كلمات لا يخرج عنها المجتمع السيناوي ويتعامل بها أكثر من القانون والمحاكم، وهي أساس الخلاف الدائم والخفي بين أهل سيناء وكل سلطة تحاول أن تفرضها الدولة علي أرضها في هذا المثلث العزيز من أرض الوطن. أهل سيناء عاشوا طوال عمرهم يتعاملون بالعُرف البدوي والحاكم هنا هو شيخ القبيلة وهو منتخب من أهل القبيلة وشيوخها الأقل منه ولذلك كانت كلمته مسموعة وحكمه نافذ.. والدليل علي هذا أن خلال عقود من الزمان لم نسمع أو نحس أن هناك مشاكل من أهل سيناء ولكن كانوا دوماً سنداً لأهل الوادي، وفي بطولات حرب 76 والاستنزاف وأكتوبر لهم من البطولات والمساهمات التي ساعدت بالفعل علي نجاح الجيش المصري في إعادة أرض الوطن. والذي حدث أن ملوك أمن الدولة اعتبروا سيناء وأهلها من الخونة والخوارج ملك خاص لهم.. وتعاملوا معهم من هذا المنطلق.. وولوا علي قبائلها من المشايخ الذين قبلوا بالتعاون معهم فسقطت هيبة شيخ القبيلة أمام أغراض البشاوات الجدد، وضاع صوته وسط تقاريرهم الوهمية وقضاياهم التي جانب العديد منها الصواب والتي كانت تكتب بأغراض الترقية أو إثبات الوقائع. وإذا وضعنا في الاعتبار تلك الأيادي الصهيونية دائمة اللعب في الظلام للوقيعة بين بدو سيناء وأهل الوادي كما يسمونها الآن.. لعرفنا لماذا الضجة علي فتح المعابر، ولعرفنا لماذا الخوف من عودة العلاقة إلي أصلها بين أهل البلد الواحد، فلابد أن يكون هناك ثغرة تنفذ منها الفتنة إلي قلوب البدو والحضر. فالبدوي عندما يطالب بحقه لدي أخوة في الديار ولا يستطيع أن يناله يقوم بعملية »التوثيق« وهي أن يأخذ ممن له حق عنده شيء يملكه بقيمة حقه فيوثق حقه ويكون علي الطرف الآخر اللجوء إلي العرف البدوي للتحكيم بينهم وتعقد لها جلسات يحضرها شيوخ القبائل وحكم الشيوخ نافذ.. وإن كان لشباب البدو بعضاً من الاعتراضات علي ضخامة الجزاءات التي توقع علي من عليه الحق. والذي يحدث في سيناء الآن من قطع طريق أو مظاهرات ضد تصرف لبعض القبائل ضد الأخري لا يخرج عن عمليات التوثيق، وإن كانت علي مستوي كبير أو قيمة الحقوق المتبادلة أعلي من مجالس العرف.. فدخلت في خطف السيارات والأطفال.. وهذا لأن شيخ القبيلة أصبح في ظل النظام السابق لا يحترم ولا يحل ولا يربط إلا بقوة بشاوات أمن الدولة.. فعندما سقط شبح الباشا.. سقطت هيبة شيخ القبيلة وبحث الناس عن من يعيد لهم الحقوق فلم يجدوه. أما إذا رفض البدوي حكم العُرف وتمرد عليه.. فعلي أهله التبراء منه وهو ما يسمي التشميس.. فيحق لأي عرب أن يهدر دمه فقد وقع عليه حكم التشميس وليس من حقه التواجد علي أرض قبيلته أو التواجد وسط أهله وعليه المغادرة. تلك أعراف وقوانين أهل البدو التي انهارت عندما حاول الأمن التدخل فيها ففسدت العلاقات وتاهت الحقائق. اتركوا أهل سيناء لعُرفهم وقوانينهم البريئة ولا تلوثوها بمصالح وأغراض كبار المستثمرين وأذنابهم من المنتفعين من البشاوات الجدد.