أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن راية مصر لن تنتكس أبدًا، وستظل مرفوعة خفاقة، لأنها غنية بأبنائها الأوفياء جيلًا بعد جيل، مشيرًا إلى أن ثورة 23 يوليو غيرت واقع الحياة على أرض مصر وحققت تغييرات فى جميع الاتجاهات لتضع مصر على خريطة العالم السياسية. أضاف، خلال كلمته فى حفل تخرج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية، اليوم الأحد، أن 23 يوليو جعلت مصر تبدأ مسيرة جديدة من العمل الوطنى لتحقيق آمال شعب مصر العظيم فى إحداث تحولات نوعية سياسيًا، واقتصاديًا واجتماعيًا. وفيما يلى نص كلمة الرئيس السيسى... بسم الله الرحمن الرحيم.. السيدات والسادة الزملاء.. شعب مصر العظيم.. أيها الشعب الأبى الكريم يمر علينا يوم 23 يوليو من كل عام ليثير فى النفس مشاعر الفخر والكرامة باستعادة الاستقلال الوطنى واسترداد المصريين لحكم بلادهم بعد زمن طويل من الاستعمار والسيطرة الأجنبية. نحتفل غدًا بالذكرى السادسة والستين لثورة 23 يوليو المجيدة التى غيَّرت واقع الحياة على أرض مصر، وحققت تغييرات جذرية فى جميع الاتجاهات، لتضع هذا البلد على خريطة العالم السياسية، وتبدأ مسيرة جديدة من العمل الوطنى لتحقيق آمال شعب مصر العظيم فى إحداث تحولات نوعية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. امتد تأثير ثورة يوليو ليتجاوز حدود الإقليم، وتصل أصداء الثورة إلى أرجاء المعمورة، فتُلهم الشعوب التى تكافح من أجل حريتها، وتسهم فى تغيير موازين القوى فى العالم لتميل لصالح الشعوب التى طال استضعافها وتهميشها. فى عيد ثورة يوليو المجيدة، نذكر بكل الإعزاز أسماء الرجال الذين حملوا رؤوسهم على أكفهم من أجل هذا الوطن الغالى.. نذكر اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، قائد الثورة والذى اجتهد قدر طاقته للتعبير عن آمال المصريين فى وطن حر مستقل تسوده العدالة الاجتماعية. نذكر كذلك.. اسم الزعيم الراحل محمد أنور السادات الذى بذل حياته ذاتها فى سبيل الحفاظ على الوطن وصون كرامته وحماية أراضيه.. والرئيس الراحل محمد نجيب، والذى لبى بشجاعة نداء الواجب الوطنى فى لحظة دقيقة وفارقة. نقول إن مصر غنية بأبنائها الأوفياء.. جيلاً بعد جيل.. يسلمون راية الوطن مرفوعة خفاقة.. وأن هذه الراية لن تنتكس أبدًا.. بإذن الله.. وبفضل عزيمة هذا الشعب وأصالته. يمر الزمن، وتتغير طبيعة التحديات التى تواجه وطننا، فمن تحقيق الاستقلال الوطنى وبدء محاولات تحقيق التنمية الاقتصادية، والاجتماعية.. مرورًا بالحروب من أجل الأرض وقضايا الأشقاء، ووصولًا إلى تحديات وقتنا المعاصر، كان الشعب المصرى دومًا على قدر هذه المسؤوليات العظيمة، مصححًا لمساراته، وثابتًا على قيم الانتماء والولاء للوطن المقدس الذى يعلو ولا يُعلى عليه. ولا أخفيكم القول.. إن مصر واجهت خلال السنوات الماضية تحديًا ربما يكون من أخطر التحديات التى فُرضت على الدولة فى تاريخها الحديث.. وهو محاولة إثارة الفوضى وعدم الاستقرار فى الداخل المصرى.. وسط موجة عاتية من انهيار الدول، وتفكك مجتمعاتها فى سائر أنحاء المنطقة. إن الخطر الحقيقى الذى يمر ببلادنا والمنطقة هو خطر تفجير الدول من الداخل ببث الشائعات والقيام بالأعمال الإرهابية والإحساس بالإحباط وفقدان الأمل .. كل ذلك يهدف إلى تحريك الناس لتدمير أوطانهم، فيجب أن ننتبه لما يُحاك لنا، فقد رصدنا 21 ألف شائعة فى 3 أشهر فقط الهدف منها خلق البلبلة وعدم الاستقرار والإحباط. وتحت هذا العنوان العريض.. تأتى جميع التحديات التى نواجهها معًا خلال السنوات الماضية من إرهابٍ وعنف مسلح، وحربٍ نفسية وإعلامية ضارية، وضغوطٍ غير مسبوقة على الاقتصاد الوطنى. وقد كان أمامنا عند تولى المسؤولية طريقان لا ثالث لهما، فإما مصارحة الشعب بالحقائق الواقعية ومواجهة التحديات بشكل مباشر، أو اتباع سياسة المسكنات والشعارات وبيع الأوهام. والحق أقول لكم، إن أمانة المسؤولية، وثقة هذا الشعب العظيم، ويقينى فى قدرته غير المحدودة على الانتصار فى معاركه لم تترك بديلاً سوى المصارحة والمواجهة، لكى نعوض ما فاتنا ونقيم نهضة حقيقية شاملة تتسع لمواطنى هذا البلد وللأجيال القادمة التى ستأتى من بعدنا. يتزامن الاحتفال بعيد ثورة 23 يوليو مع احتفالنا اليوم بتخريج دفعات جديدة من شباب مصر الأوفياء أجيال جديدة تواصل مسيرة حماية الوطن متسلحةٌ بالتدريب الراقى، والعقيدة القتالية الوطنية ينضمون لجيش مصر العظيم فى مختلف أفرعه لينالوا شرف الدفاع عن الوطن وحماية أراضيه فى مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة تتطلب منكم كامل اليقظة، وأعلى درجات الاستعداد. أقول لكم فى يوم بدء حياتكم العملية، إن انضمامكم للقوات المسلحة المصرية شرف لا يضاهيه شرف، وواجب وطنى عظيم يؤديه أبناء مصر المخلصين الذين يلبون نداء الوطن بكل الإخلاص والقوة، وأن قواتنا المسلحة الباسلة قدمت كثيرًا من التضحيات.. وتحملت كثيرًا من الأعباء.. ولم تتوانَ يومًا عن القيام بواجبها الوطنى فى أحلك الظروف وأصعب الأوقات.. ولهذا، وضع الشعب المصرى العظيم ثقته فى قواته المسلحة.. يقدر تضحياتها ويفخر بها، وستظل العلاقة بين الشعب وأبنائه فى القوات المسلحة سرًا مصريًا أصيلاً، وعهدًا أبديًا لا ينقطع بإذن الله. ويجب أن تعوا جيدًا أن المؤسسة العسكرية المصرية تقوم على الولاء الكامل للوطن، وعلى الكفاءة والانضباط والتضحية والفداء، فكونوا يا أبنائى، على قدر هذه المسؤولية العظيمة.. وعلى قدر ثقة الشعب المصرى فيكم. ابذلوا أقصى الجهد من أجل مصر، ولا تبخلوا بعطاء فى العمل أو التدريب.. ضعوا اسم وطنكم أمام أعينكم.. اعلموا من أنتم وابذلوا أقصى الجهد لتطوير قدراتكم .. واعلموا أنكم مسؤولون عن قيادة وحداتكم والأفراد الذين يعملون معكم .. وثقوا أن مصر لا تقابل العطاء إلا بالعطاء.. وأن هذا الوطن العريق لا ينسى أبناءه المخلصين. وفى هذه المناسبة.. نتوجه بكل التقدير والاعتزاز لأرواح شهدائنا الأبرار الذين بذلوا أرواحهم الغالية فداءً لمصر وشعبها، وقدموا فى سبيل رفعة مصر كل ما يملكون. نقول لأسرهم، إن تضحيات أبنائكم وأبنائنا محل تقدير كبير من شعب مصر كله الذى يعرف حجم ما ضحيتم به من أجل أن يحيا كل مصرى ومصرية فى أمان وسلام. إن الدولة تمضى فى تنفيذ رؤية استراتيجية شاملة لبناء وطن قوى متقدم فى جميع المجالات نقوم بتنفيذ برنامج وطنى للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الشامل يراعى محدودى الدخل والفئات الأكثر احتياجًا بأقصى ما نستطيع من طاقة وإخلاص، ويتيح الفرصة والمناخ الملائم لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتعزيز قيم العلم الحديث ومناهجه فى جميع أوجه حياتنا. وإننى أجدد العهد معكم بأن تواصل الدولة بذل أقصى الجهد، وبأفضل الأساليب والمناهج العلمية ليس فقط لتشييد المشروعات التنموية الكبرى ذات العائد الملموس، ولكن قبل ذلك لبناء إنسان مصرى يتمتع بصحة طيبة، وتعليم حديث، وثقافة راقية.. إنسانٌ يستطيع مواجهة تحديات هذا العصر وما يليه، ويستطيع من خلال المخزون الحضارى العميق للشعب المصرى تحقيق المعجزات فى أقل وقتٍ ممكن. ولعله لا يوجد أفضل من هذا اليوم الذى نشهد فيه تخريج شباب مصرى واعد من الكليات العسكرية، وانضمامه للقوات المسلحة ليواصلوا مسيرة عطاء هذه المؤسسة الوطنية العريقة، لأؤكد ثقتى فى قدرتنا جميعًا بإذن الله تعالى، على تغيير واقع الحياة فى هذا الوطن لما نرضاه ونفخر به، ليكون حاضر ومستقبل مصر بعظمة ومجد ماضيها. وفى الختام أتوجه إليكم جميعًا مجددًا بالتحية والتقدير.. كل عام وأنتم بخير.. ومصر العزيزة فى أمان وتقدم.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.