سحر موظفة شابة بدت علي وجهها آثار العمر الحزين مع زوج ظل ينغص عليها حياتها بسبب إنجابها البنات ... كانت وردة تفوح ريحها عبر طلتها من البالكون أو ذهابها للعمل ... كان شباب الحي الذي تسكن به في طنطا علي موعد مع خطواتها أثناء ذهابها للعمل-- ذات يوم بينما كانت تسير بخطوات واثقة تتهادي قليلا أمامهم كانت بمكر الأنثي تراقب نظراتهم وكأنها لا تراهم ... كانت تتمني اليوم الذي يطرق احدهم الباب ليقول : يا عمي أنا طالب ايد بنتك ... ياعم خد ايدها ورجلها كمان ... هكذا كانت تُحدث نفسها وهي تتهادي كأنها نسمات رقيقة تنثر عبيرها في سماء العاشقين ... عند مكتب المحاسب الذي تعمل لديه ... تلفتت خلفها لعلها تجد من يتابعها ويسألها عن عنوان البيت... لا أحد -- تفتح الباب وتبدأ في ممارسة عملها كسكرتيرة حتي يأتي الأستاذ ويبدأ هو الآخر في استدعائها يتأملها و تظن في نفسها أنه يتحسر علي زواجه من امرأته العجوز ... ياه تتجوزي الأستاذ يا بت يا سحر ... وليه لأ ؟ ما هو عمره ما خلف من مراته اللي اتجوزها طمعا في أموالها وتكبره بخمسة وعشرين سنة ... وأنا أصغر منه ... هكذا كانت تحدث نفسها ذات يوم حضرت زوجة الأستاذ ... وما أن شاهدتها حتي جن جنونها ... ودخلت علي الفور لم تستأذن في الدخول لزوجها ... سحر كانت تعرفها .. رأتها مرتين مع الأستاذ في السيارة عندما طلت عليها من الشباك -- أسندت ظهرها للخلف وأطلقت تنهيدة ليرتفع صدرها كأنها تعلن عن أنوثتها الطاغية أمام زوجة الأستاذ التي كانت قد تخطت العقد الخامس ... تُؤمر بحاجه يا استاذ .. هكذا همست سحر حينما استدعاها رنين الجرس - هاتي عصير للمدام . - حاضر يا فندم ... حضرتك تشربي عصير إيه يا مدام - امشي هاتي أي عصير يا بت ... انتي بتدلعي كده ليه ... أغلقت سحر الباب خلفها عقب انتهاء الحوار بهذا الشكل ... حينها أصرت بكبرياء جمالها علي الانتقام منها ... صممت أن تشعل نار الغيرة داخلها وبدأت التنفيذ ... قبل أن تدخل مكتب الأستاذ مرة أخري حاملة صينية العصير ... مدت يدها للفيست الذي ترتديه ... فتحت الزرار الأعلي ... وبخطوات حانية طرقت الباب ودخلت لتقف أمام زوجة الأستاذ ... انحنت أمامها ... بدا صدرها الناهد كأنه حبات لؤلؤ يبحث عمن يقطفه ... صرخت زوجة الأستاذ : - اتعدلي يا بت ... إيه ده نص صدرك باين عشرون يوما مضت وكانت دبلة الزواج في يد سحر ... تزوجها الأستاذ ... كانت كلمات زوجته وغيرتها الشديدة منها أكدت شيئا داخله ... الأستاذ نظر إلي سحر هذه المرة نظرة جديدة ...نظرة ظامئ يبحث عن كوب الماء ...وهائم يبحث عن صدر حنون يرتاح فيه واليه ... الأستاذ طلق زوجته الأولي بعد أن نال من أموالها ما أمن له حياته الفقيرة وسحر لازالت تبحث عمن ينتشلها من بين سبعة أخوات في أعمار مختلفة يعمل الأب فران بينما تجاهد الأم في توفير الطعام لسبعة أشقاء أكبرهم سحر ... - يا بنتي ده راجل كان متجوز - إيه يعني يا ماما بس بيحبني وبحبه ... و أنا بقالي 7 أشهر بشتغل عنده بسرعة تمت الزيجة ... كان يتمني أن ينجب منها ولدا بعد سبع سنوات مع زوجته الأولي لم تنجب له .... أول بنت ! أنا حامل ... طار من الفرح كان يحملها في عينيه يبحث عن راحتها ... طوال تسعة أشهر كانت مثل الأميرة في قصر قلبه برغم انه كان يتمني أن تنجب له ولدا وبعد أن أخبره الطبيب المعالج أن زوجته حامل في بنت ارتضي بقضاء الله وتذكر أيام حرمانه الاولي من الانجاب ... ولاء كانت اولي البنات ... ملأت البيت فرحة واشتياق لبكاء الصغير ... ولاء تجاوزت العامين ... فهمس لزوجته - سحر أنا نفسي في ولد ... شيلي الشريط ... - حاضر يا روحي ... يا رب يتحقق حلمك سحر ... حامل ... بنت ... ماشي ... قضاء وقدر يلا ممكن المرة الجايه نجيب ولد أنا عايز ولد يا بنت ال ؟؟؟؟ صدمت سحر من قسوة قلبه وسبابه المستمر لها عقب إنجابها البنت الثالثة ... تغير الزوج وأصبح يعايرها بأنها أم البنات في الوقت الذي أنجبت زوجة شقيقه أربعة أولاد .... - يا حبيبي أنا اعمل إيه ... أنا نفسي اجيبلك الولد اللي بتحلم بيه - لو جبتي بنت تاني ها طلقك تشاء الأقدار و تحمل سحر وتخبرها الطبيبة أن الجنين بنت ... عبثا حاولت استرضاؤه ولم تفلح ترك البيت تحول لوحش كاسر لم يرحم توسلات بناته الثلاثة ولاء 7 سنوات وأمل 5 سنوات ونهي 3سنوات في أن يعود معهم للبيت ... طردهم من المكتب بعد أن اخبر خالهم بعدم الحضور معهم مرة أخري .... أنجبت سحر البنت الرابعة ... بتوسلات رجال العائلة حضر ليكتب المولودة باسمه وانصرف وباتت سحر تناجي دموعها يوميا في انتظار أن يعود إليها ويستجيب لتوسلات وتدخلات الأقارب ... عاد أخيرا وعاد معه الأمل في أحلام كثيرة كانت تراها في منامها بأنها أنجبت الولد الذي سيكون بوابة الأمل لعودة زوجها إليها ... صارحته ... وبعد عدة أشهر كانت بطنها قد انتفخت بالجنين الخامس ... تضع يدها علي بطنها آه انه يتحرك ... هي حركات لم تشعر بها من قبل ... إذا هو الولد أوهمته بأنها حامل في الولد الذي يتمناه ... عاش هو للحلم وعاشت هي للأمل ... لم تشأ أن تذهب للطبيب المعالج خشية أن يكذب إحساسها .. كانت تدعو الله خشية من زوجها وليس أملا في كرمه سبحانه وتعالي .... تتربي في عزّك ! صرخات أطلقتها سحر ذات يوم ... بسرعة احضروا السيارة وحملوها للمستشفي المجاور الذي اعتادت أن تضع فيه ... مولودها ... في غرفة عمليات الولادة ... نظرت حولها ، تمنت أن يكون بجوارها ... لكنها شعرت بقبضه في قلبها ... حينها تمنت أن يعود الجنين كما كان أو أن لا يأتي للحياة .. حتي تعود لشقتها ، دموع كانت تنساب علي خدودها التي كثيرا ما قبلها و لم تجده الآن ليمسح دمعة واحدة ... عندما صرخ الجنين معلنا قدومه للحياة ... أيقنت أنها صرخة حزن علي مصيرها ... - مبروك يا سحر .. تتربي في عزك .. بنت زي القمر ... لم تدر أهي نامت أم أغمي عليها ... وعندما أفاقت كان الكل حولها ...بحثت عنه ... لم تجده ... تساءلت فين الأستاذ .. كان الصمت هو جواب العيون .. أخذتها أمها في حضنها وحاولت أن تنسيها ما تتحدث عنه ... لكن قلبها كان يشعر تساءلت سحر ... هو الاستاذ طلقني ؟ لم تسمع سوي صدي صوتها .... وأنات واهنة -- مسحت دموع انسابت علي وجنتيها ... اقترب منها من حولها ... حاولوا أن يُبعدوا عنها الحزن ... أبعدوه عن وجهها لكن عبثا لم يتمكنوا من إزاحته عن قلبها .. علمت انه نفذ وعده ... طلقها الأستاذ عندما علم إنها أنجبت البنت الخامسة لكنه كان كريما معها حسبما أكد لشقيقها ... أرسل لها 400 جنيه ووعد شقيقها بأن يرسل لها مثلهم شهريا . لكن سحر لم تهدأ .... تحولت ذرات الحب إلي قنابل فجرتها أمام محكمة الأسرة بالغربية ... عندما أقنعها محاميها بأن ترفع دعاوي علي زوجها متعلقة بالنفقة والمتعة وتبديد القائمة .... والاستيلاء علي المصاغ وشيك أمانه بمبلغ المهر .. الخ - حاضر يا أستاذ أنا موافقة ارفع الدعوي. هكذا كانت تجيب علي أسئلة محاميها عندما يخبرها برغبته في الانتقام من طليقها ذ ليقف الاستاذ أمام قاضي محكمة الأسرة يطلب الصفح من سحر التي ترفض العودة إليه بعد أن أنجبت له زوجته الجديدة بنتاً اسماها سحر