عنصر الاختيار ينم عن حس جيد لدي المترجم في اختيار الأعمال الأدبية الروائية المهمة في مسيرة الأدب الصيني الحديث والمعاصر (من خارج المصفوفة المقررة نقديًا، وفق قائمة التفضيلات الصينية) وهو ما يعكس حرصًا شديدًا علي التنوع في تعريف القارئ العربي بنماذج مختلفة من المبدعين والتيارات والاتجاهات المهمة في ساحة الكتابة الروائيةالصينية، وتلك ميزة لا تتوافر عند كثير من المنخرطين في نشاط الترجمة الأدبية عن الصينية. وعي المترجم بالنص وظروف إنتاجه وقيمته الفنية يتضح بقوة في المقدمة التي صدّر بها ترجمته، وهو أمر يُحمد له، خصوصًا عند ترجمة عمل من لغة وثقافة لا تحظي بانتشار كبير أو معرفة وافية لدي القارئ العربي، ومن ثم جاء التقديم ليثبت وعي المترجم بأدواته (وهو ما يطلق عليه في أدوات التمكن الترجمي »المقدرة ماوراء النصية» وتشير إلي جوانب يتميز بها المترجم فوق مقدرته المعجمية واللغوية علي معالجة النص ترجميًا، بحيث يستطيع التقييم النقدي له والتطرق إلي مجمل الظروف التي ساعدت علي إنتاجه ورؤية مبدعه الأصلي لقيمة واتجاه أفكاره وإلي أي نوعية من القراء يتوجه به، وفي ظل أي ظرف ثقافي/ اجتماعي تتشكل رؤاه..إلخ. لئن كان القاسم المشترك الأعظم في أخطاء وخطايا المترجمين عن الصينية يكمن في قلة الوعي بالثقافة الصينية، قديمها وحديثها (نظرًا للتركيز المبالغ فيه علي الأداء اللغوي، مثلما تحرص أقسام اللغات في معظم، أو كل، الوحدات الدراسية داخل مصر، وفي المنطقة العربية، دون مبالغة!) فقد أثبت المترجم أنه استثناء علي القاعدة (المؤسفة) عندما أضاف هوامش معرفية موجزة ووافية، ضمن السياقات التي اقتضت التنبه إلي ظلال معرفية تفيد في إضاءة ظلال النص، عندما اقتضي الأمر ذلك في غير موضع، علمًا بأنه التصرف الذي لم يكن هناك غني عنه في هذا العمل الروائي بالذات! الترجمة، هنا، جيدة في معالجتها اللغوية وتقديرها الصائب لأحوال إنتاجها وقيمتها النقدية، وإنجازها في وقت مناسب، وظروف نضجت لتستوعب فهمًا موسعًا لمجتمع آسيوي له خصائصه الثقافية المغايرة، صارت معرفتها ضرورية ضمن ظروف مركبة، يتضافر فيها الجمالي مع الفولكلوري والمادي العملي، ليشكل بطاقة تعريف مهمة بتلك الجوانب المضمرة (والمهمة) من خصائص المجتمع الصيني.