في إطار البرنامج المصري للإصلاح الاقتصادي الذي يجري تنفيذه حاليا، تم اتخاذ حزمة من القرارات الاقتصادية المهمة، في مقدمتها الإجراءات والقرارات التي اتخذها المجلس الأعلي للاستثمار للتيسير علي المستثمرين.. والقرار الذي أعلنه البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف، وقرارات تحريك أسعار البنزين، وهذا بهدف إعطاء دفعة قوية للنشاط الاقتصادي وعلاج الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري. وفي خطوة مباغتة لمواجهة المضاربات علي الدولار، أعلن البنك المركزي يوم الخميس 3 نوفمبر 6102 قراره بتحرير سعر الصرف.. حيث قرر »المركزي» إطلاق الحرية للبنوك العاملة في مصر للتعامل في تسعير النقد الأجنبي، وذلك من خلال آلية الإنتربنك بعد أن شهد سعر الصرف ارتفاعات غير مسبوقة بلغت في ذروة تعاملاتها مايزيد علي 81 جنيها للدولار في السوق السوداء.. وجاء قرار تعويم الجنيه بهدف استعادة تداول النقد الأجنبي بيعا وشراء داخل القنوات الشرعية وإنهاء تماما السوق الموازية للنقد الأجنبي. واتخذ »المركزي» القرار بعد أن تجاوز الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي مايزيد علي 6.91 مليار دولار بما يعزز من قوة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.. ولتحقيق هذا الغرض أيضا استخدم إحدي أدواته الفنية المهمة وهي سعر فائدة الجنيه.. لذلك قرر رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 003 نقطة أساس ليصل إلي 57.41٪ و57.51٪ علي التوالي، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 003 نقطة أساس ليصل إلي 52.51٪ وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 003 نقطة أساس ليصل إلي 52.51٪.. كما تم السماح للبنوك وفروعها بالعمل حتي الساعة التاسعة مساء وأيام العطلة الأسبوعية بغرض تنفيذ عمليات شراء وبيع العملة وصرف حوالات المصريين العاملين في الخارج. أيضا مما يعزز الإجراءات التي تم اتخاذها.. إعلان صندوق النقد الدولي أن مجلسه التنفيذي وافق علي اتفاق قرض لمصر بقيمة 21 مليار دولار مدته ثلاث سنوات من أجل دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد، مع مرور 01 سنوات فترة سماح، والموافقة تسمح بإعطاء مصر شريحة أولي من القرض بقيمة 57،2 مليار دولار علي أن يتم توزيع المبلغ المتبقي علي مدة البرنامج. وعقب إعلان الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي أعلن طارق عامر محافظ البنك المركزي أن هذه الموافقة علي القرض تعد شهادة ثقة كبيرة للاقتصاد المصري، وتؤكد أنه يسير في الطريق الصحيح مشيرا إلي أن مجلس إدارة الصندوق وافق بالإجماع علي الاتفاق، وأن الدول الكبري أبدت حماسا شديدا لمنح مصر المبلغ المتفق عليه. وتأتي قرارات »المركزي» في سياق البرنامح الأوسع للإصلاح المالي والهيكلي الذي أعلنته الحكومة المصرية.. كما أن شهادة الثقة من صندوق النفد الدولي يفتح الطريق لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والاستثمار في البورصة المصرية، في ضوء الفرص العديدة والمؤكدة في مصر في مجالات متنوعة أبرزها مجال التنقيب عن الغاز والنفط.. إلي جانب الفرص الهائلة في مشروع تنمية محور قناة السويس، بما يوفره من فرص في مجال اللوجيستيات لتكون مصر مركزا للتجارة العالمية. وفي تصريحات خاصة حول أداء السوق المصرفية بعد هذه القرارات المهمة أكد منير الزاهد رئيس بنك القاهرة أن البنوك المصرية تستعيد وبقوة دورها القيادي في منظومة الصرف، وهذا يتضح من الانخفاض المتوالي لأسعار الدولار في السوق حيث ينخفض يوميا بنحو 05 قرشا، ومن المتوقع أن ينخفض الدولار إلي نحو 41 جنيها خلال الأيام القادمة. ومن خلال تقييم النتائج التي أظهرتها التعاملات في سوق الصرف يمكن أن نرصد أن مصر اتخذت قرار تعويم الجنيه ليتحدد وفقا لقوي العرض والطلب، وهذا في إطار برنامج متكامل وحزمة متكاملة من القرارات من بينها إصدار شهادات استثمار بسعر فائدة مغرٍ وصل إلي 02٪ للشهادات مدتها سنة ونصف، و61٪ للشهادات مدتها ثلاث سنوات هي الشهادات التي لاقت إقبالا كبيرا، وبدأ التدافع من حائزي الدولار للتنازل عنه للاستفادة من أرباح شهادات الاستثمار.. بما يقضي علي ظاهرة الدولرة، ويستعيد سوق الصرف توازنه خلال الفترة المقبلة.. وهذه ليست المرة الأولي التي يجري فيها مواجهة المضاربات واتخاذ إجراءات إصلاحية.. فقد قامت الحكومة المصرية عام 1991 باتخاذ إجراءات إصلاحية بهدف تحقيق الاستقرار في سوق الصرف وفي أكتوبر 1991 اتخذ البنك المركزي المصري قرارا بتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة علي الجنيه المصري إلي نسبة 71٪ مقارنة بنسبة الفائدة علي الودائع الدولارية التي بلغت 5.3٪، وقد حققت هذه التجربة نجاحا كبيرا، حيث شهدت السوق المصرفية استقرارا ملحوظا لسعر الدولار ليدور حول 033 قرشا.. في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته الحكومة كما أن زيادة سعر الفائدة علي الودائع إلي 71٪ علي تحول المدخرات من الدولار إلي الجنيه للاستفادة من الأرباح المرتفعة لشهادات الاستثمار.. وقد تدخل البنك المركزي مشتريا للدولار وهو ما كون احتياطيا ضخما من العملات الأجنبية.. استمر في الزيادة حتي بلغ 6.02 مليار دولار بنهاية سبتمبر عام 7991.. ولكن مع الأزمات الداخلية وتراجع النشاط السياحي وحالة الركود التي مر بها الاقتصادي المصري خلال تلك الفترة عادت ظاهرة الدولرة، وارتفع سعر الدولار إلي نحو 054 قرشا.. وكانت البنوك إلي جانب شركات الصرافة تقوم بالتعامل في النقد الأجنبي بيعا وشراء. التجربة الثانية لتحرير سعر الصرف جاءت في 92 يناير 3002، حين فاجأت الحكومة السوق بالإعلان عن ترك الحرية للبنوك لتحديد سعر الدولار، وربطت أسعار التعامل في شركات الصرافة بأسعار البنوك.. وقد شهدت السوق المصرفية حالة من الاضطراب وارتفع الدولار إلي نحو 7جنيهات ثم عاد ليستقر عند سعر 05.5 جنيه إلا أن هذه التجربة استطاعت أن تصمد ونجح البنك المركزي في تكوين احتياطيات نقدية تجاوزت 53 مليار دولار بنهاية عام 0102. وأخيرا، في التجربة الجديدة الحالية للإصلاح الاقتصادي الشامل من المتوقع أن تحقق نجاحا كبيرا ليستعيد الاقتصاد المصري توازنه وينمو بمعدلات مرتفعة مجددا.