قبل حرب أكتوبر باسابيع قليلة كان هناك مسلسل يومي باسم »عماشة عكاشة» بطولة الفنان الجميل ابن البلد المصري خفيف الدم والروح محمد رضا ومعه كان هناك سيد زيان وابراهيم سعفان ونبيلة السيد وآخرون وقد حدث تعديل ثاني يوم للعبور في أحداث الحلقة ووقف فيها ابراهيم سعفان بقامته القصيرة وعلي وجهه جدية لم يعهدها من قبل وحماس شديد وبصوت أشد وقف حاملاً العلم المصري فوق جبل من الرمال يغني ومن خلفه كل زملائه الممثلين (محمد أفندي.. رفعنا العلم). وحدث ان قابل الرئيس السادات الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين وكان السادات يثق في الرجل ويعلم ان كتاباته ليس دافعها أي صالح شخصي وبعد ان سأله في عدد من الأمور السياسية اعتدل في جلسته وسأله - يا بهاء بتتفرج علي »عماشة عكاشة».. فاندهش الاستاذ بهاء لأن الرئيس ايضاً يشاهد هذا المسلسل ورد الاستاذ بهاء بالإيجاب.. وعاد الرئيس السادات ليسأل.. مين اللي كاتب الكلام ده يا بهاء.. فأجاب الاستاذ.. ده عبدالرحمن شوقي يا افندم ويواصل السادات الاسئلة ويقول.. مين عبدالرحمن شوقي انا ما سمعتش عنه قبل كده؟! ويجيب الاستاذ بهاء ده يبقي نسيب محمود السعدني يا افندم ويطلق السادات ضحته الصافية العميقة ويقول - والله العظيم. دي عيلة هزؤ كلها يا بهاء ويواصل السادات ضحكاته المجلجلة وهو يردد أغنية محمد افندي رفعنا العلم. ويقول الاستاذ بهاء إنه تردد لبعض الوقت هل يفاتح الرئيس السادات في عودة الولد الشقي الي الكتابة وهو أمر سوف يكون كافياً لكي يحتل الغضب محل الابتسامة والضحكات المجلجلة وترك الاستاذ بهاء السادات.. ربما يلين قلب السادات لرفيق سنوات الصياعة مع زكريا الحجاوي وأحمد طوغان وزميل رحلة الصحافة في جريدة الجمهورية.. ولكن الرئيس دخل في لحظة صمت طالت كثيراً. ثم عاد لمناقشة أمور السياسة والدولة وهنا أدرك بهاء ان السادات لم يستطع حتي هذه اللحظة ان ينسي للسعدني سخريته ونكاته التي أطلقها عليه وتشنيعاته التي سجلتها أجهزة الداخلية وسمعها السادات بأذنه.. ولكن يبقي ايضاً ان السادات ضبط السعدني ذات يوم متلبساً بالامر. عندما كان السادات يجوب قري الجيزة متحدثا في اعضاء الاتحاد الاشتراكي العربي ومعه فريد عبدالكريم امين الحزب ومحمود السعدني رئيس التنظيم الطليعي في الجيزة.. ويقول السادات مخاطباً جماهير الجيزة في بلدة اسمها »ناهيا» : جئت اليكم برسالة من القائد المعلم جمال عبد الناصر وأنقل إليكم تحياته.. وعندها صفقت الجماهير فإذا بالاستاذ فريد عبد الكريم يكتب في قصاصة ورق.. تفتكر يا سعدني جمال عبد الناصر يعرف بلد اسمها ناهيا؟! ويأخذ السعدني الورقة وكتب علي ظهرها علي الطلاق ولا يعرف أنور السادات نفسه. ويقرأ فريد عبد الكريم تعليق السعدني وتخرج منه اصوات تصاحب ضحكاته المجلجلة وبحركة سريعة مباغتة يخطف السادات الورقة فإذا به ينفجر من الضحك. ثم يجز علي أسنانه ويمضغ الهواء وكأنه يختزن للسعدني الغضب الذي ظهر بعد ذلك ب 4 سنوات بالتمام والكمال! فيما عرف بقضية مراكز القوي. ربنا يرحم الجميع!