اتخذ البنك المركزي المصري قرارًا تاريخيًا بتحرير سعر الصرف، الأمر الذي كان قد أحدث حالة من الارتباك في الشارع المصري حول مدي قدرة هذه الخطوة الجريئة علي تحقيق نفع للاقتصاد أو الإضرار به، ورغم أن القرار لم يكن مفاجأة للجميع، بل كانت هناك خطوات مسبقة تبشر بأن البنك المركزي سيتخذ هذا القرار، تطبيقا لشروط صندوق النقد الدولي للحصول علي القرض، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، إلا أن حالة الارتباك هذه سيطرت علي كافة التعاملات الاقتصادية خلال الأسبوع الأخير. »آخر ساعة»، التقت عددا من الخبراء والاقتصاديين لطرح مجموعة من الحلول الكفيلة بالقضاء علي تلك البلبلة التي أحدثها القرار الأخير.. أولًا- القضاء علي السوق السوداء يقول الخبير الاقتصادي، وائل أمين، إن القرار يعد ضربة قاصمة للسوق السوداء، لأنه سينهي عليها تماما ،لانه حول البنوك إلي شركات صرافة، كما أنه سيعمل علي تحقيق التوازن بين المعروض والمطلوب من الدولار، مشيرًا إلي أن القرار سيعمل علي تحقيق خسائر كبيرة للمضاربين علي العملة،خاصة بعد قرار المركزي بتعويم الجنيه بشكل كامل، مشيرا إلي أنه من المتوقع أن تختفي السوق السوداء بشكل كامل خلال الفترة القادمة. ثانيًا- وقف نزيف البورصة عمرو صابر، خبير اقتصادي، قال إن قرار المركزي بتعويم الجنيه عاد بالإيجاب علي البورصة المصرية، وتمكن السوق من تحقيق مكاسب كبيرة جراء هذا القرار، حيث سجلت مؤشرات البورصة المصرية ارتفاعات جماعية لدي إغلاق تعاملات الأسبوع الماضي وسط عمليات شراء واسعة من قبل المؤسسات وصناديق الاستثمار الأجنبية والعربية، وربح رأس مال السوق لأسهم الشركات المقيدة بالبورصة نحو 11.5 مليار جنيه ليبلغ مستوي 428.7 مليار جنيه، وسط تعاملات بلغت نحو 1.6 مليار جنيه. أضاف، أن التفاؤل قد ساد أوساط المستثمرين بالبورصة بعد قرار البنك المركزي، في ظل التفاؤل بالقدرة علي جذب استثمارات جديدة خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلي عودة الثقة من جانب المستثمر الأجنبي في الاقتصاد المصري، وأوضح أنه من المتوقع أن يحقق السوق مكاسب أكبر خلال الفترة القادمة بعد الحصول علي قرض الصندوق، وجذب استثمارات أجنبية خلال الفترة القادمة. ثالثًا- تعزيز الاحتياطي النقدي يقول الخبير الاقتصادي مختار الشريف، إن القرار سيعزز من الاحتياطي النقدي لدي البنك المركزي خلال الفترة القادمة، خاصة في ظل تصريحات محافظ البنك المركزي طارق عامر أنه من المتوقع زيادة الاحتياطي النقدي بمقدار 6 مليارات دولار خلال الأشهر القادمة، مشيراً إلي أن الاحتياطي النقدي كان قد فقد الكثير من قيمته خلال الفترة الماضية، نتيجة هروب الاستثمارات الأجنبية من البلاد، بالإضافة إلي الأوضاع الاقتصادية السلبية، وتوقف الاستثمارات، وارتفاع معدلات التضخم، مما أثر علي أداء الاحتياطي النقدي خلال الفترة الماضية، ولكن القرار سيساهم خلال الفترة القادمة في تعزيز الاحتياطي مرة أخري. وأشار إلي أنه من المتوقع أن تنجح الحكومة في جذب استثمارات أجنبية خلال الفترة القادمة، مما سيؤثر علي أداء الاقتصاد المصري بالإيجاب، بالإضافة إلي جذب مؤسسات دولية للاستثمار في السوق المصرية، والاستثمار في أذون الخزان المصرية، مما سيعزز من أداء الاقتصاد المصري خلال السنوات القليلة القادمة. رابعًا- سد عجز الموازنة الخبير الاقتصادي محمد سعيد، قال إن قرار تحرير سعر الصرف سيساهم في سد عجز الموازنة بعد الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي، خاصة في ظل ارتفاع الفجوة التمويلية للموازنة خلال الفترة الماضية في ظل ارتفاع معدلات التضخم، إضافة إلي ارتفاع الأسعار بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وأشار إلي أن الاقتصاد المصري يعاني منذ فترة طويلة من عدد من المشاكل نتيجة تراكم الديون الداخلية، وارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، بالإضافة إلي ارتفاع نسب البطالة. خامسًا- محاربة غلاء الأسعار وأوضح أن المخاوف تكمن في أنه قد تشهد الفترة القادمة مزيدا من ارتفاع بعض السلع، علي الرغم من انخفاض أسعار بعض السلع الأخري مثل انخفاض أسعار الأسمنت، كما أنه من المتوقع أن تنخفض أسعار السيارات في الفترة القادمة. أضاف، أن كل قرار يكون له مزاياه وعيوبه، وعلينا أن نتحمل الجانبين للمرور من الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها الآن، فعلي الرغم من أن القرار قد يؤدي إلي ارتفاع في أسعار بعض السلع،إلا أن أسعار سلع أخري قد تشهد انخفاضا . سادسًا- تشجيع الاستثمار يقول الخبير الاقتصادي، محمود عبدالشافي، إن قرار المركزي بتحرير سعر الصرف له مزايا علي الرغم من عيوبه، فإن هذا القرار سيساهم في توفير الدولار بما سيساعد علي شراء احتياجات مصر من السلع، كما أنه سيساهم بشكل كبير في القضاء علي المضاربات التي تحدث داخل السوق. وأكد أنه سيساهم في تشجيع المستثمرين علي الاستثمار في مصر، مما سيساعد علي تعزيز أداء الاقتصاد خلال الفترة القادمة، وتجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها الآن، ونأمل أن تنجح الحكومة في إدارة الأزمة الحالية بشكل سليم. وأوضح أن قرار تعويم العملة يحتاج إلي حكومة تتمتع بكفاءة كبيرة لكي تنجح في إدارة الأزمة، حتي لا ينعكس القرار بالسلب علي الاقتصاد، مشيرا إلي أن مصر ليست الدولة الأولي في العالم التي تقوم بتحرير سعر صرف عملتها، بل إن هناك العديد من الدول التي قامت بهذه الخطوة. ونصح الحكومة بإدارة الفترة الحالية بشكل جيد، لحين الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي حتي تتمكن مصر من العبور من الفترة العصيبة التي نعيشها الآن، علي الرغم من العقبات التي قد نواجهها خلال الفترة القادمة، ولكن الاقتصاد المصري قادر علي النمو وتخطي الصعاب.