أكد رؤساء جمعيات المستثمرين أن المبادرة تحتاج حزمة إجراءات رقابية من قبل الدولة حتي تنجح في تحقيق أهدافها، كما أن المباردة تأتي في إطار توجه الدولة الآن نحو محاربة السوق السوداء والتي ساهمت بشدة خلال الفترة الماضية في رفع سعر الدولار بشكل يومي، مشيرين إلي أنها نجحت بعد ساعات قليلة من إطلاقها في خفض سعر الدولار بمقدار جنيهين في السوق. وقال د.سمير عارف، رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، إن توصيات الغرف التجارية يمكن أن توقف الارتفاع الجنوني في سعر الدولار، إلا أن ذلك يحتاج أن يكون هناك حزمة إجراءات حكومية من البنك المركزي ووزارة المالية وكافة الجهات المعنية للسيطرة علي سعر الدولار ومنع التلاعب به من قبل مكاتب الصرافة والسوق السوداء. وأشار إلي أن هناك تكتلات الآن من قبل البعض من أجل استمرار الدولار في الارتفاع من أجل تحقيق مصالح خاصة، وهو ما يستدعي رقابة محكمة من قبل الدولة وأن يكون العمل من خلال منظومة متكاملة وليس اتحاد الغرف فقط، مشيرا إلي أن البسطاء من المواطنين الآن يقومون بشراء الدولار بأي مبالغ يمتلكونها ويخزنوه من أجل إعادة بيعه خلال أيام أو أسابيع وتحقيق أرباح كبيرة وبالتالي يجب تجريم هذا الأمر تماما. وأشار إلي أن الرقابة هي الضامن الوحيد لنجاح المبادرة حيث إنها ليست المرة الأولي التي يكون هناك محاولات للسيطرة علي الوضع وتوفير عملة أجنبية بأي طريق. فيما قال عرفات راشد، رئيس جمعية مستثمري السادات، إن كافة المستثمرين لديهم التزامات مع البنوك والخطوط الملاحية والموانئ وبالتالي لا يمكنهم التوقف عن شراء الدولار يوما واحدا، وطالما أن الدولار غير موجود بالقدر الكافي في البنوك فإنهم سيضطرون إلي البحث عنه في السوق السوداء بأي سعر لإنهاء أعمالهم لأن الجهات التي يتم التعامل معها أيضا لن تتوقف عن المطالبة بحقوقها، فالبنوك علي سبيل المثال لن توقف الفائدة أو تحصيل مستحقاتها من المستثمرين 15 يوما. وأشار إلي أن هذه التوصيات تصب في صالح فئة معينة دون المصلحة العامة، وبالتالي يجب علي أي جهة عندما تقترح حلولا للأزمات التي نعاني منها أن تكون قابلة للتطبيق ومن منظور أوسع حتي لا تتحول هذه الحلول إلي أعباء إضافية علي المستثمرين. ومن جانبه قال بهاء العادلي، رئيس جمعية مستثمري بدر، إن نوايا المبادرة جيدة لكنها غير عملية علي الإطلاق ولا يمكن الاعتماد عليها، حيث إنه لا يوجد آلية محددة لتنفيذها ولا يمكن إلزام أي تاجر بالعمل وفقا لها، مشيرا إلي أن النوايا لا تصنع حلولا للمشكلات ولكن لابد من وجود إجراءات دقيقة وفعالة للقضاء علي الأزمات بشكل كامل وليس مجرد مسكنات. وأضاف أن الطلب علي العملة لا يكون للاستيراد فقط ولكنه يدخل في كافة المجالات الصناعية والتجارية والزراعية وبالتالي لا يمكن منع أحد من شراء العملة طالما أنه في احتياج لها، مؤكدا أن منع الاستيراد سيتسبب في وقف الإنتاج لأن هناك خامات وآلات ومستلزمات إنتاج يتم استيرادها بشكل دوري ولا يمكن أن تتوقف علي لإطلاق. الصناع: المبادرة ستنجح بتفعيل الرقابة أكد الصناع ورجال الأعمال أن مبادرة اتحاد الغرف التجارية ستنجح في تحقيق أهدافها وفقا لشروط والتزمات معينة يتفق عليها الجميع، لكنهم أكدوا في الوقت نفسه أنه لا يمكن إيقاف أحد عن شراء الدولار أو عدم استيراد السلع الخاصة بمنشآته التجارية والصناعية لأي مدة، كما أنه لا يمكن أيضا عدم استيراد مستلزمات الإنتاج التي تقوم بتشغيل المصانع حتي لا تتوقف عن العمل. أوضح أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، أن الغرف لا تصدر قرارات، ولكنه مجرد ميثاق شرف بين كل المتعاملين بالدولار سواء صناعة أو زراعة أو تجارة أو أدوية، فهذه التوصيات مجرد كلمة شرف بين التجار لمواجهة الارتفاع المبالغ فيه لسعر الدولار وسيؤثر علي كل السلع. وأضاف أن التوصيات سيلتزم بها من لا يحتاج للاستيراد في الوقت الحالي، أما من لديه التزام وتعاقدات سيواصل الاستيراد لأنه لا يمكن أن يوقف العل الخاص به، مشيرا إلي أن العمل بها قد يمتد لما هو أطول من الفترة المحددة إذا نجحت في خفض سعر الدولار بالسوق، مؤكدا أن التوصيات فيها مصلحة للجميع سواء الدولة أو القطاع الخاص، وستكون السوق السوداء هي الخاسر الوحيد فقط. بينما ذكر د.شريف الجبلي رئيس لجنة تسيير مكتب الالتزام البيئي والتنمية المستدامة باتحاد الصناعات المصرية، أن الاستيراد شيء أساسي للصناعة والاستثمار ولا يمكن أن يتوقف أياما أو شهورا لأنه بدون الاستيراد ستتوقف كثير من المصانع عن العمل والانتاج وهو ما يزيد من تفاقم الأزمات الاقتصادية. وأضاف أن نجاح هذه المبادرة يتوقف بالأساس علي مدي نجاح البنوك في توفير العملة الصعبة لرجال الصناعة لأنه إذا لم يحدث ذلك سيضطر الصناع إلي التعامل مع السوق السوداء. وأضاف خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، أنه لو التزم 50 % فقط من المستوردين بهذه التوصيات خلال الشهور الثلاثة المقبلة ستكون هناك نتائج إيجابية علي الاقتصاد القومي وستتلاشي أزمة الدولار بشكل كبير، مؤكدا أن التجار والمستوردين يعتمدون بشكل أساسي علي الدولار في كافة تعاملاتهم وبالتالي هم المستفيد الأكبر من هذه التوصيات. وأضاف أن شركات القطاع تعتمد بشكل رئيسي علي السوق الموازي لتدبير احتياجاتها الدولارية اللازمة لاستيراد المواد الخام، مشيرا إلي أن المصانع التي تعتمد علي الخامات المحلية تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، لكن النسبة الأكبر من الصناع يعتمدون علي المواد الخام المستوردة لمواصلة الإنتاج. قال وليد هلال، نائب رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، إن اتحاد الغرف التجارية لا يملك أي آلية لتطبيق هذه التوصيات ولن يتمكنوا بطبيعة الحال من إجبار أي مستورد علي العمل بها، مشيرا إلي أن هناك مصالح خاصة تحرك المباردة، حيث إن بعض المستوردين مخازنهم ممتلئة بالبضائع ويحتاجون إلي وقت لبيعها، كما أنهم لن يتمكنوا من استيراد أي كميات أخري قبل بيع ما يمتلكون. وأضاف أنه يتمني أن يتم وقف شراء الدولار من السوق السوداء نهائيا، وأن يقوم كافة المستوردين بمنع استيراد أي سلع كمالية غير ضرورية طالما أن لها بديلا في السوق. بينما قال هشام جزر، نائب رئيس المجلس التصديري للجلود، إن هذه التوصيات لن تحل الأزمة التي تعاني منها كافة القطاعات الصناعية، حيث إن الدولار لابد أن يكون تحت سيطرة الحكومة وليس مجتمع الأعمال أيا كان انتاجه أو تصديره للخارج، فالحكومة هي المسؤول الأول والأخير عن تحديد سعر الدولار في السوق، وعليها ألا تتركه في يدر رجال الأعمال لأنهم بطبيعة الحال يسعون إلي تحقيق أقصي استفادة ممكنة لهم. وأضاف أن الدولار هو الحياة بالنسبة للاقتصاد المصري، فهو ليس مجرد بيع وشراء فقط بل إنه يتم شراء كافة الاحتياجات التي تخص الصناعة والزراعة والتجارة والأدوية والملابس، وبالتالي فإن مجتمع الأعمال غير مطالب بتحديد السعر لكنها مسئولية الحكومة.