ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    وزير المالية: نعمل على خفض زمن وتكلفة الإفراج الجمركي    غدا.. كامل الوزير يلتقي مع المستثمرين الصناعيين بمحافظة البحيرة لعرض مطالبهم    وزيرة التضامن الاجتماعي: نعمل على تمكين الشباب والسيدات وصغار المنتجين    «الأونروا»: يجب السماح بتدفق الإمدادات إلى غزة دون عوائق أو انقطاع    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    توتر جديد بين واشنطن وموسكو.. ترامب يُهاجم بوتين ويهدد بعقوبات غير مسبوقة    كيف يساعد الغرب روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا؟    "كل لحظة ستظل في قلبي".. رسالة وداع من يانكون إلى جماهير الأهلي    التضامن: وصول آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    «الداخلية»: ضبط 310 قضايا مخدرات و170 قطعة سلاح ناري    ديانا حداد والدوزي يشعلان الصيف بديو "إهدى حبة" (فيديو)    حملة تبرع بالدم بمشاركة رجال الشرطة بالبحر الأحمر    فتح باب القبول بالدراسات العليا في جميع الجامعات الحكومية لضباط القوات المسلحة    أمين الأعلى للشئون الإسلامية: مواجهة التطرف تبدأ من الوعي والتعليم    انطلاق قافلة دعوية مشتركة إلى مساجد الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء    نقابة المهندسين تبدأ فى تسفير أفواج الحجاج إلى الأراضي المقدسة    سعر الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 12جنيه    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة للمغفرة مكتوب (ردده الآن كثيرًا)    باريس سان جيرمان بالقوة الضاربة فى مواجهة إنتر بنهائي دوري الأبطال    «الرعاية الصحية» تفوز بجائزة العمل المميز في التمريض مناصفةً مع السعودية    «الرعاية الصحية» تعتمد قرارات إستراتيجية لدعم الكفاءة المؤسسية والتحول الأخضر    نائب وزير الصحة يتابع تطوير المنشآت الطبية بالبحر الأحمر ب10 قرارات حاسمة    إمام عاشور يحسم الجدل: باقٍ مع الأهلي ولا أفكر في الرحيل    تكبير ودعاء وصدقة.. كيف ترفع أجرك في أيام ذي الحجة؟    ماسك يكشف عن خلاف مع إدارة ترامب    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    "الشربيني": بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ب"سكن لكل المصريين 5" بنتيجة ترتيب الأولويات    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    طريقك أخضر‌‍.. تفاصيل الحالة المرورية الجمعة 30 مايو بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    أسعار البيض بالأسواق اليوم الجمعة 30 مايو    المضارون من الإيجار القديم: مد العقود لأكثر من 5 سنوات ظلم للملاك واستمرار لمعاناتهم بعد 70 عامًا    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    الإفتاء: الأضحية المعيبة لا تُجزئُ عن المضحي    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    مدحت العدل يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن شكوى جمعية المؤلفين.. ما علاقة حسين الجسمي؟    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    مفاجأة، ريا أبي راشد تعلن خوض تجربة التمثيل لأول مرة (فيديو)    مجموعة الموت.. المغرب تصطدم ب«إسبانيا والبرازيل» في كأس العالم الشباب 2025    22 مصابًا في انقلاب "أوتوبيس" بالسادات في المنوفية    بعد أنباء رحيله.. كونتي مستمر مع نابولي    العرض الموسيقي «صوت وصورة» يعيد روح أم كلثوم على مسرح قصر النيل    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر صلاح اللقاني‮: ‬أنا صياد لحظات الوجود الكثيفة
في حوار عن الشعر والنقد والظلم وديمقراطية السوشيال ميديا‮:‬

الشاعر المصري صلاح اللقاني من أهم شعراء الوطن العربي،‮ ‬وإحدي التجارب الشعرية المتميزة في جيل السبعينيات المصري،‮ ‬استطاع أن‮ ‬يعمل علي موهبته بوعي ودأب وإخلاص علي مدار أربعين عاما،‮ ‬ولد بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة في اكتوبر‮ ‬1945،‮ ‬تخرج في كلية الهندسة‮ ‬
جامعة الإسكندرية عام‮ ‬1972،‮ ‬عمل بعد تخرجه في وزارة الري المصرية،‮ ‬وشارك في إصدار مجلة‮ "‬مصرية‮" ‬في حقبة السبعينيات فيما كان‮ ‬يسمي بثورة الماستر ردا علي القيود المفروضة من قبل نظام السادات علي الفكر التقدمي،‮ ‬شارك في الإصدار الثاني لمجلة‮ "‬إضاءة‮" ‬التي كرست لشعر الحداثة في مصر‮.‬
صدرت له عدة مجموعات شعرية هي‮ "‬أغنية لسيناء‮" ‬عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام‮ ‬1975و‮ "‬النهر القديم‮" ‬عن دار النشر للجماهير عام‮ ‬1978‮ ‬طبعة أولي وصدرت طبعته الثانية ضمن مطبوعات كتاب إضاءة عام‮ ‬2000‮ ‬و"ضل من‮ ‬غوي وسر من رأي وما بينهما من منازل‮" ‬عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬1990‮ ‬و"تاسوعات‮" ‬عن دار النهر للنشر عام‮ ‬1996‮ ‬طبعة أولي وصدرت طبعته الثانية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن مطبوعات مكتبة الأسرة عام‮ ‬2003‮ ‬و"ترتيب اللحظات السعيدة‮" ‬عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬2009‮ ‬و"مرج البحرين‮" ‬عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام‮ ‬2009‮ ‬و"رنين الرمل‮" ‬عن المجلس الأعلي للثقافة عام‮ ‬2014‮ ‬و"الأعمال الشعرية الكاملة‮" ‬في جزأين عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬2013‮ ‬و"ذهب الفراش‮" ‬عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام‮ ‬2015.‬
فاز ديوانه‮ "‬مرج البحرين‮" ‬بجائزة أفضل ديوان شعري في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام‮ ‬2014.‬‮.. ‬التقيت به فكان معه هذا الحوار‮.‬
لنتحدث عن بداياتك الشعرية‮.. ‬لمن قرأت من الشعراء آنذاك؟ ومن الذي‮ ‬أثر فيك؟
كانت أناشيد الصباح في المرحلة الابتدائية تفتنني،‮ ‬وعندما وصلت إلي المرحلة الإعدادية بدأت أحاول أن أصوغ‮ ‬النشوة التي أتلقاها من النماذج الشعرية المقررة علينا بنفسي وعلي‮ ‬غرارها،‮ ‬لم أكن أعرف شيئا عن العروض وعلمت من عم لي أن للشعر ميزانا هو البحور الخليلية،‮ ‬وحصلت منه علي كتاب في العروض‮ .‬
في مكتبة مدرسة دمنهور الثانوية تعرفت علي الشعر التفعيلي،‮ ‬ووقع في‮ ‬يدي ديوان للدكتور أحمد كمال زكي اسمه‮ "‬أناشيد صغيرة‮" ‬فوقعت في فتنته،‮ ‬وتعرفت بعدها علي نماذج من شعر صلاح عبد الصبور من الراديو في برنامج أسبوعي لفاروق شوشة،‮ ‬بعدها داومت علي مجلة الشعر،‮ ‬وكتابات دكتور لويس عوض في أهرام الجمعة،‮ ‬كما تعرفت علي كتابات العقاد النقدية،‮ ‬ومنها عرفت أسماء لكتاب وفلاسفة ومفكرين فتابعتهم وبحثت عنهم‮.‬
لقد قرأت السياب والبياتي وحجازي وعفيفي مطر وأمل دنقل،‮ ‬كل حرف قرأته في الشعر أو في سائر الفنون والآداب والفلسفة والتاريخ والعلوم الإنسانية ساهم في بناء ذائقتي وتكوين رؤيتي للإنسان وللمجتمع وللكون‮ .‬
‮- ‬ما هو الشعر عند صلاح اللقاني؟
السؤال عن ماهية الشعر من أصعب الأسئلة المطروحة علي وعي الناقد والشاعر معا،‮ ‬وبالتالي فإنني سأحاول أن أقترب من تجربتي الشخصية مع تلك الفعالية الإنسانية المسماة بالشعر منذ أن بدأت أتعامل مع النصوص الشعرية المقررة علينا في مدرسة دمنهور الإعدادية،‮ ‬وهي المدرسة التي أزيلت من خريطة دمنهور،‮ ‬و أقيمت في مربعها الفسيح مباني أرض الميري الحالية،‮ ‬بدأت أعيش نشوة النصوص التي أبدعها أحمد شوقي وحافظ والفيتوري وغيرهم ممن كانت نصوصهم مقررة علينا،‮ ‬تلك النشوة،‮ ‬وهذا الجمال،‮ ‬هما المغناطيس الذي جذبني إلي عالم الشعر،‮ ‬مأخوذا برغبة حارقة‮ ‬أن أصوغ‮ ‬جمالا مثله،‮ ‬وأن أبدع نشوة كالنشوة التي اختبرتها في تلك النصوص،‮ ‬بدأت محاولاتي الأولي في الكتابة الشعرية بدون هذا الجمال،‮ ‬وبغير تلك النشوة فأنت خارج مملكة الشعر‮.‬
‮- ‬هل كان لابتعادك عن القاهرة وتمسكك بالإقامة في دمنهور تأثير سلبي عليك وعلي مسيرتك؟
عملت منذ تخرجي من كلية الهندسة جامعة الإسكندرية عام‮ ‬1972‮ ‬مهندسا بوزارة الري‮.‬
وتم تكليفي للعمل بإدارة الري بالبحيرة،‮ ‬وخضعت من‮ ‬يومها لسنن وقوانين تلك الوزارة العتيدة،‮ ‬بالإضافة إلي أنني كنت لا أميل لسكني المدن الكبيرة،‮ ‬فضلا عن أنني لم أكن أستطيع أن أبتعد عن مسئوليات عائلية تمنعني من الاستسلام لريح الحياة الفوضوية،‮ ‬إنني صنعت نصي وأنا مقيم في دمنهور،‮ ‬ونسجت صداقاتي الأدبية وأنا مقيم في دمنهور،‮ ‬الشيء الوحيد الذي عانيت منه هو تجاهلي من أناس أعرف أنهم‮ ‬يقدرون كتابتي،‮ ‬بمنطق إن البعيد عن العين بعيد عن القلب،‮ ‬لكن إذا كان لذلك الابتعاد عيبه فقد حماني من الدخول في احتراب القبائل الطاحن الذي كثيرًا ما تدور رحاه بين المثقفين‮.‬
‮- ‬حدثني عن المرأة في شعرك؟
لست شاعرا للمرأة،‮ ‬ولست شاعرا لأي عنوان عريض‮ ‬يضع الشعراء أنفسهم تحته‮. ‬
أنا صياد لحظات الوجود الكثيفة،‮ ‬وليس للمرأة،‮ ‬ولا لأية مفردة وجودية حضور إلا بكينونتها داخل شبكة التجربة الروحية التي‮ ‬يرتطم وعيي بها،‮ ‬وينصهر بدني فيها‮. ‬
‮- ‬مَنْ‮ ‬مِنَ‮ ‬الأصوات الشعرية الموجودة الآن‮ ‬يعجبك؟ وما هو تقييمك لما‮ ‬يجري في الساحة الشعرية؟
نحن نعيش حقبة تجتمع فيها كل الأزمنة الشعرية،‮ ‬من اللحظة الخمسينية التي شكلت وعي أحمد عبد المعطي حجازي،‮ ‬إلي الراهن الزمني الذي‮ ‬يشكل وعي شاب مثل محمد القليني،‮ ‬لم‮ ‬يتم الحسم الحضاري فبقيت أشكال الشعر تصوغ‮ ‬نصوصها،‮ ‬وتستخرج من ضوء الشمس ألوان طيفه السبعة أما الذين‮ ‬يعجبونني فهم قليل،‮ ‬لأن الشعر الذي‮ ‬يستحق اسمه قليل،‮ ‬علي كثرة من‮ ‬يسمون أنفسهم شعراء‮.‬
‮- ‬ما الذي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يثري النص الشعري من وجهة نظرك؟
ينتج الخباز أرغفة بقدر مخزونه من الدقيق،‮ ‬وللأسف فإن الكثير من شعرائنا‮ ‬يخبزون الهواء،‮ ‬وينتجون شعرا‮ ‬يخاصم الذاكرة،‮ ‬ولا تتركه علي وعد بلقاء آخر،‮ ‬بل إن أول قراءة له هي في الوقت نفسه القراءة الأخيرة،‮ ‬القصيدة الجميلة كالمرأة الجميلة،‮ ‬توقعك في أسر فتنتها،‮ ‬فلا تملك إلا معاودة زيارتها مرات عدة،‮ ‬فالأمر‮ ‬يتعلق بالمعرفة والحياة،‮ ‬وبدونهما لن تجد إلا نصوصا فقيرة لا تسمن ولا تغني من جوع‮.‬
‮- ‬منجزك الشعري علي مدار‮ ‬40‮ ‬عاما هل تم تسويقه بشكل‮ ‬يرضيك؟
أنا لا أملك مهارة الدعاية لشخصي علي أي مستوي،‮ ‬وهي مهارة أجدها عند الكثيرين الناجحين في جعل منتجهم بصرف النظر عن قيمته،‮ ‬ملء السمع والبصر،‮ ‬أنا أكره الوقوف في الطوابير،‮ ‬وإن رأيتني‮ ‬يوما واقفا في أحدها فستراني في آخره،‮ ‬فما أشد كرهي للمزاحمة،‮ ‬أما واجب الناقد في البحث والتقصي عن النصوص التي تستحق المتابعة فهو واجب تخلي عنه معظم نقادنا،‮ ‬وهو ما‮ ‬يمثل خطيئة فكرية وأخلاقية في نفس الوقت‮.‬
‮- ‬هل تتفق معي أن فوز ديوانك‮ "‬مرج البحرين‮" ‬بجائزة أفضل ديوان شعري في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام‮ ‬2014‮ ‬قد تأخر كثيرا؟
ليس فقط ديواني بل مشروعي الشعري بكامله،‮ ‬إنه التطبيق المأساوي للمثل الشعبي‮ "‬البعيد عن العين بعيد عن القلب‮" ‬فهل تعلم أنني لم أدع لأي مهرجان شعري ممثلا لمصر بالخارج سوي مرة وحيدة عام‮ ‬2013‮ ‬للعراق،‮ ‬وحين سألت موظفة شركة الطيران العراقية متوجسا بينما أنهي إجراءات سفري عن حالة الأمن بالعراق،‮ ‬ردت علي قائلة‮:"‬والله اللي بيروح بيرجع برضو‮" ‬تلك هي المرة الوحيدة في عمري كله،‮ ‬بينما‮ ‬يصول المتشاعرون في أربعة أرجاء المعمورة ممثلين للشعر المصري،‮ ‬حتي ظن العالم أن ما‮ ‬يقدمونه هو شعر مصر،‮ ‬ثم إن تردي الحالة النقدية بصفة عامة تقف باعتبارها سببا رئيسا فيما‮ ‬يجري،‮ ‬بين نقد أكاديمي خال من الروح،‮ ‬ونقد قبائلي‮ ‬يصول ويجول في معارك عبس وذبيان‮.‬
‮- ‬كشاعر كيف تري الأوضاع في مصر الآن بعد ثورتين؟
استقبلت ثورة مصر بقصيدتين من أجمل ما قيل في الثورة المصرية،‮ ‬أطل الآن علي مشهد الربيع العربي وأسأل نفسي عن الجحيم إن كان ما‮ ‬يدور علي الأرض العربية ربيعا،‮ ‬مصر صامدة في وجه الدمار المصبوب علي الأرض العربية مثل نواة صلبة تحت فك تنين،‮ ‬مخطط تفتيت المنطقة الصهيوأمريكي لم‮ ‬يجد أكفأ من الإسلام السياسي بكل أطيافه،‮ ‬ابتداء من شجرة الإرهاب الأم المسماة بالإخوان المسلمين،‮ ‬مرورا بسلفية‮ ‬ياسر برهامي والحويني ومحمد حسان حتي السلفية الجهادية،‮ ‬معاول لإنجاز مهمة إرسال المنطقة بأسرها إلي عالم ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب،‮ ‬وحتي تعقم الأرض عن إنجاب زويل آخر ومجدي‮ ‬يعقوب آخر ومستجير آخر،‮ ‬المؤامرة الاستعمارية علي مصر لابد لها من أدوات داخلية،‮ ‬ممثلة في نخبة رثة ومعارضة عميت عن الواقع واكتفت‮ ‬بصورته المصدرة إليها من قوي الشر ومات داخلها حس تقدير الموقف،‮ ‬ولم تعد تدرك أن المباح في زمن السلم‮ ‬غيره في زمن الحرب،‮ ‬وأي حرب‮.‬
‮- ‬هل تري أن للشعر دورا مهما في حياتنا؟ ولماذا لم‮ ‬يعد‮ ‬يقرأ مثلما كان‮ ‬يقرأ في الماضي؟
كان الشعر هو فن العربية الأول،‮ ‬ولم‮ ‬يعد الأمر كذلك الآن،‮ ‬هناك القصة والرواية والمسرحية والفيلم،‮ ‬وفوق كل ذلك هناك الميديا الحديثة،‮ ‬نحن نعيش زمن الميديا،‮ ‬وزمن الميديا هو انتقال من نوع جديد للشفاهية مرة ثانية،‮ ‬الانسلاخ من زمن الكتابة إلي شفاهية جديدة عمادها الصورة،‮ ‬الشعر هو حارس اللغة،‮ ‬وتدهور الحالة الشعرية ناتج من تدهور حال اللغة العربية التي وصلت إلي وضع مزر،‮ ‬نحن نسمع الإنجليزية من فم أبنائها في التلفاز مثلما نسمعها من الملكة إليزابث ومن كاميرون ومن أوباما وغيرهم فنسمع سلاسل ذهبية ترن في آذاننا،‮ ‬وكذلك نسمع الفرنسية وغيرها من اللغات علي ألسنة أصحابها،‮ ‬ونري كيف‮ ‬يتصرفون فيها تصرف الخبير،‮ ‬فإذا انتقلنا إلي لغتنا البائسة علي ألسنة مسئولينا ومذيعينا وفنانينا ولاعبينا،‮ ‬لم نسمع سوي كراكيب لفظية تتهشم في آذاننا،‮ ‬كأنهم‮ ‬يحركون ألسنتهم بين حجارة وحصي،‮ ‬اللغة هي وعاء الفكر،‮ ‬بل هي الفكر نفسه،‮ ‬لا‮ ‬يوجد فكر خارج اللغة،‮ ‬وتردينا الفكري أحد نواتج تردينا اللغوي،‮ ‬لقد ارتكب الكثير من شعرائنا شناعات في حق الشعر،‮ ‬فإما هو رطانة لا‮ ‬يفهمها أحد،‮ ‬وإما هو نثر‮ ‬يسيئون إليه،‮ ‬فتكون الإساءة ليست في حق الشعر فقط بل في حق النثر أيضا،‮ ‬لقد خلت أمسيات الشعر إلا من الشعراء،‮ ‬ولا عزاء لأجمل الفنون‮.‬
‮- ‬ما هو تأثير الميديا ووسائل النشر الإلكتروني علي الشعر؟ وهل أنت راض عما وصلت إليه القصيدة العربية الآن؟
نجحت وسائل الاتصال الحديثة في تحقيق ديمقراطية الثقافة،‮ ‬بحيث‮ ‬يستطيع كل من له رأي الآن أن‮ ‬يعبر عنه،‮ ‬وأن‮ ‬ينشره في أربعة أرجاء المعمورة،‮ ‬ويستطيع كل من له نص‮ ‬يري من وجهة نظره أنه نص جيد،‮ ‬بصرف النظر عن صواب رأيه،‮ ‬أن‮ ‬ينشره علي من‮ ‬يريد ومن لا‮ ‬يريد،‮ ‬وأصبح الوصول ممكنا لمنابع ثقافية متنوعة كان من المستحيل علينا الاقتراب منها دون خرط القتاد،‮ ‬أما ما وصلت إليه القصيدة العربية الآن فهو هائل،‮ ‬علي الرغم من أن عظيمه قليل لكثرة قشر السوداني الذي‮ ‬يملأ المشهد‮.‬
‮- ‬من وجهة نظرك كيف‮ ‬يمكن تجديد الخطاب الثقافي؟
أولا لابد من التمعن في مصطلح‮ "‬تجديد الخطاب‮"‬،‮ ‬لأن مفهوم الخطاب ليس في الرسالة التي‮ ‬يحملها،‮ ‬ولكن في‮ "‬البنية‮" ‬المنتجة للرسالة‮. ‬لذلك فالتعويل علي إنجاز اختراق فكري بذات العلاقات الحاكمة لشبكة المعني ما هو إلا عشم إبليس في الجنة،‮ ‬سنظل‮ ‬غرقي في‮ "‬تهافت الفلاسفة‮" ‬باعتبار الفكر جريمة،‮ ‬والإبداع بدعة،‮ ‬مادمنا نعيش زمن الغزالي،‮ ‬وليس زمن ابن رشد‮. ‬
‮- ‬كيف‮ ‬يصبح الشاعر حرا؟ وكيف‮ ‬يصير مميزا عن‮ ‬غيره من الشعراء؟
عندما تصبح‮ "‬الحرية‮" ‬عنده قضية وجود،‮ ‬ويتميز عن‮ ‬غيره إن كتب عما‮ ‬يعرف بلحمه وحواسه وروحه وعقله،‮ ‬لا عما‮ ‬يعرفه آخرون ويعانيه آخرون،‮ ‬فالخبرة الشخصية لا‮ ‬يمكن استعارتها من أحد‮.‬
‮-‬النقاد الذين كتبوا عنك قليلون،‮ ‬لماذا؟ وماذا تقول لهم؟
الإجابة بسيطة جدا،‮ ‬حاول إعادة النظر في الفيس بوك،‮ ‬راجع أسماء كانت تشغل مناصب هامة في قيادة العمل الثقافي،‮ ‬أو في شغل مواقع مؤثرة بالمجلات الأدبية،‮ ‬راجع التفاعل مع ما‮ ‬ينشرونه علي الفيس بوك أثناء شغلهم لتلك المواقع وبعد مغادرتها،‮ ‬ستري العجب العجاب‮. ‬القاعدة أنك في بؤرة الاهتمام مادمت قادرا علي النفع أو الضر،‮ ‬وأنا مستقر في موقع من لا‮ ‬ينفع ولا‮ ‬يضر،‮ ‬أنا رهين محبسين،‮ ‬محبس العمل الهندسي الذي‮ ‬يبعد تماما عن الأدب والأدباء،‮ ‬ومحبس دمنهور التي تبعد عن القاهرة بمقدار‮ ‬200‮ ‬كيلو متر‮. ‬حتي من‮ ‬يقدرني،‮ ‬ويحلني من نفسه وتقييمه محلا عليا محكوم بمن‮ ‬يجالسه وبمن‮ ‬يتقاطع طريقه معه صباح مساء،‮ ‬أما الزمن الذي كان فيه الناقد‮ ‬يكدح خلف النص الذي‮ ‬يثير إعجابه حتي‮ ‬يعثر علي صاحبه،‮ ‬ليتطلع علي تجربته لكي‮ ‬يضعها في موضعها الذي تستحقه فقد مضي،‮ ‬ومضي رجاله ونقاده،‮ ‬يا سيدي نحن في زمن الرشوة النقدية‮.‬
‮- ‬يقول الشاعر عبدالله السمطي‮: ‬هناك شعراء‮ ‬يكتبون للشعر،‮ ‬وشعراء‮ ‬يكتبون للنقد،‮ ‬وشعراء‮ ‬يكتبون للناس،‮ ‬وشعراء‮ ‬يكتبون لأنفسهم،‮ ‬وآخرون‮ ‬يكتبون للشهرة،‮ ‬مَنْ‮ ‬مِنْ‮ ‬هؤلاء هو الأفضل من وجهة نظرك؟
الشاعر الحقيقي هو من كان الشعر لديه قضية وجودية عدا ذلك فهم كناسة الدكان‮.‬
‮- ‬ما هي طموحاتك في المستقبل؟ وهل أنت راض عما وصلت إليه؟
النفس الذي‮ ‬يتردد في صدري‮ ‬يتشكل شعرا،‮ ‬فأنا دائما وراء أنفاسي حتي آخرها،‮ ‬أما الرضا من عدمه،‮ ‬فكيف أرضي؟ وأنا أخرج من القصيدة بإحساس مضن أن ثمة نقصا لم‮ ‬يكتمل،‮ ‬لتكون قصيدتي الجديدة هي سعي دؤوب لاستكمال ما فات‮. ‬وهو كمال لا‮ ‬يتحقق أبدا‮.‬
‮- ‬الجوائز؟ لماذا هي بعيدة عنك؟ وهل هذا التجاهل‮ ‬يؤثر عليك ؟
الجائزة الوحيدة التي حصلت عليها كانت علي ديوان‮ "‬مرج البحرين‮" ‬الذي نال جائزة أفضل ديوان شعري في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام‮ ‬2014،‮ ‬إنني لم أتقدم به لنيل الجائزة،‮ ‬ولم‮ ‬يكن لدي أي فكرة عنها،‮ ‬وقد فوجئت بالدكتور أحمد مجاهد‮ ‬يتصل بي علي الفيس بوك طالبا كتابة رقم هاتفي المحمول،‮ ‬وعندما كتبته له اتصل بي وأخبرني بفوزي بالجائزة المذكورة،‮ ‬أما حصولي علي أي جائزة أخري فهو مرهون بدرجة من النزاهة والموضوعية،‮ ‬ولن أيأس من توافرها‮ ‬يوما ما‮.‬
‮- ‬الحركة الأدبية في دمنهور الآن تشهد طفرة من الإنجازات،‮ ‬ما هي رسالتك التي توجهها لتلك المدينة العريقة؟
‮ ‬نجح شباب الأدباء في بذل جهد‮ ‬غير منكور في الحركة والنشاط مما كان له أثر طيب علي عدد من التظاهرات الفنية،‮ ‬تذكر‮ ‬يا أخي أن من أبرز التجمعات الثقافية في دمنهور كان التجمع في‮ "‬مقهي المسيري‮" ‬وأن جماعة أخري كانت تطلق علي نفسها اسم‮ "‬أدباء الرصيف‮" ‬وهي جماعة من الأدباء والشعراء كانت تتخذ من رصيف محل شاعر العامية محمد داود مقرا لها،‮ ‬معني هذا أن أدباء دمنهور لم‮ ‬يجدوا مكانا لهم إلا مقهي ورصيفا،‮ ‬ظل هذا الوضع البائس حتي سنوات قليلة،‮ ‬في تلك الأثناء استمر كفاحنا في كل مضمار حتي أتيحت لدمنهور منذ بضع سنوات بنية ثقافية باذخة،‮ ‬لدينا الآن دار للأوبرا ومركز للإبداع ومكتبة عامة ضخمة مجهزة بأحدث التقنيات ومجمعا للفنون وجار بناء قصر للثقافة علي أحدث طراز،‮ ‬ولكن ما وراء الأكمة أشياء شديدة الغرابة،‮ ‬إن لم تكن شديدة الخطورة،‮ ‬افتعال صراع أجيال‮ ‬غير موجود بالمرة،‮ ‬فالعواجيز من أمثالي وأمثال الناقد والمترجم الكبير السيد إمام ليسوا،‮ ‬ولم‮ ‬يكونوا في‮ ‬يوم من الأيام في موقع ثقافي تنفيذي،‮ ‬لقد أسلمنا شباب الأدباء قيادة الحركة،‮ ‬وقلنا لهم‮: ‬هذا دوركم،‮ ‬فقد وهن العظم منا،‮ ‬واشتعل الرأس شيبا،‮ ‬نحن معكم ولن نترككم تصارعون الحياة الثقافية دون عون منا‮. ‬وأوصلناهم لأول مرة في حياتهم إلي مواقعهم في نادي الأدب بالتزكية،‮ ‬وحضرنا انتخابهم لكي‮ ‬يتسلموا الراية دون أن‮ ‬ينافسهم واحد منا‮. ‬انقلبت الأمور،‮ ‬كأن إقصاءنا عن المشهد الثقافي،‮ ‬وبالتحديد أنا والناقد المترجم الكبير السيد إمام،‮ ‬فرض عين عليهم،‮ ‬وتغير الحال من مغازلة ومحبة ظاهرة في البداية،‮ ‬إلي حملة شعواء علي اليسار والعلمانيين والليبراليين تستخدم فيها أحط الصفات ودون أن‮ ‬يناقش قائدهم الأعلي وصاحب الراية فيهم قضية فكرية واحدة،‮ ‬إنما هو ترديد لأقوال السوقة والدهماء عن اليسار وعن العلمانيين،‮ ‬بكل أسف،‮ ‬لقد تصدر اليمين الديني المشهد الثقافي في دمنهور،‮ ‬وهم‮ ‬يقومون حاليا بحصار أعداء الفاشية الدينية،‮ ‬دون أن‮ ‬يمتلكوا إنجازا أدبيا‮ ‬يسوغ‮ ‬لهم هذا الصخب العالي،‮ ‬فعلي كثرة ما طبعت لهم من دواوين فإن ديوانهم الأول لم‮ ‬يصدر بعد،‮ ‬أعجب الأعاجيب أن العواجيز من أمثالنا صاروا هدفا للفاشية الدينية لأننا مثقفون‮ ‬يساريون،‮ ‬بينما هم شبيبة السلفية الوهابية‮ ‬يمثلون القادم والمستقبل‮.‬
‮- ‬أنت شخص هادئ وغير متهور،‮ ‬هل لهذا الهدوء دور في حياتك كشاعر؟
الهدوء قناعي الذي أخفي وراءه جحيمي الخاص‮.‬
‮- ‬قصيدة النثر انتشرت الآن بكثرة،‮ ‬فهل أنت قلق من هذا الانتشار؟ وهل من‮ ‬يكتبها‮ ‬يعد حداثيا؟
كانت قصيدة النثر هامشا صارت متنا،‮ ‬وكان العروض حاجزا‮ ‬يهاب الكثيرون من التعرض لمحنته فاجترأ الكثيرون علي الشعر بعد سقوط دولته،‮ ‬إذا كان الخليل بن أحمد الفراهيدي قد اكتشف من أوزان الشعر خمسة عشر بحرا،‮ ‬فجاء من بعده الأخفش ليتدارك علي الخليل ببحر جديد أسماه المتدارك،‮ ‬فإن المدينة الحديثة،‮ ‬المدينة المليونية قد تداركت علي العروض العربي ببحر جديد هو بحر النثر،‮ ‬إنه البحر الجديد الذي اختبر مكونات سمعية جديدة علي أذن الإنسان الحديث،‮ ‬بعد خفوت الإحساس بالدورة‮: ‬تعاقب الليل والنهار،‮ ‬تعاقب الفصول،‮ ‬حداء الإبل وغيرها،‮ ‬إذن فالنثر حساسية سمعية جديدة،‮ ‬والمشكلة مع قصيدة النثر هو أن تتحول إلي إيديولوجيا جمالية،‮ ‬لا أن تكون حلا جماليا لخبرة حديثة،‮ ‬وكتابتها لا تعني أنك حداثي،‮ ‬فلقد رأينا سلفيين‮ ‬يكتبونها،‮ ‬الحداثة رؤية للإنسان وللمجتمع وللعالم‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.