أعطني صلاحيات قبل أن تحاسبني.. ومن يتهم سوء الإعداد عليه أن يقول كيف؟! 130 دولة لم تحصل علي ميداليات..فهل يعلقون المشانق للاعبيهم؟! ميزانية اعداد البعثة بالكامل أقل من ثمن حصان الفارس المغربي قالها توماس باخ رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية عفويا، وبعد الانتهاء من كلامه الرسمي.. باي باي »ريو».. قالها وهو يبتسم، ثم وهو ينفعل من الوداع البرازيلي »الحار» لأوليمبياد ريودي جانيرو.. كانت البهجة في حفل الختام تتحدي سوء الأحوال الجوية.. بهجة حولت الوداع إلي عواطف ساخنة لم تكترث بالأمطار الغزيرة، ولا بالبرودة القارسة.. لم تكن هناك فقرات واضحة المعالم، ولا طابور عرض منظم انما الملعب الكبير ما هو إلا صالة رقص من الجميع.. الفائز منهم والخاسر.. فرحة النجاح تلتقي بفرحة نقل الأوليمبياد إلي طوكيو. ومع الوداع الأوليمبي الحار.. كان لنا حوار وداع حار أيضا مع رئيس اللجنة الأوليمبية المهندس هشام حطب قبل ساعات من مغادرة ريودي جانيرو إلي القاهرة.. دافع فيه عن حجم المشاركة.. بدا راضيا كل الرضا بالبرونزيات الثلاث، وكذلك بالمركز ال57 الذي شغلته مصر في الترتيب العام.. أكد تواضع قيمة الإنفاق علي اعداد البعثة مقارنة ببعثات أخري كثيرة.. رفض رفضا قاطعا تقديم الاستقالة.. أكد أن الدولة صاحبة القرار في المشاركة.. تحدي من يتهمه بالتقصير.. وجه رسالة لكل الذين تربصوا بالبعثة من وجهة نظره لمصالح شخصية. هل انت راض عما تحقق خلال منافسات الدورة؟ - نعم كل الرضا.. كانت هناك ترشيحات قبل السفر بتحقيق بعض الأفراد لميداليات في بعض الاتحادات.. وتحقق جزء منها وعاندنا الحظ وخاننا التوفيق في زيادة عدد الميداليات في البعض الآخر. ولكن كانت هناك اتحادات تعلم تماما أنها لن تحقق شيئا؟ - طبعا مثل الكرة الطائرة، والكرة الطائرة الشاطئية، والفروسية والكانوي والكاياك والتجديف والدراجات وألعاب القوي ومسابقات كثيرة في السباحة، وكذلك السباحة التوقيعية.. كانت حساباتنا أن يحقق لاعب من الخماسي الحديث، ورباع ورباعة علي الأقل من الأثقال، ولاعبة من التايكوندو، ولاعب من السلاح وفقا لتاريخه وليس المستوي، وسباح وفقا لنتيجته في دورة نانجينج. وخذلك البعض ممن توقعت له تحقيق ميدالية؟ - لا بل قل خانه التوفيق لأن المستحيل بعينه أن يفوز كل من يشارك. اذا كنت تعلم أن هناك اتحادات لن تحقق شيئا قبل المشاركة.. فلماذا السفر؟ - المشاركة في الدورات الأوليمبية ليس معناها الفوز بميدالية فحسب إنما هناك معان أجمل وأهم وأشمل، وهي التواصل والتقاء الشعوب وإثبات الذات، علاوة علي التأكيد علي تواجدنا لأن الغياب يعني أشياء أخري كثيرة لدولة إحدي دعائم اقتصادها السياحة التي تتطلب التعارف في مثل هذه التجمعات.. ثم إن المشاركة من عدمها هي قرار دولة وليس لجنة أوليمبية. لم نطلب عدم المشاركة نهائيا لكن الاكتفاء بمن يستطيع تحقيق الحلم الأوليمبي؟ - لو كان الفكر بهذه الصورة اذن نحل الاتحادات الفاشلة، واذا كنت ستحرم منتخبات لعبت وتأهلت.. فماذا ستفعل في اللعبات التي لم تتأهل؟ دعونا ننظر للأمور بمنظور منطقي.. الجميع يوجه سهام النقد اللاذع للبعثة، ونسوا أو تناسوا أن هناك من لم يتأهل.. أي انه أقل من حيث المستوي من المنتخبات التي تأهلت.. فماذا هو بفاعل مع مثل هذه الاتحادات؟! وقبل أن انتقل للسؤال التالي قاطعني وقال: - هداية ملاك حصلت علي البرونزية، وكان من الممكن أن تحقق فضية أو ذهبية لتقفز بترتيب مصر في قائمة الدول.. ولكنها لم توفق في مباراة فهل نحاسبها علي انجازها أم نكرمها علي ميداليتها.. ورفاقها في التايكوندو أخفقوا وكذلك الأثقال فهل نحاسب اتحادي التايكوندو والأثقال؟!.. من تأهل للأوليمبياد وشارك ولم يحصل علي ميدالية نحاسبه، ومن فشل في التأهل ننساه ولا نأتي »جنبه». اذا كانت اللجنة لا تملك قرار المشاركة.. فماذا اذن دورها في الدورة؟ - دور اللجنة الأوليمبية ينحصر في أمرين لا ثالث لهما: الأول الإشراف علي اعداد المنتخبات للدورات المجمعة، والتنسيق ما بين الجهات المختلفة.. اتحاد وناد وجهة ادارية ولاعب أو لاعبة، والأمر الآخر تنفيذ المنافسات وحل أية مشاكل خلال اقامة المسابقات.. وأزعم اننا نجحنا في الأمرين بدرجة امتياز. اذن من يملك قرار الحساب؟ - الدولة.. فقط الدولة لو أرادت.. هي تعلم جيدا قبل السفر أن البعض لن يحصل علي ميدالية، ولم تعترض علي السفر، ووضعت معيارا بأعضاء الجمعيات العمومية في الاتحادات والأندية علي أساس الممارسة والمشاركة وليس احراز ميداليات أو الفوز ببطولات.. ثم ان اللجنة الأوليمبية لا تتدخل في تعيين مدير فني محليا كان أو أجنبيا، وليس لها الحق في الرفض أو الاعتراض.. »اديني صلاحيات قبل ما تفكر تحاسبني».. أنا لا»أخلع» من المسئولية، ولكني أوضح الأمور وفقا للواقع. ولكن البعض اشتكي سوء الاعداد، وهو دور أصيل للجنة وفقا لما ذكرته؟ اللجنة الأوليمبية قامت بدورها كما ينبغي، ولم تقصر في أي شئ، ووزارة الشباب والرياضة لم تتأخر في تقديم الدعم اللازم لأي منتخب أو معسكر داخلي أو خارجي..وأتحدي من يقول اننا قصرنا في الإعداد أو أن أحدا طلب منا شيئا وتخاذلنا او »طنشنا».. عدم الفوز بميدالية يرجع إلي عدم التوفيق، ولو هناك من يقول نقص الإعداد عليه أن يقول كيف! لاعبة المصارعة ايناس اشتكت الإعداد؟ - التقيتها في مكتبي باللجنة هي وزميلتها ومدربهما قبل السفر بفترة، وتناقشنا حول كيفية الإعداد الأخير.. وقلت للمدرب لو كان سفركم مبكرا سيفيد توكلوا علي الله طالما انك تري ان هذا المعسكر في مصلحة اللاعبتين، وقد لا يعرف البعض ان هناك مشاكل في اتحاد المصارعة وكانت المصارعة النسائية في طريقها إلي عدم المشاركة بالدورة لولا تدخلنا.. فماذا نفعل اذن؟! مفاجآت بعثة مصر في الدورة من وجهة نظرك؟ - كثيرة.. أبرزها عدم فوز الرامي عزمي محيلبة بميدالية، واخفاق علاء أبو القاسم في السلاح، وغياب ايهاب عبد الرحمن للمنشطات الذي كان بمثابة الصدمة لأنه كان أحد المرشحين وبقوة للفوز بميدالية، وكذلك فشل الملاكم حسام بكر في الفوز بميدالية. ألم تر أن فاتورة الإعداد والمشاركة كانت..! قاطعني حطب وقال: ألا تعلم ان اعداد بطل أوليمبي يمكنه الفوز بميدالية يتكلف مليون دولار في السنة الواحدة، ثم أن الإعداد لميدالية يبدأ عقب انتهاء دورة إلي أن يشارك في الدورة التالية.. أي أربع سنوات.. فهل لدينا الإمكانات للإنفاق بهذا الشكل حتي نحاسب اللاعب؟ وحتي لو أنفقنا لا يمكن حساب بطل شارك وأخفق، وإلا ستعلق المشانق لرياضيي أكثر من 130 دولة لم يفوزوا ب»أشَّاية» في الدورة.. فاتورة اعداد بطل أوليمبي باهظة ولا تتناسب وإمكاناتنا، ولا يمكن أن تقول أن ما دفعناه في الإعداد ثمن باهظ.. وضحك حطب وقال: هل تعلم ان كل ما أنفقناه علي اعداد وسفر البعثة أقل بأكثر من ثلاثين مليون جنيه عن جواد الفارس المغربي عبد الكبير! وبمناسبة الفروسية فإن ما حققه الفارس كريم الزغبي شئ رائع لمن يفهم لأنه بلغ التصفيات الثالثة وسط أفضل فرسان وأفضل جياد في العالم، في الوقت الذي يبلغ ثمن حصانه حوالي 20 ألف يورو.. فهل معقول أن نلومه أو نعاتبه علي اللعب بحصان متواضع مقارنة بأسعار الخيل الخليجي أو الأوروبي التي يصل ثمن الواحد منها إلي اكثر من مائة مليون جنيه ! ولكن البعض يقول أنك تحابي الفارس لكونك رئيسا لاتحاد الفروسية؟ - كيف.. أنا أشرح الواقع لمن يهاجم دون وعي أو فهم.. تصور أن البعض راح يكيل الاتهامات للاعبة الخماسي هايدي عادل التي لم تتخط ال17 من العمر علي اعتبار انها فارسة وليست لاعبة خماسي.. المشكلة أن هناك بعض الجهلاء تربصوا بالبعثة، وأتحدي أيا منهم أن يكون فاهما أو عالما بقواعد بعض اللعبات التي يهاجمها.. هجوم لمجرد الهجوم ولأغراض خاصة وشخصية بعيدا عن المصلحة العامة.. وانا أدير ظهري لمثل هؤلاء، ولا يشغلني ما يقولونه رغم انهم وللأسف يضللون الرأي العام دون وعي او حساب. واضح انك راض كل الرضا كما ذكرت عن المركز الخامس والسبعين في الترتيب العام للدول؟ - ولم لا ونحن حققنا ثلاث ميداليات برونزية.. وهي بالمناسبة ليست سهلة كما يتصور بعض الجهلاء إنما تحتاج لإعداد شاق وطويل ومعسكرات داخلية وخارجية وفوق كل هذا التوفيق.. ثم أن الشهادات ال18 التي حصلنا عليها من اللجنة الأوليمبية الدولية هي صك اجادة تؤكد ان لدينا أبطالا وبطلات واعدة كانت أقرب إلي منصات التتويج بقليل من الحظ وكثير من التوفيق.. ديوكوفيتش المصنف الأول علي العالم في التنس خرج من الدور الأول، ودولته لم تقطع رقبته، ونادال لحق به في الخروج ولم نسمع ان حاسبه اتحاد التنس الإسباني أو تم حل الاتحاد بسبب فشل نادال.. دعونا نضع الأمور في نصابها الحقيقي حتي نعرف أين نحن.. وإن كانت هناك أخطاء فما هي وكيف نصححها حتي نستفيد منها. ولكن البعض طالبك بالاستقالة؟ - ليه خير.. ومن هو.. وإيه السبب.. حتي تطالب بالاستقالة لابد وان يكون هناك أسباب موضوعية تخص مسئوليات لم نقم بها.. فما هي المسئوليات التي قصرنا في تأديتها وما هي الواجبات التي لم نقم بها.. أعيد وأكرر وأتحدي من يقول في أية لعبة اننا تخاذلنا معه في الإعداد. كلمة أخيرة تود أن تقولها في حوار الوداع لدورة ريو؟ - أتوجه بالشكر للوزير خالد عبد العزيز علي تواجده وسطنا لأن زيارته إلي ريو كانت مهمة للغاية في تقييمه للاتحادات وموافقته او رفضه لأي طلب وفقا لمتابعته لكل اللعبات وانتقاله من صالة إلي أخري للتعرف عن قرب علي التفاصيل الدقيقة للاعبين واللاعبات.. وأشكرأصحاب البرونزيات الثلاث، وإن كنت أقف هنا لأؤكد أن سيدات مصر يستطعن الفوز بالمزيد من الميداليات لو وجدن العناية والرعاية من الاتحادات.. وأخيرا أشكر كل رفاق العمل من أعضاء اللجنة الأوليمبية الذين عملوا من أجل مصر.