مشكلتان تؤرقان مصر وتشغلان بال الحكومات المتعاقبة شغلتا تفكير الباحث رضا عفيفي لايجاد حل يساهم في مواجهتهما.. المشكلة الاولي مشكلة إهدار المياه التي نالت حظا كبيرا من الاهتمام في السنوات الاخيرة مع بدء إقامة سد النهضة الاثيوبي وما نحتاجه من الحفاظ علي كل قطرة ماء في الوقت الذي نهدر فيه ما يقارب نصف الاستهلاك اليومي من المياه النظيفة من خلال »سيفون» الحمام فقط.. المشكلة الثانية مئات الالاف من أطنان القمامة التي تملأ شوارعنا وتنتشر بها الامراض والروائح الكريهة دون محاولة للاستفادة منها باعتبارها »نعمة» وليست »نقمة» لو احسن استغلالها، المشكلة تحتاج الي المزيد من الجهود والافكار.. كان هذا محور حوارنا مع الباحث الذي يستعرض أفكاره لمواجهة هاتين المشكلتين بحلول عملية تتمثل في ابتكار »وصلة السيفون الذكية» لمواجهة هدر المياه النظيفة ومشروعه للاستفادة من القمامة بأقصي حد في جميع محافظات مصر.. فإلي تفاصيل الحوار.. في البداية حدثنا عن ابتكارك للحد من هدر المياه النظيفة في »سيفون» الحمام.. السيفون من الاشياء التي تحتل المرتبة الاولي في هدر جزء كبير من المياه النظيفة، حيث يستهلك من 30% الي 40% تقريبا من مجمل استهلاك المنزل من المياه الصالحة للشرب، والتي تكلف حكومات الدول الاموال الطائلة لتوفيرها لشعوبها، حيث تبين من التجربة العملية ان متوسط استهلاك الفرد يوميا من المياه النظيفة لاستخدام السيفون (صندوق الطرد) لا يقل عن (50) لترا يوميا تقريبا أي ما يعادل (18000) لتر سنويا، وهذه النسبة تختلف من شخص الي آخر. ولذلك ابتكرت (وصلة السيفون الذكية لاعادة استخدام المياه) وهي تقوم بتوفير المياه النظيفة الصالحة للشرب بنسبة 100% والجهاز خضع للتجربة العملية وأثبت كفاءة عالية جدا. المياه الرمادية وكيف يتم اعادة استخدام المياه وفقا لاختراعك؟ من خلال جهاز صغير يتم توصيله بالسيفون ليمده بالمياه، حيث يقوم الجهاز باعادة استخدام المياه التي تم استخدامها من قبل وغير الصالحة للاستخدام الادمي، والتي كانت في طريقها الي شبكات الصرف الصحي للتخلص منها (المياه الرمادية) وبذلك نكون قد قمنا بتوفير المياه النظيفة بنسبة (100%) دون اجراء أي تعديل او تغيير في السيفون (صندوق الطرد) الموجود بالمنازل. وما مزايا هذا الابتكار؟ الجهاز رخيص الثمن وليس له أي مخاطر مباشرة أو غير مباشرة علي الانسان أو البيئة، ولا يحتاج الي أي مصدر من مصادر الطاقة مما يجعله أكثر أمانا في الاستخدام، كما انه يتم تركيبه وتشغيله بسهولة ولا يحتاج الي خبرات خاصة، الي جانب انه مصمم بأكثر من شكل حتي يناسب ويلائم جميع انظمة واشكال ومحتويات الحمام المستخدمة حاليا دون اجراء أي تعديل. وماذا عن مشروعك لجمع القمامة والاستفادة منها وإعادة تدويرها؟ تنتشر آلاف الأطنان من القمامة في شوارع مصر مخلفة وراءها روائح كريهة وأمراضا وتلوثا للبيئة والقضية ليست مجرد نقل هذه الكميات لتمثل عبئا علي مكان آخر، دون أن تكون هناك رؤية للإفادة القصوي منها باعتبار أن القمامة والنفايات نعمة ونحن نحولها إلي نقمة. كيف تكون القمامة نعمة وهي سبب الامراض والتلوث كما ذكرت؟ القمامة يمكنها أن تنتج 15 مليون طن سماد طبيعي يستصلح 2 مليون فدان زراعي جديد ويمكن زيادة امكاناتها لرفع خصوبتها، كما تنتج القمامة 605 آلاف طن من الحديد يمكنها أن تدخل في صناعة حديد التسليح والمنتجات المعدنية، وكذلك 5 ملايين طن ورق و600 طن زجاج و190 ألف طن بلاستيك و800 طن قماش. كما أن المشروعات الاستثمارية في مجالات النفايات والقمامة يمكنها أن توفر نحو مليون فرصة عمل وإنشاء مئات من الصناعات التي تستوعب قوي بشرية بكل المستويات مدربة وغير مدربة، وهناك دول كثيرة استفادت بطريقة مباشرة من هذه القمامة، مثل البرازيل، وغيرها من الدول، كانت سببا في تحسين أوضاعها الاقتصادية، بل وأصبحت من الدول الغنية بعدما كانت من الدول الفقيرة. شركات مساهمة وما تفاصيل مشروعك للقضاء علي هذه المشكلة المستعصية؟ في مشروعي العديد من الافكار لكي نستفيد من القمامة بشكل علمي منها انشاء شركة مساهمة مصرية بكل محافظة من محافظات مصر، علي أن تكون كل شركة مختصة بالمحافظة التابعة لها فقط، ولا يجوز أن تعمل خارج نطاقها، وأن تكون شركة تقدم خدمة وتهدف الي تحقيق الربح، ويتم بتأسيس هذه الشركات رجال الأعمال وأبناء كل محافظة، وأيضا يعمل بها أبناء المحافظة فقط، ويكون دور المحافظة فقط هو المتابعة والرقابة وتنفيذ بنود العقد، وأيضا توقيع العقوبات والجزاءات علي الشركة في حالة مخالفة بنود العقد وشروط تقديم الخدمة المتفق عليها. كما تقوم المحافظة بتوفير أماكن للفرز والتجهيز لإعادة التدوير، وذلك بمقابل مادي، بمعني أن تقوم الشركة بدفع الايجار الملائم والمناسب للمحافظة، مقابل هذه الأراضي، وذلك حسب التقديرات الايجارية السائدة بكل محافظة. وتقوم الشركة بدفع الضرائب للدولة، ويمكن اعفاء هذه الشركات من دفع الضرائب في أول عامين، حتي يكتب لهذا المشروع النجاح. وما آلية جمع القمامة ووضع عمال النظافة الحاليين؟ تقوم الشركة باستلام القمامة من المنازل، ولا يتم وضعها بالشارع، لأي سبب، وتكون الشركة أيضا مسئولة عن نظافة الشوارع، علي أن تقدم هذه الخدمة مقابل (5 جنيهات) شهريا يدفعها المواطن، وهو ما تحصله الدولة حاليا بالفعل علي فواتير الكهرباء، دون زيادة. وبالنسبة لعمال النظافة الموجودين حاليا بكل محافظات الجمهورية، التابعين للوحدات المحلية، فسوف تكون طبيعة عملهم هي زرع وتشجير وتجميل جميع شوارع وميادين مصر أو الاستعانة بهم في الشركة الجديدة. مصادر الطاقة وكيف تتم الاستفادة من المواد العضوية الموجودة في القمامة؟ المواد العضوية هي المواد التي تتحول الي طاقة، وهذه يمكن استخدامها لسد العجز المتزايد في مصادر الطاقة، وايضا انتاج السماد العضوي، من أجل منتجات زراعية نظيفة، بالاضافة الي ذلك يساعد السماد العضوي في زيادة خصوبة الأراضي الزراعية، وقد سبقتنا دول كثيرة منذ عقود طويلة في هذا المجال وأصبح لديهم التقنيات المتعارف عليها مثل انتاج السماد العضوي، وتحتوي النفايات المنزلية علي نسبة كبيرة من المواد العضوية أكثر من 60%، مما يسهل عملية معالجتها بيولوجيا، باستعمال (بكتريا وفطريات) وحيوانات دقيقة حيث تخضع لتفسخ هوائي، نتيجة تحليل البروتينات، والسيليلوز والمواد العضوية الأخري، لتحويلها الي سماد عضوي. كما تتم معالجة المواد العضوية بيولوجيا في وسط لا هوائي، بواسطة بكتريا لا هوائية، فينتج عن ذلك تكون غاز (الميثان) الذي يمكن استعماله كمصدر للطاقة في (الانارة، والتسخين، والطهي، الي آخره). ونتيجة هذه المعالجة تبقي حثالة عضوية، يمكن استعمالها كسماد عضوي. كما توجد طرق أخري كثيرة مثل حرق النفايات داخل أفران تحت درجة تقارب 1000»5، لتسخين الماء داخل أنابيب خاصة، فينتج عنه بخار ماء، يشغل محولا لتوليد طاقة كهربائية تقدر ب (258 Kw ) لكل طن من المحروقات. في رأيك.. ما الصعوبات التي تواجه الباحثين في مصر؟ الصعوبات التي تواجه الباحثين أغلبها مشكلات مالية فلا يوجد في مصر تمويل للباحثين والتمويل شخصي متواضع.. مما يجعل البحث يأخذ وقتا في تنفيذه اكثر مما ينبغي.. ومن اهم الصعوبات طول مدة الحصول علي براءة الاختراع لسنوات طويلة.. ولجان الفحص غير متخصصة مما يجعلهم يرفضون العديد من الابحاث الي جانب الروتين الممل من الموظفين داخل اكاديمية البحث العلمي وكأنها منظومة لمحاربة البحث العلمي في مصر.. وايضا سقوط براءات وابحاث مهمة جدا بسبب نسيان دفع رسوم الحماية السنوية وهي مبالغ بسيطة جدا.. ولكن لسبب ما يتأخر المخترع في سدادها حيث لا يقبل سدادها بتحويل عن طريق البنك.. دون مراعاة ان هناك مخترعين من محافظات بعيدة. ما الجوائز التي حصلت عليها داخليا وخارجيا؟ حصلت علي جائزة البيئة العالمية جرين ابل من لندن عام 2012.. وحصلت علي وسام الاستحقاق في الابداع التكنولوجي من رومانيا عام 2015.. وحصلت ايضا علي قلادة الشرف الوطني المصري 2016.. وتم تكريمي من جامعة المنصورة في اليوم العالمي للملكية الفكرية.