أول الكلامثمة مفارقة مثيرة للدهشة، إذا تابعت انتاج السينما المصرية، منذ انطلاقتها، وحتي اللحظة الراهنة، المرأة/ الجسد حاضرة بقوة، ثم المرأة الارستقراطية، أو بنت الحارة، أو الطالبة، أو العاملة؛ فى المصنع أو المستشفى؛ الطبيبة أو الممرضة، حضور المرأة بهذه المعانى، وفى تلك الأدوار واضح لا يمكن للمشاهد أو الناقد أن ينكره، لكن غياب المرأة / الفلاحة – أيضا – يصعب إنكاره. الفلاحة التى شاهدناها، ونشاهدها – حتى الآن على الأقل – ليست هى جدتى، أو عمتك، أو خالتى، أو جارتك، إنها الفلاحة بعين الكاميرا، أو مَن وراءها بداية بمبدع النص الأدبى، مروراً بالسيناريست وكاتب الحوار، وانتهاء بالمخرج، وفى القلب من هذا الطابور تقف النجمة التى تجسد دور الفلاحة، سواء أكانت تحتل البطولة أو مجرد »كمالة« فى فيلم يتناول البيئة الريفية أو يزعم الاقتراب من قضية فلاحية، لاسيما إذا كان على سبيل الموضة بحكم الزخم السياسى، أو انحياز الزعيم أو النظام الثورى للفلاح فى مجتمع يحتل فيه الريف وسكانه موقعاً مركزياً بالنسبة لدوائر صنع القرار، ولعل المشهد يختلف جذرياً إذ طالت التحولات المتسارعة أهمية الفلاح فى ظل نظام يتبنى منطلقات، ومن ثم سياسات مغايرة يتم فيها تهميش الريف، والزراعة، والفلاح، وبالتالى الفلاحة المهمشة من الأصل، ربما بفعل رؤية تقف موقفاً سلبياً من المرأة وحقوقها بالأساس! ......... فى سبتمبر شهر الفلاح، الذى كان أول قرارات الثورة إنصافه عقب 23 يوليو 1952، كان تفكير هيئة تحرير كتاب اليوم فى إصدار يتناول الفلاحة باعتبارها الشريكة للأب/ الزوج/ الأخ/ الابن، للفلاح عموماً فى حياته ومعاناته وطموحاته، صورة الفلاحة فى السينما المصرية، وبأى درجة اقترب وكانت صادقة من الواقع، وبأى قدر شطح الخيال – خاصة الهوليودى – على من امسك بالقلم أو ادار الكاميرا أو أصدر تعليماته بشكل الاداء والحركة والملابس. احتفال غير تقليدى بعيد الفلاح فى محاولة من كتاب اليوم لإعادة الروح لمناسبة نسيها البعض، وتناساها كثيرون، تماماً كما وقعت قضايا الفلاح ومشاكل الريف، وأزمات الزراعة من أچندات الجميع تقريبا! خلال مائة سنة سينما وأكثر، أين كانت الفلاحة على الشاشة ؟ وإلى أى مدى نجحت فى التعبير عنها؟ ولماذا لا يُرضى ما قدمته الجمهور أو النقاد والأهم صاحبة الشأن؟ نتمنى أن يكون هذا الكتاب محركاً للركود، ورفضا للضحالة والسطحية فى معالجة أدوار الفلاحة على الشاشة، ربما راجع صُناع السينما أنفسهم لتصبح الفلاحة نجمة فى فيلم يُكتب من أجلها، لا تكون فيه «كمالة عدد» لأن الجمهور كما يزعمون «عايز كده»! .............. ولا يفوتنى شكر السيدة شاهنده مقلد على إسهامها، وكنت قد اقترحت اسمها على المؤلفة لكتابة المقدمة، من موقعها كمناضلة من أجل قضايا الفلاح وحقوقه، فكانت كلمتها الموجزة إضافة متميزة للكتاب.