الصحة: زواج الأطفال جريمة تدمر مستقبل 300 ألف طفلة سنويًا وحملة "طفولتها حقها" صرخة لإنقاذ بناتنا    تطورات سعر الدولار في البنوك المصرية ببداية تعاملات اليوم الأربعاء 22-10-2025    أسعار الفراخ والبيض في أسوان اليوم 22 أكتوبر 202    ارتفاع أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية وتوقعات خفض الفائدة    أسعار الحديد بأسوان اليوم 22 أكتوبر 2025    ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 1.5% وسط مخاوف نقص الإمدادات    السيسي يستقبل الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي    مقتل شخصين في هجمات روسية بمسيرات على أوكرانيا    إعلام إسرائيلي: نتنياهو يقيل مستشار الأمن القومي تساحي هنجبي    وزير الشباب: لجان ميدانية بالمحافظات لتحديد أولويات الخطة الإنشائية للعام المالي 2026/ 2027    مفارقات الرقم (4).. ماذا قدم تامر مصطفى مدرب الاتحاد السكندري أمام الأهلي قبل مواجهة الليلة؟    الشبورة المائية تغلق الطريق الصحراوي بالإسكندرية    تيك توكر متهمة بنشر فيديوهات خادشة بالسلام: "بقلد الأجانب ودي ملابسي العادية"    قبل طرحه بدور العرض اليوم، هنادي مهنا تكشف ل"فيتو" تفاصيل فيلم السادة الأفاضل    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تستعد لاستضافة اجتماع لجنة الإيمان غدا الخميس.. صور    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 في بورسعيد    موعد بداية فصل الشتاء 2025 في مصر رسميًا والانقلاب الشتوي    مصرع شقيقين في حادث تصادم بالمنيا    طبول الحرب تدق مجددًا| كوريا الشمالية تطلق صاروخًا باليستيًا باتجاه البحر الشرقي    رابط مباشر ل حجز تذاكر المتحف المصري الكبير 2025.. احصل على تذكرتك الآن    بكام الطن النهارده؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الأربعاء 22-10-2025 بأسواق الشرقية    السوداني: الحكومة العراقية حريصة على مواصلة زخم التعاون الثنائي مع أمريكا    القوات الروسية تقضي على مرتزقة بولنديين وتكشف محاولات تسلل أوكرانية    اليوم.. نظر محاكمة البلوجر أكرم سلام لاتهامه بتهديد سيدة أجنبية    تعليم المنوفية تحسم قرار غلق مدرسة بالباجور بعد ارتفاع إصابات الجدري المائي    حسين فهمي: الدفاع عن الوطن في غزة ليس إرهابًا.. واستقالتي من الأمم المتحدة جاءت بعد هجوم قانا    طالب يطعن زميله بسلاح أبيض في قرية كفور النيل بالفيوم.. والضحية في حالة حرجة    عبد الله جورج: الجمعية العمومية للزمالك شهدت أجواء هادئة.. وواثقون في قدرة الفريق على حصد لقب الكونفدرالية    جيهان الشماشرجي تكشف علاقتها بيوسف شاهين ودور سعاد نصر في تعرفها عليه    جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    وزير الزراعة: تحديد مساحات البنجر لحماية الفلاحين وصادراتنا الزراعية تسجل 7.5 مليون طن    أكثر من 40 عضوًا ديمقراطيًا يطالبون ترامب بمعارضة خطة ضم الضفة الغربية    عاجل- بدء التقديم لحج الجمعيات الأهلية اليوم.. 12 ألف تأشيرة وتيسيرات جديدة في الخدمات    تعليمات جديدة من التعليم للمعلمين ومديري المدارس 2025-2026 (تفاصيل)    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    اعترافات المتهم بمحاولة سرقة مكتب بريد العوايد في الإسكندرية: من قنا وجاء لزيارة شقيقته    وفاة شاب ابتلع لسانه أثناء مباراة كرة قدم في الدقهلية    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    إلغاء مباراة برشلونة وفياريال فى ميامى.. والبارسا يصدر بيانًا رسميًا    د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    انطلاق مهرجان القاهرة الدولى لموسيقى الجاز 30 أكتوبر بمشاركة 12 دولة    تكريم ياسر جلال فى مهرجان وهران للفيلم العربى بالجزائر    فعاليات للتوعية ضد الإدمان وزواج القاصرات بعدد من المواقع الثقافية بالغربية    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    مجلس كلية طب طنطا يناقش مخطط تدشين مبنى الكلية الجديد    استشاري مناعة: الخريف أخطر فصول العام من حيث العدوى الفيروسية.. واللقاحات خط الدفاع الأول    خطر يتكرر يوميًا.. 7 أطعمة شائعة تتلف الكبد    تخلصك من الروائح الكريهة وتقلل استهلاك الكهرباء.. خطوات تنظيف غسالة الأطباق    هل يجوز تهذيب الحواجب للمرأة إذا سبّب شكلها حرجًا نفسيًا؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الخارجية: نشأت فى أسرة شديدة البساطة.. وأسيوط زرعت الوطنية فى داخلى    المصري الديمقراطي يدفع ب30 مرشحًا فرديًا ويشارك في «القائمة الوطنية»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى رحيل العميد الحادية والأربعين..السرد الروائى عند طه حسين
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 10 - 2014

يأتي دائما شهر أكتوبر ليحمل لنا ذكرى وفاة عملاق الأدب العربي ومؤسس مدرسة السرد الفريدة المعاصرة ( طه حسين) الذي رحل عن عالمنا فى يوم كهذا ، يوم 28 أكتوبر عام 1973، في ثنايا احتفالات مصر بانتصارات أكتوبر المجيدة عن عمر ناهز الخامسة والثمانين من رحلة حياته المديدة.
وطه حسين من ذلك الجيل الموسوعي الذي ُتمثل نتاجاته الإبداعية في النطاق النثري المسرود قيمة فريدة ومائزة ، فقد رمى ببذور كتاباته في بحور ومراس عديدة ، فكتب في الرواية والقصة كما كتب في السيرة وحديث الذات ، وأبدع في تحليل قضايا الفكر المعاصر ، وتجديد الخطاب الثقافي والإبداعي ، وعايش قضايا النقد الأدبي في حديث الأربعاء ، واستلهمته تجارب عدة كتجربة أبي العلاء في الحياة والفن ، والمتنبي في إمارة الشعر ، وتجارب الجاهليين ، ولذا يعتبر طه حسين نموذجًا خصبًا ومتجددًا لاختبار مفاهيم القراءة وأنماطها ، فهو حالة خاصة وبارزة لما يفعله القارئ العصري في تراثه وواقعه حيث يعيد النظر في كل شىء ، يرفض المسلمات حتى يستبدل مكانها منظومة أخرى من المبادئ التي تعينه على عرض فكرته بالصورة التي يريدها ، ويتحمس لها ، ويدافع عنها .
ولعل أكثر ما يجذب القارئ والمثقف إلى يومنا هذا لقراءة أدب طه حسين وفكره ومؤلفاته عامة ، هو صنيعه الفني ومدرسته السردية الخاصة ، التي تميل إلى تغليب الأسلوب القصصي والبناء الروائي على كافة أشكال الكتابة عنده , ولقد أصاب المازني حينما أكد هذه النزعة ، فقال :
( وهل ذكرى أبي العلاء وابن خلدون وحديث الأربعاء إلا قصص تمثيلية ؟ والأدب الجاهلي بحث علمي حر ، ولكنه على هذا رواية ممتعة ) .
وميل طه حسين إلى الكتابة بروح القاص كان اتجاهًا فارقا ، لسبب بسيط ، هو أن الرواية في زمنه ، وفي إرهاصات إبداعه لها ، لم تكن ذات وجود مؤثر بالمعنى الحقيقي للرواية الآن ، ولم يكن لها الهيمنة الخاصة والغالبة كوقتنا الراهن ، ذلك إذا تذكرنا أن كتابته – على سبيل المثال – لسيرة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) والتي صاغها بتكنيك القصة وبآلياتها وخواصها وعقدها ، في كتابه الخالد (على هامش السيرة ) كانت في مطلع الثلاثينيات من القرن المنصرم .
ومدرسة طه حسين في السرد تتضح بجلاء في كتابه الفريد (الأيام ) الذي انتهج فيه منهج الاستقراء الذاتي لرحلة عمره ، موظفًا الطاقة الحكائية المتجددة عنده بشكل يجمع بين عفوية الأداء ومباشرته على درجة من درجات الوعي ، وبين طبيعة البناء الأسلوبي الخاص به ، والذي مال فيه كثيرًا إلى نطاق الربط بين لغةالاعتراف وبين الدفع بمساحات الخيال كخلفية تحرك فراغات السرد وتملؤها ، مستهدفًا بذلك الوصول إلى صياغة جامعة مائزة لأسلوبه في هذا الكتاب بصفة خاصة ، فكانت الصياغة فيه تمثل محورا فارقا عن بقية كتاباته في فن السيرة النصية ، ويبدو أن ذلك ناتج من تأثره واستفادته كثيرًا من قراءاته لروائع الأعمال العالمية في السيرة الذاتية ، وخاصة في الأدب الفرنسي مثل ( اعترافات ) جان جاك روسو في القرن الثامن عشر ، والسير الذاتية لألفريد دي موسيه في القرن التاسع عشر ، وأندريه جيد في القرن العشرين ، و كتاب السيرة الذاتية في الأدب العربي القديم والمعاصر من أمثال ابن سينا وابن خلدون وأسامة بن منقذ وعبد اللطيف البغدادي ، ورفاعة الطهطاوي ، وعلي مبارك ، ، إلا أنه وقع في غواية الحكاية عن النفس ، فالقارئ للأيام يلمس مباشرة أثر سيادة الشخصية بصور مختلفة ، فهي المحور الذي تدور حوله كل الأحداث ، وهو حريص فيها على إلقاء الأضواء الكاشفة على (شخصيته ) بطريقة سردية تكشف أبعادها من الخارج مع ملاحظتها نفسيًا من الداخل .
واهتمام طه حسين بالسيرة – بصفة عامة – من خلال مؤلفاته الثلاثة ( الأيام - على هامش السيرة - الشيخان ) وحتى في كتابيه ( مرآة الإسلام ) أو ( الوعد الحق) كان مردودا بلا خلاف إلى غواية ( الحكي ) المعروفة عنده ، وهو ما كان يسميها دائمًا بغواية (الإملاء ) و ( الحكاية ) ، لذلك فهو كثيرًا ما يقول في بدايات مؤلفاته بأنه قد ( أملاها ) أو ( حكاها ) ، ويمكننا أن نستدل في ذلك بقوله في مقدمة كتابه (الأيام) :(هذا حديث أمليته في بعض أوقات الفراغ. لم أكن أريد أن يصدر في كتاب يقرؤه الناس ، ولعلي لم أكن أريد أن أعيد قراءته بعد إملائه, وإنما أمليته لأتخلص بإملائه من بعض الهموم الثقال ، والخواطر المحزنة التي كثيرًا ما تعتري الناس بين حين وحين ، وللناس مذاهبهم المختلفة في التخفف من الهموم والتخلص من الأحزان ، ولست أدري لماذا رجعت ذات يوم إلى ذكريات الصبا ، أتحدث بها إلى نفسي فيما بيني وبينها ، إنما تحدثت إليها حديثًا مسموعًا ، فأمليت هذا الكلام على صاحبي في رحلة من رحلات الصيف ، ثم ألقيته جانبًا ونسيته أو كدت أنساه) .
إذن فهذه هي غواية الحكي عند طه حسين ، وهي غواية قائمة على افتتانه بطاقات السرد المتولدة في نفسه ، وتراكمات التراسل اللغوي النابعة من ذاته ، وهو ما يفتأ يذكر ذلك , فطاقات السرد والتعبير عنها بشكل روائي ، والتفرغ لها عند طه حسين تمثل بُعدًا راسخًا في أطوار حياته على حد قوله ، وهي التي دفعته ليفجر أكبر طاقة روحية يمكن للأدب أن يضئ بها الحياة ، ويعيد تفسير الكون والتاريخ في القرن العشرين في مصر والعالم العربي على حد تعبير بعض النقاد المعاصرين, إلى جوار رفاقه الكبار العقاد والمازني وتوفيق الحكيم وعبد الرحمن شكري وغيرهم من رواد الفكر والأدب في القرن المنصرم .
الأستاذ بكلية آداب حلوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.