أزمة حقيقية تواجهها حكومة تيريزا ماي دفعت الصحف البريطانية الي شن حملات هجوم عنيفة تحت عنوان "هجوم السكاكين والتقصير الامني" حيث يتلقى المارة وخاصة المراهقين طعنات مجهولة وصلت الى حد وقوع ما يصل الى 24 حادث طعن عشوائي على مدار اسابيع قليلة، وتلقت عشر اسر بريطانية خبر مصرع ابنائهم فى ظروف طعن غامضة تحمل علامات استفهام لم تستطع شرطة سكوتلانديارد حلها، وازدادت الامور سوءا بعد وقوع حادثين منفصلين خلال يومين فقط راح ضحيتهما فتاة من لندن ومراهق لبناني الاصل ليلقيا مصرعهما بعد دقائق من طعنهما. "فقدنا الامان"، "شبابنا وشوراعنا فى خطر"، هكذا تصدرت تلك الكلمات المرعبة عناوين الصحف البريطانية والحملات الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، التى رصدت حالة الذعر التى يشعر بها المواطنون فى الشوارع بعد تكرار حوادث الطعن والقتل العشوائي غير المبرر ليتسبب فى ارتفاع أعداد الضحايا بشكل ملحوظ، فمنذ بداية العام الحالي شهدت الشوارع ما يزيد عن 20 حادث طعن خلال اسابيع قليلة ليتضاعف عدد الضحايا الى 27 ضحية خلال 15 شهر فقط. مشهد دموي عنيف، تحولت فيه ارض المتنزه هارولد هيل بشرق لندن الى بركة من الدماء لتعلنه الشرطة ساحة طوارئ محاطة بالشرائط الصفراء لمنع دخول المواطنين، وقعت الجميلة جودي تشيسني وعمرها 17 عاما ضحية حادث طعن من شخص مجهول سارع بالاختفاء من مكان الحادث بعد اختراق السكين صدرها وقلبها لتسقط ضحية لا تملك القدرة على الصراخ لإنقاذ حياتها، لاحظت ام لطفل صغير وجود الفتاة على الارض حاولت انقاذها بتقديم الاسعافات الاولية لتسقط الام مغشيا عليها من كمية الدماء التى خرجت من جسد الضحية، اتصل المارة بالشرطة ليتواجد المنقذون سريعا فى مكان الحادث وتحث الشهود على الافصاح عن شهادتهم، شن البريطانيون حملة الكترونية واسعة على وسائل الاعلام الاجتماعي للحث على الادلاء بأى معلومات عن الحادث لتتحول مراسم تأبين الطالبة الجميلة الى حالة من الاستنكار والغضب وقررت الشرطة إغلاق المنطقة لإجراء عمليات بحث الطب الشرعي. ساعات قليلة مرت على حادث طعن تشيسني حتى شهدت بريطانيا حادث آخر راح ضحيته طالب متفوق يحمل اصول لبنانية ويتلقى منحته الدراسية فى احدى المدارس الخاصة الراقية، لقى يوسف مكي -17 عاما- مصرعه بمدينة مانشستر، وعثر عليه احد المارة مستلقيا بجوار شجرة بطريق جرين بارك بمنطقة فيلات الاثرياء بضاحية هال برنز، وتم استدعاء الشرطة لنقل الضحية الى المستشفى الا انه توفي وعثرت الشرطة على دراجتين بخاريتين فى مكان الحادث تم التحفظ عليهما، والضحية يعيش برفقة والدته ديبورا -54 عاما- وهو ابن مهاجر لبناني فاز بمنحة دراسية بمدرسة مانشستر وعرضت الصحف صدمة الام التى كشفت عن توقف احلامها وتوقف احلام ابنها الذي طالما تمنى ان يصبح جراح قلب شهير بعد سنوات قليلة من تخرجه، وسبق الحادثين الاخيرين وقوع حادث طعن آخر قبل اسبوع راح ضحيته المراهق تشيه موريسون -20 عاما- بحادث طعن فى محطة القطار فى شرق لندن. كشفت تقارير هيئة الخدمات الصحية ارتفاعا مخيفا في أعداد المصابين ممن تلقوا اسعافات اولية بالمستشفيات نتيجة لطعنات بالسكين أو آلة حادة بعد ارتفاع اعداد الضحايا بنسب مضاعفة مقارنة بالسنوات الخمس الماضية، وتزامنت قضية طعنات الشوارع مع عثور الشرطة على مواد مشبوهة فى اماكن مختلفة بلندن وتحديدا فى مطار سيتي ومحطات القطارات لتزداد موجة الهجوم على الحكومة، والقى وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد كلمته فى البرلمان البريطاني ليواجه تساؤلات واتهامات الرأى العام مؤكدا إقامته اجتماعات متكررة مع مسئولي الشرطة لإيجاد وسيلة للتصدي لتلك الحوادث العنيفة، خاصة بعد تعرضه وحكومته الى انتقادات حادة لتحليل اسباب التقصير الامني وهو لجوء المجرمين الى استخدام الاسلحة البيضاء والسكاكين فى بلد يصعب فيها الحصول على سلاح ناري بسهولة ليتسبب الامر فى ارتفاع معدل الجريمة بشكل غير طبيعي كما تتزامن تكرار تلك الحوادث مع السياسة التقشفية التى اتبعتها تيريزا ماى بتقليل عدد افراد الشرطة وتخفيض ميزانيتها، ولكن يظل الدافع غامضا وراء ارتكابها ليتصدر المشهد حالة غياب الامن والامان.