استطاعت بانوراما الفيلم الأوروبي أن تخطف الأنظار، خلال الأيام الماضية، وذلك بعد إنطلاق فعالياتها فى نسختها السادسة، وتعد هذه الدور من أنجح الدورات التى جذبت جمهورًا خاصة من شباب السينمائيين الذين يسعون للإطلاع المستمر على كل ما هو جديد فى عالم السينما الأوروبية .. وتختتم البانوراما فعالياتها اليوم، ويأتى الختام هذا العام مختلفاً عن الدورات السابقة، إذ إتفقت إدارة المهرجان مع الفنانة التونسية غالية بن على لعرض حفل موسيقى فى حفل الختام، وهى المرة الأولى التى تقدم فيها البانوراما حفلاً غنائياً مع افلام الختام، والتى تضم أفلام " فيلا 96 " ليعرض للمرة الثانية خلال الفعاليات، بالإضافة للفيلم الفرنسى "شابة وجميلة" للمخرج الفرنسى فرانسوا أوزون بطولة مارين فاتش وجيرالدين بيلهاس. وقد تميز هذا العام بأنه ضم عديد من الأفلام الأوروبية التى حصدت جوائزًا، كبرى فى المهرجانات الدولية، ليتم عرضها فى ثلاث سينمات مصرية، وقد حققت العروض نجاحاً جماهيرياً كبيراً بحضور مبدعى هذه الأفلام و نجوم الفن السابع فى أوروبا مثل المخرج اليكسى بتسترا مخرج فيلم "العالم"، والفرنسية سيليفيا بودروت مشرفة سيناريو فيلم "هيروشيما حبيبتي"، والمخرج الفلسطينى الأصل رانى مصلحة مخرج "جيرافادا" بمصاحبة الفنان الفلسطينى محمد بكير، وغيرهم، بالإضافة لسينمائيين مصريين كبار أمثال الناقد سمير فريد، والكاتب لويس جريس. "6 أقسام" وتم تقسيم الأفلام إلى 6 أقسام تحتوى جميعها على نحو 50 فيلمًا، حيث جاء قسم السينما الأوروبية، ليضم نحو 18 فيلمًا أوروبيا، أهمها الفيلم الدانماركى " إختطاف " والذى حصل على جائزة التنين الذهبى من المهرجان الإسكندنافي، وهو من إخراج لندهولم، ويسلط الضوء على عمليات القرصنة فى سواحل المحيط الهادى حيث يختطف قراصنة صوماليين إحدى سفن الشحن الدانماركية، وتتطور الأحداث بصورة درامية تتأرجح بين الحياة، والموت، ليطلب القراصنة فدية 10 ملايين دولار حتى يتم إطلاق سراح طاقم السفينة. يأتى أيضًا فيلم " بلانكانيفييز " للمخرج الإسبانى بابلو بيرجير و الذى يعكس عالم مصارعة الثيران فى إسبانيا أوائل القرن الماضي، و الفيلم مأخوذ من القصة الشعبية " الثلج الأبيض"، و تم إنتاجه بشكل فانتازى صامت بالأبيض والأسود بهدف إعادة إحياء السينما الصامتة بإعتبارها سينما الجمال على حد قول مخرج العمل، وقد حصل الفيلم على 35 جائزة فى إسبانيا وهولندا وألمانيا، كما يعرض فى نفس القسم أفلام من فرنسا و إيطاليا وغيرها من الدول الأوروبية مثل الفيلم الفرنسى " على الدراجة مع موليير " ، و فيلم " عمل جميل " ،و الفيلم الألمانى " هانا أرنت " و الفيلم الدانماركى " شمال غرب " أما القسم الثانى وهو " أفلام العمل الأول " للمخرجين العالميين الجدد، ليأتى فى مقدمة الأفلام المعروضة فيه الفيلم المصرى " الخروج للنهار " للمخرجة هالة لطفي، وهو الفيلم الذى حصل على عديد من الجوائز العالمية فى المحافل السينمائية الكبرى، وقد حقق نجاحاً فى الفترة الأخيرة بإعتباره سفيراً مصرياً، وعبرت هالة لطفى عن سعادتها بعرض فيلمها فى بانوراما هذا العام ليتوج النجاحات التى حققها العمل، والتى كان أخرها فى مهرجان وهران، وتدور أحداث الفيلم حول فتاة وأم يعتنيان برب منزلهما الذى يعانى من الشلل لتظهر معاناتهما فى ظروفهما الإقتصادية والإجتماعية الصعب. أيضاً يأتى فيلم " فيلا 69 "، وهو التجربة الأولى للمخرجة أيتن أمين الذى يعتبر أحد أهم الافلام المستقلة التى خرجت للنور مؤخراً بإنتاج مصرى إماراتى مشترك، ويشارك فى بطولته الفنان خالد أبو النجا و لبلبة، وأروى جودة، و قد حصل مؤخراً على جائزة التحكيم الخاصة بمهرجان أبو ظبي، أيضاً يأتى فيلم جارفادا وهو إنتاج فلسطينى إيطالى فرنسى مشترك للمخرج رانى مصلحة، والذى يقول عن فيلمه إنه حاول الجمع بين عالمين من خلال شخصية الطبيب البيطرى ياسين وابنه الذى يهوى الزرافات، وتدور الأحداث بين الضفة الغربية وتل أبيب لتوضح صعوبة الحياة التى تسبب فيها الإحتلال من خلال منع الإحتياجات الإنسانية للفلسطينيين، وأضاف أن الحيوانات بطبيعتها رمز للرحمة والسلام، وهو ما دفعة لتمسية فيلمه بهذا الإسم. وكان للأفلام الوثائقية حضورا خاصا بقسمها فى البانوراما حيث يشارك 11 فيلما ضمن وتميزت أغلبها لكونها تتناول قضايا الأقليات، والإحتلال والإستغلال الإقتصادي، وهو ما ظهر فى أعمال مثل الفيلم التونسى " يلعن بو الفوسفاط " للمخرج سامى تيليلى ، وهو فيلم جمع بين أحداث الثورة التونسية ضد نظام بن على وبين الإستغلال الإقتصادى للفوسفات فى إحدى المدن المنتجة له، و يأتى ايضاً الفيلم الفلسطينى " غزة 36 ملى " للمخرج خليل المزين والذى يعتبر نافذة تجاه واقع الحياة فى غزة بين الإحتلال وسلطة حماس ومعاناة المواطنين، و ينضم لهذه الأفلام الفيلم الفرنسى "أبناء الريح" الذى يتناول قضية الغجر فى فرنسا بعد الأزمة الأخيرة من تهجيرهم من مساكنهم العشوائية فى مدينة تولوز، وعلى الرغم من ذلك تلعب الموسيقى دورها فى إعادة البهجة لهؤلاء المهجرين من خلال تراثهم وأغانيهم . وكان من أهم الأفلام المعروضة فى المهرجان هو الفيلم الفرنسى " هيروشيما حبيبتي"، وهى نسخة معدلة من الفيلم الذى كاد أن يندثر بسبب نسيانه فى صناديق التخزين منذ عام 1959، وتدور أحداثه إبان الحرب العالمية الثانية وحادث قنبلة هيروشيما النووية لتسافر ممثلة فرنسية إلى المدينة المنكوبة لتصوير فيلم عن السلام العالمي، وتقابل هناك حبيبها اليابانى وتتطور علاقاتهما تاركة كل أثار الحرب. وجاءت سيلفيا بودروت مشرفة السيناريو فى هذا الفيلم و التى تبلغ من العمر 95 عاماً إلى مصر لتحتفى بالفيلم الذى شاركت فيه وإعادته للحياة، معبرة عن سعادتها البالغة لمشاهدة النسخة المعدلة من فيلمها فى القاهرة، تروى سيلفيا عن ذكرياتها مع الفيلم قائة: "كانت هناك صعوبات كثيرة واجهتنا خلال كتابة قصة الفيلم، وذلك لأن المشاعر السيئة كانت لا تزال موجودة بين دول الحلفاء ومنها فرنسا و بين دول المحور ومنها اليابان، فكان الجمع بين هذين العدوين فى قصة حب مواجهة لكل السياسيين فى هذا الوقت". لم يتوقف صدى البانوراما عند قاعات السينما بل إنتقل إلى صفحات التواصل الإجتماعي، وكان أكثر المجموعات الإلكترونية المهتمة بالبانوراما هذا العام، مجموعة سينمائية خاصة على صفحات الفيس بوك تحمل مسمى " نادى محبى الافلام غير الناطقة بالإنكليزية" حيث تداول المشاركون فى هذه المجموعة والتى تضم أكثر من ألفى مشترك نقاشات حول أهم الافلام المعروضة فى البانوراما، وتشجيع المهتمين بالسينما الأوروبية للإنضمام إلى صفوف الجمهور فى السينما، خاصة أن هناك فرصة لمشاهدة عدة أفلام نادرة و حديثة، بينما دشن بعض شباب الرواد للبانوراما هذا العام موقع خاص للأفلام المعروضة، وفعاليات البانوراما مطالبين رئيسته ماريان خورى بضرورة إقامة فعالياته بصورة نصف سنوية.