إستقبل الشعب المصرى مبادرة الرئيس محمد مرسى " وطن نظيف " بحالة تفاؤل للقضاء على ازمة القمامة التى تحاصر جميع احياء وشوارع الجمهورية ، ولاقت الحملة دعم كبير من القوى الوطنية والسياسية ، فيما تجاهلت الحملة آليات القضاء علي مشكلة القمامة واقتلاعها من جذورها وبمجرد دعوة رئيس الجمهورية لحملة "وطن نظيف" تحركت المحليات والمحافظين لرفع ألاف الاطنان من القمامة من شوراع القاهرة الكبري ومحافظات مصر ، ومن ثم عادت " ريمة لعادتها القديمة " دون تقديم حلول حقيقية لانهاء المشكلة . وبدراسة التجربة التركية فى هذا الشأن نجد ان رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان ،الذي كان رئيسا لبلدية اسطنبول عام 1994 ، نجح فى تحويل مدينة اسطنبول لاجمل مدينة تركية من خلال تقديم حلول غير تقليدية
ولان القمامة مشكلة كبري والحصول علي الطاقة مشكلة أكبر أستطاع اردوغان تحقيق اقصى استفادة من القمامة من خلال انشاء مشروع ضخم لتحويل القمامة الى ماء وكهرباء، من خلال 500 شاحنة كبيرة ، يتم يوميا جمع القمامة من المدينة ، ويتم فرش القمامة على ارض فارغة فى منطقة معزولة ثم يوضع عليها طبقة من الرمال فوقها حتى يمنع عنها الاكسجين لمدة عامين ، وخلال تلك الفترة تقوم انابيب كبيرة بشفط غاز الميثان من القمامة وتحويلها الى المصانع لتحويله لكهرباء .
وتكفى الطاقة الانتاجية لهذه المصانع لانارة حوالى 100 الف منزل فى اسطنبول ،ولم يتم التفريط فى المياة الملوثة الموجودة بتلك القمامة وتم تحويلها الى المصانع لتطهيرها وتنقيتها ، لتكون صالحة للزراعة والاستهلاك الادمي .
ولكن إخوان مصر لا يريدون التعلم او الاستفادة من تجرية اخوان تركيا في القضاء علي هذه المشكلة حيث أكتفى الرئيس محمد مرسي وحزبه الحرية والعدالة بحملة " وطن نظيف " مع هرولة من المحليات لاثبات الذات والبقاء في الكراسي قبل حركة المحافظين ، والانتخابات المحلية ، ولم يختلف الاخوان في أسلوب ادارة الازمات عن الحزب الوطني المنحل
قمامة مصر الاغني فى العالم
وتقدر قمامة مصر ب70 مليون طن سنوياً و 22 مليار طن تراكمات قديمة للقمامة وفقا لتقرير صادر عن وزارة البيئة ، واوضح التقرير ان حجم القمامة اليومية يصل ل 47 ألف طن، وبلغ نصيب القاهرة الكبرى بمفردها 19 ألف طن يوميا التي تعد من أغنى أنواع القمامة فى العالم،حيث يصل سعر الطن الواحد إلى 6000 جنيه لما يحتويه من مكونات مهمة تقوم عليها صناعات تحويلية كثيرة،كما أن مصر تنفق حوالى 24 مليار جنيه سنويا على كلفة التدهور البيئى.
وتخلف القاهرة قرابة 13 ألف طن قمامة يومياً، ويمكن للطن الواحد أن يوفر فرص عمل ل 8 أفراد على الأقل، مما يعنى أنه يتيح توفير 120 ألف فرصة عمل من خلال عمليات الفرز والجمع والتصنيع.
وأكد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ان قمامة مصر تعد الأغنى على مستوى العالم من حيث المواد العضوية وأن الطن منها يحقق عائدا يصل لحوالى 6 ألاف جنيه..
وأشار فى الدراسة التى أعدتها وأشرفت عليها الدكتورة نجوى خليل مديرة المركز حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لجامعى القمامة بأرض اللواء أن حجم القمامة فى كل المدن المصرية يتزايد بشكل كبير عاما بعد عام خصوصا مع تزايد السكان وأن ما يتم رفعه منها لايزيد على النصف مشيرا إلى أن حجم القمامة فى مصر قد يصل إلى 30.2مليون طن عام2016 بعد أن بلغ عام2001 نحو 15مليون طن وذلك وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة البيئة.
وأشار المركز إلى أن هذه الكميات من القمامة تحتوى على مواد عضوية وصلبة يمكن أن توفر لمصر 9ملايين طن من السماد العضوى عن طريق تدوير القمامة لزراعة مليونى فدان ترتفع إلى 14,5مليون طن عام 2016 وانتاج 3 ملايين طن ورقا و 348 طن زجاج و 336 ألف طن حديد
وأكدت الدراسة أنه يمكن الاستفادة بالقمامة فى صناعة أعلاف الماشية وهومايعنى-وفق التحليل الرقمى- تحقيق عائد قدره مليار جنيه وتشغيل 250 ألف شاب وفتاة ورفع المستوى الصحى وتجنب أمراض خطيرة تكلف وزارة الصحة 600 مليون جنيه سنويا.
ومن ناحيته أكد الدكتور مصطفى كمال طلبة، خبير البيئة العالمى، أنه لا توجد مدافن صحية فى مصر مطابقة للمواصفات البيئية الصحية السليمة، وذلك لعدم وجود وعى بيئى مناسب يساعد على التخلص السليم من القمامة.
وأرجع كمال ذلك إلى انتشار المقالب العشوائية داخل الكتل السكنية وهى تمثل خطرا على المياه الجوفية، لأن القمامة تتراكم بكميات كبيرة وينتج عنها أوبئة وأمراض وتتخمر والتربة تشرب هذه الأمراض مما يؤدى إلى تلوث المياه الجوفية،فالقمامة لها من الخطر على المياه الجوفية،ما لا يقل خطورة على صحة الإنسان.
وقال طلبة إذا إفترضنا أن مصر بها حوالي 80 مليون نسمة وكل مواطن في المتوسط يتخلص من حوالي 100 جرام يوميا من النفايات (وهو أقل المعدلات في العالم)،( بدون نفايات البناء والصناعة والزراعة والتجارة). لذا يجب علينا أن نتخلص يوميا من أكثر من 8 مليون كجم طن نفايات يوميا وإذا أضفنا إليها المخلفات الأخرى، والتى تبلغ عادة مرتين النفايات البشرية، يجب على مصر أن تتخلص يوميا من 20 مليون كجم يوميا من النفايات، أي 20 ألف طن يوميا، ولتقريب الرقم للأذهان، يلزمنا ألف سيارة نقل نفايات يوميا حمولة كل سيارة 20 طن (يلزمنا حوالي مليار جنية لشراء سيارات النفايات المجهزة)، وعلى الأقل 500 مصنع تدوير نفايات سنويا (10 مليار جنيه) ، و500 مقالب عمومية لا تقل مساحة كل منها عن 20 ألف متر مربع مصممة لتلقي على الأقل نصف النفايات التى لا يمكن تدويرها (2 مليار جنيه). (يعني مصر تحتاج كبداية ما بين 20- 25 مليار جنيه كبنية أساسية للتخلص من النفايات وهذا المشروع في تقديري يلزمه خمس سنوات على الأقل).
واضاف طلبة ان هناك العديد من المشاريع التي ابتكرها علماء مصريون ومتخصصون في تدوير القمامة تؤكد اهمية تعظيم هذه الصناعة في المستقبل ؟، فالقمامة ليست مشكلة ولكن الازمة في غياب الوعي بكنز وقيمة اسمها "زبالة مصر" فوفقا لعاملين بها فان القمامة من الممكن ان تولد الكهرباء وتنتج الاسمدة العضوية التي تفيد الارض وتوفر فرص العمل للشباب.
واكد على ان الحكومة فشلت حتي الأن في إيجاد منظومة للاستفادة من المخلفات في مصر وعلي رأسها الزبالة فكل مشاريعها وخططها تذهب ادراج الرياح وسراعان ما يبدأ الحديث عن القمامة وتتحول الي قضية رأي عام ..وفي سرعة أكبر تنتهي دون الوصول الي نتائج حقيقة وملموسة ، والأمر لا يخرج نن الشو الإعلامي.
ومن جهته أكد الكيمائي شرف إمام او " مليونير الزبالة " على أن ثمن قمامة مصر إذا تم استغلالها يتعدى 26 مليار جنيه.
ونصح شريف امام ربات البيوت بالحفاظ علي القمامة لانها تمثل دخلا اضافي،حيث يقوم بشراء القمامة واضاف ان «كيلو الصفيح الموجود فى علب السمن بجنيه، وزجاجة الزيت المستعمل، بجنيه ونصف الجنيه، وزجاجات الزيت الفارغة ال 40 منها ب3 جنيهات، أما عبوة «الكانز» التى تحتوى على ألومنيوم، فثمنها يقدر ب10 قروش للواحدة،وهذه تعتبر دخلا إضافيا للاسرة .
وقال إن التقارير الحكومية تعلم أن القمامة كنز لا يفنى والأنظمة السابقة كانت تريد أن تبقى الشعب المصرى جاهلا وملوثا، والحكومة لديها القدرة على إزالة هذه القمامة ب"إشارة إصبع" مستشهدا بقيام الحكومة المصرية بإعدام الخنازير فى وقت قليل خوفا من انتشار مرض أنفلونزا الخنازير.
وأكد أن تجارة القمامة أكثر ربحا من تجارة السلاح والمخدرات وبالتالى هى قضية أمن قومى مشيرا إلى أن هناك بعض الجهات تريد تعطيل الاسترشاد والتوعية لمصالحها الشخصية، والشركات الأجنبية لا تريد أن يعى المواطن المصرى بهذه المشكلة ويبقى على جهله.
فيما يقول المهندس حسن القيعي،صاحب مشروع انتاج الكهرباء من مخلفات القامة، ان كل محافظات مصر لديها مشكلة في عملية تدوير القمامة، مشيرا الي ان مصر تخرج منها 27 مليون طن قمامة سنويا ولم تحقق الاستفادة منها حتي الان.
وأضاف أن اعادة التدوير ليست بدعة أو ترفاً فكرياً وإنما واقع مطبق فى العديد من الدول، عن طريق الدفع بالمواطن بفصل مخلفات الورق والبلاستيك والزجاج والصفيح عن المخلفات العضوية، وتقوم الجمعيات بتسلم المخلفات من المشتركين فى المشروع وتسليم الأموال لهم، التى تقدر حسب وزن المخلفات المتسلمة منهم، وبواسطتها تستطيع الأسر المشاركة فى الحصول على تخفيضات على أسعار المنتجات التى تقدمها المصانع والشركات المتعاونة، وبعدها يتم الانتقال من خطوة بيع ما تم جمعه وفرزه إلى خطوة إعادة التدوير بنسب تدريجية تصاعدية حتى الوصول إلى أعلى نسبة ممكنة .
واوضح بانه يكمن الاستفادة من قمامة مصر في انتاج الكهرباء والبداية تكون جمع القمامة، ثم فرز المخلفات القابلة للتدوير لاخراج الحديد والصاج منها، وتجنيب المواد العضوية شاملة أكياس البلاستيك، وفرم المواد العضوية، وتغذية مفاعل الإنحلال الحرارى بالمواد العضوية ليتم إنتاج المنتجات التالية من المفاعل الغاز الحيوى الذي يستخدم كوقود لوحدات القدرات التوربينة لانتاج الطاقة الكهربية، وانتاج وقود سائل حيوي يستخدم كوقود لوحدات ديزل لانتاج الكهرباء ايضا، واخير تتبقي نسبة ضئيلة من الفحم ويستخدم فى صناعة السماد العضوى أو يخلط مع الاسفلت لتمييز جودته وكفائته
واضاف : اذا علمنا ان مصر تنتج يوميا 27 مليون طن من المخلفات، يلزم للتخلص منها انفاق 30 مليار جنيه كل خمس سنوات، وذلك بدفنها في مدافن خاصة بذلك، لهذا يعد مشروع تحويل النفايات لطاقة كهربائية مشروع صديق للبيئة خاصة اذا علمنا ان نسبة الانبعاثات منه تصل لصفر %، ولا يتبقي من النفايات بعد حرقها سوي 4.5% بقايا مخلفات غير قابله للتدوير يتم استخدام تكنولوجيا RPPلكبسها وتحلالها عن طريق الانصهار، لتتمكن من صناعة السماد العضوى منها أو خلطها مع الاسفلت لتمييزه جودته وكفائته أو تدخل في عملية صناعة الاطارات
ووفقا لتقارير حكومية يوجد 66 مصنعا تعمل على تدوير المخلفات ولكنها تعمل ببطء، وقالت مصادر بوزارة البيئة ان الموزانة سبب رئيسى في تأخر انشاء المصانع التي تعمل على يتدوير المخلفات واضافت المصادر ان تدوير المخلفات والقمامة تحتاج الي استثمارات ضخمة .