إقامة عزاء إسماعيل الليثي.. غدًا    نورهان عجيزة تكشف كواليس اليوم الأول للمرحلة الأولى بانتخابات النواب 2025 في الإسكندرية    أسامة الباز.. ثعلب الدبلوماسية المصرية    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2025 وخطوات استخراجها مستعجل من المنزل    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    سلطنة عمان تشارك في منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي    بعد لقائه ترامب.. الشرع: دخلنا عهدًا جديدًا بعد سقوط بشار.. ولن نجري محادثات مباشرة مع إسرائيل    الإطار التنسيقي الشيعي يدعو العراقيين إلى المشاركة الواسعة والفاعلة في الانتخابات التشريعية    "ترامب": واثق في أن الشرع سيتمكن من أداء مهام منصبه    نجاح زهران ممداني حدث عالمي فريد    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    إصدار تصريح دفن إسماعيل الليثى وبدء إجراءات تغسيل الجثمان    جريمة أستاذ الجامعة    واخدها في حضنه، رانيا يوسف تخطف الأنظار مع زوجها في العرض الخاص ل"السلم والثعبان" (فيديو)    كندا تفقد وضعها كدولة خالية من الحصبة بعد 3 عقود    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    انهيار جزئي من عقار قديم بالمنيا دون خسائر بشرية    أمطار على هذه المناطق.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    وزارة الداخلية تكشف ملابسات واقعة السير عكس الاتجاه بالجيزة    انهيار جزئي لعقار قديم قرب ميدان بالاس بالمنيا دون إصابات    التعليم تعلن خطوات تسجيل الاستمارة الإلكترونية لدخول امتحانات الشهادة الإعدادية    أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    نفسنة أم نصيحة، روني يشن هجوما جديدا على محمد صلاح    بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز.. رضوى الشربيني داعمةً آن الرفاعي: «المحترمة بنت الأصول»    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    استعدادًا للتشغيل.. محافظ مطروح يتابع تأهيل سوق الخضر والفاكهة بمدخل المدينة    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    من البابونج للسلمون.. 7 أطعمة تساعد على تقليل الأرق وتحسين جودة النوم    استغاثة أم مسنّة بكفر الشيخ تُحرّك الداخلية والمحافظة: «رعاية وحماية حتى آخر العمر»    التخضم يعود للصعود وسط إنفاق بذخي..تواصل الفشل الاقتصادي للسيسي و ديوان متفاقمة    بعد لقاء ترامب والشرع.. واشنطن تعلق «قانون قيصر» ضد سوريا    وزير الخارجية ل«القاهرة الإخبارية»: مصر لن تسمح بتقسيم السودان تحت أي ظرف من الظروف    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    سعر الطماطم والخيار والخضار بالأسواق اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    تقارير: ليفاندوفسكي ينوي الاعتزال في برشلونة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تصيب فلسطينيًا بالرصاص وتعتقله جنوب الخليل    مشهد إنساني.. الداخلية تُخصص مأمورية لمساعدة مُسن على الإدلاء بصوته في الانتخابات| صور    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    تجنب المشتريات الإلكترونية.. حظ برج القوس اليوم 11 نوفمبر    المعهد الفرنسي يعلن تفاصيل الدورة الخامسة من مهرجان "بوبينات سكندرية" السينمائي    اليوم السابع يكرم صناع فيلم السادة الأفاضل.. صور    المغرب والسنغال يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية والتحضير لاجتماع اللجنة العليا المشتركة بينهما    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    ياسمين الخطيب تعلن انطلاق برنامجها الجديد ديسمبر المقبل    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    رجال الشرطة يجسدون المواقف الإنسانية فى انتخابات مجلس النواب 2025 بالإسكندرية    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحة عن تاريخ‮ ‬ الفنون التشكيلية في ليبيا

إذا أردنا أن نتتبع مسيرة حركة الفنون التشكيلية في ليبيا،‮ ‬فلا بد أن نتوقف لإلقاء نظرة ولو موجزة عن الأحداث التاريخية التي مرت بهذا البلد،‮ ‬ولنبدأ بمطلع القرن الحالي حيث كانت ليبيا ضمن المطامع الاستعمارية التي تقاسمت العالم،‮ ‬وكانت إيطاليا قد وضعت عينها علي هذا البلد حتي‮ ‬يكون شاطئا رابعا لها،‮ ‬خصوصا بعد تهالك الدولة العثمانية تلك الدولة التي أكلت الأخضر واليابس ولم تترك من بصماتها إلا الفقر والجهل والمرض‮. ‬وهكذا أصبحت ليبيا فريسة لغزو إيطالي وحشي لا‮ ‬يرحم ودفع الشعب الليبي الأعزل أكثر من نصف سكانه وسجل بطولات نادرة شهد بها الأعداء وجابت القوات الايطالية البلاد شرقا وغربا وجنوبا لتدمير ما تبقي‮. ‬وما كادت الحرب الإيطالية تضع أوزارها حتي بدأت الحرب العالمية الثانية،‮ ‬وكانت الأرض الليبية مسرحا لكر وفر القوات المتناحرة التي تتصارع علي اقتسام العالم كالوحش علي فريستها،‮ ‬ولم‮ ‬يكن لأهل البلد في هذه الحرب ناقة ولا جمل‮.‬
في هذه الأحداث المأساوية الداكنة،‮ ‬كانت الحياة فوق هذه الأرض شبه مستحيلة،‮ ‬القتل والتشريد،‮ ‬الهجرة،‮ ‬المطاردة بالإضافة إلي قسوة الطبيعة حيث أن اغلب مساحة البلاد صحراء بحار من الرمال،‮ ‬بلا ماء بلا عشب،‮ ‬فلا استقرار ولا عيش كريم‮.‬
ومن المعلوم أن الحياة التشكيلية لا توجد إلا في كنف الاستقرار ولا تزدهر إلا في ظل العيش الهني،‮ ‬لهذا فان إنسان تلك الفترة لم‮ ‬يقم بأي نشاط ثقافي‮ ‬يذكر،‮ ‬وأني له ذلك ومن نجا منهم فهو‮ ‬يعيش من اجل البقاء أن كان قادرا علي التنفس‮.‬
تلك فترة من الزمن مرت بكل بشاعتها وقسوتها ثم هدأت،‮ ‬أصوات المدافع والبنادق وتلاشت رائحة البارود،‮ ‬ثم‮ ‬يفاجأ الليبيون مرة أخري بأنهم تحت سيطرة أخري،‮ ‬قواعد أمريكية وبريطانية،‮ ‬وجالية إيطالية وعالق الليبيون سنوات الرماد بعد سنوات الجمر‮. ‬أنشأ الإيطاليون أثناء بقائهم بعض المباني الإدارية والسكنية‮. ‬كان تأثير المعمار الليبي واضحًا فيها‮. "‬فندق عين الفرس‮ " ‬بواحة‮ ‬غدامس‮ "‬دار قولبي‮" ‬بطرابلس المتحف الإسلامي حاليا‮.‬
شيد الإيطاليون الكنائس ورسموا عليها بعض الأعمال كما في كنيسة القديس فرنسيس‮. ‬وكان بعض الرسامين الإيطاليين‮ ‬يقومون برسم الدعاية التجارية والسياسية وأغلفة المجلات،‮ ‬وظهرت في الميادين بعض الأعمال الفنية منها‮ " ‬نافورة الخيول‮ " ‬بميدان الشهداء بطرابلس‮ " ‬نافورة الغزالة‮ " ‬ومشا هد استعمارية‮ " ‬الذئبة وأبناؤها‮ " ‬وهذه أزيلت ووضع مكانها تمثال لفارس من ليبيا‮. ‬ونقل تمثال‮ " ‬سبتيموسسيفروس‮ " ‬إلي مدينة لبدة الأثرية مسقط رأس الإمبراطور‮.‬
رغم كل العواصف العاتية وسنوات الرماد الكئيبة استطاع الشعب الليبي أن‮ ‬يصمد ويضمد جراحه ويبدع فحافظ علي أصالته في المدن والقري والأرياف والواحات وتحت الخيام في مجاهل الصحراء،‮ ‬كانت الفنون التقليدية كالزخرفة والتطريز وصناعة البسط والكلم والمرقوم وملابس الرجال والنساء والأحذية،‮ ‬صناعة ا لسروج والحصر والأدوات التقليدية المستعملة من سعف الخيل وغيرها من المواد،‮ ‬تفننوا في زخارف ا لبيوت والأدوات المنزلية،‮ ‬حافظت العمارة علي جمالها وبساطتها في المباني والبيوت والمساجد والخلوات الصوفية حتي امتدت‮ ‬يد المعماري الفنان إلي أن تتقن حتي في مصادر المياه لتبدع شكل انسيابية بهندستها وجمالها وبساطها‮.‬
في تلك الفترة تأثر بعض الفنانين التشكيليين من تلك الأشكال والمعطيات والأساليب وكان من الذين تأثر بذلك المرحوم‮/ ‬المهدي الشريف والمرحوم محمد الارناؤوطي،‮ ‬وأبو القاسم فروج‮ ‬،‮ ‬ثم خرج جيل آخر وخصوصا بعد فتح المدارس الثانوية العربية‮.‬
ثم توالت المواهب فكان في طرابلس الفنان محمد البارود والفنان عبد المنعم بن ناجي والفنان الهاشمي داقيز والفنان علي القلالي‮. ‬كان الفنان محمد الباروني عصامياً‮ ‬ومحترفاً‮ ‬للرسم إلي اليوم وكان له مرسم خلال الستينات والسبعينات علي شاطئ جنزور،‮ ‬ثم استقر به المقام رساماً‮ ‬في بيته أما الآخرون فقد تم حصولهم علي بعثات دراسية إلي الخارج في مجال الفنون وانهوا دراستهم وعادوا ليساهموا في إثراء الحركة التشكيلية كل حسب تخصصه واختياره‮.‬
كذلك،‮ ‬التحق الفنان علي سعيد قانة ببعثة دراسية في فن النحت والرسم‮ ‬الزيتي فبجداري والتحق الفنان مصطفي الخمسي،‮ ‬والتحق الفنان الطاهر الأمين المغربي،‮ ‬والفنان محمد عبد الحميد الصيد والفنان احمد الشريف والفنان المرحوم احمد الحاراتي والفنان عبد السلام المرابط الفنان محمد عزو والفنان علي ارميص والفنان‮ ‬يوسف كافو والفنان علي مصطفي رمضان والفنان محمود الشريف والفنان محمد شعبان‮.‬
وبعدما انهوا دراستهم الاكاديمية بدأوا‮ ‬يعودون تباعا منهم من تحصل علي درجات متفوقة عادوا ليأخد كل منهم مكانه بين صفوف مجتمعهم سواء بالتدريس بالجامعات والكليات والمعاهد أو التحقوا بالدوائر التي تهتم بهذا المجال‮.‬
تأسس نادي الرسامين سنة‮ ‬1960علي‮ ‬يد مجموعة من الهواة ومحبي هذا الفن وكان مقره مغمورا بإحدي الفرق المسرحية سرعان ما تركوه لمجموعة من الشباب من-الجيل الجديد الذين تألقوا في المعارض المدرسية والمهرجانات الشبابية،‮ ‬منهم علي العباني أحمد المرابط،‮ ‬محمد الحاراتي خليفة التونسي،‮ ‬محمد الساعدي‮ ‬يوسف القنصل،‮ ‬فتحي الخراز والصيد الفيتوري كانوا أعضاء في إدارة النادي وكان‮ ‬يتردد علي النادي مجموعة من الهواة منهم احمد ابوصوة مفتاح أبو طلاق،‮ ‬احمد التركي،‮ ‬عبد القادر المغربي،‮ ‬علي عامر،‮ ‬عمر سويدان بالإضافة إلي مجموعة من الشباب محبي هذا الفن وقد قاموا جميعا رغم الإمكانيات المتواضعة لعدة نشاطات جماعية ومعارض بجناح خاص بمعرض طرابلس الدولي سنويا وأقاموا معرضا بنادي الهلال بمدينة بنغازي‮. ‬أقام الفنان الطاهر المغربي قبل أن‮ ‬يوفد للدراسة مع الفنان محمد عزو والفنان الأمين المرغني بمدينة طرابلس المعرض الليبي الأول‮.‬
أسس الفنان علي سعيد قانة قسم الفنون التشكيلية بالجامعة بمدينة طرابلس واسهم في تخريج العديد من الفنانين سواء‮ ‬بقسم الفنون أو العمارة وكانت له إسهامات جادة بنادي الرسامين‮.‬
عاد الفنان الطاهر المغربي بعد منتصف الستينات وكان له إسهام طيب بنادي الرسامين وترأس إدارته إلي أن قام هو ومجموعة من الفنانين منهم‮- ‬علي العباني علي أرميص خليفة التونسي المرحوم علي بركة قاموا بتأسيس دائرة الفنون الجميلة بوزارة الثقافة تلك الدائرة التي كانت امتدادا طبيعيا لنادي الرسامين التي انتهت مهمته في تلك الفترة‮. ‬أقامت دائرة الفنون هذه عدة معارض جماعية ومسابقات فنية ورصدت عدة جوائز في مجال الفنون التشكيلية والخط والزخرفة،‮ ‬ووضعت للفنون التشكيلية المفهوم الصحيح،‮ ‬واستضافت معرض السنتين العربي بمدينة طرابلس سنة‮ ‬1960‮ ‬م‮.‬
تم توالت البعثات الدراسية التحق الفنان بشير حمودة،‮ ‬ثم علي العباني‮ ‬يوسف القنصل،‮ ‬والمرحوم مسعود الباروني التيجاني أحمد زكي،‮ ‬فتحي الخراز ثم عمر الغرياني،‮ ‬سالم التميمي،‮ ‬محمد الشريف،‮ ‬فوزي الصويعي،‮ ‬عياد هاشم‮.‬
من الفنانين الذين كان لهم نشاط بارز في مدينة بنغازي حسن بن دردف عمل رئيسا لدائرة الفنون التشكيلية ببنغازي‮- ‬والفنان أحمد أبو ذراعه رئيسا لقسم الفنون بالجامعة الفنان محمد استيته مدرسا بجامعة بنغازي‮ - ‬اسمهان الفرجاني خريجة كلية الفنون القاهرة الفنان محمد سويسي رئيس قسم الفنون بمدينة درنة وغيرهم من الشباب الواعد الذين لا‮ ‬يتسع المجال لذكرهم‮.‬
ان الفنان عبد السلام النطاح والفنان المرحوم مسعود الباروني‮ ‬يمثلون ثنائيا منسجما‮ ‬يحترفون الرسم إلي جانب تدريسهم لهذه المادة وكان ثالثهم الفنان حسين الجواشي الذي كان تدريسه للرسم‮ ‬يأخذ كل وقته وجهده‮.‬
أما مجموعة مدينة الزاوية فهناك الفنان عمران بشنة والفنان عبد الصمد والفنان محمد الاصقع وغيرهم من الشباب‮. ‬كان محور الإنتاج الفني منذ بدايته محاكاة للواقع‮.‬
افتتن الفنانون بالريف الجميل البكر،‮ ‬والحياة الشعبية الوديعة،‮ ‬والحنان العائلي الرائع الذي ضم الأسر بعد سنوات البعد والتشرد،‮ ‬وكان دفء المعاملات الحميمة بين الناس في المدن والقري والضواحي،‮ ‬في الأسواق والشوارع في الحارات والأزقة كانت الصحراء بواحاتها ونجوعها‮- ‬بخيلها بفرسانها وبجمالها وكانت الأرض الطيبة بضوئها وظلها بشمسها الساطعة وليلها المتوج بالقمر والمرصع بالنجوم ببحرها الغضوب شتاء والرقراق في كل صيف بسحبها الحبلي بالخير والعطاء بنخلها وزيتونها برمانها وريحانها،‮ ‬وبتراثها وانتمائها بميراثها الحضاري وأصالتها‮.‬
كان ذلك كله هو النبع الذي ارتشف منه الفنان رحيق إبداعه ليحيله إلي لوحات تجسد ارتباطه بأرضه وقيمه ولاقت هذه الأعمال استحسانا داخل البلد وخارجه بالمعارض الجماعية والفردية‮.‬
وكان هناك جانب آخر للحركة التشكيلية وهو جانب الفن الساخر‮ " ‬الكاريكاتير‮" ‬وهو جانب مهم جدا كان له التأثير القوي في الحياة الاجتماعية والثقافية في ليبيا‮. ‬وقد مر الفن الساخر بنفس الظروف المذكورة كانت أيضا هناك مجموعة من الفنانين تناضل من اجل أن تعبر عما‮ ‬يجيش في أعماق الناس ولان الرسم الساخر اكثر تأثيرًا في الظروف السياسية وخصوصًا في المجال الصحفي فقد انفردت ثلة من ممارسي هذا الفن من الأوائل منهم الأستاذ فؤاد الكعبازي،‮ ‬الفنان محمد شرف الدين والأستاذ محمد أمين شقليله والفنان عبد المجيد الجليدي،‮ ‬صالح بن دردف وتأكد مفهوم هذا الفن في نفوس الناس حينما بدأت ريشة الفنان محمد الزواوي تشهر نفسها مع مطلع الستينات كان الفنان المبدع محمد‮ ‬يسلط الضوء علي السلبيات السياسية والاجتماعية كان الفنان محمد الزواوي عصاميا شق طريقه بكل قوة ومع مرور الأيام أسس مدرسة قائمة بذاتها تؤكد عالميتها في هذا المجال والفنان محمد الزواوي‮ ‬يحن إلي الرسم الواقعي في كثير من الأحيان‮. ‬وقد أبدع بعدة أعمال فنية رائعة لها خصوصيها وهو‮ ‬يستمد أعماله من واقع الحياة الشعبية الليبية‮.‬
وظهرت مجموعة أخري من الشباب أجادت الرسم الساخر وقد تم نشر مجموعة من الأعمال علي صفحات المجلات والجرائد كان منهم من تأثر بمدرسة الفنان محمد الزواوي ومنهم من كانت له شخصيته المستقلة،‮ ‬ومن الفنانين الذين أبدعوا في هذا الفن محمد عبية،‮ ‬محمد الشريف،الفنان المهدي الشريف سبق ذكره في أول المقال‮. ‬د.عياد هاشم،‮ ‬التيجاني احمد زكري‮ -‬وهؤلاء‮ ‬يجيدون الرسم الواقعي وأقاموا عدة معارض فردية ومشتركة والفنان محمد نجيب واحمد ابوقريفة،‮ ‬عوض القماطي وعبد الرحمن بحيري‮- ‬وغيرهم‮.‬
زادت دائرة الفنانين التشكيليين اتساعا وأدت الكليات والمعاهد دورها في أقسام الفنون التشكيلية وتخرج الكثيرون من الجيل الجديد وضاقت أقسام الكلية بالراغبين للالتحاق لدراسة هذه الفنون الأمر الذي عجل قبل نهاية الثمانينات بأنشاء كلية الفنون الجميلة والإعلام وهو حلم راود الكثير،‮ ‬ومع مرور ا لسنوات بدأت دفعات من الجيل الواعد تتخرج تباعا من كل فروع وأقسام الكليات والمعاهد الأخري ذكورا وإناثا سيذكرهم المستقبل كل حسب نجاحه‮.‬
أدت وحدات الفنون التشكيلية في‮ ‬مدن الجماهيرية بدور كل منها حسب إمكانياتها المتاحة‮. ‬وقدمت وحدة الفنون التشكيلية بطرابلس معرضها السنوي سنة‮ ‬1989‮- ‬1995‮ ‬الذي ضم مجموعة طيبة من الأعمال الفنية للفنانين العاملين بالوحدة في تلك السنة وهم‮- ‬الطاهر المغربي وعلي العباني واحمد المرابط وعبد الفتاح إسماعيل والتيجاني أحمد زكري وعمر الغرياني و فوزي الصويعي و سالم التميمي ومرعي التليسي‮.‬
أنشئت الدار الليبية للفنون ولها قاعة عرض جميلة بمجمع‮ ‬ذات العماد كانت جهود الفنان علي مصطفي رمضان في إنشائها واضحة وطيبة‮. ‬كما أنشئت دار الفنون بشارع السابع من نوفمبر بطرابلس وكانت أيضًا لها قاعة جميلة وكانت جهود الفنان علي مصطفي رمضان والفنان فوزي الصويعي مع ثلة من محبي هذا الفنان واضحة وقد تم بالدارين المذكورتين عدة معارض جماعية وفردية ذات مستوي رفيع‮. ‬أنشئت عدة قاعات خاصة بمختلف المدن الليبية‮.‬
طور العمل الفني وأصبح أكثر رصانة وأجود تقنية وأفضل إبداعا وأوسع وعيا،‮ ‬لم تمر مناسبة وطنية أو قومية إلا وكان للفنانين إسهامات جادة بها،‮ ‬أقيمت المعارض المتنوعة الفردية والجماعية ساهم الكثير منهم بتصميم العديد من الأوسمة والأنواط والشعارات،‮ ‬رسمت الملصقات والتصاميم اقتنيت الكثير من الأعمال الأصيلة ثم استنساخ العديد منها‮. ‬دخلت اللوحة الفنية إلي الفنادق والأروقة والدوائر والبيوت،‮ ‬ثم إنجاز الكثير من الأعمال الجدارية‮. ‬ارتفعت قيمة العمل الفني بعدما كان‮ ‬يباع للسائحين برخص التراب‮. ‬كل ذلك لم‮ ‬يكن عملا سهلا بل علي العكس تماما فقد ناضل الرواد ومن تبعهم بجهد لا‮ ‬ينقطع وصبر لا‮ ‬ينفد وعزيمة لا تلين‮.‬
هذه ومضة مختصرة وشريط عابر عن مسيرة الفنون التشكيلية في ليبيا،‮ ‬قد أكون نسيت الذين لم تسعفني الذاكرة علي تذكرهم فأرجو المعذرة من الذين لم أتذكر،‮ ‬وكل ما‮ ‬يهمني في هذا السرد لحركة الفنون التشكيلية التي كان في الماضي اسمها مغمورا وطلسما لدي الكثير أصبحت اليوم تبشر بمستقبل زاهر‮. ‬وهذا أيضًا طموح كل المحبين لهذا الفن الرفيع‮ ‬في هذا البلد الجميل‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.