كيف كانت خطواتك الأولي نحو عالم الفن؟ الله خلق كل شيء جميلا، وكل ما حولي جذبني لكي أكون رسامة، ففي المدرسة كانت معلمتي تشجعني دائماً علي الرسم وتعرض رسوماتي في المعارض التي تقيمها وزارة التربية ضمن النشاط الفني للمدرسة، فحصلت علي العديد من الجوائز والشهادات التقديرية، وحين التحقت بمعهد الفنون الجميلة فرع الرسم، كنت متميزة ومن الأوائل دائما، وكان طموحي يكبر يوماً بعد يوم حتي تخرجت من المعهد وأصبحت طالبة بكلية الفنون الجميلة فرع الرسم وكنت ايضاً من المتفوقات، فأكملت دراسة الماجستير وصرت أستاذة بالكلية منذ 30 عاما، ونظمت عدد كبير من المعارض الفنية داخل القطر وخارجه، وفي أكاديمية الفنون الجميلة. من أين تبدأ لوحاتك؟ تبدأ من خيالي كومضة، ثم تتشكل صورتها الكاملة، وخلال ساعات أكون انتهيت منها كلوحة مرسومة. إلي أي مدرسة تنتمين؟ التعبيرية التجريدية؛ فأنا أحب تحويل كل شيء واقعي إلي خيال تعبيري تجريدي، فتظهر أقرب للخيال منها للواقع، حيث أرسمها بطريقتي الخاصة وأضيف لها الحلم والتأمل في الحياة، فيظهر كل شيء أجمل كثيرا من نقل الواقع كما هو، حيث أشعر أن الرسم الواقعي يكون بدون بصمة خاصة من الفنان. بمن تأثرتِ؟ بالفن التجريدي التعبيري في كل الفنون العالمية، لكني خرجت ببدايتي الخاصة ولم أقلّد أحد، كما تأثرت بأساتذتي في الكلية، مثل أستاذي د.هادي نفل الذي كان يرسم أمامي، فاستهوتني طريقته الخاصة التي كان يرسم بها وأحببتها، وحصلت علي خبرة كبيرة منه، إلي جانب أستاذنا الكبير فائق حسن، الذي يمزج الألوان بأسلوب مميز ويستخدمها بجرأة. هل لكِ أحلام لم تحققيها بعد؟ لا؛ لقد حققت حلمي في أن أكون رسامة وأستاذة، بالإضافة إلي كوني مصممة أنحت تماثيل وأصمم ملابس وكتب، لكني اتجهت للرسم أكثر من أي شيء آخر، ولم أقلد أحد، ولا أحد يستطيع تقليدي، لأن لي بصمة خاصة، اللوحة تولد مرة واحدة ولا تتكرر مرة أخري، حتي أنا لا أستطيع إعادتها. تعرضت لتجربة أليمة بوفاة ابنك عن عمر 16 عاما في 2008، كيف كان تأثير ذلك عليكِ؟ كنت كالطير والنحلة التي تدور في كل مكان، وحينما قتلوا ابني، تأثرت كثيرا وشعرت كأن وتدا دخل في صدري، لكني لم أتوقف، فهو أعطاني قوة وإرادة، ورغم حزني الكبير، إلا أنني أشعر به دائما قريبا مني، لن ينساني وأنا كذلك لن أنساه، وقد أعطاني أشياء كثيرة، فهو غير موجود لكنه يأتيني في الأحلام ويخبرني بالجديد في الفن قبل نزوله إلي الدنيا، يشاركنا في كل شيء ويعيش معنا، فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون. في رأيك؛ هل هناك حركة نقدية تواكب الحركة الإبداعية في العراق أو العالم العربي؟ بالطبع؛ موجودة في كل مكان، في العراق والوطن العربي وكل دول العالم، فالنقد والأدب والفن موجودة وأمر واقع، والعرب لابد أن يكونوا يدا واحدة لنشر ثقافتهم، نحن أقدم لكن الغرب بدءوا يتجهون للثقافة والفن بدلا من الدين والسياسة اللذين انغمسنا نحن العرب فيهما، فكل شيء وحده أفضل. من وجهة نظرك؛ هل يعاني الفن التشكيلي من عزلة في الوطن العربي ؟ الفن يبقي فنا بكل مكان، ومن يريد البحث عنه سيجده، لكن يجب أن يكون هناك تسليط ضوء عليه أكثر من الإعلام، فالفنان يحب التواصل ليشعر أن جهده لا يذهب هباء، والفن ليس للفنان فقط، ولكن لكل العالم الذين يحبون الفن والتشكيل، كما أن الفن والأدب متلازمان والعلاقة بينهما قوية، فالفنان بدون كتابات وأدب ليس جيدا وكذلك الأديب بدون تذوق الفن وفهمه، وهذا موجود بالعراق، حيث أنه كلما كان الإنسان مثقفا فنيا وأدبيا واجتماعيا يكون متواصلا أكثر، فالثقافة لها دور كبير بالعائلة والمجتمع والجامعة، وحتي المدارس الابتدائية. كتاب "أيقونات فنية.. أسلوب وأسلوبية رائدات الرسم العراقي المعاصر". حدثينا عنه؟ هو أول كتاب يصدر في هذا الشأن بالعالم كله، لم يسبق لأحد تناوله، وقد حصلت من خلاله علي درجة الماجستير، وأردت تطويره بحيث يتبلور بشكل أوسع ويشمل معلومات أكثر، حيث شعرت أنهن يستحققن الكتابة عنهن، فهن رسامات لهن وزنهن. ماذا ننتظر منك أعمالا جديدة قريبا؟ كتاب عن التغريد في أعمال الفنان د.هادي نفل، أعده حاليا للنشر. لمن تدينين بالشكر عما وصلت إليه؟ أساتذتي وطلابي وكل من أحب أعمالي وشجعني، ويجب علينا وزملائي الآن أن نعطي الخبرة كاملة لمن هم أصغر، لكي يتعلموا منا ويعلموا من بعدهم مثلما تعلمنا من أساتذتنا، فقد عشقت الرسم بكل معني الكلمة، وأعطيت كل ماعندي من معلومات فنية وتقنية لطلبتي الاعزاء، وجعلتهم يرسمون لوحاتهم بكل ثقة وحب فأبدعوا بلوحاتهم، كما عوّدتهم أن تكون الفرشاة آلة موسيقية يعزفون من خلالها لمسات اللون ويضعونها علي سطح اللوحة، فكما تعلمت من أساتذتي العظماء علمت طلابي الأعزاء حب الرسم والخوض في عالم الألوان واستخراج نتائج مبدعة من أعمالهم. كلمة أخيرة؟ أتمني أن يكون الفن رسالة سلام وأمان وحياة أفضل لكل العالم، فالله جميل يحب الجمال، وخلق الإنسان في أحسن تقويم، كما أتمني أن تعود وحدة العرب والفن والحضارة الجميلة، وأن نصير كحال دول العالم، حيث أننا أقدم منهم كثيرا لكننا تأخرنا عنهم بسبب مشاكلنا التي أتمني زوالها، فالأديان لا تشكل فارقا، لأن الله خلق الجميع، لكل منهم نبي يسير علي خطاه، والدين معاملة قبل أي شيء.