الإذاعة الإسرائيلية: الدفعة الأخيرة من الصواريخ الإيرانية كانت محدودة ولم تزد على 4 صواريخ    بن رمضان يسجل الهدف الرابع للأهلي أمام بورتو في كأس العالم للأندية    رغم تحذير أسرته، عودة العندليب بتقنية الهولوجرام بمهرجان موازين تثير اندهاش الجمهور (صور)    إعلام إيراني: الدفاعات الجوية تتصدى لطائرات إسرائيلية في مناطق شرق طهران    هجوم بمسيرتين مجهولتي الهوية على قاعدة عسكرية جنوبي العراق    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    ضبط المتهمين باشعال النيران داخل سوق في حدائق القبة    عاجل الخارجية القطرية: حذرنا مرارا من مغبة تصعيد إسرائيل في المنطقة وسلوكياتها غير المسؤولة    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    "طلعت مصطفى" تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    البترول: حقل ظهر لا يزال واعدًا وخطة لإضافة 200 مليون متر مكعب غاز عبر آبار جديدة    البابا تواضروس يعزي بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس في ضحايا الهجوم على كنيسة مار إيلياس    لطلاب الثانوية.. منح 75% للتسجيل المبكر بالبرامج الدولية بهندسة عين شمس    "تعليم الشيوخ" تُطالب بتكاتف الجهود لمواجهة التنمر بالمدارس    أحمد جمال يكتب: قنبلة صيفية    مسئول إسرائيلي: حققنا الهدف من إيران ونعيش لحظات تاريخية.. وتركيزنا الآن على إزالة تهديد غزة    إسرائيل نمر من ورق لا تستطيع الصمود عسكريا بدون أمريكا    عراقجي: إذا أوقفت إسرائيل هجماتها عند الرابعة فجرًا سنلتزم ب عدم الرد    العدالة المدفوعة في زمن السيسي.. نقابة المحامين تجدد رفضها لفرض الرسوم القضائية    تشكيل بورتو لمواجهة الأهلي في كأس العالم للأندية    "هنأت المنافس".. تعليق مثير للجدل من سيميوني بعد توديع أتليتكو مدريد لمونديال الأندية    "زيزو لا إنهارده والسوشيال ميديا جابتنا ورا".. انتقادات قوية من نجم الأهلي على أداء كأس العالم للأندية    تغطية بالصور.. الأهلي وبورتو في كأس العالم للأندية    مصر للطيران تعلن استئناف تدريجي للرحلات الجوية بعد تحسن الأوضاع الإقليمية    استدعاء مالك عقار شبرا المنهار لسماع أقواله    ضبط صاحب محل ملابس ب سوهاج استولى على 3 ملايين جنيه من 8 أشخاص بدعوى توظيفها    عيار 21 يفاجئ الجميع.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025 بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    سلمى أبو ضيف: «مش مقتنعة بالخطوبة واتجوزت على طول عشان مضيعش وقت»    سلمى أبوضيف: وزني زاد 20 كيلو ب الحمل وتمنيت ولادة صوفيا يوم عيد ميلادي    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    علي جمعة: اختيار شهر المحرم لبداية العام الهجري كان توفيقًا إلهيًا يعكس عظمة الحج ووحدة الأمة    وكيل صحة الإسكندرية تتفقد القافلة المجانية بمستشفى المعمورة للطب النفسي    تامر عاشور يشعل ليالي "موازين 20" بالرباط.. ومسرح العظماء يستعد لصوته    مصر للطيران تعلن عودة استئناف الرحلات تدريجيا إلى دول الخليج بعد فتح المجال الجوي    تشكيل بورتو الرسمى أمام الأهلى فى كأس العالم للأندية 2025    ضبط عامل لاعتدائه على زوجته وزوجة شقيقه بسلاح أبيض في أبو النمرس    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    محمد سلامة يعلن انتهاء أزمة مرتبات العاملين بالاتحاد السكندري ويجتمع بلاعبي السلة والقدم    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    85.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الإثنين    تحرير 8 محاضر منشآت طبية غير مرخصة في سوهاج (صور)    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة في خطوات بسيطة    علاج الإمساك المزمن، بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    استعدوا للهجمات الصيفية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: درجة الحرارة 41 مئوية    المتحدث باسم الداخلية القطرية: الوضع الأمنى فى البلاد مستقر بالكامل    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    روسيا: هجمات واشنطن وتل أبيب على إيران تؤدي إلى تصعيد متزايد في الشرق الأوسط    إصابة عامل بطلق خرطوش في دار السلام بسبب خلافات الجيرة وضبط الجاني    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    سلمى أبو ضيف: والدى كان صارما وصعبا مما جعلنى متمردة    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    منها الجزر والباذنجان.. 5 أطعمة تخفض الكوليسترول الضار ب الدم    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة قناة السويس    ليلى الشبح: الدراما العربية تعد من أبرز أدوات الثقافة في المجتمعات    د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام (هى الحل!!)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امرأة علي باب اللّه
نشر في أخبار الحوادث يوم 24 - 04 - 2012

(..التقيت بها ثلاث مرات طوال حياتي.. المرة الأولي كانت زميلتنا في أخبار اليوم ثم استقالت وسط دهشة الجميع!.. والمرة الثانية كانت في أحد أندية مصر الجديدة الشهيرة واستقبلتني بترحاب شديد رغم العداء الذي كان بيننا.. والمرة الثالثة كانت في مطار القاهرة حينما كنت ذاهبا لحضور مؤتمر وزراء الداخلية العرب في تونس.. بينما كانت هي مسافرة إلي مكة في مهمة خاصة جدا !!)
اسمها رانيا.. دخلت أخبار اليوم من أوسع الأبواب..!!
كارت توصية من نائب رئيس الوزراء ..ورغم أن موسي صبري رئيس مجلس الإدارة - حينئذ - كان يرفض مبدأ الوساطة.. إلا أنه لم يكن يستطيع أن يرفض طلبا لصاحب الكارت! خاصة أن رانيا كانت تمتلك كل مؤهلات النجاح في بلاط صاحبة الجلالة.. تجيد ثلاث لغات إجادة مطلقة.. جميلة.. أنيقة.. كما أنها المحررة الوحيدة التي تمتلك سيارة من طراز فريد ويفوق ثمنها أضعاف ثمن السيارة التي يركبها رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير!
.. وأصبحت رانيا بين عشية وضحاها حديث الصباح والمساء في أروقة وصالات ومكاتب أخبار اليوم ..اعتقد الجميع انها سوف تهدد عرش جميع الموهوبين، وتسحب البساط من تحت أقدام الحسناوات اللاتي كانت لهن حظوة ومكانة وكلمة مسموعة!.. لكن سرعان ما بدأت الأسطورة الجديدة تنهار وتتلاشي وتتكشف تفاهتها رغم صدور أسرع قرار تعيين ربما في تاريخ المؤسسة الصحفية العريقة، فقد تم تعيينها بعد اسبوع واحد من تدريبها علي يد نائب من نواب رئيس التحرير كان يطلب مني إعادة صياغة الموضوعات التي يكلفها بها حتي يثبت لرئيس التحرير أن "البنت موهوبة" وتمتلك ناصية الكلمة.. الكل كان يتصور أن إرضاء نائب رئيس الوزراء سوف يجلب لهم السعادة والترقي وينالون من خلاله الرضا السامي!
استمرت رانيا في شارع الصحافة عاما واحدا، ومثلما كانت صاحبة أسرع قرار تعيين، كانت صاحبة أسرع استقالة، قدمتها بإرادتها الكاملة بعد أن فشلت في الاندماج داخل المجتمع الصحفي، فهي لا تنسي أبدا أنها بنت ذوات، وتعتبر العمل الصحفي الميداني إهانة!.. كانت تري زملاءها من العامة والسوقة وتسخر من ملابسهم وتتندر بزحام الأتوبيسات حينما يبرر أحدهم تأخيره أو الإرهاق الذي أصابه في رحلة الوصول إلي الجريدة.. ورفض زملاؤها أن تعاملهم بكبرياء.. وكانوا هم - أيضا - يسخرون من حديثها عن بابا وماما وأونكل وطنط.. وحمام السباحة وشلة النادي وشاليه المنتزه وذكرياتها في رحلات الصيف إلي باريس والشتاء في أسوان!.. نعم كانت تجيد ثلاث لغات، لكنها كانت تتحدث العربية بقرف!.. ثقافتها محدودة في الأفلام الغربية والموسيقي الأوروبية وحفلات الديسكو.. لا تفهم المجتمع المصري أو العربي ولا تريد أن تفهم!.. فشلت في أن تحصل علي خبر واحد أو تكتب موضوعا.. ومع هذا طلبت لنفسها مكتبا مستقلا حتي تبتعد عن رائحة علب الكشري وسندوتشات الفول والطعمية التي يطلبها المحررون في الصالة من باب عدم إضاعة الوقت!.. لكن رئيس مجلس الإدارة فقد أعصابه وتشجع وصرخ في وجهها!
مكتب لوحدك، أكيد انت مجنونة!
.. وأشعل هذا الرد حماسي فوقفت في الاجتماع أخاطب رئيس مجلس الإدارة بجرأة حسدني عليها زملائي وقلت له:
ياريس.. أتحدي أن تذكر لنا هذه الصحفية اسم وزير أو محافظ أو حتي مدير أمن القاهرة.. أتحدي أن تذكر لك مشكلة واحدة من مشكلات المجتمع المصري.. أو تكتب جملة واحدة دون خطأ لغوي.. أتحدي أن تذكر أمامنا اخوات كان أو إن.. أو تخبرنا عن اسم زعيم ثورة 1919.. أو اسم أي رئيس عربي حالي!
ويبدو أن موسي صبري أراد أن يمرر الواقعة بسلام فضحك مع الضاحكين بينما انخرطت رانيا في البكاء.. وبدأت تشن ضدي الحملات بدءا من هذا اليوم .. لكن لم تمض شهور حتي استقالت واستراحت.. وأراحت!
اللقاء الثاني كان في أحد أندية مصر الجديدة الكبري حيث تعشق رانيا قضاء معظم وقتها منذ الصباح الباكر سواء علي حمام السباحة أو حول مائدة حسناوات النادي!.. وأدهشني ترحيبها البالغ بي، ربما لكي تثبت للآخرين اننا زملاء و أنها كانت صحفية ذات يوم، والغريب انها اعترفت لي بأني كنت علي حق وخدمتها أكبر خدمة في عمرها عندما بدأت تقرأ الصحف وتستمع لنشرات الأخبار وتتابع الكتب وتتعمق في مشكلات المجتمع المصري!. وسألتها عن الزواج والأمومة فهمست لي في أذني:
أنت لسة رجعي؟!.. اتجوزت واطلقت.. والأمومة لسة بدري لأني عايزة استمتع بشبابي!
وانتهي لقائي بها سريعا.. ولكن بطلة العالم في إحدي الألعاب الرياضية من بنات النادي كانت تعرف رانيا جيدا، وإذا بها تفاجئني بأن رانيا تزوجت ثلاث مرات دون أن تنجب، كما أنها مشهورة بين عضوات النادي ب"خطافة الأزواج".. وهناك - أيضا - من يطلق عليها لقب "متعددة الطلاق" فلم تعد لها صديقات بالنادي سوي خمس نساء هن الجالسات معها حول المائدة وهي التي سعت إلي أن تطلق كل منهن من زوجها بأفكارها الهدامة ودفاعها عن الحرية المطلقة ورفع راية العصيان واعتبار أن طاعة المرأة لزوجها إذلالا وعبودية!
لم يشغلني الحديث عن رانيا، ففي حياة الصحفي أسماء ووجوه وأحداث قد تشغله بعض الوقت، لكنه ينساها معظم الوقت!
بعد سبعة عشر عاما من لقائي الأول بها.. كان اللقاء الأخير.. فوجئت وأنا أحتسي القهوة في صالة السفر بمطار القاهرة بأصابع رقيقة تنقر علي كتفي.. استدرت.. فوجئت بها.. تذكرتها بعد جهد، فقد كان الإيشارب الأبيض يغطي شعرها الطويل الممزوج بالحرير والذهب!.. كانت كما هي.. كأنها في العشرينيات من عمرها لم يسجل الزمن علي وجهها الجميل أية بصمة.. أنيقة كالعادة.. لكن لمحت في نظراتها انكسار البطل المهزوم.. كان متبقيا علي موعد إقلاع الطائرة ساعة وبضع دقائق.. دعوتها لفنجان قهوة ..جلست وهي تضع حقيبتها فوق المائدة ثم همست قائلة:
هذه آخر مرة سوف تشاهدني فيها.. أرجو أن تسامحني لأني أخطأت في حقك يوم اهنتني وتحدثت عنك بشكل غير لائق في غيابك.. أنا الآن اتصل بكل من أخطأت في حقهم وأطلب منهم العفو.. وعندما رأيتك الآن تذكرت خطئي في حقك.. وجدتها فرصة للحديث معك!
أري أمامي إنسانة مختلفة!
حياتي كلها كانت مرتعا للشيطان.. كنت أمتلك المال والجمال والعلاقات وقوة التأثير فيمن حولي.. أخطائي وخطاياي سر بيني وبين الله.. افتريت علي أزواجي الثلاثة وكان كل منهم رجل تتمني أي امرأة تراب قدميه!.. خربت بيوت.. وكسرت بخاطر زوجات.. لكني لم أفق إلا حينما ذهبت إلي المستشفي لزيارة صديقتي فريدة وهي تحتضر.. فوجئت بها تدعو وترفع يدها إلي السماء بمجرد أن رأتني وتطلب ألا يسامحني الله!.. صديقات النادي علمن بالواقعة.. ابتعدن عني.. وجدت نفسي في النهاية منبوذة.. لم ينفعني مال ولا جمال ولا علاقات.
إلي أين أنت ذاهبة الآن ؟!
إلي السعودية.. أنت لا تعرف أن أخي يعمل هناك منذ عشرين عاما ومتزوج من سعودية.. وكان يتبرأ من تصرفاتي وسلوكي ولهذا كان يرفض زيارة مصر، وفي الشهور الأخيرة اتصلت أنا به وأخبرته بأنني منهارة وأفكر في الانتحار.. نزل علي أول طائرة ومعه زوجته وأولاده وشقيق زوجته.. احتواني الجميع ومسحوا عني دموعي. كنت صريحة معهم إلي أبعد حد.. وفوجئت بعد يومين فقط - بأن أخي يخبرني بما لم يخطر لي ببال.. شقيق زوجته طلب يدي، وطلب أن أعيش معهم في الرياض.. ووجدت نفسي أوافق علي الفور لكني وضعت شرطا واحدا.. أن يكون سكني في مكة.. ووافق الرجل فوعدته أن أكون خادمة له!
.. النار.. لكن شياطين الإنس هل تعتقد أن لهم توبة؟!
هذا مؤكد طالما بقيت الروح في جسد بني آدم.. إن الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به.
إذن لا تندهش من أن أكون خادمة للرجل الذي سأعتذر لكل أزواجي السابقين في شخصه!
مازلت عنيدة؟
أبدا.. من أين جاءك هذا الانطباع.؟؟؟؟
لأنك تزوجت بشرط.. رغم أن عريسك لم يضع أية شروط؟!
لم أطلب سوي سكن في مكة.. أريد أن أكون قريبة من الحرم.. معظم وقتي سيكون في خدمة زوجي.. لكن باقي الوقت سأكون علي باب الله.. في الكعبة..! أنا واثقة من أن الباب سينفتح لفي ذات يوم!.. ولن أرجع إلي مصر ثانية.. أريد أن ابتعد من كل مكان يذكرني بالماضي!
وحان موعد الإقلاع..
صافحتها.. وتحركت انا للأمام..
وجلست هي تنتظر طائرتها وهي تلوح لي بيدها.. وكنت أتمني لو طال اللقاء.. لكن سرعان ما ارتفعت بي الطائرة وراحت تحلق بين السماء والأرض فأغمضت عيني لأري رانيا مرة أخري.. لكن بين جفوني ورموش عيني وشريط من ذكريات ظننت انها وقعت من ذاكرتي! !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.