سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إجراءات الخميس «الاضطرارية».. وقرارات الجمعة »الضرورية« مطلوب إصدار »الضريبة التصاعدية« لإكمال الإصلاح وتحقيق التوازن في الأعباء بعد تحرير سعر الصرف.. متي يعيد أصحاب الأرصدة ملياراتهم من الخارج إلي مصر؟!
ليس في الأمر مباغتة للجماهير. أقصد إصدار قرارات الخميس الاقتصادية الصعبة. المواطنون كانوا يتوقعون، والإعلام كان يمهد، ومجتمع الأعمال كان يترقب. الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه تحدث في الآونة الأخيرة أكثر من مرة، عن حتمية اتخاذ إجراءات إصلاح اقتصادي صعبة، لا بديل عنها للخروج بالبلاد من عنق الزجاجة، ولا غني عنها للاستشفاء من مرض مزمن ألم بالاقتصاد منذ عقود، وأحجمت الحكومات المتعاقبة عن الإقدام عليها. سمعناه في لقائنا معه -رؤساء تحرير الصحف القومية- ونشرنا كلامه حرفياً وأبرزناه في عناوين الحوار. بعدها.. تكلم في المؤتمر الوطني للشباب بشرم الشيخ في أكثر من مداخلة، أهمها تلك التي كانت في الجلسة الخاصة بالسياسات النقدية وأزمة سعر الصرف. يومها قال الرئيس تحديداً: لابد أن نعتمد علي أنفسنا، وعلينا أن نتحلي بالصبر وأن نتحمل. ثم خاطب الشعب قائلاً: »عندما طلبتم مني أن أقف بجانبكم لم أتردد لحظة، وحان الوقت لكي تقفوا بجانبي». هذه العبارة بالأخص، كان يقصد بها الرئيس أن يقول: ثقوا في قراراتي، وقفوا بجانبي، لنتمكن معاً من إخراج بلادنا من عنق الزجاجة ثم الانطلاق بها. ربما المفاجأة في قرارات الخميس، أنها أعُلنت كحزمة واحدة في يوم واحد. صباحاً.. بقرار البنك المركزي تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية. وليلاً.. بقرار الحكومة رفع سعر المحروقات بجميع أنواعها بنسب مختلفة. وربما المفاجأة الأكبر هي توقيت هذه القرارات، فالغالبية الكاسحة كانت تتوقعها بعد مضي يوم 11 نوفمبر، الذي دعت جماعة الإخوان للتظاهر فيه ضد الدولة والنظام. كغيري من المتابعين والمهتمين، كنت أتوقع صدور قرارات الإصلاح الاقتصادي في الأسابيع القليلة القادمة. كنت أثق أن الدعوة الإخوانية للتظاهر والعنف في هذا اليوم، ستلقي مصير سابقاتها من تجاهل شعبي واستخفاف جماهيري، لكني كنت ممن لا يتمنون صدور قرارات الإصلاح الاقتصادي قبل يوم (11/11) خشية أن تكون وقوداً يُستغل في تحريك دعوة ميتة. غير أني اعترف الآن، وأنا أكتب بعد 48 ساعة من هذه القرارات، أن إعلانها في هذا التوقيت، يعكس ثقة هائلة من جانب القيادة. ثقة بالنفس لا توقفها كوابح من تخوفات، عن المضي ما دام الدرب صحيحا والاتجاه سليماً. وثقة بالشعب، في وعيه الذي لا نظير له، وفي إدراكه لإخلاص قيادته، وفي قدرته علي تحمل المصاعب من أجل أبنائه وبلاده. أظن الرئيس ما كان ليقدم علي هذه الإجراءات، لولا أن اسمه عبدالفتاح السيسي. فهو لا يريد منصباً في مقابل إهدار أمانة، بل لا يرغب أصلاً في مسئولية، إلا إذا كان سينهض بها بما يرضي الله والوطن. لا يريد السيسي شعبية سنوات مدة رئاسية أولي أو ثانية، ثمنها أرض محروقة يتركها لخلفه يقلب يديه في خرائبها، بل لا يرغب أصلاً في شعبية تتأسس علي خداع شعب في حاضره، وخديعة أمة في مستقبلها. .. وأظن الشعب ما كان ليتقبل تلك الإجراءات من رئيس -ولو علي مضض وعسر- لولا أنه عبدالفتاح السيسي.