علي مسافة 30 كيلومترا من القاهرة تقع القرية التي تتبع مركز قليوب، يقطنها نحو مائة ألف نسمة كانوا يعتمدون علي الزراعة والتجارة كموردين أساسيين للدخل، لكن الأمور تغيرت قبل 30 عاما في » طنان »، حيث دخلت صناعة الأثاث بقوة، لتتحول القرية إلي واحدة من أكثر القري الصناعية، وتنطلق شهرتها في هذه الصناعة إلي العالم الخارجي. الغريب أن ورش القرية تنافس مثيلاتها في دمياط، بينما يعمل تجارها علي سد الفجوة بين العرض والطلب باللجوء إلي المدينة المنافسة.. سرا !! قبل 60 سنة كانت هذه الصناعة لا تزال تحبو في القرية، وبفضل شيوخ الحرفة أصبح للقرية شهرة واسعة الانتشار. يؤكد شيخ صناعة الأثاث بالقرية الحاج كرم العمدة » 74 سنة » أنه ورث الحرفة عن أجداده، ويستحضر ذكرياته علي مدار ستين عاما قضاها في العمل بها فيقول : أتذكر أن العروس كان يتم تجهيزها بدولاب وسرير وأحيانا بدولاب ومرتبة فقط، وكان سعرهما لا يتعدي العشرة جنيهات، لكن الوضع الآن تغير وأصبحت العروس تجهز بأربع غرف وأحيانا خمس عبارة عن حجرة نوم وسفرة وأنتريه وصالون وحجرة أطفال بما يتجاوز خمسين ألف جنيه.ويشير إلي أن القرية أصبحت الآن تغزو الأسواق المحلية، حتي أنها أصبحت تنافس دمياط نفسها التي تعتبر أساس صناعة الموبيليا، ويواصل : نظرا لجودة الصناعة والتطوير فيها أصبح لنا سوق رائجة ويأتي إلينا الزبائن من محافظات كثيرة، خاصة أننا نتميز بالجودة والأسعار المناسبة التي تقل عن دمياطوالقاهرة، ويوضح الحاج صلاح الباجوري »صاحب معرض موبيليا 55 سنة » أن قرية طنان كانت تعتمد علي الزراعة والتجارة ودخلت صناعة الأثاث وانتشرت تدريجيا بين أبناء القرية حتي أصبحت طنان واحدة من القري المنتجة ذات السمعة المحلية والعالمية، ويواصل : لا شك أن البداية كانت صعبة للغاية، لكن بالصبر وإتقان العمل والأسعار المناسبة، تمكنا من تحقيق طفرة، ساهم فيها دخول الشباب بأفكارهم الحديثة التي أضفت علي الحرفة الكثير من التطوير.. لكن الصورة ليست وردية تماما، حيث يضيف : للأسف الشديد ينقص القرية الكثير من الخدمات، فهي تعاني عدم الاهتمام برصف الطرق حتي الطريق الرئيسي المؤدي إليها من الطريق السريع سيئ للغاية، ويتسبب في خسائر أثناء سير السيارات المحملة بالموبيليا. ويتطرق الباجوري إلي أهم أسباب شهرة » طنان » في صناعة الأثاث فيقول : طورنا أنفسنا فأدخلنا الميكنة الصناعية التي ساهمت بشكل كبير في تحسين الإنتاج، كما اعتمد الشباب علي الكتالوجات التي وفرت تصميمات مبتكرة. ويفجر مفاجأة : الأمانة تقتضي القول بأننا نشتري حوالي 50% من الموبيليا من ورش دمياط بينما نقوم بصناعة الباقي وبالرغم من السمعة الطيبة إلا أن نسبة المبيعات انخفضت كثيرا ويتحدث محمد القمار » صاحب معرض لغرف الأطفال » عن الأسعار فيوضح أن سعر بيع غرفة الأطفال يتراوح بين 2500 و5000 جنيه وتضم سريرين ودولابا وقطعتي كومدينو وتسريحة. يبدو الحزن علي فيصل بحالو » صاحب معرض موبيليا » وهو يقول : سوق الموبيليا الآن (مريّح) لأنه مفيش فلوس، ورغم ذلك ارتفعت أسعار الموبيليا نتيجة ارتفاع أسعار الخامات والعمالة، وقد زاد ارتفاع الأسعار بعد شهر رمضان الماضي، ويشير إلي أن سعر غرفة الأنتريه يبدأ من 2500 جنيه ويصل إلي 20 ألف جنيه، بينما تتراوح أسعارغرف النوم بين 3500 و25 ألف جنيه، والسفرة الكاملة تبدأ من 7500 جنيه إلي أكثر من 20 ألف جنيه. رغم اعتماد معارض القرية علي جلب الكثير من الموبيليا من دمياط إلا أن الورش الموجودة بها تتكفل بتوفير نصف الكمية المعروضة، ويؤكد شحتة صلاح » صاحب ورشة نجارة ومعرض موبيليا » أن طنان أصبحت تحظي بشهرة طيبة وجيدة في صناعة وتجارة الموبيليا، وزاد الإقبال عليها في السنوات الأخيرة .ويقول محمد قابيل » نجار »: بدأت هاويا في الصناعة ثم احترفت المهنة منذ 3 سنوات فقط وقبل 7 سنوات كان سعر لوح الأبلاكاش 30 جنيها والآن نشتريه ب 58 جنيها، وأصبح المسيطر الآن علي صناعة الأثاث هو الخشب الكوري والصيني.