في غمرة اهتمام وسائل الاعلام المختلفة بمتابعة قضية مقتل هبة ونادين ونشر تفاصيل الجلسات ومرافعات الدفاع.. لم يهتم أحد بالاقتراب من البطل الرئيسي لكل المشاهد وهو المتهم محمود عيساوي. لم يحاول أحد اقتحام عقله والتعرف علي الجانب الآخر من شخصيته فربما كان هذا الجانب مؤشرا رئيسيا حول ارتكاب هذا الشاب البسيط للجريمة أو نفي التهمة عنه. »أخبار الحوادث« اقتربت من هذا الشاب وحاورته وعرفنا كل ما يدور داخل عقله وكيف يمضي أيام السجن القاسية. مازال الغموض يحيط بقضية هبة ونادين والمتهم بقتلهما محمود سيد عبدالحفيظ عيساوي.. وانتشر اصحاب الفتاوي بعد اعادة المحاكمة كل منهم يدعي معرفته بالقاتل.. وعندما تدخل المحكمة تجد من يقول ان محمود عيساوي ليس القاتل وآخرين يقولون انه القاتل وارتكب الجريمة والمجموعة الثالثة تقول انه ارتكب الجريمة لكن بالاشتراك مع آخر مجهول يعرفه ولن يفصح عنه: لكن أين محمود من كل هذا؟! محمود عيساوي تم الحكم عليه بالاعدام قبل ذلك واستقبل الحكم بهدوء شديد وقال ان الله سيقف بجانبه.. وعاد ثانية إلي قفص الاتهام. من يري »محمود عيساوي« وهو في قفص الاتهام تجده يضحك ويوزع المداعبات علي الصحفيين والاعلاميين لدرجة انه صادق مجموعة كبيرة منهم... لكن أحيانا أخري تتحول تلك الضحكات والنظرات الباسمة إلي نظرات شرود وحزن ويظل صامتا.. اقتربنا منه نعرف من هو محمود عيساوي الذي أصبح بين يوم وليلة حديث الرأي العام في مصر...؟! إزيك يامحمود... عامل إيه؟! الحمد لله.. ربنا كبير ممكن نتكلم معاك شوية؟! اتفضلي بس قبل ما إتكلم معاكي انت اسمك ايه ومن جريدة إيه وعرفيني بنفسك الأول جايز نبقي أصحاب! وبالفعل عرفته بنفسي وهو يتبادل معي القفشات والضحكات. كنت شاطر! بعدها سألته:... عندك كام سنة؟! أجاب محمود: 12 سنة. انت متعلم يامحمود؟ صمت قليلا ثم أجاب: أه بعرف أقرأ وأكتب أنا خرجت من المدرسة بعد أولي اعدادي وعلي فكرة أنا كنت شاطرا جدا.. بس هي الظروف. ليه خرجت من المدرسة؟ خرجت من المدرسة علشان أشتغل وأتعلم »صنعة« لأننا ناس علي قد حالنا وكنت عايز أساعد أبويا وأخواتي.. تفكر لو كنت كملت تعليمك.. كان فيه حاجة هاتتغير؟ يصمت محمود قليلا ثم يجب: أكيد... أنت عارفة أنا لو كنت كملت تعليمي كنت هاكون حاجة كويسة قوي وكان زماني دلوقتي اتخرجت من كلية كويسة.. وعلي فكرة أنا بحب القراءة جدا... بتحب تقرأ لمين؟ يقرأ لتوفيق الحكيم ويوسف السباعي وبقرأ المجلات والصحف وأنا في السجن. ما هو شعورك وأنت في قفص الاتهام وكل تلك الكاميرات حولك؟! يضحك محمود قائلا: أشعر اني مهم ومشهور كلما أنظر لتلك الكاميرات والتفافهم حولي والتسابق بينهم علي من يتحدث معي. كان نفسك تكون مشهور؟! اه طبعا وبحس بأهميتي في كل جلسة وكأنني من الممثلين والفنانين الذين تلتف حولهم الكاميرات... لكني لم أكن أريد الشهرة بذلك الشكل.. ويصمت محمود قليلا وبصوت يملؤه الحزن يستطرد كلامه قائلا: كلما أنظر ليعون والدي وأري الحزن فيها ألعن تلك الكاميرات والظروف التي جعلتني أصل إلي ذلك المكان. كيف تقضي وقتك في السجن؟ بقوم من النوم في الفجر.. أتوضأ وأصلي وبعدها أنام لمدة ساعتين أو ثلاثة ثم أنزل لكي أمشي قليلا حتي ساحة العنبر مع زملائي في الاوقات المخصصة لذلك... وبعدها أذهب إلي العنبر المخصص لي.. ماذا شعرت عندما تم الحكم عليك بالاعدام في المحاكمة الأولي؟ يقول بصوت تخنقه الدموع: ياه.. دي كانت أصعب لحظة عليا. كنت أشعر ان عمري انتهي وعندما ارتديت البدلة الحمراء كنت أشعر انها تخنقني... لكنني كنت أقول يارب. عارفة... أنا كنت بقوم من النوم أصلي الفجر وبعد كدة أنام شوية لكن بمجرد الساعة تدق السابعة كنت أقوم من النوم علي كوابيس لأنني كنت عارف ان تنفيذ حكم الاعدام بيكون في السابعة صباحا.. وأظل لعدة دقائق انتظرهم حتي أتأكد انهم لن يأتوا ليأخذوني إلي غرفة الاعدام وبعد ان عرفت ان الطعن اتقبل وتم الغاء عقوبة الاعدام شعرت ان روحي ردت إلي مرة أخري.. محمود انت شايف القضية إزاي أثناء المحاكمة الثانية؟ يرد محمود بابتسامته المعهودة: ان شاء الله براءة وبعدين القاضي ده »ابن حلال« وبيحقق في كل حاجة بنفسه زي ما انتم شايفين علشان كده أنا واثق فيه بعد ربنا بعدها تركنا محمود في قفص الاتهام بعد أن طلب من محاميه ووالده الجلوس بجانبه حتي يطمئن قلبه أثناء نظر الجلسة كما طلب منهم لكن قبل أن نتركه قال: ان شاء الله هاتيجي تزورينا في البيت بعد البراءة وعلي فكرة هاقولك علي كلام جامد جدا! ومن ناحية أخري قررت هيئة المحكمة تأجيل القضية لجلسة 31 يونيه المقبل لسماع مرافعة الدفاع وذلك بعد ان استمعت هيئة المحكمة لشهود الإثبات في القضية وقامت بعمل معاينة بنفسها لمسرح الجريمة صدر القرار برئاسة المستشار محمد عبدالرحيم وعضوية كل من المستشارين محمد جمال عوض وصلاح محمد عبدالرحمن وبأمانة سر سيد حجاج.