شهدت وسائل الإعلام المختلفة فى مصر خلال الفترة القليلة الماضية تحولا بشكل ملحوظ، خاصة بعضها قام بمهاجمة الإسلاميين قبل الانتخابات الرئاسية بشكل كبير، واستمرت فى أسلوب تخويف الشارع المصرى من الإسلاميين وحاولت توجيه المواطنين إلى عدم اختيار الإسلاميين، واستمرت فى غيها وتوجيهها للشارع المصرى لمرشح النظام السابق الفريق أحمد شفيق على حساب المرشح الإسلامى الدكتور محمد مرسى، وسرعان ما باءت محاولتها بالفشل وانتصر الدكتور مرسى فى الانتخابات الرئاسية، وسرعان ما تحولت وسائل الإعلام المعارضة وتقبلت الوضع وبدأت فى ممارسة أعمالها فى رصد ومتابعة أخبار الرئيس المنتخب الجديد. خبراء إعلام: مصلحة الميديا مع "ساكنى العروبة".. وقناة الفراعين تمارس عشوائية الإعلام.. ومقدمو البرامج لديهم مصالح مشتركة مع النظام السابق الإعلام حاول إخافة المواطنين من الإسلاميين ولكنها جاءت فى مصلحة مرسى من جهته أكد أحمد حامد الخبير الإعلامى، رئيس جمعية الإعلاميين العرب، أن هناك عددًا من القنوات الخاصة كانت تسير فى اتجاه واحد رافض لتولى الإسلاميين للحكم خاصة برامج "التوك شو" لحماية مصالح رجال الأعمال أصحاب القنوات، وأشار إلى أن هذه القنوات استغلت الرسالة الإعلامية لتشويه صورة الإسلاميين من خلال إبراز بعض الحوادث الفردية والتهويل منها. وأكد الخبير الإعلامى أن كثيرًا من القنوات الفضائية الخاصة قد استغلت رسالتها الإعلامية لتوجيه الرأى العام لرفض الإسلاميين، وألمح إلى أن 90% من مقدمى برامج " التوك شو" تربطهم علاقات وثيقة ومصالح برجال أعمال من النظام السابق، وبالتالى فهم يستغلون دورهم الإعلامى لمنع الاستقرار للإبقاء على الأوضاع كما كانت فى النظام السابق، مشيراً إلى أن هذه القنوات والصحف ستتغير لهجتها الرافضة للإسلاميين فى القريب فى حالة قيام القوى السياسية الحاكمة باحتواء وطمأنة رجال الأعمال من الحكم الإسلامى وتبديد مخاوفهم من تغيير شكل الدولة. وأكد حامد أن الإعلام الحكومى كما كان قبل الثورة بوقاً لتأييد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ثم فى المرحلة الانتقالية تحول داعماً للمجلس العسكرى فإنه حتماً سيتحول داعماً للدكتور محمد مرسى نظراً لكون التليفزيون المصرى يعانى من حالة التضارب والتخبط ورفض فكرة وجود وزارة للإعلام. وطالب حامد بالدعوة لمؤتمر للإعلام يرعاه رئيس الجمهورية سواء الإعلام الحكومى أو الخاص من أجل صياغة ضوابط محددة يحاسب من يخرج عنها، منتقداً ما سماه حالة الفوضى الإعلامية التى وصفها بالتسبب فى إثارة الفتن والقلاقل، وأكد ضرورة إعادة هيكلة التليفزيون وتوظيف العمالة الموجودة فيه كل فى تخصصه ورفض فكرة وجود وزارة للإعلام، طالبًا بأن تتحول لهيئة كما أنشئ فى بدايته وأن يتبع رئاسة الوزراء وأن يكون هيئة مستقلة سواء فيه وزير إعلام أو لا، لابد من إعادة اختيار موظفى التليفزيون ليس على حسب الدرجات الوظيفية، ماسبيرو تحديدًا يتم اختيار رؤساء القنوات وقال إن التليفزيون المصرى أصبح عشوائيًا. كما طالب الخبير الإعلامى الإسلاميين، بإصدار منابر إعلامية لتنافس المنابر الرافضة لهم، وأكد أن قناة مصر 25 الإخوانية لم تنجح فى الدفاع عن الإسلاميين نظراً لكونه منغلق على تيار الإخوان ولم تنفتح على الخبرات الإعلامية، وقال إن قناة الفراعين لا تمارس إعلامًا إنما تمارس نوعا من العشوائية الإعلامية واستقطبت جمهورا كبيرا بسبب الإعجاب بطريقة أداء توفيق عكاشة التلقائية بغض النظر عما يقول أو أنه هناك مجموعة وجدت فى كلام القناة ما يصادف هوى فى نفسها وهو المعسكر الذى يرفض أسلمة الدولة. فيما قال الدكتور محمود خليل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، شهدت الفترة الأخيرة أسوأ أداء لوسائل الإعلام المختلفة من القنوات الرسمية والقنوات الخاصة والصحف القومية والخاصة حيث أكدت فشلها فشلاً ذريعاً فى تحقيق النزاهة بل وعلى العكس من ذلك كانت الرسالة الإعلامية قائمة على إشاعة حالة من الذعر والهلع من الإخوان المسلمين من قبل برامج "توك شو" بعينها وقنوات وصحف بعينها أغلب أصحابها من رجال الأعمال التابعين للنظام السابق، وما قاموا به من تشويه فى صورة الإسلاميين لاقت مردودا عكسيا من الشارع المصرى تمثل فى زيادة عدد من صوت فى صالح الدكتور محمد مرسى فى الانتخابات والسبب فى ذلك هو الاعتماد على رسالة إعلامية زاعقة سياسياً تفتقر القيم المهنية المطلوبة والتى يجب مراعاتها عند التصدى لمثل هذا الاستحقاق وبمجرد أن نجح مرسى لم يفق التليفزيون المصرى الرسمى أو يفكر ولو دقائق فى كيفية التعامل مع الوضع الجديد بل سارع إلى رفع شعار مات الملك القديم يحيا الملك الجديد فبدأت التقارير تتدفق عن محمد مرسى وحياته والأدوار المتميزة التى قام بها أثناء ما كان عضوًا فى مجلس الشعب والدور المهم الذى قام به فى تفعيل وجود حزب الحرية والعدالة على الساحة المصرية وبدأت لهجة الرسالة الإعلامية تنقلب من النقيض إلى النقيض، وكل التجديد الذى حدث فيه هو تغيير بعض المفردات حيث استبدل اسم مبارك باسم مرسى والحزب الوطنى بحزب الحرية والعدالة والتنمية للنهضة ومحدودى الدخل للعمال والفلاحين وسائقى النقل العام، الرسالة ابتدأت تشمل الثورة ولكن روحها مازالت جاهلية، وإعلام يعمل لتحقيق مصالح معينه ومصالحة أولاً تكون لساكنى "العروبة" وبالتالى هم يتحولون من الملك القديم إلى الملك الجديد ويصلون الإعلام باسمه، فكرة الاستقطاب ستكون هى الفكرة الحاكمة بين طرفين أساسيين الطرف الذى يؤيد مرسى دون تحفظ والطرف الذى ينتقد مرسى دون مراوبة وهى نفس الروح التى سادت الإعلام عبر الثلاثين عامًا الماضية وأتصور أنها سوف تستمر لأن النخب العاملة فى الإعلام المصرى ما زالت هى فى مواضعها وما زالت تمارس أعمالها بنفس أسلوبها القديم. ومن جانبه، أشار الدكتور عادل عبد الغفار أستاذ الإعلام، الخبير الإعلامى، إلى أن الإعلام ما قبل الانتخابات انقسم إلى ثلاثة أنواع، إعلام الدولة الذى بدأ منذ المرحلة الأولى للانتخابات، وتوزع وقته بين كل المرشحين فى برامجهم الانتخابية بغض النظر عن برامجهم وسعى لتوعية الناخب وحفزه على الذهاب للتصويت وفى مرحلة الإعادة حاول أن يكون على مستوى واحد من المرشحين لكن بعض البرامج تحيزت مهنيًا بعض الشىء إلا أن التليفزيون كان الوحيد القادر على إعطاء مساحات متساوية للمرشحين وذلك وفق نص القانون ونفذ مواد. اما الإعلام الخاص فكان الأكثر تاثيرًا والذى يتزايد يوم بعد يوم فالتأثير ويتزايد دوره فى تشكيل الرأى العام، مشيرًا إلى عدد من الملاحظات التى تأخذ عليه ففى تلك الفترة اتسمت التغطية بتحيز مهنى من قبل الجرائد ووسائل الإعلام هناك بعض الأخبار غير الحقيقة نشرت والتى أضرت بالمرشحين. وأضاف أن هناك بعض الصحف الخاصة وبرامج التوك شو تورطت فى نشر أخبار كاذبة للترويج إما لمرشح أو الذم فى مرشح لصالح آخر وفى مرحلة الإعادة زاد الأمر سوءًا حينما رأت فى أحد المرشحين الدولة الدينية وفى الآخر الدولة المدنية وانقسمت على نفسها لكى تلعب على أحد المرشحين. وأشار إلى وجود بعض مقدمى البرامج ذوى التوجه الواضح لأحد المرشحين مما أثر سلبًا على دور البرنامج وجعل فيه الانحياز واضحًا لمهاجمة أحد المرشحين ودعم الآخر، وأضاف أيضا: وجود بعض برامج التوك شو التى استضافت ضيوفاً بعينها أكثر من مرة لنشر أفكار معينة وإبعاد الأفكار الأخرى عن الرأى العام مما جعلنا أمام عدم توازن فى إعطاء فرص لبعض التيارات السياسية وإثارة الرأى العام لرغبة فى مكسب مادى وجذب الجماهير والحصول على حصة من المشاهدين فى وقت المنافسة التليفزيونية. وإضافة إلى فشل النخبة فى برامج التوك شو، وهناك أحد البرامج كانت السبب فى انشقاق الصف فى الشارع المصرى وكانت أحد أسباب حالة التشرذم الموجود الآن. ضاربًا المثل ببرقية التهنئة التى أرسلت من الدكتور أحمد زويل التى هنأ فيها الرئيس محمد مرسى وفى نفس الوقت بعث برسالة شكر للفريق أحمد شفيق مطالبًا الجميع بالتوحد وليس بالتشرذم، وأشار إلى أن دور الإعلام فى المرحلة المقبلة يجب أن يكون داعمًا للديمقراطية ويجب أن يعلم المواطن البسيط كل مشكلات النخبة على مرأى ومسمع من الجميع، والذى يؤدى لانقسام فى أوساط الرأى العام برامج التوك حيث تبحث عن السبق الإعلامى وإذاعة الشائعات ولا توحد الأهداف. وأشار أيضا إلى أن الإعلام الحزبى لم يكن سيئاً فقد لعب لمصلحة المرشح الذى يدعمه الحزب وهو أمر متوقع وطبيعى. وفى السياق ذاته أشار إلى أن الإعلام ما بعد انتهاء الانتخابات وأثناء الفرز أصبح يوجه الشعب إلى نتائج مغلوطة وكان يجب عليه أن يكون أكثر تعقلاً، وأشار إلى أن النخبة ظلت تتلاعب بالمواطنين حتى بعد انتهاء الانتخابات. سياسيون: لا يوجد إعلام محايد ونزيه.. وبعض القنوات تثير الفتنة وتعمل لمصلحة صاحبها.. الإعلام شوه صورة الإسلاميين والثوار فيما قال الدكتور حسن أبو طالب بمركز الأهرام الاستراتيجى، إن الإعلام شهد قبل الانتخابات وإعلان النتيجة حالة تتسم بالتوتر الشديد فهناك من يؤيد مرشح الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى ومنهم من يؤيد مرشح النظام السابق الفريق أحمد شفيق فكل منه كان يحاول فرض رويته وإقناع المشاهد بها فلا يوجد إعلام فى مصر نزيه لكن كله يعكس رؤى ولكن الآن أصبح الإعلام مختلفاً، الآن يتعامل بمنطق معنى وإذا استطاع الإعلام أن يبتعد عن هذا الأمر علينا أن نقوم بتغطية إعلامية حقيقية هناك مرحلة انتقالية لابد أن يغطى الأحداث كما هى والتطورات والتحركات التى سوف تحدث فى المستقبل هناك محاولة لفتح صفحة جديدة بين الرئيس مرسى والإعلام وهذه خطوة إيجابية وإن كانت تحتاج إلى مزيد من التوافق كل هذا لخدمة مصر. وأضاف أبو طالب: لا بد من وجود برامج تنتقد أى أخطاء يقوم بها الرئيس، خاصة أنه يوجد الكثير من المواطنين لديهم شعور بالقلق والتوتر فى تشكيل الحكومة والتعامل مع الملف الأمنى والتعامل مع المجلس العسكرى. كما أكد الدكتور أكرم بدر الدين رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ظهور عدد من القنوات الفضائية فى المرحلة الانتقالية كان بهدف سياسى من أجل توجيه دفة الرأى العام لاتجاه معين يخدم مصالح أصحاب القنوات، وأشار إلى أنه فى ظل عدم وجود ضوابط تحكم الإعلام المصرى فمن الممكن أن يكون عدد من القنوات قد تلقى تمويلات خارجية خاصة أن هناك قنوات لم تلتزم الحياد خاصة القنوات الخاصة، لها اتجاهات واضحة. وأشار إلى أن هناك قنوات تعمل على إثارة الفتن وتضخيم الأحداث وعدم الحياد والتهويل من الأحداث يتعارض مع الحياد وطالب بأن يكون هناك تغليب للحياد، مشيرًا إلى أن القنوات الخاصة يصعب السيطرة عليها ولابد من حرفية، مشيرًا إلى أن الأصل حرية الإعلام ويجب ألا يتحول الإعلام إلى فوضى إعلامية وهو أمر غير مرغوب لابد من وضع فاصل بين الحرية والفوضى وليس هناك حرية فى إثارة الفوضى أن يكون هناك ميثاق شرف إعلامى والالتزام به والتأكيد على الحرفية والمهنية وتغليب المصلحة العامة للوطن على المصالح إلى ظهور قنوات كثيرة فى المرحلة الانتقالية وهل فيه تدخل لجهات خارجية ولا تسمح أى دولة عن أن يكون خارجًا عن السيطرة، مشيرًا إلى أن القنوات هذه توجهت لخدمة أغراض سياسية معينة.
بينما قال معاذ عبد الكريم عضو ائتلاف شباب الثورة، إنه لا يعتبر الإعلام يحدث فيه تحولات لكنها تحورات، ففى فترة ما قبل الثورة كان الإعلام يهلل ويطبل للمخلوع لأنه هو الذى يمنح ويأمر فهو صاحب القوة فقد كانوا يتفانون فى خدمة المخلوع وإرضائه وأثناء الثورة عندما خرج الشباب كطليعة للشعب المصرى فى يوم 25 يناير للاعتراض على الأداء السلبى للشرطة والاعتراض على أداء مبارك والحلم أن تتحول مصر إلى تونس إلى دولة حرة، فكان دور الإعلام الحكومى والخاص، حيث اتفقا لأول مرة على أن المتواجدين فى ميدان التحرير خارجين على القانون ومجرد شباب متحمس لكن بلا قدرة ويحاول أن يقوم بشىء ضد مصلحة الوطن وبدأ تشويه كامل لصورة الشباب وصورة التظاهر للتمهيد لجريمة الاعتداء على المتظاهرين يوم 25 يناير ليلا ونجد عندما انقطع السبيل وسقط الديكتاتور لم يكن لوسائل الإعلام التى تعودت على إدارة الديكتاتور إلا على ديكتاتور يديرها فدرست الوضع وحاولت أن تطهر نجس مواقفها وأداءها السيئ طوال الفترة السابقة وذلك عن طريق التقرب إلى شباب الثورة لكى يطهروه من دنس النظام السابق ولكن سرعان ما رجعت هذه المؤسسات إلى الديكتاتور الذى يمتلك القوة فرجعوا إلى المجلس العسكرى كما عاد بنو إسرائيل إلى عبادة العجل بعدما أبصرهم سيدنا موسى بعبادة الله ونصرهم الله على فرعون. وأضاف أيضا: هناك عدد كبير من الناس رقصوا على دماء شهداء الثورة ومازالوا يرقصون وهؤلاء ليسوا فقط من المؤسسات الإعلامية ولكن على رأس هؤلاء الراقصين قيادات المجلس العسكرى عندما أدى أحد قيادات المجلس العسكرى بالتحية العسكرى لشهداء الثورة ووقفت المركبات العسكرية على الحياد تترك البلطجية والمرتزقة بأسلحتهم المختلفة يعتدون على الثوار وبعد ذلك انقلبوا على باقى الثوار الأحياء فى أحداث عنف أخرى حتى تضاعف عدد هؤلاء الشهداء، معتبرا وسائل الإعلام ليسوا راقصين فقط على الثورة بل هم راقصون لإرضاء الديكتاتور الذى يمتلك القوة ويمنحهم المال والأمان. وأشار عبد الكريم إلى أن هنالك مؤسسات إعلامية قبل الانتخابات التزمت الحيادية والشفافية وهنالك مؤسسات أخرى تعمدت نشر الشائعات والترويج فى أيام الصمت الانتخابى بطرق إبداعية. أما عن فترة ما بعد الانتخابات فتبقى وسائل الإعلام منقسمة بين من تحول لتأييد الرئيس الجديد أو بقى على دعمه للنظام البائد إلا القليل من المحافظين على المهنية منذ البداية.