مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، جاء هجوم لندن الإرهابي، الذي ضرب جسر العاصمة، مثل الصدمة على الأمن البريطاني الذي كان يستعد للاستحقاق التشريعي، المقرر أن يجرى الخميس المقبل، في مشهد قد يؤثر على النتائج النهائية وشعبية رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي. وضرب الحادث الذي وقع مساء أمس السبت، وسط لندن، ونفذه ثلاثة مهاجمين على متن شاحنة صغيرة بدهس حشد على جسر لندن بريدج، ثم هاجموا مارة بسكين، ما أسفر عن سقوط ستة قتلى، قبل أن تقتلهم الشرطة، وأصيب نحو 48 شخصًا بجروح، ونقلوا إلى خمسة مستشفيات في العاصمة البريطانية، وفق ما ذكرت إدارة الإسعاف. ويأتي الحادث قبل من إجراء الانتخابات التشريعية التي بدورها ستحدد مستقبل البلاد وعلاقتها بالاتحاد الأوروبي، إذ دعت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، إلى انتخابات مبكرة، للحصول على تفويض شعبي، يمكنها من السيطرة على زمام الأمور لتكون لديها القدرة على إدارة مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي وإسكات المعارضة داخل حزبها وخارجه لتنفيذ مشاريعها السياسية. وقال مراقبون إن وقوع الحادث قبل أيام من الاستعداد الأمني الواسع للانتخابات يؤكد أن أجهزة المعلومات البريطانية لديها مشكلة فى التعرف على الخلايا النائمة، رغم أن بعضهم كان لديه علاقة قديمة بجهاز المخابرات البريطاني "MI6″، مثل حادثة مانشيستر التي ضربت المدينة قبل أسابيع قليلة، وثمة إشارات إلى استخدام سلاح الإرهاب للتأثير على الانتخابات البريطانية، كما حدث من قبل في فرنسا، لتصبح على ما يبدو، الهجمات عنصرا مهما في الحملات الانتخابية للأحزاب. اعتداء لندن يعد الثالث الذي تشهده بريطانيا في ثلاثة أشهر؛ ففي 22 مارس الماضي، نفذ رجل عملية دهس لمارة على جسر ويستمينستر، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، وبعد شهرين، وقع اعتداء آخر أسفر عن سقوط 22 قتيلا وأكثر من مئة جريح؛ عندما فجر بريطاني من أصل ليبي نفسه في نهاية حفلة غنائية بمانشيستر. وقال زعيم حزب العمال، جيرمي كوربين، إن العمليات الإرهابية جاءت نتاجا للسياسة الخارجية البريطانية، متعهدًا بتغيير السياسة الخارجية للبلاد، إذا ما فاز حزبه في الانتخابات المقبلة، فيما ردت رئيسة حكومة المحافظين البريطانية، تيريزا ماي، بقوة على ما قاله كوربين، واتهمته في أقسى هجوم لها بأنه يوفر "مبررا للإرهاب". وذكرت صحيفة ذا تايمز، نقلا عن بحث أعده معهد يوجوف لاستطلاعات الرأي، أن حزب المحافظين بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، قد لا يحصل على أغلبية مطلقة في البرلمان خلال الانتخابات العامة التي ستجرى في الثامن من يونيو؛ بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية للبلاد، ويظهر الاستطلاع أن الحزب قد يفقد 20 مقعدا من التي يملكها وتبلغ 330، وأضافت الصحيفة أن حزب العمال المعارض قد يكسب ما يقرب من 30 مقعدا، ما يجعل المحافظين أقل 16 مقعدا من الأغلبية المطلقة التي يحتاجها كي يحكم بمفرده دون دعم من الأحزاب الأخرى وهي 326 مقعدا. وسيطر موضوع الأمن بعد الاعتداءات الأخيرة التي ضربت أماكن حية في بريطانيا، على أول مناظرة بين تيريزا ماي ومنافسها جيريمي كوربن، قبل أيام من الانتخابات التشريعية، وفيما تلقت ماي انتقادا حول "الخفض" المدمر في عدد أفراد الشرطة خلال توليها وزارة الداخلية لست سنوات، قال عمدة لندن صادق خان، إنه لا يجب أن ننجرف وراء من يدعون إلى تأجيل الانتخابات، وأن الهجمات الإرهابية يجب ألا تؤجل موعدها. وأضاف خان أن سكان لندن سيشهدون وجودا متزايدا لرجال الشرطة في المدينة بعد الهجوم الدامي، لكن ليس هناك ما يدعو للذعر، وحث الناس على التزام الهدوء وتوخي الحذر، وأشار إلى أن المستوى الرسمي للتهديد الأمني ما زال عند مستوى "حاد"، ما يعني أن وقوع هجوم أمر مرجح بشكل كبير.