تعتبر الاستثمارات الزراعية المحرك الرئيسي للنمو الزراعي إلي جانب محركي التشغيل والإنتاجية. وإذا فحصنا نصيب قطاع الزراعة في مصر من الاستثمارات الحكومية أو الخاصة أو إجمالي الاستثمارات فسنجد أن متوسط نصيب الزراعة في الاستثمارات الحكومية خلال السنوات العشر الأخيرة يبلغ حوالي 3 % فقط كما أن متوسط نصيبها في الاستثمارات الخاصة يبلغ حوالي 7.5 % فقط وان متوسط نصيبها في إجمالي الاستثمارات يبلغ حوالي 6 % فقط. وهذا لا يتمشي مع الطاقة الاستيعابية للقطاع وكذلك مع دوره في الاقتصاد القومي وأيضاً مع معدل النمو المستهدف لقطاع الزراعة في إستراتيجية التنمية الزراعية في مصر 2030 وهو حوالي 4.5% سنوياً. ولذا فإنه يجب العمل علي زيادة حصة قطاع الزراعة في الاستثمارات الحكومية وذلك جنباً إلي جنب مع تشجيع القطاع الخاص المصري والعربي والأجنبي علي الاستثمار الزراعي من خلال تهيئة المناخ والتشريعات والضمانات والحوافز والبنية الأساسية الجاذبة للاستثمار الزراعي الخاص. وجدير بالذكر أن المؤسسات الدولية توصي بالا تقل نسبة الاستثمارات الزراعية في الاستثمارات الحكومية في الدول النامية عن 10 % وذلك نظرا لان حوالي 70 % من الفقراء في تلك الدول يعيشون في الريف ويعتمدون بطريقة أو بأخري علي الزراعة والأنشطة المرتبطة بها ومن ثم فانه لا يمكن أحداث تنمية حقيقية ومستدامة في تلك الدول دون إحداث تنمية زراعية وريفية متواصلة ومن خلال تشجيع وتكثيف الاستثمار الزراعي. وفي مصر فان هناك فرصا عديدة للاستثمار الزراعي الخاص المصري والعربي والأجنبي يمكن الترويج لها في ظل ضمانات وحوافز الاستثمار الجديدة. ويمكن حصر أهم تلك الفرص في استصلاح واستزراع الأراضي الصحراوية وخاصة في المشروع القومي لاستصلاح واستزراع 1.5 مليون فدان جديدة والذي قامت شركة الريف المصري والمشرفة علي تنفيذه بطرح كراسة الشروط الخاصة بالمرحلة الأولي للمشروع (500 ألف فدان ) بالنسبة لشباب الخريجين وصغار المزارعين والمستثمرين، المشروع القومي لإنشاء 100 ألف صوبة لإنتاج الخضر والفاكهة عالية الإنتاجية والجودة للاستهلاك المحلي والتصدير، مشروعات الإنتاج النباتي وخاصة إنتاج محاصيل الزيوت وبنجر السكر والذرة الصفراء والخضر والفاكهة والنباتات الطبية والعطرية وزهور القطف، المشروع القومي لتنمية الثروة السمكية في محافظة كفر الشيخ وفي محور قناة السويس، مشروعات الإنتاج الحيواني ( إنتاج البتلو - الدواجن - الأسماك سواء في الأنهار أو البحار أو البحيرات أو المزارع السمكية)، مشروعات إنتاج مستلزمات الإنتاج الزراعي من تقاوي وأسمدة ومبيدات وأعلاف وآلات ومعدات زراعية وأمصال ولقاحات بيطرية، مشروعات مجازر وثلاجات للدواجن، مشروعات التصنيع الغذائي والزراعي ومعاملات ما بعد الحصاد للمحاصيل الزراعية ( وخاصة الخضر والفاكهة )، مشروعات إنتاج الوقود الحيوي ( الايثانول والبيوديزل ) اعتماداً علي المحاصيل الزراعية غير الغذائية كالجاتروفا والهوهوبا وكذلك المخلفات الزراعية مثل المولاس وقش الأرز، مشروعات تدوير المخلفات الزراعية والتي تبلغ حوالي 30 مليون طن سنوياً لإنتاج الأعلاف غير التقليدية والأسمدة العضوية، مشروعات البحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا وخاصة في مجالات البيوتكنولوجي والهندسة الوراثية الزراعية، ومشروعات التسويق الزراعي والتجارة الخارجية للسلع الزراعية ومستلزمات الإنتاج الزراعي. إن تشجيع وتكثيف الاستثمار الزراعي الحكومي والخاص يعتبر متطلباً أساسيا لنمو زراعي ملائم ومتواصل وبما يضمن أن يظل قطاع الزراعة في مصر جنباً إلي جنب مع قطاع الصناعة الوطنية إحدي الدعائم الرئيسية للاقتصاد الإنتاجي السلعي والذي هو أكثر أهمية واستدامة من الاقتصاد الريعي وأن يسهم قطاع الزراعة بفعالية في تحقيق الأمن الغذائي وزيادة الصادرات والتشغيل المنتج. كاتب المقال : أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة وورئيس مركز البحوث الزراعية ومحافظ الفيوم الأسبق