اتصل بي أحد القراء وطالبني بالكتابة عن خط المتروباص الذي ذكرت الصحف أنه تم الاتفاق بين مصر وتركيا علي إنشائه للمساعدة علي التخفيف من حدة الزحام في القاهرة. ولو كان مسموحا بنشر صور مع المقال لأرفقت مع ما أكتب صورة لمشروع المتروباص الموجود في اسطنبول ليري المواطن المصري بنفسه صورة حية له علي الطبيعة دونما حاجة لأسهب في الكتابة..والمتروباص أحد الحلول التي لجأت إليها تركيا للمساهمة في حل مشكلة المواصلات، وهو عبارة عن خط أتوبيس معزول تماما بسور من الحديد عن حركة المرور في الشوارع..وهو يشبه مترو الأنفاق في كونه متعدد العربات وليس عربة أتوبيس واحدة، لذلك فهو يستوعب أعدادا غفيرة من الركاب علي مدار اليوم كما هو الحال في مترو الأنفاق. وكما علمت من صديقي الدكتور أحمد عبد العال الذي كان يعمل ملحقا ثقافيا لمصر في اسطنبول أن مشروع المتروباص قد واجه عقبات ومشاكل كثيرة في بداياته، خاصة من ناحية الجدوي الاقتصادية نظرا لضخامة تكلفة الانشاء، ولكن بعد أن انتهي تشييد المشروع وبدأ التشغيل شعر الأتراك بتأثير المتروباص علي مسيرة حياتهم اليومية، فضلا عن أن المشروع قد بدأ يؤتي ثماره ويحقق أرباحا بعد عدة سنوات من التشغيل. وفي رأيي أنه يجب علي خبراء هندسة الطرق في مصر- الذين هم أدري بشعاب مكة- أن يتباحثوا مع الخبراء الأتراك في كيفية تحقيق أقصي استفادة من المتروباص قبل الشروع في تنفيذه..وإذا كان لي أن أدلي بدلوي فإني أقترح أن يكون خط سير المتروباص مخترقا ورابطا لمحافظات القاهرة الكبري بما فيها مدينة أكتوبر التي آن الأوان لأن تعود محافظة منفصلة من جديد..وأتصور أن خط السير بهذا الشكل سوف يساهم بشكل غير مباشر في بث الحياة في مناطق كانت ميتة ومهملة. أكثر من ذلك أنني أتخيل أن المتروباص يمكن أن يساهم في خلق قلب جديد للقاهرة إذا ما وضعنا في الاعتبار أنه سيخترق كثيرا من المناطق العشوائية، كما أنه سيكون فرصة للاستفادة بمناطق المقابر التي آن الأوان للنظر في نقلها من القاهرة بشكل جدي. أكرر وأنبه أن مشروع المتروباص فرصة حقيقية لحل كثير من معضلات القاهرة التي نقف أمامها عاجزين ونتخيلها مستحيلة ومستعصية علي الحل، ليس في المواصلات فقط ولكن حتي في الإسكان لأنني أتصور أن المتروباص فضلا عن أنه سيفتح محاور مرورية جديدة فإنه أيضا يمكن أن يمنحنا فرصة لاتعوض لإنشاء محاور سكنية جديدة. مترو المحطة الواحدة وبما أننا بصدد الحديث عن حلول جذرية لمشاكل المرور والازدحام أضع أمام خبرائنا في هندسة الطرق فكرة مترو أنفاق المحطة الواحدة الذي تنفذه تركيا لتفادي مشاكل الازدحام والتكدس المروري في بعض المناطق..وروعة مترو المحطة الواحدة أنه لايستخدم أي نوع من أنواع الطاقة، فهو يقوم علي نظرية الدفع الذاتي بحيث يتم حفر نفق المترو علي شكل قوس نصف دائرة، وبمجرد أن يتحرك المترو من محطة القيام يأخذ طريقه بقوة الدفع الذاتي حتي يصل إلي محطة الوصول وهكذا دون استهلاك أي طاقة. كم أتمني أن يتزامن تنفيذ مشروع المتروباص مع مشروع مترو أنفاق المحطة الواحدة في مناطق التكدس المروري والازدحام في مختلف محافظات القاهرة الكبري، وبهذا نكون فعلا قد غيرنا من أساليب تفكيرنا القديمة العقيمة، وأصبحنا نفكر بشكل علمي وحضاري يخطط للمستقبل بإدراك ووعي بدلا من الأسلوب الاستهبالي الذي لم يكن يراعي إلا السبوبة التي يستفيد منها المسئولون كشرط لتوقيع أي عقد حتي لو كان الاتفاق أو العقد ضد مصلحة البلاد والعباد ولا يخدم إلا مصالح العدو.