كشف العدد الأخير من مجلة أخبار الحوادث، وتحديداً في ملف التاريخ الأسود للجماعات الاسلامية، كشف عن جانب مهم من تاريخ هذه الجماعات قد ينساه البعض أو يتناساه، إلا أنه أطل برأسه بقوة أثناء مليونية تمزيق الشمل في الاسبوع الماضي. واذا كانت الجماعات الاسلامية ابنة شرعية للأخوان المسلمين، إلا أنها انشقت عن التنظيم الأم أثناء اعتقال الاخوان في الستينات، في الفترة نفسها التي أعقبت محاكمة سيد قطب واعدامه. والمعروف أن شكري مصطفي زعيم جماعة التكفير والهجرة التي تأسست داخل السجن وقبل خروج مختلف فصائل الاخوان، افتتح نشاطه السياسي »والدعوي« باختطاف الشيخ الذهبي وزير الاوقاف السابق وقتله دون أي ذنب. والمعروف أيضاً ان الجماعة الاسلامية افتتحت نشاطها السياسي »والدعوي« بعملية الفنية العسكرية الفاشلة، وهي عملية دموية استخدم فيها السلاح. والمعروف ايضاً ان جماعة الجهاد هي التي خططت ونفذت عملية قتل السادات.. تلك هي الجماعات الثلاث التي انشقت عن الاخوان المسلمين وتبنت العنف كطريق وحيد لتغيير ما يعتبرونه فكرا، بل كانوا يعارضون الاخوان المسلمين لأنهم يتبنون مناهج أخري تغلب عليها العلنية. الجماعات الثلاث ضمت أكثر الاصوات دعوة للعنف واستعراضاً للقوة ورفعاً للرايات السوداء (والرايات السعودية في بعض الاحيان)، ونجحت في فرض رأيها في التحرير الاسبوع الماضي، وأخشي أن أقول أنها شوهت الاسلام والمسلمين، بل وأدعت وستؤدي إلي مزيد من الاحتقان، ومزيد من رفض الآخر واحتقاره، وبالتالي كان من بين أهم نتائجها سيادة الاقصاء والتهميش والفرقة والانقسام. لذلك أود أن أقول لأعضاء الجماعات الذين عانوا من الاعتقال والتعذيب والتشريد والمطاردة طوال حكم السادات ومبارك، أن مبارك الطاغية سقط بالفعل، وعليهم أن يمارسوا حقهم السياسي علناً وعلي رؤوس الاشهاد، لقد سقطت منذ اللحظة التي سقط فيها حكم مبارك كل الأساليب القديمة لأن النظام نفسه سقط. ويظل موقف الاخوان المسلمين ملتبساً، ومازالوا يصرون علي الامساك بالعصا من المنتصف، إلا أن هذا لايعفيهم من المسئولية عما حدث في التحرير من عنف مفرط مكتوم، وفرض للرأي بالقوة الناعمة، أما السلفيون فلا عذر لهم إلا أنهم حديثو عهد بالسياسة، وبدلاً من أن يقوم مشايخهم بالتفاوض بين قتلة المتظاهرين من ضباط الداخلية وبين أهالي الشهداء، في الاسكندرية عليهم أن يتقوا الله ويحولون دون بلادنا ودون الوقوع في كارثة التطرف ونفي الآخرين وعدم الاستعداد لمناقشة أي رأي سوي رأي مشايخهم. وأخيراً.. اذا كان كل هؤلاء يريدون السلامة والأمان لبلادنا، فإن عليهم أن يعرفوا شيئاً واحداً. أن هناك ثورة قام بها المصريون ودفع ثمنها الشهداء، ولم يعد مبارك ونظامه يحكمنا...