هو واحد من عشاق سيناء، يعرف كل اسرار وخبايا شبه الجزيرة العريقة ويعرف ايضا كل مشكلاتها.. كان له دور كبير في مشروعات تنمية سيناء منذ تحريرها، وهو الدور الذي بدأ منذ اختياره عضوا في لجنة تنمية سيناء في الثمانينات مع مجموعة من كبار العلماء، واستمر اهتمامه بقري سيناء في اطار عمله كوزير للتنمية المحلية ثم رئيسا للجنة متابعة المشروع القومي لتنمية سيناء واخيرا رئيسا لجامعة سيناء حتي عام 2007. في هذا الحوار يضع د. محمود شريف خارطة طريق لتنمية سيناء تقوم علي خبرته الكبيرة بشبه الجزيرة العريقة.. وارتباطه بأهلها ومشايخها. يؤكد ان تنمية سيناء يجب ان تبدأ فورا ولا تنتظر عودة الامن والاستقرار.. لان غياب التنمية في المنطقة الشرقية جعلها مطمعا لاسرائيل.. ويؤكد ان جهاز تنمية سيناء بوضعه الحالي يعد مجرد جهاز تنسيقي بلا صلاحيات.. ولن ينجح في تنفيذ خطة التنمية.. ويطالب بإعادة تشكيله ومنحه السلطة المطلقة.. يؤكد ايضا ان سيناء تضم موارد طبيعية لا مثيل لها في العالم.. ويطالب باستكمال مشروع ترعة السلام ويؤكد ان هناك دراسات كاملة بالاقمار الصناعية »جاهزة».. كما يطالب باقامة مصانع رائدة لتصنيع خامات الرخام والسليكون التي لا يوجد مثلها في العالم كله. جهاز تنمية سيناء بلا صلاحيات ولابد من إعادة تشكيله ومنحه سلطة مطلقة في ظل ظروف الارهاب التي تشهدها سيناء.. هل يتم تأجيل مراحل التنمية لحين اعادة الامن والاستقرار للمنطقة؟ - يجيب بسرعة: علي العكس تماما.. فالبدء في تنمية سيناء يجب الا ينتظر للغد.. وبداية التنمية ليست ببدء تنفيذ مشروعات علي ارض الواقع وانما باعادة النظر في استراتيجيتها وبرامجها واعادة النظر في الهيكل التنظيمي للتنمية.. خاصة ان الجهاز التنفيذي الحالي لتنمية سيناء غير قادر علي هذه المهمة بتشكيله واختصاصاته وموازناته. فرغم انه يجمع في تشكيله بين محافظين ووزراء وقوات مسلحة وفنيين الا انه في نفس الوقت لا يستطيع ان يتخذ قرارا.. فقد اعلنوا انه مسئول عن تنفيذ جميع المشروعات التنموية في سيناء.. لكنهم جعلوا الميزانية تابعة للوزارات.. اي انه اصبح جهازا بلا سلطة ولا موازنة.. ليتحول بذلك الي مجرد جهاز تنسيقي. ومن واقع مناقشاتي مع عدد من شيوخ قبائل سيناء لدي مجموعة اقتراحات: أولها تغيير مسمي الجهاز الي هيئة قومية او عليا.. وان يعتمد في تشكيله علي ضم عدد من شيوخ القبائل باعتبارهم الادري بآفاق التنمية علي أرض الواقع والادري بشباب سيناء. وان تتكون الهيئة من مجلس ادارة يشمل: محافظي سيناء والقناة وخمسة من شيوخ القبائل وعددا من شباب القبائل التي لم تمثل بشيوخها.. ويرأس المجلس محافظ او وزير سابق لديه خبرة بهذه المنطقة ويحظي بقبول شيوخ القبائل.. وان يعين للهيئة امين عام للمجلس من رؤساء الاركان الذين خدموا في سيناء.. وان تنقل الي الجهاز جميع الاختصاصات الخاصة بتنمية سيناء، وكذلك تنقل له جميع الموازنات المالية الخاصة بمشروعات التنمية في هذه المنطقة.. وان تكون لهذا المجلس سلطة مطلقة في اتخاذ القرارات التنموية والتصرف في موازنة المشروعات التي يتم اعتمادها.. وان يكون للهيئة مقر في الاسماعيلية علي أن يكون المقر الدائم في العريش مع مقر تبادلي في الحسنة وآخر في الطور وان يكون هناك اطار زمني لتنفيذ كل مشروع لا يتجاوز ستة شهور.. الرمال والرخام وما هي أهم المشروعات التي يجب البدء بها؟ - بالنسبة للصناعة فهي ترتبط بوسط سيناء وتقوم اساسا علي استغلال الرمال البيضاء التي تصل درجة نقائها الي 99٪ وتعد انقي رمال بيضاء في العالم.. ويمكن ان تقوم عليها صناعات السليكون والخلايا الشمسية والزجاج وشرائح الكمبيوتر، ويوجد في سيناء ايضا افضل رخام في العالم فمن الممكن انشاء مصنع لتقطيع وتشكيل وجلي الرخام والجرانيت والألابستر ويمكن اقامته في شمال سيناء او منطقة ابو زنيمة علي خليج السويس والمشروع يستوعب عمالة تصل الي الفي عامل.. ولاقامة هذا المشروع فلابد من صدور قرار بوقف نزيف هذه الخامات المتميزة ومنع تصديرها علي هيئة بلوكات تنتج عن تفجيرات اجرامية تهدر جزءا كبيرا منها ولا ينتج عن التصدير أي فائدة مضافة لمصر.. وان يطبق قرار وقف تصدير الخامات الموجودة في سيناء دون تصنيع او نصف تصنيع علي ويكفي ما تم اهداره خلال السنوات الماضية. وماذا عن مشروعات التنمية الزراعية؟ - اولا.. يجب البدء فورا في استكمال جزء من ترعة السلام يمتد بين بئر العبد والحد الغربي لوادي العريش علي ان يتم ذلك ياستخدام الانابيب الخرسانية علي مراحل.. وذلك علي ضوء المسار الذي حددته دراسة المرحوم الدكتور مجدي غانم والتي استخدم فيها صور الاقمار الصناعية لتحديد المسار بما يتفق مع اقل الارتفاعات وبذلك يقلل الطاقة الكهربائية اللازمة. كما يجب استكمال المشروع الذي بدأته جامعة سيناء بحفر آبار في المنطقة الشرقية والقري المحيطة وقد تم بالفعل حفر اربعة انفاق لنقل المياه وعمل البوابات، كما تم حفر فرع الترعة من سهل الطينة الي بئر العبد الي جنوب القنطرة ليروي خمسة وسبعين الف فدان في جنوب القنطرة، وتم منح 12 ألف فدان للشباب في سهل الطينة، اما شمال الترعة فتم توزيعها علي رجال الاعمال لاستصلاحها لكنهم للأسف حولوها الي مزارع اسماك. والمشكلة ان مشروع ترعة السلام توقف عند بئر العبد منذ عشر سنوات رغم انها كان من المفترض تتجه الي منطقة السر والقوارير، وهي منطقة منبسطة وسهلة وارضها خصبة، وحيوية جدا لأنها علي امتداد الطريق الاوسط فلو تمت تنمية هذه المنطقة سيكون التحكم في الطريق سهلا. وقد كان اهالي سيناء يرون ان امتداد الترعة لوسط سيناء ضرورة لتنمية المنطقة وحمايتها، لان منطقة وسط سيناء خالية من السكان مما يشكل خطرا امنيا كبيرا عليها.ولكن المشكلة ان وزارة الزراعة وقتها رأت ان امتداد الترعة للسر والقوارير يتطلب تكلفة مرتفعة، وقد اجرت جامعة سيناء وقتها دراسات ونجحت في التوصل الي تحديد ثلاثة مسارات بديلة تقلل التكلفة وتروي مائة الف فدان زيادة عن المتوقع. ولكن لم يكن هناك من يتحمس للتنفيذ، خاصة ان لجنة المتابعة لم يعد تشكيلها بعد حدوث تغيير وزاري، فتوقف مشروع امتداد ترعة السلام وتوقفت معه مشروعات التنمية الزراعية وكافة مشروعات التنمية واستمر الخلل الامني في منطقة وسط سيناء وهو ما أدي الي عدم اقدام اي مستثمر علي اقامة مشروعاته بدون تأمين كاف، لأن التأمين الحقيقي يتمثل في التنمية الحقيقية. احياء المشروعات القديمة من بين المشروعات التي توقفت ايضا مشروع توزيع أراضي مساحتها 150 ألف فدان جاهزة للزراعة فقد تم الاعلان عن بيعها بالمزاد وهو ما يتعارض مع متطلبات التنمية التي يجب ان تقوم علي التخصيص وليس المزاد، وكانت النتيجة ان هذه الاراضي لم يتم توزيعها حتي الآن. ومن بين المشروعات التي توقفت ايضا ويجب احياؤها مشروع تخصيص مائة الف فدان لبنكين حكوميين لانشاء مجمعات زراعية وصناعية يعمل بها الشباب ويتملكون أسهما في المجمع يسددون قيمتها من عملهم ثم تتخارج البنوك بعد فترة تتراوح بين 10 و 15 سنة وتنتقل الملكية الي شركات وشباب من الوادي وسيناء. ورغم موافقة كل الجهات وقتها الا ان هذا المشروع توقف ايضا. وهناك مشروع مهم آخر يجب احياؤه وهو المشروع الذي اعده د. مسعد عويس لربط شباب الوادي بسيناء عن طريق زيارات منتظمة ينظمها المجلس الاعلي للشباب بالتعاون مع المحافظات. ولماذا تعثر تنفيذ هذه المشروعات حينما كنت رئيسا للجنة الوزارية لمتابعة تنمية سيناء في التسعينات؟ - كنا نعمل علي البرنامج القومي المكتوب وانجزنا الجزء الحكومي.. لكن الجزء الخاص بالقطاع الخاص لم يتم.. فقد كان مطلوبا استثمار 70 مليار جنيه وفي هذا الوقت كان هناك اتجاه لتمويل المشروعات التجارية لا المشروعات الاستثمارية الكبيرة. ورأيي ان تنمية سيناء لم تكن من اولويات الارادة السياسية، بالاضافة الي الخلل الاداري في تنمية سيناء، فحينما تم شق ترعة السلام في سيناء حدث نزاع بين الري والزراعة علي الاراضي، وصدر قرار جمهوري بتبعية ارض الترعة لوزارة الري، كانت النتيجة ان وزارة الري اهتمت بالمجاري المائية فقط لكنها لم تهتم بتوزيع الاراضي التي يتم اصلاحها، فصدر قرار جمهوري آخر بأن تتولي وزارة الري مسئولية المجاري المائية فقط، علي ان تتولي وزارة الزراعة مسئولية توزيع الاراضي المستصلحة، ولكن المشروع ظل متعثرا، فصدر قرار جمهوري ثالث بإنشاء شركة كبري تتولي مسئولية المشروعات الكبري مثل ترعة السلام وتوشكي، ولكن الشركة ايضا تعثرت، فكان القرار الرابع بانشاء شركة لمشروعات سيناء، واخري لمشروع توشكي، ولكن النتيجة ظلت صفرا، والتنمية محلك سر. هل يمكن ان تعوق الظروف الامنية اقامة هذه المشروعات وتحقيق التنمية؟ - اطلاقا.. فأنا اري ان الامن في سيناء يتجه نحو الاستقرار مع العمليات العسكرية المكثفة.. لان الضغط العسكري سيؤدي الي شلل المجموعات الجهادية في سيناء والمهم ان تكون لدينا الارادة الحقيقية لهذه التنمية.. لأنني اتصور ان القيادات السابقة لم يكن لديها الحماس والاصرار علي هذه التنمية. الأمن الخارجي وما تأثير تأخر التنمية علي الامن الخارجي لسيناء؟ - تأثير كبير جدا، فمن عوامل الخطورة في سيناء ان المنطقة الشرقية علي حدود غزة واسرائيل - من رفح الي زويد الي الكونتيللا - هي اقل المناطق حظا في التنمية، وقد ترتب علي غياب التنمية في هذه المنطقة ان اصبحت محط اطماع اسرائيلية، حيث تقترح العديد من دراسات مراكز الابحاث الامريكية الاسرائيلية ان يتم اخذ جزء من الشريط الشرقي في سيناء بعرض 20 كيلو مترا ليصبح امتدادا لغزة ويساهم في حل مشكلة التكدس السكاني بها، علي ان تعوض اسرائيل مصر وتعطيها قطعة صحراوية من النقب وتقوم امريكا واسرائيل بمساعدة مصر في تنميتها. والحقيقة ان هذا المخطط هو السر في الدعم الامريكي للاخوان. كامب ديفيد التنمية لا يمكن ان تتم في سيناء بدون تواجد امني مكثف، وقد تكون بنود اتفاقية كامب ديفيد هي التي تحد من هذا التواجد الامني وتحدد حجم القوة العسكرية. ربما، فالاتفاقية تحدد الوضع الامني في ثلاث مناطق، المنطقة "أ" وتضم طبقا للاتفاقية 22 الف جندي بمعداتهم، والمنطقة " ب " وتضم اربعة آلاف جندي، اما المنطقة " ج " فلا تضم سوي 750 جنديا من سلاح حرس الحدود، وهي بالطبع اعداد قليلة جدا، وقد ترتب علي هذا الغياب الامني في سيناء تعثر التنمية. هل من حق مصر تغيير بنود اتفاقية كامب ديفيد بما يضمن وضع أمني افضل في سيناء؟ نعم، فالبند الرابع ينص علي انه من حق اي طرف طلب تعديل الجزء الخاص بالترتيبات الامنية، والحقيقة أنني اطالب بتغيير بنود الاتفاقية وتعديل الوضع العسكري والاوضاع الامنية خاصة في المنطقتين ب، ج.