أجمع الفنانون التشكيليون والنقاد بليبيا أن إعادة البنية التحتية لهذا الفن الأصيل فى ليبيا من معارض ومراسم ومتاحف وقاعات عرض مختلفة وكليات فنون وغيرها من المعطيات الفنية، هو الخطوة الأولى لتحقيق أحلام وطموحات الفنانين الذين حرموا من الانطلاق طوال عهد النظام الشمولى الذى انتصر الشعب بثورته بإبادته بإنطلاق ثورة يوم 17 فبراير 2011 والتى ساهم الفن بكل أنواعه فى الصمود حيث اندمج الفنانون مع أبناء الشعب للوقوف أمام الجبروت حتى زال. وقال الفنان عدنان أمعتق عضو الوفد الليبى المشارك فى معرض القاهرة الدولى للكتاب - فى تحقيق للنشرة الثقافية لوكالة أنباء الشرق الأوسط: إن ليبيا لديها حركة قوية فى الفن التشكيلى من جيل الرواد الكبار والأساتذة والشباب ونأمل أن تحدث فى المرحلة المقبلة نهضة فى كل الفنون، خاصة الفن التشكيلى كما هو متبع فى أعقاب الثورات ، فالفن التشكيلى هو قمة التعبير عن الروح وجمال البصر والرؤية، وهو الأكثر استجابة للتقدم بعد الثورات، وسيكون فى مقدمة الفنون التى ستشهد تقدمًا مذهلاً ويتبعه كل الفنون المختلفة من الموسيقى والسينما والمسرح والأدب بما فيه الرواية والقصة والشعر. وقال: إن ليبيا بدون الفنون لن تعود، مشيرًا إلى ما كان عليه حال الفنون والأدب فى عهد النظام البائد الذى وظف أدوات الإبداع للتمجيد له. واعترف بوجود كثير من المشاكل ولكن سوف تعبر ليبيا فى كل المجالات ومنها الفن التشكيلى هذه المرحلة بجهود كل المخلصين فى مجالات الفنون المختلفة . أما الفنان عادل الفورتية فقال: إن الليبيين كانوا من مجمل شعوب المنطقة التى شهدت تعاقب الحضارات وأزمانًا مختلفة، ولاشك فى أن تأثير الحضارة المصرية على الشعب الليبى ظاهرًا فى مناحى عدة، حيث يذكر التاريخ هذا التمازج الكبير بين الشعوب وعليه فإن الواقع يشهد لنا بأن المجتمع الليبى كان صاحب نظرة فنية دقيقة وفاحصة لما كان يجرى حوله. وأشار إلى تطور المفاهيم الجمالية للوحة التشكيلية إبان فترة الاستقلال عن الاستعمار الإيطالى وحدوث حالة الاستقرار التى سادت المنطقة العربية فى النصف الأول من القرن الماضى، والتى شهدت تأسيس منتديات فنية وظهور فنانين طلائعيين، وكان للأجيال الفنية الجديدة مكانتها الفنية الراقية بإنتاجها المتواصل والدؤوب فى مختلف مناطق وأنحاء ليبيا. ومن جهته، قال الفنان محمد ترهونى إن الفن التشكيلى عاش فى ظروف إستثنائية وأعطى الوهج فى ظل المناخ المتاح، وكان له صوت بشكل ما، وأعطى صورة عن ليبيا وتاريخها ورسم بكل أنواع المدارس وتمنى أن ليبيا بعد 17 فبراير والتى نالت الحرية بعد أربعين عامًا من النظام الديكتاتورى أن يتم تفعيل المشاريع والقرارات بالتعاون مع الفنانين لبناء حركة فنية بعد حصر مطالب الفنانين والاحتياجات الأساسية لهم. وأضاف: إن الفن التشكيلى فى ليبيا قدم أعمالاً مستلهمة من التراث الليبى والحضارات المختلفة، منها الحضارة المصرية القديمة والعمارة الإسلامية الرائعة التى أضافت إليها ليبيا بمايعرف بالهوية الليبية فى الفن التشكيلى، والتى تمثلت فى أعمال المعماريين والفنانين التشكيليين من أمثال الرواد محمد البارونى وعبد المنعم بن مناجى وعلى القلالى وعلى العبانى وأحمد المرابط والصيد الفيتورى، والجيل المتواصل يوسف فطيس، والفنانة عفاف الصومالى، وعمر الغريانى، والفنانة أسمهان الفرجانى التى تخرجت فى كلية الفنون بالقاهرة، والفنان عوض عبيدة الذى كان له دور رائد فى توثيق البيئة المحلية فى بنغازى، والفنان المصور فتحى العريبى الذى يأتى ضمن قائمة التجديد، وأيضًا رمضان القنيدى ومصباح الكبير والفنان جمال شنيشح وبشير شتوان. أما الفنان الليبى عمر جهان الذى يعيش فى مصر منذ 34عامًا، فأكد أن ليبيا ستشهد انطلاقة فنية بعد أن تعثرت إبان عهد النظام البائد مما جعل الكثير يلجأون إلى الخارج والاستقرار، وظل الكثير من الفنانين يناضلون للبوح وإثراء الحركة التشكيلية داخل الواقع الليبى المرير بمحاولات عدة لتأسيس منتديات وصالات عرض داخل المدن، إلا أن معظمها إن لم يكن مجملها لم يحقق إلا لفترات محدودة، حيث إن تلك المحاولات اصطدمت بالعديد من العراقيل، مشددًا على إصرار الفنانين بجانب المسئولين على إظهار وجه ليبيا الفنى الثرى بتراثه بجانب الحداثة.