لا مبالغة في القول بأننا أمام واقع مختلف، وصيغة جديدة للعلاقة بين الشعب في عمومه والشباب بالذات، وبين رموز السلطة والحكم في الدولة. الحقيقة السائدة والمتوافق عليها منذ الأزل تؤكد أن كل الشعوب والمجتمعات مشغولة دائما بالواقع القائم حولها والمحيط بها من كل جانب، وجميعها مهتم بما يجري علي هذا الواقع من احداث، وما يطرأ عليه من تطورات ومستجدات، لانها تؤثر فيهم ويتأثرون بها، وتنعكس عليهم بالايجاب أو السلب سواء أرادوا أم لم يريدوا. ولكن الانشغال بالواقع وحده لايكفي لتقدم أي دولة أو نهوض أي مجتمع، إذا لم يتحول إلي فعل يؤثر في هذا الواقع ويغيره، ويدفع به في الاتجاه الذي يراه صائبا وايجابيا، ومحققا للطموحات والآمال والرؤي المستهدفة. وهذا الفعل حتي يكون ايجابيا وصائبا لابد أن يكون معبرا عن جموع الناس وآمال الشعوب وطموح المجتمع في عمومه، أي أن يكون ترجمة صحيحة وصائبة لرؤية جموع الأمة والغالبية العظمي من الشعب. وعلي قدر ما تكون هذه الرؤية صائبة بالفعل، وعلي قدر ما تكون ايجابية حقا وصدقا، وعلي قدر ما تكون معبرة عن المجموع ورؤاهم وتطلعاتهم،...، علي قدر ما تتحقق المعجزة ويتغير الواقع بالفعل إلي الأفضل، وتصبح الطموحات والآمال حقيقة قائمة بالفعل وواقعا جديدا. صيغة جديدة والمتابع لما جري ويجري بالفعل علي الأرض المصرية طوال العامين الماضيين، يدرك بالفعل أن هناك تغيرا حقيقيا وملموسا وايجابيا بدأت ارهاصاته في الوجود خلال الشهور الماضية، وأخذت تتبلور تدريجيا حتي اصبحت الآن اكثر بروزا وتحققا، في ظل الواقع الجديد الذي أصبح قائما بالفعل، بما يحمله في طياته من صيغة جديدة للعلاقة بين الشعب في عمومه والشباب بالذات وبين رموز السلطة والحكم في الدولة. وعندما نتحدث عن صيغة جديدة للعلاقة بين الشعب في عمومه والشباب بالذات وسلطة الحكم والادارة لشئون الدولة، فنحن نتحدث بالتحديد عما ظهر جليا خلال المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي عقد منذ عدة أيام في شرم الشيخ، والذي كان وبحق ملمحا فارقا في العلاقة بين الطرفين. ولا مبالغة في القول بأن ما جري في الأيام الثلاثة للمؤتمر كشف عن تبلور صبغة جديدة تنظم العلاقة بين الشعب في مجمله ورموز الحكم في الدولة، والتي تقوم في اساسها علي المشاركة الكاملة، وتبادل الرأي حول قضايا الوطن وشئونه، في كل ما يتصل بالواقع الذي نعيشه الآن، أو ما يتعلق بالمستقبل الذي نتطلع اليه. هذه الصيغة الجديدة تؤكد لكل ذي عينين، أن مصر بدأت بالفعل عهدا جديدامن العمل الجاد لمواجهة التحديات والسعي الصادق للنهوض من كبوتها والخروج من أزمتها التي استحكمت بفعل فاعل، والتحرك للأمام نحو المستقبل الافضل،...، وانها في نهوضها وتحركها تعتمد بصفة رئيسية علي سواعد شبابها وجهدهم المتواصل، واثقة في اخلاص ووعي هذا الشباب وقدرته علي العبور بوطنه إلي الغد الافضل، وصولا إلي الدولة الديمقراطية الحديثة القائمة علي العدالة الاجتماعية وسيادة القانون وحقوق الانسان. لماذا الشباب؟ ولعل تركيزي علي الشباب بالذات واضح، وقد قصدت ان يكون واضحا ولافتا لأسباب عديدة، منها علي سبيل المثال انهم بحكم الطبيعةوالواقع هم الأكثرقدرة وحيوية علي الفعل والتحرك لتغيير الواقع والانتقال بمصر الي واقع جديد افضل واكثر اشراقا باذن الله. وهم في ذات الوقت وبحكم الطبيعة والواقع ايضا صناع المستقبل، والجيل الجديد الذي سيحكم ويقود ويقع عليه كل العبء في الابحار بسفينة الوطن عبر عالم متغير مليء بالانواء ومفعم بالعواصف،...، وهم كذلك الغالبية العظمي من تعداد مصر وعدتها وذخيرتها في الحاضر والمستقبل،..، ثم هم كانوا ولايزالون الاكثر استهدافا من جانب قوي الشر اعداء هذا الوطن والاكثر تعرضا لمحاولاتهم الضالة لزرع بذور الفرقة بينهم وبين سلطة الدولة ورموز الحكم، والترديد الدائم للادعاء بوجود وقيعة وخلاف بين الشباب والرئاسة،..، وهو ما ثبت عدم صحته وكذبه خلال المؤتمر الوطني الاول للشباب في مدينة السلام من خلال الحوارات والمناقشات المتبادلة والممتدة بين الشباب والرئيس طوال جلسات المؤتمر، حول جميع القضايا والموضوعات الهامة والمصيرية المطروحة للبحث والنقاش، والتي اشترك فيها ما يزيد علي ثلاثة آلاف شاب يمثلون الشرائح والقطاعات الشابة في الاحزاب والبرلمان والجامعات وهيئات ومؤسسات المجتمع المدني. جسر للتواصل واذاكان المشهد الذي جري في مؤتمر شرم الشيخ قد اثبت باليقين عدم صحة وكذب الادعاءات المغرضة، التي روجت لها قوي الشر طوال العامين الماضيين، عن وجود أزمة ثقة بين الدولة في عمومها والرئاسة بالذات وجموع الشباب،..، فقد أثبت في ذات الوقت امكانية وجود وقيام ساحات وليس ساحة واحدة، حوارات واعية وجادة لكل القضايا والموضوعات التي تشغل الداخل المصري، والتي هي بالفعل محل اهتمام الكل والشباب بالذات، نظرا لتأثيرها الكبير علي الواقع الذي تعيش فيه وانعكاس ذلك علي المستقبل ايضا. وفي هذا الاطار فإننا نستطيع القول بصراحة وموضوعية، ان المؤتمر اصبح بالفعل طوال أيام انعقاده نواة حقيقية لملتقي للحوار الجاد والصريح والأمين، ومنصة لتبادل الرؤي ووجهات النظر بين الشباب وكل قيادات الدولة ورموز السلطة والحكم بها، وعلي رأسهم الرئيس الذي ادعت كل ابواق الشر وجماعة الافك والضلال طوال العامين الماضيين وجود فجوة بينه وبين الشباب. ولذا فقد ظهر لكل المتابعين أن المؤتمر أصبح بالفعل جسرا هاما وفاعلا، وأداة جيدة للتواصل بين الشباب والدولة، من خلال المناقشات والحوارات بالغة الحيوية والحرارة التي جرت فيه، حول مختلف القضايا والتحديات التي تواجه الوطن والمجتمع كله، وانه شهد طرحاصريحا ومباشرا لكل الرؤي والافكار ووجهات النظر المتعددة، التي عبرت في مضمونها عن رؤية الشباب لواقع ومستقبل وطنهم، وطموحاتهم المشروعة في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة،...، وهذا أمر بالغ الأهمية يستحق التقدير والمساندة. الطريق الوحيد وبخصوص الشباب ايضا، دعوني اتحدث بأقصي قدر من الصراحة والوضوح،...، وفي ذلك أقول ان واجبنا جميعا هو السعي بكل الجدية والاخلاص إلي ان يكون شبابنا بخير حقا وصدقا، وأن نعمل كلنا من اجل ذلك في كل ساعة وكل وقت، دون ملل ودون يأس، أو تكاسل،..، وان ندرك ونحن نفعل ذلك ان هذا هو الطريق الوحيد والصحيح لضمان المستقبل الأفضل لهذا الوطن باذن الله. وأقول ايضا بكل الوضوح والصراحة، انه لايكفي ان يكون الرئيس السيسي وحده هو المؤمن بدور الشباب وهو الداعم له، بل علينا جميعا ان نكون مؤمنين بذلك، وعلي كل منا واجب لابد من أدائه، وهو ان نساند بصدق وندعم باخلاص وقوة طموحات الشباب، وآمالهم المشروعة في ان يكون لهم مكان ومكانة في وطنهم. وعلينا أن نفتح الطريق أمامهم في جميع المجالات وكل اوجه العمل والنشاط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي، وان نمدهم بالخبرة اللازمة، اذا ما اردنا خيرا بهذاالوطن، وكنا جادين بالفعل في السعي نحو تقدمه ونهوضه. محاولات التشكيك وفي هذا السياق يجب ان نتنبه إلي أنه بالرغم من الانطلاقة الكبيرة التي تشهدها مصرحاليا علي طريق التنمية الشاملة، علي جميع الاصعدة الصناعية والزراعية والعمرانية، والمتمثلة في الكم الكبير من المشروعات القومية العملاقة، في منطقة القناة وسيناء والوادي الجديد والصحراء الغربية والبحر الاحمر، والمدن الجديدة والعاصمة الادارية، وغيرها،...، إلا ان محاولات التشكيك من جانب الكارهين لمصر وشعبها مستمرة، وموجهة بالذات إلي الشباب سعيا لخلق فجوة بينهم وبين دولتهم ودفعهم إلي السلبية وعدم المشاركة في مسيرة التقدم والبناء والتنمية. وازيد علي ذلك بالتأكيد علي ان هذه المحاولات من جانب قوي الشر وجماعة الافك والضلال الكارهين لمصر وشعبها لن تتوقف، بل ستستمر، ولذلك فإن الضرورة ومصلحة هذا الوطن تفرضان علينا التنبه الدائم والجاد لهذه المحاولات الآثمة، وأن نعمل بكل الإصرار علي عدم السماح للإحباط أو اليأس بالتسلل إلي نفوس شبابنا، أو الاستقرار في عقولهم والتحكم في تفكيرهم وسلوكهم بما يؤدي إلي عزلهم أو انعزالهم عن مسيرة الوطن. اقول ذلك بكل الوضوح لانها بالفعل قضية بالغة الاهمية، بل هي قضية مصيرية لابد ان تكون ماثلة في اذهاننا جميعا في كل الظروف وكل الأوقات،..، لأنها قضية المستقبل لوطننا ودولتنا. همسات النفس أكثر من مرة، وبالذات في لحظات الصفاء التي تباعدت في الفترة الأخيرة، كان يضبط نفسه متلبساً بالتأمل والاستغراق في التفكير خلال الشرود والسرحان في المعاني العميقة التي احتوت عليها تلك الكلمات المغرقة في بساطتها للشاعر المبدع »نزار قباني»، وما تشعه من ضوء كاشف علي طبائع البشر والفلسفة الحاكمة لهم في تعايشهم مع تقلبات الحياة، وبحثهم عن ذرائع وأسباب للقبول بالواقع المتغير في كل وقت وكل حين. وفي هذا التأمل وخلال ذلك التفكير، كان ومازال يكرر ذلك البيت من الشعر، ويدير كلماته في رأسه مرات ومرات محاولاً كشف المستور والغوص في ثنايا الحروف والكلمات، لينتهي في كل المرات إلي ذات الاقتناع بأنه يقف أمام بساطة مطلقة في المبني والمعني،تكاد تصل إلي حد الامتناع أو الإعجاز،...، ورغم ذلك كان يعاود التأمل والتفكير مرة أخري في الكلمات ومبناها ومعناها.. »الحبُ فيِ الأرضِ بَعْضٌ مِنْ تَخَيُلنَا.. إنْ لمْ نجدهُ عَليها كُنا اختَرَعنَاهُ» وفي كل مرة كان ومازال حتي الآن ومنذ أن وقعت عيناه عليها شعراً، ثم استمتع بسماعها غناءً مع قيثارة النغم الحالمة أبدا »نجاة الصغيرة» يردد في نفسه همساً »هذه كلمات ليست كالكلمات التي تصك الأسماع في كل الأوقات،..، هي شيء مختلف، وقع مختلف، منظومة حروف سحرية صُفت في عقدٍ بديع، كي تعطي ذلك المعني الرائع، المعبر في بساطته المتناهية وتلقائيته العفوية، عن طبيعة البشر وحقيقة مكنون النفس الإنسانية، ودخائلها المخفية خلف الأستارِ والحُجُبِ البشرية». وكان ومازال في كل مرة يزداد اقتناعاً ويمتلئ احساساً بأن هذه المنظومة السحرية من الحروف والكلمات تعطي كل من يقرؤها أو يستمتع بالاستماع إليها معني فريداً في روعته وصدقه، يُعبِّرُ في بساطته الإعجازية عن الإنسان، ونفسه الهائمة دائما في رحابِ الحياة بحثاً عمن تركنُ إليه، أو ترتكن عليه، أو تسكن فيه، وتلقي برحالها علي ضفافه،..، وتضفي عليه ما تحبه وما تهواه وما تريده من صفات القوة أو الضعف، الرقة أو الخشونة، واللين أو الصلابة،.. و.. أو.. وكل ما تبحث عنه وتتمناه فيمن ستتخذه حبيباً أو تأنسُ إليه رفيقاً أو أليفاً. وفي هذه الحالة سيكون هذا المختار هو من نسكب عليه مشاعر الود الدافئ أو من نغمره بموجات الحنان المتدفق والمنساب، و....، أو من نلفحهُ أيضاً بنيران العواطف المشتعلة والمتوهجة، وحتي الحارقة لكل من يسقط في أتُونها أو يشاء حظه أن يكتوي بنارها. ولم لا... أليس هو أو هي من اخترعناه؟!.