عبد الرحيم: عمومية الصحفيين صاحبة الحق في أي تعديل لقانون المهنة    التموين تنتهي من صرف مقررات مايو بنسبة 90%    في خدمتك.. كيف تتقدم للإبلاغ عن الغش التجاري وعدم الالتزام بالأسعار    وزير الاتصالات الإسرائيلي يأمر بإعادة معدات أسوشيتد برس في غزة    سيراميكا يتعاقد مع إسماعيل يوسف في منصب رئيس قطاع الناشئين    تفاصيل الحالة الصحية لمصابي حادث معدية أبو غالب (فيديو)    الأبطال وموعد العرض، كل ما تريد معرفته عن مسلسل الوصفة السحرية    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    توزيع مواد غذائية على الأُسر الأَولى بالرعاية في الإسماعيلية (صور)    أزهري: ليس من حق الآباء إجبار بناتهم على ارتداء الحجاب    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    محلل أداء تونسي يحذر الأهلي من الترجي لهذا السبب    امتدت لساعة.. قرارات مثيرة بعد جلسة الخطيب وجمال علام (تفاصيل)    الأعلى لشئون الإسلام وقيادات الإعلام يتوافقون على ضوابط تصوير الجنازات    تكثيف المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة بالفيوم.. «إحصاء وإنجليزي»    البحوث الفلكية: الأحد 16 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    رفقة سليمان عيد.. كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره كواليس «البيت بيتي 2»    محمود الهباش: لا يوجد أحقر من السياسة الأمريكية ولا ترى إلا بعين واحدة    وزير الدفاع والإنتاج الحربى يلتقى نظيره بجمهورية الكونغو الديمقراطية    رئيس البرلمان العربي يشيد بتجربة الأردن في التعليم    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    أمين الفتوى بدار الإفتاء: سداد الدين مقدم على الأضحية    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    تأثير استخدام مكيفات الهواء على الصحة.. توازن بين الراحة والمخاطر    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    عاجل| أسوشيتد برس تعلن تعليق إسرائيل خدمات الوكالة في غزة    لست وحدك يا موتا.. تقرير: يوفنتوس يستهدف التعاقد مع كالافيوري    إغلاق المدارس وتأجيل الامتحانات في باكستان بعد تجاوز درجة الحرارة 50 درجة مئوية    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    "سيارة الغلابة".. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيه (صور)    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    خليفة ميسي يقترب من الدوري السعودي    ب ممارسات حاطة بالكرامة والتقييد.. شهادات توثق تعذيب الاحتلال ل معتقلي غزة (تقرير)    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    تحقيق جديد في اتهام سائق بالتحرش.. وتوصيات برلمانية بمراقبة تطبيقات النقل الذكي    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    شبانة: مندهش من الأحداث التي صاحبت مراسم تتويج الزمالك    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    انتظار مليء بالروحانية: قدوم عيد الأضحى 2024 وتساؤلات المواطنين حول الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستعدون لمواجهة تداعيات العلاقات مع أمريكا
وزير الخارجية: الأمن القومي والكرامة المصرية خط أحمر توجه مصري جديد في إفريقيا يعتمد علي المشاركة في التنمية
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 10 - 2013

في أول حوار له مع صحيفة مصرية منذ توليه مهام منصبه وزيرا لخارجية مصر بعد ثورة30 يونيو.. أكد نبيل فهمي أن الحكومة الحالية تتحمل مسئولية تاريخية رغم قصر المدة المتاحة لها, فهذه الحكومة عليها إدارة عملية سياسية ترسم ملامح صورة مصر المستقبل.
وأوضح وزير الخارجية أن عناصر عمل الخارجية تشمل ثلاثة محاور هي حماية ودعم الثورة ونقل صورتها الحقيقية للعالم وإعادة الثقل المصري علي المستويين الاقليمي والدولي ووضع الأسس الصحيحة لسياسة خارجية مصرية مستقبلية حتي عام2030 مؤكدا أن أهم المباديء التي تحكم التحرك الخارجي هو الانتماء العروبي والأفريقي.
والتحرك بشكل مكثف للحفاظ علي المصالح المائية المصرية في مياه النيل واحترام تطلعات شعوب دول حوض النيل في مجال التنمية.
وأعلن فهمي عزمه القيام بجولات إفريقية خلال الفترة القادمة مع عدد من الوزراء... وفيما يلي نص الحوار:
ما هو تقييمك للدبلوماسية المصرية في أعقاب ثورة30 يونيو بعد مرور أكثر من شهرين ونصف علي توليكم منصب وزير الخارجية؟
تتحمل الحكومة الحالية مسئولية تاريخية رغم قصر المدة المتاحة لها والتي لن تتجاوز العام الواحد, خاصة وأننا نمر بمرحلة تعتبر الأدق في تاريخ مصر المعاصر, فهذه الحكومة عليها إدارة عملية سياسية ترسم ملامح صورة مصر المستقبل التي خرج الشعب في25 يناير2011 يطالب بها, ثم عاد ليؤكد في30 يونيو2013 تمسكه وإصراره علي الوصول إليها. وهناك مسئولية أخري علي الحكومة تتمثل في الإشراف علي إقرار دستور وطني وانتخاب برلمان ورئيس جديد للبلاد, وهذا يتطلب جعل المجتمع يلتف ويجتمع حول مصريته, رغم ما شاهدناه من استقطاب سياسي وعنف خلال المرحلة الماضية. وفي ذات الوقت علي الحكومة العمل علي التجاوب مع تطلعات المواطن المصري, والذي هو في القلب من كل هذه التطورات, الأمر الذي يتطلب توفير الأمن للجميع وإعادة البنيان الاقتصادي بل وتطويره.
وفي هذا السياق, تستلهم الدبلوماسية المصرية في محاور تحركاتها واحدة من أهم القيم التي عبر الشعب المصري عنها في ثورته وفي تصميمه علي أهدافه, وهي الثقة بالنفس والقدرة علي التغيير للأفضل. ومن هنا يمكن تناول عناصر عمل الوزارة في المحاور الثلاثة الآتية:
أولا: حماية ودعم الثورة ونقل صورتها الحقيقية للعالم الخارجي وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لها.
ثانيا: إعادة الثقل المصري علي المستويين الإقليمي والدولي, والذي يتطلب إعادة مركزة مصر علي محاورها الطبيعية والتاريخية عربيا وأفريقيا, وفي نفس الوقت التعامل مع القضايا الضاغطة التي تؤثر علي الأمن القومي المصري, مثل تأمين احتياجات مصر الإستراتيجية من المياه والغذاء والطاقة واحتياجاتنا العسكرية, والتصدي للهجمة الشرسة التي تستهدف إعادة تقسيم وتخطيط الشرق الأوسط علي أساس عرقي وطائفي علي حساب الهوية العربية.
ثالثا: وضع الأسس الصحيحة لسياسة خارجية مصرية مستقبلية حتي العام2030, هذا يتطلب وضع رؤية مستقبلية للعالم وجوارنا الإقليمي, وتحديد أهدافنا في ضوء هذه الرؤية, ثم وضع وتنفيذ السياسات التي تحقق لنا تلك الأهداف, وكل ذلك يفرض علينا تطوير وزارة الخارجية المصرية وإعادة هيكلتها للتعامل مع التحديات والمستجدات المستقبلية حتي تستطيع مؤسسة الخارجية العريقة مواصلة دورها الوطني العظيم في حماية المصالح المصرية والاستجابة لتطلعات شعب مصر الكريم.
وتحركنا كان منهجيا وبشكل هادف وعلمي علي مستويات مختلفة, ومستغلا لجميع الأدوات المتاحة التي شملت اتصالات ولقاءات مع عدد كبير من وزراء خارجية دول العالم, كالدول دائمة وغير دائمة العضوية في مجلس الأمن, ودول الإتحاد الأوروبي, والدول العربية والإفريقية, والآسيوية وأمريكا اللاتينية, فضلا عن نشاط إعلامي واسع, وجهد مكثف ومتميز لبعثاتنا بالخارج, مع توظيف الاستفادة من كل شرائح المجتمع والخبرات الوطنية, كقادة الفكر والرأي وكبار المثقفين ورموز المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والشباب والمرأة.
وكان من محصلة كل ذلك تحقيق الفهم الأدق لدي دول العالم لما يحدث في مصر وإلماما أكثر بالحقائق ومنع تدويل ما يحدث في مصر من حراك سياسي ومجتمعي في المحافل الإقليمية والدولية. وسوف نستمر في مواصلة هذا الجهد خاصة وأن التحديات الخارجية لا تزال قائمة فيما يتعلق بمتابعة الواقع المصري, ولضمان استعادة مصر لمكانتها واستكمال بناء الدولة المصرية الحديثة, بما في ذلك حشد الدعم الاقتصادي للثورة في إطار الدور التنموي للسياسة الخارجية المصرية من خلال العمل علي جذب الاستثمارات الأجنبية وإعادة السياحة الوافدة للبلاد, ونقل التكنولوجيا الحديثة وتوطينها.
وأهم المبادئ والمفاهيم التي تحكم تحركنا الخارجي: الانتماء العروبي لمصر, جذورنا ومصالحنا الإفريقية, هويتنا الإسلامية, الحوار الصريح مع العالم في إطار من الندية, مؤمنين بأن استقلالية القرار المصري يتحقق بتأمين بدائل وخيارات متعددة لمصر وليس بالانعزال عن المجتمع الدولي, ومنطلقين من أن الريادة الإقليمية لمصر تتحقق بتقديم نموذج لدولة مستنيرة, واستعادة ريادتها الفكرية والثقافية والحكم الرشيد, وهذا يتطلب تبني سياسات خارجية متحضرة تتسق مع القرن الحادي والعشرين وتتجسد من خلال سيادة القانون.
ولا يتعارض أبدا حجم العمل الداخلي المطلوب من المصريين مع توظيف الزخم السياسي والاهتمام الدولي المتولد عن ثورتي25 يناير و30 يونيو بانتهاج سياسة خارجية نشيطة, وهو ما نقوم به من خلال أخذ زمام المبادرة بأفكارنا واقتراحاتنا, فالتردد والاكتفاء برد الفعل يجعلنا دائما تابعين لأجندات وأولويات الغير ويحد من قدراتنا علي تحقيق أهدافنا. كما نسعي إلي تعظيم الاستفادة من جميع المزايا النسبية المصرية جغرافيا وتاريخيا وديمقراطيا وثقافيا, ونبحث حاليا كيفية الاستفادة بشكل أكبر وأفضل من الثقل المهم لمؤسستي الأزهر الشريف والكنيسة القبطية وكذلك من منظمات المجتمع المدني المصرية, وتدعم كل هذه المزايا ثقلنا العسكري والاقتصادي, لذا شكلت مجموعات عمل متعددة عضويتها مفتوحة من داخل وخارج وزارة الخارجية لإدارة حوار مجتمعي حول كيفية تفعيل كل ذلك لخدمة مصر الحديثة المتحضرة المستنيرة الفاعلة في المجتمع الدولي في القرن.21
ما هي رؤيتكم لكيفية المعالجة الفورية للقضايا الحالية المرتبطة بالأمن القومي للبلاد في ظل التهديدات القائمة؟
لا يوجد شئ يسمي المعالجة الفورية, فقضايا الأمن القومي لها طبيعة حساسة وممتدة وترتبط بمصالح حقيقية لنا وأيضا للآخرين, وتحتاج لتأن في المعالجة وجهد متواصل لإيجاد حلول تحقق مصالحنا ويمكن للآخرين التعايش معها. علي العموم, علي رأس أولويات السياسة الخارجية, تأمين الثورة ومواجهة أي سياسات دولية تعرقل انتقال مصر إلي مرتبة الدولة الديمقراطية الحديثة بتطبيق خارطة الطريق, سواء أن كان هذا الدعم الخارجي مباشرا لأعمال العنف والإرهاب, أو نتيجة لتبني بعض الدول سياسات خاطئة لعدم فهمها وتقديرها لحجم التحولات التي يمر بها المجتمع المصري, ولطبيعة التهديدات التي تتعرض لها ليس فقط المسيرة المصرية بل الشرق الأوسط بأكمله. وعلي الكل أن يقدر تماما أن الخطورة لن تقف علي حدود هذه المنطقة إذا لم يحسن تقدير الأمور بنظرة إستراتيجية.
لعل ما ذكرتموه يقودنا إلي الإستفسار عن أهم الملفات الإقليمية والدولية التي تديرها وزارة الخارجية حاليا ويرتبط بعضها بالأمن القومي المصري؟
هناك العديد من الملفات الإقليمية التي تأتي علي رأس أولوياتنا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد في مقدمتها ملف الأمن المائي وتأكيد الانتماء لإفريقيا. وفي هذا الإطار نتحرك بشكل مكثف وبكل السبل المشروعة للحفاظ علي الحقوق التاريخية والمصالح المائية المصرية في مياه النيل والعمل علي زيادة حصتنا السنوية, وفي نفس الوقت نحترم تطلعات دول وشعوب حوض النيل بما في ذلك تطلعات الشعب الإثيوبي الشقيق في مجال التنمية. كما نحرص بكل قوة علي استعادة مصر لمكانتها في القارة استنادا إلي دورها التاريخي كأحدي الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية والتي احتضنت حركات التحرر الوطني الإفريقية. لهذه الأسباب زرت السودان وجنوب السودان, وعلي اتصال مستمر بوزيري خارجية إثيوبيا وإريتريا, وأقوم قريبا بجولات أفريقية.
كما أود أن أؤكد أن مصر سوف تستمر في متابعة تطورات الأزمة السورية من خلال تأكيد وقوفها إلي جانب الثورة السورية ودعم مطالبة الشعب السوري بالحصول علي حقوقه المشروعة في إطار ديمقراطية تعددية تضمن المساواة بين جميع أبناء الشعب السوري بكل أطيافه, والتأكيد علي ضرورة التوصل إلي حل سياسي يصون البلاد, ويحافظ علي وحدتها وسيادتها. فانهيار الدولة السورية أو تقسيمها علي أساس طائفي له تداعيات بالغة الخطورة علي الشرق الأوسط بأكمله, ويستهدف ذلك في المقام الأول العالم العربي. لذلك, رفضت مصر استخدام القوة ضد سوريا خارج منظومة المجتمع الدولي وإجراءاته القانونية, وهو أيضا ما يجعلنا نطالب الحكومة السورية بوقف ممارساتها القمعية ضد الشعب السوري الشقيق والاستجابة لتطلعاته لحياة حرة وديمقراطية, والتوصل إلي حلول سياسية من خلال مؤتمر جنيف2, والذي يجب أن ينجح في تشكيل حكومة انتقالية مؤهلة وكاملة السلطات.
وقد تأكدت صحة الموقف المصري من خلال إصدار مجلس الأمن الدولي القرار رقم2118, ولاسيما ما ورد به من دعم كامل لإعلان جنيف الختامي الصادر في30 يونيو2012, بما يقتضيه ذلك من عقد مؤتمر جنيف2 بأسرع ما يمكن بمشاركة جادة من جانب كل الأطراف السورية.
إن هذا الموقف الواضح ينبع أيضا من انحيازنا لمصالح الشعب العربي السوري الذي عاني ولا يزال يعاني من ممارسات نظام لا يستمع لصوت العقل من خلال تلبية تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية, واستمرار العنف في مواجهة شعبه, وبما ينذر باستمرار نزيف الدماء في هذا البلد ويدفعه نحو المزيد من الاحتراب بين أبناء الشعب الواحد ويهدد صيغة العيش المشترك التي تجمع بين جميع أطيافه.
القضية الفلسطينية لب الصراع
ويرتبط بما سبق أيضا, مواصلة دعم الشعب الفلسطيني, حيث إنه من الطبيعي أن تحتل القضية الفلسطينية مكان الصدارة في أولويات السياسة الخارجية المصرية, ففلسطين في قلب كل مصري وترتبط بالأمن القومي المصري باعتبار أن القضية الفلسطينية هي لب الصراع في الشرق الأوسط, وما يرتبط بذلك من تقديم الدعم الكامل للقيادة الفلسطينية حتي يحصل الشعب الفلسطيني علي حقوقه المشروعة, وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. لذا كان أول تحرك إقليمي لي إلي رام الله, وينتظر أن يستقبل الرئيس عدلي منصور الرئيس أبو مازن بالقاهرة مرة أخري في الفترة القادمة.
ولم يكن من المصادفة أن تكون رام الله ثانية جولاتي الخارجية بعد السودان وجنوب السودان, حيث التقيت بالرئيس أبو مازن ثم التقيت به مرة أخري في نيويورك خلال المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وشاركت مصر في اجتماعات وزير الخارجية الأمريكي مع اللجنة الوزارية العربية الداعمة للجانب الفلسطيني ومفاوضاته مع إسرائيل إزاء إلتزام الجانب الأمريكي والأطراف بقضايا الحل النهائي مثل الحدود واللاجئين, والقدس, والأمن والمستوطنات, خلال فترة لا تتجاوز9 أشهر, وهو وضع مختلف عما مضي, مع هذا فلا يزال لدينا مخاوف عديدة من فشل المفاوضات نتيجة للممارسات الإسرائيلية في الحرم الشريف, وكذلك التوسع المستمر في البناء الاستيطاني, وما يرتبط بهما من إثارة للشعوب العربية ليس فقط الفلسطينية, وتداعياتها علي فرص الاتفاق علي أراض متصلة لدولة فلسطينية علي أساس حدود4 يونيو1967 وعاصمتها القدس الشرقية تأسيسا علي مرجعيات عملية السلام ومبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وبالإضافة إلي القضايا السابقة, فقد سبق أن أعلنت عن ضرورة إعادة التوازن للسياسة الخارجية المصرية, ليس من خلال استبدال طرف بطرف آخر وإنما ببناء علاقات مشاركة حقيقية مع دول عديدة كالولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وروسيا واليابان والصين والهند والبرازيل وغيرها, والتي تستند إلي الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة, والانفتاح علي القوي الأخري الصاعدة في ظل تعدد مراكز القرار والثقل السياسي والاقتصادي والاجتماعي في النظام العالمي, وبما يسمح بتعدد البدائل أمام متخذي القرار في مصر, وهنا أيضا أود الإشارة إلي زيارتي لروسيا أخيرا, والتي ستشهد لها متابعة قريبا, فضلا عن أنني سأقوم بزيارات عديدة لدول أخري قبل نهاية العام.
لماذا اكتسبت مشاركة مصر هذا العام في الدورة68 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الاهتمام ليس فقط علي المستويين الداخلي والإقليمي وإنما علي المستوي الدولي, وما هي أهم النقاط التي قمتم بإثارتها أثناء لقاءاتكم مع المسئولين الدوليين؟
في البداية, أود أن أشير إلي أن مهمتي الرئيسية في هذه الدورة كانت نقل صوت الشعب المصري للمجتمع الدولي في أهم محفل عالمي تشارك فيه دول العالم الأعضاء في المنظمة الدولية. واكتسبت مشاركتنا أهمية غير مسبوقة حيث أنها الأولي في أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو, ومن ثم مثلت لنا فرصة لشرح تطوراتنا الداخلية وتصوراتنا الخارجية المستقبلية للعالم, وفرصة للعالم للتحاور مع مصر الجديدة, وكان هناك بالفعل اهتمام واسع جدا بالاستماع إلي رؤيتنا الجديدة في اجتماعات نيويورك الأخيرة ترك انطباعا واضحا لدي المجتمع الدولي أهم ملامحه أن مصر تنتهج سياسة خارجية نشيطة, تأخذ بزمام المبادرة وتستند إلي إرادة شعبية واضحة, وتتجاوز مرحلة الدفاع وتقديم المبررات وشرح الملابسات لقيام ثورة الثلاثين من يونيو وتعكس أن مصر عادت لممارسة دورها الإقليمي والدولي الطبيعي, بعد أن انكمشت ذاتيا خلال العشر سنوات الماضية, وخلال العامين والنصف الماضيين تحديدا لانشغالها بأوضاعها الداخلية. وكل ذلك مع الحرص علي تأكيد التزامنا بتطبيق خارطة الطريق, وأن عقارب الساعة لن تعود للوراء.
لكن كانت هناك أنشطة أخري قمتم بها خلال زيارة نيويورك؟
أجريت خلال وجودي في نيويورك عددا ضخما من الاتصالات مع رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية الوفود المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة, كما شاركت في العديد من الاجتماعات والفعاليات الدولية والإقليمية علي المستوي الوزاري حول موضوعات نزع السلاح وفلسطين وسوريا والصومال واليمن ومالي ومنظمة الفرانكفونية ومنتدي الصين/إفريقيا, وشراكة دوفيل الخاصة بتقديم الدعم لدول الربيع العربي, فضلا عن إجتماعات مجموعة عدم الانحياز ومجموعة ال77 وأوضاع أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار. كما أجريت لقاءات مع وسائل الإعلام الأجنبية, وهذا فضلا عن اتصالات مع عدد من قيادات الكونجرس الأمريكي والتحاور مع قادة الفكر والرأي ومراكز البحث وصنع القرار, كل ذلك تم لأن دورة الجمعية العامة توفر فرصة لإجراء اتصالات توازي عمل6 أشهر بالوسائل الدبلوماسية التقليدية.
تحدثتم عن ملف الأمن المائي المصري كإحدي أولوياتكم وتعلمون مدي اهتمام الرأي العام المصري بملف مياه النيل, فهل حققت الخارجية المصرية أي تقدم في هذا الشأن؟
لاشك في أن وزارة الخارجية هي خط الدفاع الأول عن المصالح المصرية في الخارج وفي مقدمتها ملف الأمن المائي المصري. وقد حرصت خلال وجودي في نيويورك علي مقابلة وزراء خارجية إثيوبيا والسودان وجنوب السودان وإريتريا لنقل رؤية مصر القائمة علي احترام حق دول حوض النيل في التنمية دون المساس بحقوق مصر التاريخية وحصتها في مياه النيل والتي لا نسعي فقط للحفاظ عليها بل وزيادتها للتجاوب مع متطلبات التنمية. كما طرحت أفكارا للتعاون من أجل التنمية مع دول الحوض بما يحقق مصالح جميع دول الحوض, فالإستراتيجية المصرية للتعامل مع هذا الملف المهم تقوم علي التمسك بحقوقنا التاريخية وتحقيق احتياجاتنا المستقبلية المتزايدة من خلال تقديم مصر كشريك للتنمية في هذه الدول والتي نعلم جيدا أنها ليست في حاجة للمياه نظرا لتنوع مصادرها بل أنها في حاجة لتمويل مشروعات واستثمارات مصرية تعود بالنفع المباشر علي كل الأطراف. ومن السابق لأوانه الحديث عن إنجازات ملموسة في هذا الملف, ولا تزال لدينا مشاكل عديدة, وسد النهضة هو أحد هذه القضايا ولنا في شأنه شواغل هندسية وبيئية ومائية وغيرها, وإنما سجلنا بارتياح التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء أثيوبيا عن عدم الإضرار بالمصالح المصرية, وسنعمل علي استثمار كل رؤي إيجابية وأفكار مبتكرة لإنجاح مشاوراتنا مع الكل. ونعمل في هذا الشأن بالتنسيق الكامل مع جميع وزارات وأجهزة الدولة المعنية ومع مراكز الأبحاث المصرية لإدارة هذا الملف المهم بما يضمن الأمن المائي المصري.
مشاركة من أجل التنمية
وتمثل الاستراتيجية المصرية في منطقة حوض النيل جانبا من التوجه المصري الجديد نحو القارة الأفريقية, التي نعمل علي العودة إلي ممارسة دورنا الريادي بها في أسرع وقت. وقد تم الإعلان عن المبادرة الخاصة بإنشاء الوكالة المصرية للمشاركة من أجل التنمية إلا تأكيدا لهذا التوجه حيث أن الوكالة الجديدة ستوجه أنشطتها للدول الأفريقية الشقيقة بالأساس, وكما ذكرت سأبدأ قريبا جولات افريقية مع عدد من الزملاء أعضاء مجلس الوزراء.
هل تعتبرون أن التقارب الأمريكي الإيراني له تأثيرات سلبية علي مصر ودورها الإقليمي؟ وهل تأخذ مصر خطوات للتقارب مع إيران في المرحلة الحالية؟
أولا, أنا لا أخشي علي دور مصر الإقليمي بسبب أي تقارب أو حتي توافق هنا أو هناك. والدور المصري في المنطقة لا يتأثر جذريا بقرارات يتخذها آخرون, بل بمدي اهتمام مصر بالوجود والتأثير وممارسة دورها التاريخي, ثانيا, مصر سبق أن أعلنت أنها تقوم بتقييم علاقاتها الخارجية وفقا لمعيار المصلحة الوطنية المصرية, ولا نحذو في ذلك حذو أحد ولا نتبع خطاه. ونحن لا نرفض الحوار مع إيران وإنما نتطلع إليه علي أسس واضحة من المصارحة, وهناك قضايا ثنائية عديدة, وأخري إقليمية لها أهمية أيضا وعلي رأسها السياسة والمواقف الإيرانية في الخليج العربي والمشرق لأن دولها تشترك مع مصر في الهوية العربية والمصير المشترك.
ما تقييمكم للموقف الأمريكي تجاه التطورات في مصر والإشارة إلي مصر في خطاب الرئيس أوباما؟ وكيف ترون العلاقات مع الولايات المتحدة في المرحلة الحالية خاصة بعد قرارها بتعليق بعض المساعدات العسكرية لمصر؟
تشهد العلاقات المصرية الأمريكية تغيرا وتمر بحالة من عدم الاتزان منذ1996, عندما خالفت إدارة الرئيس كلينتون التزاما أمريكيا سابقا بان تكون القوات المسلحة المصرية أولي المؤسسات العسكرية في المنطقة العربية المتلقية للتكنولوجيا العسكرية الحديثة, وكان هذا بمثابة رد فعل أمريكي علي مساندة مصر للرئيس عرفات والشعب الفلسطيني في مفاوضات صعبة مع إسرائيل. واهتزت هذه العلاقات مرة أخري في أعقاب احداث11 سبتمبر2001, وسياسات الرئيس بوش الابن, خاصة مع محاولات البعض داخل إدارته إعادة رسم خريطة المنطقة العربية.
ثم اهتزت هذه العلاقات ايجابيا مع صحوة الشعب المصري بثورة25 يناير2011, لأنها أعادت إلي مصر احترامها وقدرا كبيرا من ثقلها السياسي, فأعلن الرئيس أوباما انبهاره بالشباب المصري قبل أن يتساءل علنا بعد ذلك عما إذا كانت مصر صديقا للولايات المتحدة. ثم اخيرا بعد الثورة التصحيحية في30 يونيو2013 أعلن الرئيس أوباما أن التطورات المصرية لا تسمح باستمرار إدارة العلاقات المصرية الأمريكية بنفس النمط الماضي وكأن شيئا لم يحدث, وتبع ذلك خطاب الرئيس أوباما في الجمعية العامة للأمم المتحدة, والذي شمل بعض الجوانب الايجابية خاصة اعترافه بصوت الشعب المصري, وهو ما قوبل باستحسان من الرأي العام المصري, ومع هذا عبرت من جانبي عن تحفظات علي بعض جوانب من الخطاب بل ووصفت العلاقة المصرية الأمريكية حينذاك بأنها مضطربة. قصدت شرح كل ذلك لأوضح أن حالة عدم الاستقرار التي تسود العلاقات ليست وليدة اليوم, أو فقط بسبب قرار أمريكي غير صائب بالتأجيل المؤقت للوفاء ببعض جوانب المساعدات الأمريكية لمصر, والحقيقة إن المشكلة تعود لما قبل ذلك بكثير, وسببها أن اعتماد مصر علي المساعدات الأمريكية طوال ثلاثين عاما جعلنا نختار البديل السهل ولا ننوع خيارتنا, كما أن توفير هذه المساعدات علي مدي ثلاثة عقود دفع الولايات المتحدة إلي المبالغة في الافتراض خطأ بأن علي مصر التماشي دائما مع سياساتها وأهدافها. وأدي ذلك إلي سوء تقدير من كليهما بمصالحهما واضطراب العلاقات كلما اختلفا حول مواقف محددة. ولم افاجأ بالموقف الامريكي الأخير للأسباب التي شرحتها خلال مراحل منذ منتصف التسعينيات, وكذلك لان الرئيس اوباما ذكر لي شخصيا ما كان يعتزم قوله في بيانه أمام الجمعية العامة قبل ذلك بيوم, كما أبلغتنا الخارجية الأمريكية بالقرار الخاص بالمساعدات قبل صدور البيان الأمريكي الأخير, كما تم إبلاغ الفريق أول السيسي به من نظيره الأمريكي هيجل. ازاء كل ذلك جاء الرد المصري كما ورد في بيان وزارة الخارجية بأن القرار الامريكي غير صائب من حيث المضمون والتوقيت, وان مصر ستؤمن احتياجاتها المرتبطة بأمنها القومي بشكل مستقر ومتواصل, فنحن الان في مرحلة حساسة تعكس حالة اضطراب في العلاقات ومن يقول غير ذلك ليس صادقا في قوله.
حرية القرار المصري
ومما يجعل الاضطراب الحالي في العلاقات اكثر خطورة مما مضي انه يأتي في مرحلة دقيقة في تاريخ مصر بل مرحلة بالغة الحرج في مستقبل الشرق الأوسط بأكمله, فنجاح مصر, وهو قادم, سيكون نجاحا للمنطقة, وامتداد مرحلة عدم الاستقرار سينعكس سلبا علي المنطقة بأكملها, بما فيها المصالح الأمريكية. في نفس الوقت لا أشعر بقلق كبير من هذا الاضطراب الحالي في العلاقات, فالشعب المصري لن يتردد في تحمل تباعات الموقف حفاظا علي حرية قراره بعد ثورتين إذا وصل الأمر إلي ذلك, كما أن صحوة الشعب المصري ستدفع مختلف دول العالم إلي مراجعة موقفها, وتقدير أمورها والتعامل معنا باحترام وندية أكبر خاصة مع نجاحنا في بناء دولتنا الديمقراطية, بل أضيف علي ذلك أن حالة الاضطراب هذه ستخدم البلدين مصر والولايات المتحدة لأن كليهما سيعيد حساباته ويقدران علاقاتهما بشكل أفضل مستقبلا. فالولايات المتحدة ستظل تهتم وتتعامل مع مصر لأنها قلب وعقل العالم العربي, وستهتم مصر وستتعامل مع الولايات المتحدة لأنها الدولة العظمي الرئيسية في العالم, وقد أكدت الدولتان ذلك في بياناتهما المختلفة في الأسابيع الأخيرة ارتباطا بمسألة المساعدات الأمريكية لمصر. وكخطوة مبدئية أولي لتقويم الموقف, اري أهمية إجراء كل من الجانبين تقدير موقف وتقييم وطني داخلي لعلاقة كل منهما بالآخر, علي ان يتبع ذلك إجراء حوار مصري أمريكي رسمي حول علاقاتهما المستقبلية, لأن العلاقات مهمة لكليهما وكانت مفيدة لهما في جوانب كثيرة, وسيظل الامر كذلك, وإنما ستشهد العلاقات تغيرا سواء رضينا أم أبينا كما ساعمل علي تحقيقه بصرف النظر عن مسألة المساعدات, فمن مصلحة كل منهما حسن إدارة علاقاته بالآخر. ومرة أخري أكرر ان هذا كان موقفي حتي قبل انضمامي للحكومة وتعييني وزيرا, وهو ما ذكرته في أول مؤتمر صحفي لي.
هل تتجه السياسة الخارجية المصرية نحو الشرق من خلال تعزيز العلاقات مع موسكو؟
تتجه السياسة الخارجية المصرية إلي التنوع الدولي شرقا وغربا شمالا وجنوبا مع الدول المؤثرة سياسيا الآن ومستقبلا في إطار تفكير استراتيجي, مع تقدير واعي لاحتياجاتنا وتوجه مستقبلي طموح, والسياسة الخارجية الفاعلة لأي دولة تسعي دوما لتنويع وتوسيع البدائل والخيارات أمامها. وفي أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو أصبح من المحتم أن تكون علاقاتنا بالخارج علاقة بين شركاء حقيقيين, وذلك من منطلق توسيع البدائل المتاحة تعظيما للمصالح الوطنية المصرية وليس بهدف استبدال طرف دولي بطرف آخر. هذا هو ما دفعنا إلي إعادة توثيق العلاقات مع روسيا, وهي علاقات لها جذور عميقة, وكذلك تنويع العلاقات مع القوي الاقتصادية البازغة. ولا يجب أبدا أن نعتبر أن تعزيز العلاقات مع دولة ما يأتي علي حساب دولة أخري, فسياسة مصر الخارجية تتسم بالنضج والتعقل وعدم الانسياق وراء انفعالات مؤقتة, كما أننا لا ننتهج سياسة المحاور أو التحالفات الموجهة ضد أطراف أخري لا علي المستوي الإقليمي ولا الدولي. فالعلاقات مع روسيا في حد ذاتها للطرفين. وأتوقع أن تشهد الفترة القادمة تبادل الزيارات والمزيد من التعاون بين البلدين في مجالات الاستثمار والتبادل التجاري والسياحي والتعاون الأمني, وذلك بما يضمن تأمين كافة الاحتياجات الضرورية للبلاد, وستكون هناك تحركات أخري مدروسة للاستفادة من علاقاتنا مع قوي إقليمية ودولية أخري.
سحبت مصر سفيريها من تونس وتركيا ولم تتخذ نفس الإجراء مع قطر.. كيف تفسرون ذلك؟
كمبدأ عام نسعي للحفاظ علي علاقات جيدة مع الدول طالما لايوجد تناحر في المصالح حتي إذا كان هناك تباين في الأولويات بين الحين والآخر, في هذا السياق نتعامل مع كل دولة كحالة مستقلة أخذا في الاعتبار ما يربطنا بها من علاقات تاريخية أو مشاركة في الهوية أو مصالح ترتبط بالأمن القومي المصري أو غير ذلك.إنما مع الكل ما نرفضه بتاتا هو المساس بمصلحة الأمن القومي المصري أو بالكرامة المصرية.. هذه خطوط حمراء تتخذ بالنسبة لها مواقف محددة أهم وأقوي من تبادل تصريحات. نحن نقبل التنافس المشروع واختلاف الرؤي بين الحين والأخر, تونس وقطر بيننا وبينهم علاقات هوية, نحن عرب وهذا يجمعنا الآن وسيظل يجمعنا مستقبلا. ما أزعجنا في الموقف التونسي ما صدر من رئيس الدولة في محفل دولي فاتخذنا موقف بسحب السفير ونأمل أن تعود الأمور إلي نصابها الطبيعي إذا ظلت المواقف تتطور في الطريق الإيجابي المعتاد.
افتراءات قناة الجزيرة
اما بالنسبة لقطر فإننا ايضا نرتبط بعلاقات الهوية وهي ما تجعلنا نتريث كثيرا فيما نتخذه من إجراءات, ونسعي دائما للوصول إلي حلول للمشاكل وإعادة تقويم للمواقف.. مهما كانت حدة التوترات فيما بيننا.. إنما الموقف هنا أكثر تعقيدا منه بالنسبة لتونس لأن له خلفية أمتدت أكثر من ثلاث سنوات للوراء, كما أن قطر أعلنت مواقف رسمية من الشأن الداخلي المصري بعد ثورة30 يونيو كان لنا بالنسبة لها تحفظات شديدة لانها تتعارض مع صوت ورأي الشعب المصري.هناك مجموعة من القضايا التي سببت انزعاجا مصريا وتحتاج إلي توضيح من الجانب القطري الذي ينفي أنه طرفا فيها, ورغم أن الحكومة القطرية تنفي صلاتها أو تأثيرها علي قناة الجزيرة, فالرأي العام العربي غير مقتنع بذلك, لذا تؤثر افتراءات القناة وعرضها المغرض المسيس والمتعمد للأحداث علي علاقات قطر بالدول العربية والأجنبية بما في ذلك مصر. ومن ثم فهناك مجموعة ملفات تحتاج لمعالجة مختلفة وبناءة وبشكل عاجل ودون تأخير من قبل قطر حتي تستقيم علاقاتها مع مصر وهو في مصلحة قطر بقدر ما هو في مصلحة مصر. بل أضيف أنه من الخطورة بمكان استعداء الشعب المصري الذي يشكل ربع العالم العربي.
تركيا.. لا أود إعادة سرد الإجراءات التي إتخذناها كرد فعل للمواقف التركية وهي كثيرة وكلها مازالت قائمة ودون تغيير..إن مايربطنا بتركيا علاقات مصالح وجوار دون الاشتراك في الهوية, وعلاقتنا بالشعب التركي مهمة وستظل مهمة للجانبين. إنما علاقة تركيا بمصر مهمة ليس فقط علي المستوي الثنائي وكذلك في العلاقات التركية العربية بصفة عامة, بمعني أن مايمس المصالح المصرية يمس المصالح العربية العامة, وأن مدخل تركيا للرأي العام العربي هو من خلال الشعب المصري والتجاوب مع طموحاته وقراراته.
طرحتم في بيانكم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل, فما هي دوافع إطلاق هذه المبادرة في هذا التوقيت وفرص نجاحها؟
لا شك أن بناء شرق أوسط جديد يتطلب, بالإضافة إلي انسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية التي احتلتها عام1967, تناول قضايا الأمن الدولي وفي مقدمتها الأمن النووي من أجل ضمان الحق في الأمن المتساوي والتخلص من التهديدات التي يمثلها وجود هذه الأسلحة في منطقتنا بما يهدد مصداقية نظام منع الانتشار بل ومصداقية الأمم المتحدة ذاتها. في ضوء ذلك كنت حريصا علي أن أطلق من علي منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة محددة العناصر تتمثل في دعوة جميع دول الشرق الأوسط, وكذلك الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن لإيداع خطابات رسمية لدي السكرتير العام للأمم المتحدة قبل نهاية العام, بتأييدها لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل النووية والكيميائية والبيولوجية, ثم تقوم دول المنطقة غير الموقعة أو المصادقة علي أي من المعاهدات الدولية الخاصة بأسلحة الدمار الشامل أن تلتزم, قبل نهاية العام الجاري أيضا بإيداع خطابات لدي مجلس الأمن والسكرتير العام بموافقتها علي الانضمام إلي المعاهدات ذات الصلة بشكل متزامن. وقد تابعت ذلك شخصيا بمخاطبة السكرتير العام للأمم المتحدة بتنسيق اتخاذ كل هذه الخطوات مع الدول المعنية.
وقد أوضحت في هذه المبادرة أنه لضمان نجاحها, فيتعين انضمام إسرائيل إلي معاهدة منع الانتشار النووي كدولة غير نووية وتصديقها علي اتفاقية الأسلحة الكيميائية وتصديقها علي اتفاقية الأسلحة البيولوجية; وتصديق سوريا علي اتفاقية الأسلحة البيولوجية. واستكمال الخطوات التي تعهدت بها بشأن اتفاقية الأسلحة الكيميائية; وأشرت إلي أنه مع تحقيق الخطوتين السابقتين تقوم مصر بالتصديق علي معاهدة اتفاقية الأسلحة البيولوجية والتصديق علي اتفاقية الأسلحة الكيمائية, وذلك مقابل استكمال كافة دول الشرق الأوسط إجراءات الانضمام للمعاهدات الدولية, لحظر أسلحة الدمار الشامل والمعاهدات والترتيبات المتصلة بها.
ولحين تحقيق ذلك, فإن الدبلوماسية المصرية ستواصل جهودها علي المستويين الإقليمي والدولي لضمان سرعة انعقاد المؤتمر المؤجل عام2012 لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ليتم عقده قبل نهاية هذا العام وكحد أقصي في ربيع عام.2014 أما عن فرص نجاح هذه المبادرة فهي تتوقف علي عدة عوامل مهمة في مقدمتها توافر الإرادة السياسية لدي دول المنطقة المعنية وفي مقدمتها إسرائيل للوفاء بالتزاماتها الواردة في عناصر المبادرة, فضلا عن وجود جدية من جانب المجتمع الدولي للاضطلاع بمسئولياته خاصة فيما يتعلق بتأكيد عالمية معاهدة منع الانتشار النووي والإصرار علي جهود إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل النووية والكيميائية والبيولوجية.
أخيرا, لاحظنا تحركات جديدة تمثلت في لقاءات لكم مع ممثلين عن المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والمثقفين كما أشركتم ممثلين عن الشباب في الوفد الرسمي المشارك في أعمال الدورة68 للجمعية العامة للأمم المتحدة, بل دعمتم إرسال وفود غير رسمية للخارج, فهل هذا يعني تغيرا في الدبلوماسية التقليدية وأدواتها وهل لذلك علاقة بثورتي25 يناير و30 يونيو وتسليم بدور الشباب والمجتمع المدني فيهما؟
لا شك أن السياسة الخارجية لأي دولة ديمقراطية حقيقية لا بد أن تكون إنعكاسا لمجتمع هذه الدولة بكل مكوناته من شباب ومجتمع مدني ومنظمات حقوقية, لذا كنت حريصا منذ تكليفي بمهام هذا المنصب بأن يكون هناك تواصل بل وإشراك مستمر ومباشر من جانب وزارة الخارجية وجميع فئات المجتمع المصري سواء من الشباب الذي أطلق شرارة الثورتين والمرأة التي تمثل نصف المجتمع, فضلا عن جميع الرموز الوطنية من مثقفين وقادة رأي. وكان هذا طبيعيا حتي تكون السياسة الخارجية لمصر بعد الثورة تجسيدا لإرادة الشعب بمختلف أطيافه ومكوناته.
وكان من الطبيعي قيام وفود غير رسمية تمثل الشعب المصري بزيارات متكررة للخارج لشرح حقيقة الأوضاع في مصر ونقل الصورة الصحيحة للعالم الخارجي من ممثلي الشعب المصري مباشرة, وذلك بجانب الدور الرسمي المنوط بوزارة الخارجية وسفاراتها وقنصلياتها في الخارج. وأود أن أسجل هنا اعتزازي وتقديري بالدور المهم الذي قام به ممثلو المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية وقادة الفكر والرأي في مصر في الدفاع عن الثورة المصرية وحمايتها في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.