انخفاض أسعار الدواجن بسوق المنشية في الإسكندرية.. والدواجن البيضاء ب80 جنيها للكيلو    حماية المنافسة يمنح الضوء الأخضر لCMA CGM الفرنسية للاستحواذ على 35% من أسهم ميناء أكتوبر الجاف    بعد إعلان طرحها في البورصة.. أرقام عن الشركة الوطنية للطباعة    جيش الاحتلال: كل تأخير أو عراقيل تضعها حماس سيزيد الوضع سوءا    إعصار ويفا يقتل 3 أشخاص في الفلبين ويتجه إلى فيتنام    لابيد يدعو لانتخابات مبكرة لتغيير حكومة نتنياهو «المروعة»    محمد صلاح ضمن التشكيلة المثالية للبريميرليج باختيار الجماهير    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالفيوم    عميد طب أسيوط: تشكيل فريق من أطباء الحالات الحرجة والسموم لمتابعة حالة والد الأطفال الخمسة المتوفين بديرمواس    خالد جلال يخرج افتتاح المهرجان القومي للمسرح.. ويقدم بانوراما حية لكواليس العروض وتجهيزاتها    وزير الثقافة يجتمع بمقرري لجان المجلس الأعلى ويؤكد: آلية جديدة تعيد للمجلس دوره كعقل مفكر للوزارة    وزير الصحة يتفقد مركز المحاكاة والتدريب بمعهد الإسماعيلية الفني الصحي بعد افتتاحه    مدير صحة شمال سيناء يدعو المواطنين للمشاركة في المبادرة الرئاسية 100 يوم صحة    آس: خيتافي النادي الأقرب لضم مهاجم ريال مدريد ولكن    خبر في الجول – كوكا ضمن الخيارات المطروحة لدعم هجوم الأهلي    قيادي بحزب مستقبل وطن: محاولات الإخوان لضرب الاستحقاق الانتخابي مصيرها الفشل    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يلتقى قائد القيادة المركزية الأمريكية.. صور    "الزراعة" تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها الغذائية بأسعار مخفضة بالجيزة    الكرملين: بوتين وترامب قد يلتقيان في الصين سبتمبر المقبل    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير وتجميل كورنيش شبين الكوم القديم    خبر في الجول - رتوش أخيرة تفصل الزمالك عن ضم محمد إسماعيل من زد    الأهلي يخوض وديتين مع فرق الدوري الممتاز بعد العودة من تونس    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    مساعد وزير الداخلية يعلن التيسيرات المقدمة للراغبين في الالتحاق بكلية الشرطة..تعرف عليها    شكرا مصر.. رسائل شكر من السودانيين خلال رحلة العودة إلى بلادهم.. صور    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    الزراعة تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها للمواطنين بأسعار مخفضة فى الجيزة    مرشحو حزب العدل يواصلون جولاتهم الانتخابية وسط تفاعل شعبي واسع    رغم الابتعاد عن الأضواء.. نادية رشاد تتصدر التريند لهذا السبب    27 شهيدا جراء غارات الاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    ما الضوابط الشرعية لكفالة طفل من دار الأيتام؟.. الإفتاء توضح    المفتي يوضح حكم كيِّ الماشية بالنار لتمييزها    الصحف العالمية: ترامب يحتفى بمرور 6 أشهر على ولايته الثانية ويتفاخر بارتفاع شعبتيه.. وقفة بأعلام فلسطين أمام مقر الاتحاد الأوروبي فى مدريد تندد بمجاعة غزة.. وشغب أمام فندق طالبى لجوء فى بريطانيا واعتقال 6 أشخاص    منتخب السلة يواجه إيران فى بطولة بيروت الدولية الودية    لأول مرة.. 3 دبلومات بآداب قناة السويس للعام الجامعي 2025–2026    بدء اللقاء بين الرئيس اللبناني والموفد الأمريكي لبحث الرد على ورقة نزع سلاح حزب الله    جامعة القاهرة تحتل المركز 487 بتصنيف ويبومتريكس الأسبانى يوليو 2025    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    أحلام تتألق على مسرح مهرجان جرش في ليلة طربية خليجية 25 يوليو    مكتبة الإسكندرية توثق التراث المصري بسلسلة أفلام قصيرة موجهة للشباب    "شارك وخليك إيجابي".. حملة للتوعية بأهمية المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    فيديو.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اعتبارا من اليوم    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    أكتوبر يشهد أولى جلسات محاكمة عنصر إخواني بتهم تمس أمن الدولة    الجزيرة يعلن ضم إبراهيم عادل قادمًا من بيراميدز    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    صحة الدقهلية توضح حقيقة حالة الطفل المصاب إثر سقوط من علو وتؤكد استقرار وضعه بعد تدخل عاجل    ارتفاع أسعار البيض اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    تعاون مشترك بين "الري" و"التموين" لتطوير مصانع السكر وحماية الموارد المائية    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجمل في سرد السيرة الذاتية‮ ‬
نشر في أخبار الحوادث يوم 12 - 11 - 2016

إن السيرة الذاتية هي أصدق ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يُكتب عن الكاتب،‮ ‬فما أصدق أن‮ ‬يكتب‮ ‬عن حياته،‮ ‬لأن حياة الرجل حين‮ ‬يكتبها بقلمه هي أحسن مايكتب عنه‮. ‬والسيرة الذاتية تكون بمثابة التطهير الذي‮ ‬يقوم به الكاتب،‮ ‬ربما ليري مشوار حياته ماثلا أمامه علي الورق،‮ ‬وربما،‮ ‬ليقوم بنوع من المداواة والتطبيب لجروح آلمته في مسيرة حياته،‮ ‬و هو‮ ‬يعيد كتابتها حتي‮ ‬يحقق ذلك الشفاء لعذابات الروح،‮ ‬وذلك التطهر المنتظر بعد أن‮ ‬يخرج ما كان‮ ‬يعاني منه علي الورق‮.‬
ومع ذلك لم‮ ‬يستطع كتاب السيرة في أدبنا العربي،‮ ‬علي امتداد عصوره أن‮ ‬يكتبوا السيرة الذاتية بميثاق كتابتها،‮ ‬ومن ثم قراءتها وتلك العلاقة التي‮ ‬يقيمها القارئ مع النص السيري،‮ ‬كما تحدث عن ذلك‮ ‬فيليب لوجون وجورج ماي وغيرهم من نقاد الغرب،‮ ‬فالكتاب العرب‮ ‬لم‮ ‬يبلغوا فيما صرحوا فيه عن أنفسهم مبلغ‮ ‬تعرية النفس،‮ ‬والمكاشفة الفاضحة،‮ ‬بالاعتراف الخارج عما ألفه الناس من مثل اعترافات كل من روسو وأندريه جيد وغيرهما،‮ ‬وكاتب السيرة حين‮ ‬يؤثر الاحتفاظ بما في الداخل،‮ ‬فإن هذا‮ ‬يعني خضوعه لسلطة السائد،‮ ‬بما‮ ‬يترتب علي هذا الأمر من وضع ميثاق السيرة الذاتية المعلن موضع الريبة،‮ ‬لأنه قد‮ ‬يتواطأ ضد المقموع في نفسه،‮ ‬أو قد لا‮ ‬يجرؤ علي ملامسة ما في أعماق ذاته،‮ ‬ورفع الستار عن مكنون هذه الذات المكبوتة،‮ ‬فالخطاب الاسترجاعي الذي‮ ‬يتطلب ويفرض الصدق وقول الحقيقة‮ ‬يتحايل عليه الكتاب العرب،‮ ‬ويقدمون سيرة انتقائية،‮ ‬ينتخبون من سيرتهم الذاتية ما‮ ‬يليق بهم،‮ ‬وما‮ ‬يتطلعون،‮ ‬لأن‮ ‬يعرفهم القارئ من خلاله.وقد عمد الكاتب فؤاد حجازي إلي تلك الانتقائية في تقديم سيرته الذاتية التي أعطاها عنوان‮:" ‬قرون الخروب،‮ ‬أوراق من السيرة الذاتية‮" ‬حاول من خلالها أن‮ ‬ينتقي وينتخب أحداثا وتفاصيل من حياته،‮ ‬ليقدمها للقارئ،‮ ‬في محاولة من تحقيق الميثاق السيرذاتي بينه وبين القارئ،‮ ‬لكن علام اعتمد الكاتب في تحقيق هذا الميثاق؟‮ ‬
منذ العتبة الأولي للكتاب‮ ‬يصرح الكاتب أنه سيرة ذاتية،‮ ‬لكنها أوراق منها،‮ ‬فمن التبعيض هنا تشير إلي أن النصوص الأولي منتخبة من سيرته،‮ ‬كما أن الكاتب استخدم ضمير المتكلم في السرد مما‮ ‬يؤكد الميثاق السيرذاتي،‮ ‬وأخيرا‮ ‬يأتي الكاتب بتفاصيل حياته،‮ ‬وسيرته الإبداعية بذكر الأعمال المسرحية والروائية والقصصية التي سبقت هذا النص السيري،‮ ‬كذلك‮ ‬يصرح في أكثر من موضع بعلاقاته الثقافية مع الكتاب والمبدعين،‮ ‬والمؤتمرات التي‮ ‬يشارك فيها،‮ ‬والندوات الثقافية التي‮ ‬يتحدث عن إبداعه فيها‮.‬
‮ ‬تكتسب السيرة الذاتية قيمتها من وعي الكاتب نفسه بأهميتها،‮ ‬فالحياة التي ترويها السيرة،‮ ‬حتما‮ ‬يري الكاتب أنها تستحق أن تُسرد،‮ ‬فما من حياة شخصية تُروي عاشها كاتبها عبثا وعلي هذا النحو‮ ‬يعبر الإنسان عن معني وجوده،‮ ‬فكما قال جورج ماي‮" ‬إن السيرة الذاتية تنشأ من رغبة الكاتب في استعادة مسار حياته ليدركه وليهنأ باله بما‮ ‬ينتهي إليه من نتائج تطمئنه إلي أنه رغم الحوادث والتناقض والفشل والنكوص علي الأعقاب والتردد والتنكّر،‮ ‬لايزال كما كان وأن الهوية الأثيرة للأنا لم‮ ‬يمسسها سوء‮"‬،وهكذا‮ ‬يبدأ فؤاد حجازي أوراقه بحدث محوري في حياته،‮ ‬وهو سجنه هو والكثير من اليساريين والشيوعيين في أحدث‮ ‬1977،‮ ‬فيما أسماه السادات ب‮ " ‬انتفاضة الحرامية‮" ‬وما سُمّي تاريخيا بانتفاضة الخبز،‮ ‬والتي تفجرت علي خلفية‮ ‬غلاء الأسعار الذي اتخذته الحكومة دون الرجوع للشعب،‮ ‬وهذا الانتخاب من أوراقه‮ ‬يشير إلي رغبة الكاتب في أن‮ ‬يؤكد علي دوره كمثقف تبني قضايا الشعب،‮ ‬ويقف علي‮ ‬يسار السلطة‮:"‬وجدتني ذات صباح في سجن طرة،‮ ‬برفقة كثير من قدماء الشيوعيين‮ ‬من شتي أنحاء مصر،‮ ‬كنا في صبيحة اليوم التالي لاندلاع تظاهرات‮ ‬18،‮ ‬19‮ ‬يناير‮ ‬1977،‮ ‬وقد قبضوا علينا في عجالة‮". ‬يقوم الكاتب بهذا السرد السيري،‮ ‬ليوضح علاقة المثقفين بهذه الاحتجاجات،‮ ‬ثم‮ ‬ينتقل إلي سردية أخري أكثر ذاتية،‮ ‬يحكي فيها طرفا من حياته الوظيفية والملابسات التي تقابله في عمله في المجلس المحلي بالمنصورة،‮ ‬وكيف كان‮ ‬يتعامل مع ممارسات البعض التي تشير بشكل لافت إلي بداية الانحدار المجتمعي بعد عصر الانفتاح،‮ ‬واهتزاز منظومة القيم،‮ ‬فكل شئ قابل للمقايضة والبيع حتي الأخلاق،‮ ‬وقد استطرد في هذه السرديات الذاتية كثيرا‮ ‬،‮ ‬ بعد ذلك‮ ‬يقدم للقارئ سرديات عن علاقته بالكتابة والحياة الأدبية،‮ ‬والعلاقات بين المثقفين في فعاليات ثقافية مختلفة سواء في مصر أو العالم العربي،‮ ‬ويذكر فيها الكاتب تفاصيل العلاقات بين المثقفين،‮ ‬في سردية بعنوان‮" ‬في بغداد‮" ‬يحكي قصة سفره هو وبعض المثقفين المصريين لمؤتمر أدبي هناك،‮ ‬وما حدث مع ألفريد فرج،‮ ‬وكيف تحكم في انفعاله،‮ ‬وآثر الصمت‮:" ‬في اليوم التالي ترأس ألفريد فرج جلسة تحدث فيها الأدباء عن تجاربهم في الكتابة عن الحرب وتحدثت عن تجربتي في كتابة روايتي‮ "‬الأسري‮ ‬يقيمون المتاريس‮" ‬وبينما أنا مستغرق في الحديث،‮ ‬استوقفني ألفريد فجأة،‮ ‬طالبا الاختصار‮. ‬دهشت،‮ ‬فلم‮ ‬يتململ أحد وكان الجميع‮ ‬ينصتون باهتمام‮...‬وكان‮ ‬يجلس في جواري صديقي وعزيزي خيري شلبي قرب رأسه مني وهمس‮: ‬هل ستسكت له؟‮! ‬تنقلت بنظراتي بين الوجوه،‮ ‬أدباء من الدول العربية،‮ ‬وبعضهم جاء من مهجره في أمريكا وفرنسا وألمانيا‮. ‬ماذا‮ ‬يقولون لو عملت‮" ‬قفلة‮" ‬ونحن مصريان،‮ ‬وهل‮ ‬يصح أن‮ ‬نتجافي أمام الآخرين من جنسيات مختلفة،‮ ‬وأمام رجال الإعلام؟‮! ‬سيطرت علي نفسي بصعوبة،‮ ‬وأنهيت حديثي كيفما اتفق‮". ‬وهكذا‮ ‬يواصل فؤاد حجازي سردياته التي تكشف علاقته بالكتابة وبالمجتمع والسلطة ضمن أوراقه من سيرته الذاتية،‮ ‬لكننا لم نقرأ سردية واحدة تجرأ فيها الكاتب وعرّي حياته،‮ ‬أو‮ ‬غاص متأملا ذاته العميقة،‮ ‬إنها سرديات تتجمل،‮ ‬لكنها لا حتما لا تكذب‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.