ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    نجم الزمالك السابق: فترة الإعداد "مثالية"..والصفقات جيدة وتحتاج إلى وقت    خبر صادم لأنغام.. رائحة كريهة تقود لجثة عمها ومباحث الجيزة تكشف المستور    يواصل التراجع.. استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 2-8-2025 مع بداية تعاملات الأسبوع بعد الهبوط العالمي    القنوات الناقلة مباشر لمباراة العين ضد إلتشي الودية    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    الذهب يواصل الاستقرار.. استقرار سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 فى مصر.. واستمرار تراجع أسعار الدولار    بيان مهم بشأن تغير حالة الطقس اليوم: استقبال أمطار وكتلة هوائية معتدلة    محمد رمضان يحيي حفلاً جديدًا في الساحل الشمالي (فيديو)    مسئول إسرائيلي: الاتفاق الشامل في غزة غير قابل للتطبيق    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    رسميًا.. سون يعلن رحيله عن توتنهام هوتسبير    فلسطين.. جيش الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية نحو مدينة قلقيلية من مدخلها الشرقي    "تيسلا" مطالبة ب 242 مليون دولار كتعويض عن حادث مميت    الهضبة يوجه رسالة خاصة إلى عمرو مصطفى في حفله بالعلمين ومحمد لطفي يقتحم المسرح (فيديو)    من قلبي بغني، محمد حماقي يلهب حماس جمهور جرش في الليلة قبل الأخيرة للمهرجان (فيديو)    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم السبت 2-8-2025    سعر الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 2-8-2025 في أسواق الشرقية    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة ومؤشرات الحد الأدنى    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. هل يوم الإثنين إجازة رسمية؟    جريمة تهز سيوة.. مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة وإصابة ابنهم    3 أرقام مقلقة من وديات الزمالك قبل أسبوع من انطلاق الدوري    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب أفغانستان    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    تشميع محال وإحالة الواقعة للنيابة.. محافظ سوهاج يتخذ إجراءات رادعة بعد مشاجرة "حي شرق" – صور    يونس: محمد شحاتة قادر على التطور.. وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    نجاح علاج انسداد الشريان الحرقفي بمستشفى شرق المدينة بالإسكندرية    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    بينهم طفل.. إصابة أسرة كاملة في انقلاب دراجة نارية بالوادي الجديد    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    إصابة 5 عمال في مشاجرة بسوهاج لتنافس على الزبائن    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    "ظهور نجم الأهلي".. 10 صور من احتفال زوجة عماد متعب بعيد ميلاد ابنتهما    روسيا ومدغشقر تبحثان إمكانية إطلاق رحلات جوية بمشاركة شركات طيران إقليمية    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    2 جنيه زيادة فى أسعار «كوكاكولا مصر».. وتجار: «بيعوضوا الخسائر»    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأصيل النقد
‮ ‬الدراما التليفزيونية
نشر في أخبار الحوادث يوم 29 - 10 - 2016

صدر مؤخرا عن سلسلة‮ "‬آفاق السينما‮" ‬التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة‮ ‬الكتاب المهم‮ "‬الدراما التليفزيونية‮ .. ‬تحضير التاريخ‮ .. ‬تأريخ الحاضر‮" ‬للناقد الكبير د‮. ‬حسن عطية ولا تعود أهمية الكتاب لأهمية دور مؤلفه في المجال النقدي فقط،‮ ‬ولا لكونه أستاذا للدراما والنقد بأكاديمية الفنون فقط،‮ ‬فبالإضافة لهذا وذاك فإن المؤلف في كتابه هذا إنما‮ ‬يخوض في أرض بكر ويؤصل للمجال النقدي للدراما التليفزيونية،‮ ‬فإذا كان النقاد قد واكبوا بشكل أو بآخر بكتاباتهم النقدية الأعمال الدرامية السينمائية والمسرحية حتي سجلوا منجزات مضيئة علي مر معرفتنا الطويلة نوعا في هذين المجالين،‮ ‬كانت تخبو أحيانا وتضيء أحيانا أخري وفقا للمنحني الصاعد أو الهابط للمستوي الإبداعي في السينما والمسرح حيث‮ ‬يأتي النقد دائما تاليا‮ ‬للعملية الإبداعية،‮ ‬أمافي مجال الدراما التليفزيونية الوافدة إلينا حديثا نوعا ما لم تجد لها متحمسا من النقاد نظرا لما تتطلبه من متابعة طوال مدة عرضها التي تتجاوز أحيانا أكثر من ثلاثين‮ ‬يوما وهو أمر ليس باليسير،‮ ‬وبالتالي ظلت الدراما التلفزيونية فاقدة للمواكبة النقدية لها إلا من بعض كتابات صحفية متناثرة هنا وهناك‮ ‬تظل كتابات إنطباعية‮ ‬غير متخصصة تحتفي بالنجوم دون أن تتناول الأعمال بالتحليل والتأويل والتوجيه،‮ ‬إلي‮ ‬غير ذلك من الأدوار النقدية مما دفع بالدراما التليفزيونية أن تبتعد عن الواقع،‮ ‬وتغرد في سماوات افتراضية حتي انتبه إليها في منتصف ثمانينات القرن الفائت الناقد الراحل الدكتور"عبدالقادر القط‮" ‬إلا أن مشروعه لم‮ ‬يكتمل بوفاته،‮ ‬وبعد أكثر من عقدين تحظي باهتمام ناقد كبير مثل الدكتور"حسن عطية‮" ‬الذي‮ ‬يخوض مجالا‮ ‬يحتاج الي إسهامات نقدية واعية ومتخصصة بكتاباته في العديد من الصحف والمجلات الجادة،‮ ‬وأخيرا فاجأنا بكتابه هذا الذي‮ ‬يقع في مائة وثمانين صفحة من القطع المتوسط،‮ ‬ويصدره بمدخل طويل نوعا(اثنتي عشر صفحة‮) ‬يستعرض فيها بتكثيف شديد نظرية الدراما منذ أرسطو والمتمحورة في البناء الدرامي الذي جمع بداخله الحدث والشخصيات والمواقف محركا إياهم داخل الفعل الحاضر،‮ ‬وتتجزأ إلي وحدات مشهدية‮ ‬يمثل المشهد الواحد منها بنية صغري في البناء الدرامي الكلي تبرز داخله شخصية أو مجموعة من الشخصيات متفاعلة في مساحة مكانية محددة،‮ ‬تتشابك داخلها حول موقف محدد‮ ‬يطور ماسبقه من مشاهد ويمهد لما بعده للتقدم والنمو،‮ ‬فهو كل في ذاته،‮ ‬وجزء فاعل من العمل المسرحي،‮ ‬كما‮ ‬يشير إلي استفادة السينما من البناء الدرامي المسرحي،‮ ‬من حيث التأسيس علي حدث درامي‮ ‬ينمو متقدما في الزمن عبر مواقف،‮ ‬وتطوره بحركة شخصياته وحواراتها،‮ ‬مؤكدا علي أن الحدث المتكامل الأركان هو جوهر الدراما المرئية(مسرحية أو سينمائية أو تليفزيونية‮)‬،‮ ‬ويفرق بين اللقطة كوحدة في البناء السينمائي،‮ ‬بينما‮ ‬يمثل المشهد وحدة بناء في الدراما التليفزيونية المسلسلة،‮ ‬كما لم‮ ‬يزل الحوار بين‮ ‬شخصيات المسلسل هو الحامل لمادته وموضوعه ورسائله باعتباره عملا‮ ‬يصوغ‮ ‬حكاية في بناء درامي،‮ ‬ويؤكد المؤلف علي قدرة النماذج الكبري من الدراما التليفزيونية علي تجاوز فكرة التعبير عن واقعها المجتمعي في لحظته الزمنية،‮ ‬الي فكرة الخلود والتجدد عبر تغير الأزمنة والأمكنة،‮ ‬وتوجه الإبداع فيه إرادة المبدع الواعية بمجريات الأمور في مجتمعه،‮ ‬والساعية للتأثير في هذا المجتمع بصورة واضحة‮ ‬،‮ ‬نقدا منه لواقعه،‮ ‬وأملا في تغييره بغض النظر عن مسار التغيير،‮ ‬كما تشارك إرادته الكامنة بعمق عقله وضميره الفني في عملية الإبداع،‮ ‬واختيار الموضوعات وزوايا معالجتها،‮ ‬مما‮ ‬يجعل الإبداع الدرامي في مجمله مرآة لعصره،‮ ‬ووثيقة جمالية لمجتمعه،‮ ‬مع قدرة فذة علي الخلود ومخاطبة أزمنة ومجتمعات مغايرة،‮ ‬ومن هنا‮ ‬يؤكد المؤلف علي أهمية أن‮ ‬يكون مبدع الدراما مثقف متواصل مع واقعه الحي،‮ ‬ومتشابك مع قضاياه وهمومه،‮ ‬ومخاطب لمشاهديه بلغتهم وطرائق تعاملهم مع الحياة،‮ ‬ومشتبك معهم عبر سبل تلقيهم للرسائل العديدة الموجهة والمطاردة لهم من خلال كافة وسائط الإتصال،‮ ‬وينحو المؤلف تجاه الدراما التي تعتمد علي التاريخ إذ هي في تصديها لأفعال البشر في الماضي وإعادة صياغتها جماليا،‮ ‬تعمل علي تحضير التاريخ أمام متلقي اليوم،‮ ‬ليس بهدف بعثه،‮ ‬إنما‮ ‬يتناوله المبدع كتكئة للنظر في الفعل الآني الذي‮ ‬يتشابه مع فعل الأمس بفارق أن فعل الأمس قد اكتمل وحددت نهاياته مصائر شخصياته،‮ ‬أما فعل اليوم فتظهر مقدماته دون نتائجه مما‮ ‬يمنح المتلقي فرصة مد الخطوط بين ماهو واقع له وفيه ولنتائجه المختبئة في الزمن القادم فيعمل علي تغيير مسار الحدث الواقعي،‮ ‬ويجعل المستقبل قبض‮ ‬يديه‮.‬
والأمر كذلك من ناحية أخري حيث تعمل الدراما علي تأريخ الحاضر لمتلق قادم إذ تعمل علي توثيق ما تتصدي له من أفعال الحاضر فتجعل من العمل المبدع وثيقة جمالية نطالع عبرها اليوم أو‮ ‬غدا الواقع القائم،‮ ‬ولكن هذا‮ ‬العمل المبدع المتحول لوثيقة دالة علي زمنها‮ ‬يظل قراءة خاصة لمبدعه فردا كان أو جماعة‮.‬
بعد ذلك المدخل المهم الذي‮ ‬يقنن فيه المؤلف الدكتور"حسن عطية‮" ‬لنظرية الدراما التيفزيونية كوسيط مختلف عن الدراما المسرحية والسينمائية له عناصره وإمكاناته الخاصة به،‮ ‬ويمحور كتابه حول محورين أساسيين
1‮ ‬ الدراما وتحضير التاريخ
2‮ ‬ الدراما وتأريخ الواقع
في المحور الأول‮ ‬يرصد اهتمام الدراما التليفزيونية بإعادة صياغة التاريخ مؤكدا علي ضرورة عدم إحداث قطيعة معرفية مع الماضي‮ ‬،‮ ‬ونطرح عبر الدراما مانراه مناسبا للحاضر،‮ ‬إذ ليست مهمة الدراما التأريخ بل بناء عمل فني ممتع للوجدان ومفيد للعقل،‮ ‬ويتساءل عن‮ ‬غياب الدراما الدينية في‮ ‬غير المواسم الدينية،‮ ‬مرتئيا أن السبب‮ ‬يعود إلي خلط البعض بين الدراما الدينية والدراما التاريخية،معتبرين أن الدراما التاريخية تتعرض لكل حقب التاريخ،‮ ‬والدراما الدينية تتعرض لفترة صدر الإسلام أو لمراحل ظهور الأديان السماوية،‮ ‬غافلين عن أن التاريخية تتعرض للنسي من الأحداث بينما الدينية مهمتها أن تتعرض للكلي المطلق من القيم،‮ ‬وبالتالي لايجب أن تبث عبر التاريخية فقط،‮ ‬بل لابد‮ ‬إن تكون ضمن جوهر الواقعية والفانتازيا،‮ ‬فتعلي من قيم الخير والعدل والتسامح التي لاتوجد نماذجها في زمن معين فقط،‮ ‬ويؤكد المؤلف علي أن الكاتب الدرامي ليس مؤرخا أو جامع حكايات قديمة لأرشفتها،‮ ‬بل هو مبدع‮ ‬يمزج خياله بوقائع التاريخ التي‮ ‬يختارها عن قصد،‮ ‬ويستخدم الماضي وشخصياته لصالح الحاضر والمستقبل،‮ ‬مثلما تم استخدام شخصية‮ "‬صلاح الدين الأيوبي‮" ‬في فيلم ستيني لصياغة حلم الإنتصار علي العدو الصهيوني،‮ ‬وتحرير القدس،‮ ‬واستخدمت نفس الشخصية في مسرحية سبعينية لتبرير المعاهدة مع نفس العدو،‮ ‬وتفسير زيارة المنتصر للقدس المحتلة بما فعله الناصر في زمنه بزيارته لعرين عدوه‮.‬
ويعطي المؤلف أمثلة لمسلسلات السير الذاتية،‮ ‬كأهل الهوي،‮ ‬أسمهان،‮ ‬ناصر وغيرها ويناقشها ويحللها علي المستويين الفكري والفني،‮ ‬وطوال الوقت نستطيع أن نتلمس دور الناقد‮ ‬يسير جنبا الي جنب دور الأستاذ الأكاديمي لنظريتي الدراما والنقد‮.‬
في المحور الثاني‮ (‬الدراما وتأريخ الواقع‮) ‬يشير المؤلف‮ ‬إلي أن الدراما التاريخية إذا ما كانت تعيد صياغة التاريخ في بنية درامية حاضرة فهناك اتجاه آخر‮ ‬يوثق الحاضر في بنية درامية جمالية تتجاوز المفهوم الدارج عن‮ ‬نقل أحداث وشخصيات الواقع كما هي بزعم المصداقية إذ‮ ‬يعد ذلك تصورا ساذجا عن علاقة الدراما بالواقع،‮ ‬ولايعني ذلك أن مهمة الدراما البعد عن هموم الواقع وعدم تقديم ما‮ ‬يشوه وجه المجتمع بالهرب من العشوائيات‮ ‬والحواري الشعبية الي الفيلات الأنيقة الزاخرة بالفتيات الفاتنات،‮ ‬واجترار الأفكار والموضوعات المستهلكة،‮ ‬بمعزل عن حركة المجتمع الإقتصادية والثقافية‮ ‬،‮ ‬إذ‮ ‬يقع علي كاهل صناع الدراما عبء إنارة وعي المجتمع،‮ ‬واستعادة ذاكرته المفقودة عبر سنوات الردم عليها،‮ ‬وعدم اعتبار"ريا،‮ ‬سكينة،‮ ‬سمارة وأبوشفة‮" ‬هي النماذج الأولي بالتقديم من نماذج مضيئة
‮ ‬مثل"نبوية موسي،‮ ‬فاروق الباز،‮ ‬يحيي المشد وجابر عصفور‮" ‬،‮ ‬فالأولي تعلي من قيم السرقة والبلطجة وتجارة المخدرات والقتل،‮ ‬والثانية تعلي من قيم التعليم والثقافة والأخذ بأسباب العلم والإنتماء للوطن،‮ ‬ويعرج المؤلف علي واحد من المسلسلات التي تتناول واحدا من القضايا الوطنية ذات الصلة مثل‮ (‬من أطلق الرصاص علي هند علام‮) ‬الذي‮ ‬يطرح قضية ترصد العدو للقضاء علي أية محاولة تدخلنا مجال العلم النووي،‮ ‬في مقابل مجموعة أخري من المسلسلات تدور معظم موضوعاتها حول حلم الصعود والثراء السريع مثل‮ (‬الدالي‮ ‬،‮ ‬عفريت القرش وقلب امرأة‮)‬،‮ ‬كما‮ ‬يناقش مسلسل‮ (‬حق مشروع‮) ‬كنموذج للمرأة القوية في رحلة المخرجة"رباب حسين‮"‬،‮ ‬ويضع الدكتور"حسن عطية‮" ‬يده علي واحد من أهم محركات الحدث الدرامي ومفجرها(وصول شخص أو رحيل شخص‮)‬،إذ أن الوصول والرحيل هما أهم ركائز صياغة الدراما،‮ ‬وأبرز وسائل تفجير الحدث بشرط أن تتوافر لهذا الراحل عن المكان أو الواصل للمكان شروط البطل المؤثر بغيابه أو حضوره،‮ ‬وقد اهتمت الدراما التليفزيونية بظاهرة سفر رب الأسرة المصرية إلي بلاد النفط بحثا عن لقمة العيش،‮ ‬وأثر ذلك من تشتت للأسرة وضياع مستقبل بعض الأبناء،‮ ‬وفي المقابل اهتمت أيضا بالعائد بعد‮ ‬غياب محملا بالأموال الكثيرة،‮ ‬وقيم مغايرة راح‮ ‬يغير بها من أساليب الحياة في المجتمع،‮ ‬ويتناول بالتحليل نموذجا لذلك في مسلسل‮ (‬عيون الرماد‮) ‬،‮ ‬ويعطي مثالا آخر‮ ‬يجعل من وصول شخص تفجيرا للأحداث هو‮ (‬آخر الخط‮) ‬الذي‮ ‬غير مخرجه إسمه إلي‮ "‬حمد لله علي السلامة‮" ‬الذي تواكبت كتابته مع مجموعة حوادث القطارات‮.‬
كما‮ ‬يرصد المؤلف ظاهرة قيام مجموعة من المخرجين السوريين بإخراج مسلسلات مصرية الموضوع والشخصيات واللهجة هي علي التوالي‮ (‬أدهم الشرقاوي،‮ ‬قلبي وليلي،‮ ‬ابن الأرندلي،‮ ‬راجل وست ستات‮ ‬،‮ ‬علشان ماليش‮ ‬غيرك‮)‬،‮ ‬بالإضافة إلي السوري‮ "‬محمد عزيزية‮" ‬الذي أخرج المسلسل الديني‮ (‬صدق وعده‮) ‬والمخرج الإماراتي‮ (‬جابر ناصر آل رحمة‮) ‬الذي أخرج‮ (‬نساء لا تعرف الندم‮) ‬،‮ ‬ويعزو ذلك الي الأزمة المالية،‮ ‬وحرص شركات الإنتاج علي التسويق في الفضائيات العربية مما أدي أيضا الي الإنتاج المشترك،‮ ‬كما‮ ‬يشير الي حضور المخرج السوري في الدراما المصرية دون أن‮ ‬يحدث العكس،‮ ‬ويتناول بالنقد والتحليل الكثير من المسلسلات مما لايتسع المجال لعرضها،‮ ‬وهو لايتوقف عند الدراما التليفزيونية المصرية فقط،‮ ‬بل‮ ‬يتخطاها إلي العربية(السورية تحديدا‮) ‬حيث تبلورت،‮ ‬وارتسمت ملامحها بوضوح من الناحية الإبداعية والفنية،‮ ‬وهجرت الموضوعات التاريخية،‮ ‬كما هجرت الموضوعات الإجتماعية الماضوية داخل الحارة،‮ ‬وأصبحت تعبر عن هموم مجتمعية ساخنة،‮ ‬ويعطي مثالا لذلك مسلسل‮ (‬ماملكت أيمانكم‮) ‬كتابة الدكتورة"هالة دياب‮" ‬إخراج"نجدة أنذور‮" .‬
ويتعمد المؤلف بذكاء شديد أن‮ ‬يختتم كتابه بالكتابة عن مسلسل‮ (‬قصة حب‮) ‬للكاتب"مدحت العدل‮" ‬والمخرجة اللبنانية"إيمان حداد‮" ‬،‮ ‬كون هذا المسلسل‮ ‬يدخل إلي عالم الشبكة الإنترنتية لتكون هي أداة التواصل بين بطليه،‮ ‬وعن طريقها‮ ‬يجمعهما الحب،‮ ‬كما أن نفس الشبكة تؤدي دورا مغايرا عن طريقها‮ ‬يتم اصطياد الشباب القلق المضلل،‮ ‬ويتم تجنيده في الجماعات الإرهابية،‮ ‬وتلقي تعليمات تنفيذ العمليات الإرهابية عن طريق نفس الشبكة التي تساعد في توطيد علاقات حب،‮ ‬وتساعد في تنفيذ عمليات تفجير وقتل‮ .‬
تتبدي أهمية هذا الكتاب كما أسلفنا في كون مؤلفه واحدا من أهم النقاد المصريين والعرب من جيل السبعينات وماتلاها،‮ ‬وواحدا من الأساتذة الأكاديميين لنظريات الدراما والنقد،‮ ‬ويتابع بدأب وصبر،‮ ‬ويكتب بالنقد والتحليل في الإبداعات الدرامية مختلفة الوسائط،‮ ‬وباقتحامه النقدي للدراما التليفزيونية‮ ‬يسد فراغا كنا‮ ‬نبحث عمن‮ ‬يشغله في هذا المجال‮ .‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.