الحياة دائما لا تخلو من المتناقضات وهذه قصة سيدة في العقد الخامس من عمرها كانت تصول وتجول في المحكمة كالغريق الذي يبحث عن طوق النجاة تلف هنا وهناك بحثا عن محاميها فقضيتها محجوزة للحكم إنها تريد الخلع بعد أن كسا الشعر الأبيض رأسها ونتركها تحكي قصتها أمام المستشار هشام اللبان رئيس محكمة الأحوال الشخصية وعضوية القاضيين شريف رضوان وسيد حمودي بحضور عمرو خميس وكيل النيابة وأمانة سر سرحان مسعد هندي قالت وهي تبتلع الدواء سيدي القاضي أنا سيدة تعديت الخمسين بسنوات ، ترملت منذ أكثر من عشرين عاما بعد أن توفي زوجي وترك لي ثلاثة أولاد ، ورفضت الزواج ثانية رغم شبابي وجمالي الذي جذب الكثيرين وكرست تحياتي لتربية أبنائي وكانت الوظيفة تأخذ كل وقتي ومرت بي السنوات واستطعت بحمد الله أن أربي أبنائي خير تربية حتي أتم اثنان منهم دراستهم الجامعية بتفوق واكتملت فرحتي بزواحهم الواحد تلو الآخر الآن وجاءت الخصخصة لتكتب لي النهاية معاش مبكر وصرت أعيش وحيدة في منزلي الكبير دون أنيس أو خليل ،سوي متابعة المسلسلات والفضائيات حتي يأست منها تفأولادي منشغلون عني بأسرهم وأعمالهم ولا أراهم إلا قليلا مع أنهم يهاتفونني جميعا وأردت أن اكسر الملل وتعودت علي الجلوس أمام الشبكة العنكبوتية (النت ) الي ان تعرفت علي رجل في مثل عمري وظروفي ، ونشأت بيننا علاقة صداقة عبر التليفون ثم التقينا عدة مرات في أماكن عامة ، واتفقنا أن نمضي باقي أيامنا سويا فهو وحيد وبائس مثلي ، يجوب في بيت طويل عريض بمفرده بعد أن تركه أبناؤه هو الآخر وهنا انتعش حب الشباب بداخلي وخفت من الوحدة وأمراض الشيخوخة وقررت الزواج منه وهنا ثارت الرياح العاتية برفض ابنائي فكرة زواجي بل وصل الأمر بهم أنهم تبرأوا مني وسارت بيني وبينهم قطيعة بعد زواجي ممن اختاره قلبي تليفونيا وبعد أن تحديت الصعاب فوجئت بزوجي يظهر علي حقيقته فقد اوهمني أن كان صاحب مال وجاه والحقيقة غير ذلك بدأ يستنزف كل تحويشة عمري حتي أصبحت شبه مفلسة طلبت منه الطلاق بهدوء فالسن لم يعد يسمح بفضائح زوجية كالمشاجرات ولكنه طلب مني مبلغا من المال وقال لي ابنك مسافر للخارج اطلبي منه وهنا سقط قناع الحب الزائف وكان لابد من اللجوء للمحكمة حتي أستطيع الخلاص من هذا الكابوس الرهيب الذي تسبب في مرضي واضطررت لرفع دعوي خلع وأنا الآن اطلب من عدالتكم تحقيق هذا المطلب لي وتتنهد العجوز وهي تتكأعلي عصا لتعود تجلس بين الحاضرين وعيناها تنظر يمينا ويسارا كأنها تبحث عن إنسان تستنجد بهت حتي انتفضت علي صوت القاضي بأحقيتها بالخلع وهنا عادت لها ابتسامة الشباب وعلي سلم المحكمة فوجئت بأولادها وهم يقولون لها حرمت يا ماما وترد توبة