بعد رفض الكونجرس فيتو أوباما علي قانون »جاستا» المعروف ب »رعاة الارهاب» أصبح بمقدور عائلات ضحايا هجمات 11 من سبتمبر، مقاضاة السعودية بموجب هذا القانون الذي يسمح بملاحقة دول تراها امريكا »راعية» لما تسميه »الإرهاب»، وأغلب الظن أن محكمة مانهاتن، التي تقع علي بعد أمتار من مركز التجارة العالمي، ستشهد سجالاً قانونياً ماراثونياً قد يستمر لسنوات بين محاميي الطرفين، إذ سيكون علي القضاة قراءة آلاف الوثائق والمستندات والتحويلات البنكية، وهو ما قد يفضي في النهاية إلي استيلاء واشنطن علي أصول بملايين وربما بمليارات الدولارات تملكها الرياض في الولاياتالمتحدة، ويؤكد محامو المدعين أنهم بانتظار قيام قاضي فيدرالي بدمج القضايا المرفوعة في عدة ولايات في صحيفة دعوي واحدة، لرفع قضية موحدة في محكمة مانهاتن بجنوب نيويورك. في الأشهر القليلة الماضية حاولت السعودية إيقاف تمرير القانون في الكونجرس من خلال التلويح، علي لسان وزير خارجيتها وسفيرها السابق بواشنطن عادل الجبير، ببيع أصولها علي الأراضي الأمريكية، كي تتجنب إدخالها ضمن تسوية قضائية من ناحية ومن ناحية أخري العبث بسعر الدولار عالمياً أمام العملات الأخري لا سيما اليورو، ولكن الكونجرس مرر القانون رغم غضب الرئيس أوباما وتحذيرات كثير من المسئولين من أن عسكريين وسياسيين أمريكيين بل وامريكا نفسها كدولة قد تواجه بملاحقات شبيهه علي خلفية ما ارتكبته من جرائم حرب في فيتنام والعراق علي سبيل المثال. ويري خبراء قانونيون أن المدعين ضد السعودية سيواجهون صعوبات جمة لاثبات تورطها، لذا وكما يوضح راجي بهالا أستاذ القانون الدولي المقارن بجامعة كنساس فإن هناك » حديث فضفاض عن تسوية بتريليون دولار تدفعها المملكة لأسر الضحايا»، كنوع من الابتزاز والخروج منه بأي مكسب. العقبة الأكبر التي ستواجه 9000 من المدعين ضد المملكة هي تقديم دليل مادي مقنع يفيد بأن للحكومة السعودية يد من قريب أو من بعيد في مقتل أو إصابة ذويهم، وهو ما فشل فيه أيضاً مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ولجنة مستقلة، شكلها الكونجرس، وأنفقت ملايين الدولارات علي مدار سنوات للهدف نفسه بلا جدوي، وكانت لجنة الكونجرس قد خلصت إلي أنه » ليس هناك دليل واضح علي تورط السعودية، سواء كمؤسسات دولة أو كمسئوليين رسميين، في تمويل تنظيم القاعدة»، ولكنها في الوقت نفسه تركت الباب مفتوحاً للشك في أن مسئولين سعوديين من الدرجة الثانية كان لهم علاقة بالهجوم الذي زلزل العالم منذ 15 عاماً. ودفع بعض المحققين والباحثين إلي تغذية تلك الشكوك وذُكر اسم فهد الشمري، القنصل السعودي بولاية نيوجيرسي وقت الهجوم، كأحد أبرز المشتبه بهم. وكان الشمري إماماً لمسجد الملك فهد بمدينة بمدينة كولفر، وأثبتت لجنة الكونجرس أنه كان علي صلة باثنين من منفذي هجمات سبتمبر، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، كما أثبتFBI أنه عهد إلي شخص ما برعاية الرجلين وتوفير كل ما يحتاجانه في فترة إقامتهما بلوس أنجلوس قبيل الهجوم، والشيئ ذاته ينطبق علي مسئول حكومي سعودي آخر يُدعي عمر البيومي المتهم بتوفير دعم لاثنين آخرين من منفذي الهجوم وكانا يقيمان بمدينة سان دييجو، وقال شين كارتر أحد محاميي المدعين إن فريقه »يملك 156 وثيقة تثبت ضلوع مسئولين سعوديين في الهجوم، وهناك 4500 مستند آخرين يدعمون تلك الفرضية، وإن القانون الجديد سيتيح كشف المزيد». وفي المقابل فإن إيريك لويس المحامي ل2 من الجمعيات الخيرية السعودية، يرد » حتي لو كان هناك شخص أو أكثر متورطين في الهجوم ومرتبطين بالحكومة السعودية فإنه من قبيل الهراء القول بأن الرياض كان لديها مصلحة في ذلك»، لا سيما وأن المملكة تبرأت منذ زمن بعيد من أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وقت وقوع الهجمات، كما أن السعودية نفسها عانت الأمرين من إرهاب التنظيم. من جانبها قالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان رسمي، إن »تآكل الحصانة السيادية للدول لهو أمر شديد الخطورة علي الجميع، بما في ذلك الولاياتالمتحدة.. نأمل أن تسود الحكمة تجنباً لعواقب وخيمة وغير متوقعة»، فيما قال الكاتب السعودي خالد الدخيل لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن »جاستا بمثابة دعوة لليقظة للسعوديين.. وأظن أنه قد آن الأوان لإعادة النظر في مفهوم التحالف مع امريكا»، أما سلمان الدوسري رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط فقال » لو أنه يجب علي الرياض القلق من تلك الأزمة فإنه علي واشنطن أيضاً أن تقلق لأن مصالحها في المنطقة سوف تتأثر». حكاية 28 صفحة - عقب هجمات 11 سبتمبر التي أوقعت حوالي 3000 قتيل، تم تشكيل لجنة في الكونجرس للبت في مسئولية الهجوم داخلياً وخارجياً، ونشرت اللجنة تقريراً من 838 صفحة في يوليو 2004، لتؤكد ضلوع تنظيم القاعدة، بزعامة أسامة بن لادن آنذاك، في الهجوم فيما تم تبرأة عراق صدام حسين وإيران من أي مسئولية، علماً بأنه تم حجب 28 صفحة من التقرير. - ال28 صفحة تم حجبها بطلب من الرئيس السابق جورج دبليو بوش، واليوم أفرج عنها الكونجرس بناء علي إلحاح عائلات الضحايا. - في 10 أبريل 2016 كان برنامج »60دقيقة»، بقناة »BS الأمريكية، علي موعد مع أحد واضعي تقرير ال838 صفحة، والذي يعلم كباقي أعضاء اللجنة فحوي ال28 صفحة التي لم يُكشف عما فيها.. ضيف البرنامج هو بوب جراهام سناتور فلوريدا السابق وكان نائباً لرئيس اللجنة التي وضعت التقرير، وقال للصحفي ستيفن كرافت: » أعتقد أنه من غير المعقول أن 19 شخصاً أغلبهم لا يتحدث الإنجليزية ولم يسبق لهم الحضور للولايات المتحدة ولم يتلقوا تعليماً علي مستوي عال، أمكنهم تنفيذ عملية معقدة علي هذا النحو (هجمات سبتمبر) دون الحصول علي دعم لوجيستي ولو ضئيلاً من داخل أمريكا». - ستيفن كرافت متسائلاً: دعم من السعودية؟ - بوب جراهام: بشكل أساسي - هل تقصد من دوائر رسمية ومن أغنياء ومن مؤسسات سعودية؟ - كل هؤلاء مجتمعون - برنامج »60 دقيقة» أكد صحة تحقيق مطول نشرته مجلة «anity Fair في أغسطس 2011، صرح فيه بوب جراهام بأن: »11سبتمبر ما كان لها أن تحدث لولا بنية تحتية للدعم موجودة بشكل مسبق في الولاياتالمتحدة»، وتم حجب ال28 صفحة بهدف حماية العلاقات الأمريكية السعودية.