لقاء المشير عبد الفتاح السيسي المرشح لرئاسة الجمهورية مع مقدمي برامج (التوك شو) في الفضائيات المصرية ، رغم ما فيه من صدق وتلقائية وذكاء يحسب له بالفعل، إلا انه فتح الباب علي مصراعيه أمام ضرورة إعادة رسم خارطة الإعلام المرئي، الذي فقد الحياد تماما خلال السنوات الأخيرة، ووقع في كثير من الاحيان فى هنات إعلامية لا تغتفر، ويكفي القول أن بعض الوجوه التي شاهدناها خلال اللقاء دخيلة على هذا المجال، ، جاءت أسئلتهم في اللقاء معظمها باردة، مهادنه، لا تضع النقاط فوق الحروف ولا تنقل نبض الناس، خصوصا أن بعض الوجوه فقدت بريقها وأصبحت مرفوضة شعبيا، فهل تستطيع القنوات الفضائية أن تضفي ببرامجها التي زادت عن الحد، مزيدا من التشويق والجدية والمصداقية على المشهد السياسي للانتخابات الرئاسية، أم تسقط في فخ الرتابة وتتحول مع الوقت إلي حائط صد لرهانات الناس عليها، فينصرفوا عنها ؟ مما لاشك فيه، تحتاج ظاهرة برامج (التوك شو) إلي وقفة جادة لغربلتها، بعد أن تحكمت فى بعضها الشللية وصار همها الأكبر فى الفوز باكبر قطعة من توتة الاعلانات وبعد أن أصبح المعيار المهني لهذه (السبوبة)، يعتمد على امكانية المعدين في جلب ضيوف بلا مقابل، ومصلحة مقدم البرنامج في الترويج لنفسه بأن اسمه وراء استقطاب المعلنين واستضافة أهم الشخصيات، دون تحميل القناة الفضائية مليما واحدا، وللاسف أصبحت تلك النوعية (سوق للكلام)، وإن صح التعبير (ظاهرة صوتية) للحوار والمناقشات السفسطائية، لاستهلاك الوقت من أجل "حنفية" الفواصل الإعلانية المفتوحة على آخرها بلا مراعاه لأي منطق أو لآلام الناس وهمومهم، ومع الوقت فقد هذا النوع من الاعلام هيبته وتأثيرة، وأصبحت مادته تستخدم (للتنكيت والتبكيت) على الفيس بوك وتويتر، وكافة وسائل التواصل الاجتماعي الالكترونية، وبالفعل اختلفت المعايير (وتشقلب) حالها، واختلطت الأوراق، وأصبح الصخب والضجيج هو سيد الموقف، وامتدت الفوضى لتجعل كل (من هب ودب)، صاحب برنامج أو صاحب قناة، وتحول الإعلام المرئي إلي (جعجعة) فارغة مغلفة بورق سوليفان (حرية الإعلام). ويصبح السؤال الأهم، هل استطاع هذا النوع من الإعلام أن يكون محايدا، وهل كانت له القدرة على قراءة توجهات الشارع المصري، ورصدها بصدق؟، وهل نجح في السنوات والمراحل الماضية في الوصول إلي ساكني (الأزقة) والأرزقية؟، أم أن رسالته كانت فقط من وإلي النخبة، ومن هم النخبة من وجهة نظره؟، وهل استطاع (بهيلمان) الصورة والتأثير التخلي عن لعب دور الوصي في وطن تعلم فيه المواطن مفردات حياته، وأصبح أكثر وعيا ونضجا وفهما لما تسير إليه الأمور، أسئلة تحتاج بالفعل إلي إدراك كامل لمعنى الحياد الذي ننشده، ونتمنى أن يستوعبه أصحاب برامج (التوك شو)؟، بدلا من أن يكيل بعضهم لبعضهم أزمة (الحياد الإعلامي)، ويصبح لكل فئة قنواتها التي تتهم قنوات كل فريق بعدم الحيادية والمهنية، ولذلك أصبح الانتقاد هو السمة الغالبة، ما جعل البعض في لقاءه بالمشير السيسي يطالبه بضرورة تصالح الجميع، وعمل (ميثاق شرف) كي تلتزم الفضائيات الخاصة والحكومية بالحيادية، خصوصا أن بعض استطلاعات الرأي أظهرت أن وسائل الإعلام في حيادها أو عدم حيادها، ترتبط بالجهة المالكة لها، وأن الجمهور يفضل عموما القناة التي تنحاز بصدق إلي المظلومين وأصحاب الحق من وجهة نظرهم. ويمكننا القول، أن كثير من برامج (التوك شو)، وصلت إلي طريق مسدود، وتحتاج إلي إعادة بلورة من جديد، وأن بعضها فقد شعبيته مع (تلون) مقدميها في أكثر من موقف ومع أكثر من مرحلة، ما أفقدهم ثقة المشاهدين لكن القلة منها هى التى نجحت فى الوصول الى قلب المشاهد وعبرت عنه بصدق ، ومن ثم تحتاج تلك البرامج إلي دعم فكري كبير، ومحاورين جادين وأهل للثقة، وتنوع في محتواها، وإلي تحليل أداء كل فترة، وهو ليس عيبا، لتبقى تلك النوعية متوهجه وصاحبة تأثير قوي وفعال، مع ضرورة تعدد شخصيات الضيوف وتنوعهم، وأننى أشفق على المعدين بعد أن تحول أغلب الضيوف والمحللين السياسين إلي أصحاب برامج وبعضهم لايملك الحد الأدنى من القبول على الشاشة ولا الاستيعاب الكافى لمتطلبات العل لاعلامى ، أتصور أنه يجب ااكتفاء كل قناة ببرنامج (توك شو) واحد، بدلا من وجود (3 إلي 6) برامج في الفضائية الواحدة، تنافس بعضها على حساب الجمهور الذي أصبح ينظر إليها باعتبارها استهلاك للوقت تماما مثل (قعدات مصاطب)!.