صلي الله عليه وسلم: »خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من نار وخلق آدم عليه السالم مما وصف لكم«. ويقول المؤلف أنه ورد لفظ الجن في القرآن اثنين وعشرين مرة. وورد لفظ الجان في القرآن سبع مرات وورد لفظ (الجنة) في القرآن عشر مرات .. ويورد هذه الآيات. أسماء بعض الجان وصفاته ويقول إن للجن أسماء وردت بالقرآن الكريم: 1- العفريت: وهو أقوي وأخبث أنواع الجن حيث قال الله تعالي وذلك عن ذكر العفريت بالقرآن: »قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل ان تقوم من مقامك«- (النحل 93). 2- المارد: حيث قال تعالي: »وحفظا من كل شيطان مارد«- (الصافات 07). »وإن يدعون إلا شيطانا مريدا«- (النساء 711). 3- وقال ابن عبدالبر: الجن عند أهل الكلام وأهل العلم علي مراتب أ- جني: يقال للجن. ب- العمار يقال لسكان المكان العامر ج- »الأرواح« يقال للذي يعترض الصبيان. ء- »شيطان« يقال للخبيث المتمرد. ه- »عفريت« يقال للقوي وقال صلي الله عليه وسلم: الجن ثلاثة أصناف: صنف يطير في الهواء، صنف حيات وكلاب، صنف يحلون ويطعنون« ويسون المؤلف الأحاديث التي وردت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، ومنها: عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: »خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم«. ويقول المؤلف ناصف عوض الله المنياوي أن الجن يسكن في الصحاري لخلوها من الإنس، ومنهم من يسكن المزابل والقمامات ومنهم أيضا من يسكن مع الجن، كما أن الجن يسكن أيضا الخلاء، كما يسكن الشقوق والجحور. حيث ورد عن قتادة عن عبدالله ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: لايبولن أحدكم في حجر [رواه الإمام مسلم- النسائي] ويقول المؤلف: أن الجن يأكل ويشرب حيث أن الأحاديث الصحيحة صريحة في أن الجن يأكلون ويشربون، حيث ورد عن حديث عبدالله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: »اذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، واذا شرب فليشرب بيمينه فان الشيطان يأكل ويشرب بشماله«. [رواه الإمام مسلم في مسنده] هل هناك زواج بين الجن والإنس؟ وما حقيقة الأمر في عشق الجن والإنس؟ يورو المؤلف قول الإمام بن تيمية: أن الجن قد يقع بالإنس (الصرع) بسبب شهوة وهوي وعشق كما يتفق الإنس مع الإنس، وقد يتناكح الإنس والجن معا ويولد بينهما الولد وهذا كثير معروف [راجع جريدة اللواء الإسلامي في 52/9/6891 صفحة 9 قول الشيخ الحسيني أبوفرحة. وقد يعشق الجن الإنس وتعشق الاناث منهن الرجال ويحدث زواج. ومن المؤكد ان هذا الزواج باطل لعدم التكافؤ بينهما في الهيئة والعلم والنفقة وغيرها. وكثيرا ما يقع ضرر بالغ بلاشك علي الآدمي، ويعتبر هذا الزواج لاشباع الرغبة الجنسية من كلا الطرفين، وربما من طرف واحد مقهور. وفي الغالب يكون الطرف القاهر هو الجن، ويعد هذا زنا ومن الكبائر ويحاسب الله عليه أشد الحساب، ولكن المقهور لايحاسب بل عليه ان يسارع الي الله تعالي ويتحصن ويكثر من الذكر وتلاوة القرآن ويذهب الي أهل العلم في هذا الطريق لتقديم النصح والارشاد والعلاج والتخلص من هذا البلاء نهائيا (الروحانيون: أ. اسامة النجار) والله تعالي أعلم. والجن يتكاثر كالإنس بل هم أكبر وأطول عمرا من مواليد وأعمار الإنس والله تعالي أعلم بهذا العالم الخفي. ويحدثنا الكتاب عن عالم الشياطين، وما يسببه هؤلاء الشياطين للإنسان من غواية و،ضلال وان الشيطان ليس له سلطان علي عباد الرحمن. »ان عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفي بربك وكيلا«- (الأسراء- 56). ولكن يتسلط الشيطان علي العباد الذين يرضون بفكره ويتبعوه عن رضا وطواعية. حيث قال الله تعالي: »إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين«- (الحجر- 24). ثم بعد ذلك يقول الشيطان لعباده واتباعه الذين اهلكهم واضلهم. »وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي«- (ابراهيم- 22). وقال أيضا: »إنما سلطانه علي الذين يتولونه وهم به مشركون«- (النحل- 001). القرين ويحدثنا المؤلف عن القرين.. وهو من الجن وهو الملازم للإنس دوما وهو الذي يقوم بالوسوسة للإنس وهو الذي يزين للناس حب الشهوات والمعاصي حيث قال تعالي: »ومن يعيش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين«- (الزخرف- 63). وأيضا قال تعالي: »قال قائل منهم إني كان لي قرين«- (الصافات- 15). وأيضا قال تعالي: »قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد«- (ق- 72). ويروي عن بن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: »ما منكم من احد الا وقد وكل به قرينه من الجن«. قالوا: واياك يارسول الله؟ قال: »واياي إلا أن الله اعانني عليه فأسلم فلم يأمرني الا بخير« رواه مسلم (الشيطان ومجري الدم) ويروي المؤلف وهو يسوق الأحاديث النبوية التي تتحدث عن الشيطان الذي يجري في الإنسان مجري الدم. مارواه انس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: »إن الشيطان يجري من بن آدم مجري الدم«- (رواه مسلم- البخاري). وعن أم المؤمنين صفية بنت حيي زوج النبي صلي الله عليه وسلم قالت: »كان الرسول معتكفا فأتيته ازوره ليلا فحدثته ثم قمت لا انقلب فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار اسامة بن زيد. فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا رسول الله صلي الله عليه وسلم اسرعا، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: علي رسلكما انها صفية زوجي. فقالا: سبحانه الله يارسول الله! قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: »إن الشيطان يجري من بن ادم مجري الدم وان خشيت ان يقذف في قلوبكما شرا.. او قال شيئا«. (رواه مسلم- البخاري) ويحدثنا الكتاب عن خوف الشيطان وهروبه من بعض عباد الرحمن، لأن الشيطان يخاف ويفر من المتقين، ويضرب اسئلة لذلك كقول الرسول الكريم لعمر بن الخطاب. »إن الشيطان ليفر منك ياعمر« (رواه أحمد والترمذي وبن حيان). وبعد أن يضرب المؤلف العديد من الأمثلة حول المؤمن القوي الإيمان وقدرته علي ابعاد وساوس الشيطان عنه يحدثنا عن طريقة ابطال مكائد الشيطان وهي: 1- المحافظة علي الوضوء قبل النوم. 2- المحافظة علي صلاة الوتر قبل النوم. 3- المحافظة علي قراءة آية الكرسي قبل النوم ودبر كل صلاة 4- المحافظة علي التسبيح ثلاثة وثلاثون، والتحميد ثلاثة وثلاثون، والتكبير ثلاثة وثلاثون دبر كل صلاة وقبل النوم. 5- المحافظة علي قول دعاء النوم: »باسمك اللهم وضعت جنبي وبك ارفعه ان امسكت نفسي فارحمها، وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين«. (رواه مسلم والبخاري) 6- المحافظة علي جميع الطاعات واخلاص النية لله. 7- المحافظة علي قراءة بعض آيات الذكر الحكيم. وتمض مع صفحات هذا الكتاب الذي يحدثنا عن المرض العضوي، والمرض الروحي، ويقف بنا عند الصرع، والسحر، والمس، وكيف معالجة كل هذه الأمراض عن طريق العلاج بالروحانيات الشرعية مثل القرآن- الأدعية- التحصينات، الاستعاذات الشرعية بينما تعالج الأمراض العضوية عند الطبيب البشري. كما يحدثنا عن السحر وكيفية الوقاية منه وكيف يحل السحر (العمل).. كما يحدثنا ايضا عن الحجامة وهي استخراج الدم من نواحي الجلد وايضا استفراغ للمادة التي بالجسم عن طريق استخراج الدم: العضد، الحجامة (الطب النبوي). وعنه صلي الله عليه وسلم: »خير ما تداويتم به الحجامة« »أخرجه النسائي وأحمد« ويحدثنا عن كيفية عمل الحجامة ووقتها وأماكن عملها، وشروط ما قبل وبعد الحجامة. وعن السحر وكيفية ابطال تأثيره، يحدثنا المؤلف عن الطرق المختلفة للعلاج منه، ومن آيات ابطال السحر، ومن هذه الآيات قوله تعالي: »فلما القوا قال موسي ما جئتم به السحر إن الله سبطله ان الله لايصلح عمل المفسدين. ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون«- (يونس- 18،28). وقوله تعالي: »وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا انما صنعوا كيد ساحر ولايفلح الساحر حيث أتي«- (طه- 96). والكتاب سباحة في هذا العالم العجيب.. عالم الجن والسحر.. وكيف يتفادي الإنسان ما تسببه هذه »الأعمال« من أضرار بالإنسان.. وأهم ما يجابه به الإنسان كل ما يحبق به من أذي وضرر من هؤلاء الذين اعتادوا القيام باعمال السحر الذي حرمها الله سبحانه وتعالي.. ان يلوذ الانسان بربه من شر وأذي هؤلاء المضلين، وان يتفي الله ويخشاه، ويجعل كل همه ان يتوجه بكل كيانه الي الله ان يحفظه.. وبهذه التقوي والحرص علي العمل بما جاء به الله ورسوله فانه يتجنب الصعاب ويكون في آمان. فلا يخشي الشيطان ووساوسه، لأن الله مع المتقين، وقانا الله شر شياطين الإنس والجن.