»طنان«.. قرية صغيرة.. من قري محافظة القليوبية، اشتهر أهلها في الماضي بالزراعة وتربية المواشي، لكن ملامح القرية بدأت تتغير منذ خمسة عشر عاما حين وجد الأهالي في صناعة الأثاث ما يحقق لأبنائهم فرص العمل ويضمن لهم الربح السريع.. فامتلأت شوارع القرية بالورش والمعارض الأمر الذي لفت إليها الانتباه في الفترة الأخيرة وجعلها علي قدم المساواة مع مدينة دمياط التي احتكرت صناعة الأثاث منذ زمن طويل. مدخل القرية لا يختلف كثيرا عن العديد من قري مصر ولكن بضع خطوات داخل القرية تضعك داخل مجمع صناعي كبير يطلق عليه الأهالي " أرض المعارض " عمارات أقرب إلي ناطحات السحاب تحيط بكل أرجاء المكان مخصصة لعرض الموبيليا والأثاث بأنواعه المختلفة ملحق بها الورش التي يتم فيها تصميم وتشطيب الموبيليا وتتواجد جميعها بجوار الأراضي الزراعية وكأن العمال يحبون أن يمارسوا أعمالهم وسط الغيطان والمواشي بها مالا يقل عن150 ورشة وما لا يقل عن700 معرض، ولكي نعرف قصة انتشار صناعة الأثاث بقرية طنان وكيف أنها تنافس دمياط وماهي المزايا التي تقدمها لكي يتم الإقبال عليها؟ كان لنا العديد من القاءات مع أصحاب الورش والمعارض داخل القرية. داخل أحد الشوارع بأرض المعارض وفي نظرة حائرة للاختيار أي المعارض نبدأ فجميعها تتسم بالفخامة والاتساع التقينا "الحاج أحمد متولي " أحد المؤسسين لصناعة الموبيليا بطنان وصاحب مجموعة من معارض الموبيليا ويقول لقد بدأت صناعة الأثاث بقرية طنان منذ حوالي ثلاثين عاما إلا أنها بدأت تأخذ شكلها الحالي وانتشارها خلال الخمسة عشر عاما الماضية حيث بدأ أصحاب الورش في استخدام الأدوات و المعدات الحديثة، وأصبح لكل صاحب ورشة إمكانياته الخاصة به مما جعل المنافسة الشريفة تجعل من طنان سوقا كبيرة للأثاث و الوسيلة التي استطعنا بها منافسة الدمايطة أن التجار هناك يغالون في الأسعار بصورة جنونية بحثا عن الربح السريع لأن غرفة الأثاث تخرج من الورشة فيتضاعف سعرها إذا وصلت المعرض. ولذا حرصنا علي تخفيض الأسعار بنسبة تصل إلي 25٪مع احتفاظنا بجودة ومميزات المنتج الدمياطي مما ساعدنا علي جذب كثير من الزبائن خاصة أننا قريبون من القاهرة كما أننا نطمح مستقبلا بتصدير منتجاتنا للخارج كما تفعل دمياط. ويشير محمد الحلو »صنايعي« بأحد الورش« أن دخول مهنة الأثاث واحترافها بقرية طنان وفر فرص عمل كثيرة للشباب فالجميع يعمل بداية من شاحن الخشب إلي الورش لتصميميه وصولا إلي الشحن للعرض خارج وداخل القرية فنحن لدينا معارض أيضا خارج القرية بالإضافة إلي الزبائن الذين يأتون من جميع أنحاء القاهرة للشراء وشجع ذلك أصحاب الورش والمصانع علي تشغيل طلبة المدارس والجامعات لتعليمهم الصنعة في فترة الإجازة حتي يجد مهنة بعد التخرج ولتغطية مصاريف التعليم، مؤكداً أنه لا يوجد عاطل بالقرية. ويضيف أسامة السيد بدر صاحب ورشة نجارة أننا نحصل علي جميع مستلزمات الإنتاج التي تميز الأثاث الدمياطي الإكسسوارات والحلايا والأويمة الجاهزة والافرنتونات.. كما نحصل علي الكتالوجات التي يستعين بها الدمايطة في التصميمات لإقناع الزبون بأنه سيحصل علي أحدث الموديلات العالمية المنتجة في دمياط كما استعنا بالحصول علي الهياكل الأساسية في صناعة الموبيليا والتي تعرف في دمياط باسم الكبس وهي الحروف والأجناب والقواعد والبرانيط والفوارغ من قريتين في دمياط هما العدلية والحوراني وهما بالقرب من مدينة دمياط. وعن أساليب التصميم والكتالوجات التي يعتمدون عليها يؤكد الحاج طاهر عرفان صاحب أحد المعارض نعتمد في ذلك علي كتالوجات عالمية في تصميم الغرف وهي تأتينا من الخارج، وهي ذات الكتالوجات التي تستخدم في صناعة الأثاث في دمياط كما أن الصنايعي يقوم بإضافة لمساته الفنية علي القطعة التي يصنعها، وكذلك يتم قياس الأماكن التي سوف توضع بها قطع الأثاث، ويتم تصميمها حسب مقاسات الغرفة ويستغرق وقت صناعة الغرفة من30 إلي40 يوما، وهو نفس الوقت الذي يستغرقه صناعة جهاز كامل. وفي منطقة الورش المسئولة عن التشطيب النهائي للموبيليا التقينا بأحد العاملين بها مرسي عوض ويقول إن من الأشياء التي تستطيع دمياط أن تتفوق علينا فيها هي "اللمسات النهائية للموبيليا" وذلك لأن دمياط لديها إمكانيات وأفران عالية تستخدمها في دهان الغرف ومن الأشياء التي يلاحظها الزبون وتفقد من جمال وخامة وتصميم الموبيليا هي الدهان فيأخذ عليه أنه مطفي اللون عكس موبيليا دمياط صاحبة اللون اللامع والبراق ولكن العاملين في دمياط هم نفس العاملين في طنان بل إن معظمهم انتقلوا للعمل بورش طنان بسبب رواج حركة البيع فيها. وعن نقاط الضعف في تصميم الغرف يقول فؤاد علي صاحب إحدي الورش لو جاء زبون يريد غرفه زان وعليها شغل يدوي المعروف بنجارة وأويمة لا أستطيع أن أوفر له طلبه لأن هذه الحرفة لا توجد عند الكثيرين من صنايعية طنان ومن الممكن أنها تتواجد عند العمال الدمايطة الذين جاءوا بحثا عن العمل بطنان وهذه من الأشياء التي تكلف صاحب الورش التي يعمل بها الدمايطة الكثير من الأموال لأن هناك فارقا بين الصنايعي الدمياطي والصنايعي في طنان وبالنهاية كل بثمنه والزبون هو اللي بيدفع الفرق. وعندما تجولنا داخل أحد المعارض اصطحبنا الحاج فهمي الوحش صاحب مجموعة معارض ويقول لدي في المعرض ثلاثة أدوار كل واحد مخصص لنوعية معينة من الموبيليا فالدور الأول موبيليا طنان والثاني موبيليا تصنيع عمال دمياط من داخل ورش طنان والثالث لموبيليا دمياط من البلد أساسها وطرح هنا السؤال نفسه لماذا أصحاب المعارض في دمياط يعرضون الموبيليا في طنان ؟ أن طنان ودمياط بينهما اتفاق فمقابل أن نأخذ منهم الخشب المستخدم في الصناعة و نشتري منهم الغرف كاملة علي خشب أبيض ونقوم نحن في الورش الخاصة بنا بدهانها وتنجيدها يقومون هم بعرض موبيلياتهم في معارض طنان وذلك بسبب حركة البيع المتوقفة في دمياط علي عكس الحال في طنان حركة البيع لا تتوقف مطلقا. وبسؤال عنه نوعية الزبائن الذين يقدمون علي شراء الموبيليا يقول طارق محمد إن أكثر الزبائن إقبالا علي الشراء هم الطبقة المتوسطه وتحت المتوسطه وهم الذين يختارون الأسعار التي تبدأ من 2 و3 آلاف ولإضفاء مصداقية علي هذا الحديث فإن طنان تتميز بأنها موبيليا الفقراء وفي نفس الوقت الأثرياء من دول الخليج والدول الأوربية لأنه تأتي إلينا طلبيات إلي الخارج من معارض في الخليج والدول الأوربية ويقوم المستورد باصطحاب الكتالوج الذي يريد أن ينفذ منه الموبيليا ونقوم بعملها في طنان وبالتعاون مع دمياط هذا بالإضافة إلي الشغل العمولة الخاص بأبناء الخليج وأهالي البلد الذين يسافرون الخليج ويطلبون شغل عمولة بكتالوجات معينة هذه الفئة تختلف أسعارها عن أهالي البلد "اللي علي قد حالهم "