حكايته اشبه بحكايات الاساطير القديمة.. تعيدك إلى عهود قديمة مضت.. عندما كان البؤس هو أوضح حقائق الواقع.. وثالوث الفقر والمرض هو السمة الابرز.. وقتها كان الدجل والتضليل والفساد والاستبداد يملكون السلطة والنفوذ.. والسيطرة على العقول والقلوب.. لكن المثير والغريب أن يتكرر نفس السيناريو فى عهدنا الحالى.. فقبل ايام قليلة اتهمت ربة منزل أحد الدجالين المشهورين فى منطقة حدائق القبة.. بأنه استغل مرضها من الجان.. وادعى قدرته على علاجها.. وحصل منها على أموال ولم يعالجها ورفض رد المبالغ التى حصل عليه.. قيل عنه: أنه يهوى اصطياد النساء.. وقالوا عنه ايضا أنه دجال محترف يستطيع إيذاء من حوله.. وأن كلمته مسموعة.. ويستعين بالجان لعقاب كل من يخطىء فى حقه.. أو لا ينفذ اوامره. حكايته خطيرة ومثيرة.. لكن كيف تمكن رجال المباحث من القبض عليه؟!.. وما هى اعترافاته؟!.. والاهم ما هى حكايته؟!.. هذا ما سنتعرف عليه من خلال السطور القادمة.. رجال الشرطة ينتشرون فى كل مكان.. سيارات تنطلق واخرى تستقر امام قسم حدائق القبة.. وبالداخل عشرات من الضباط والأمناء والأفراد يتلقون البلاغات.. يحاولون السباق مع الزمن من اجل القبض على المجرمين واللصوص وارباب السوابق.. الهدف واحد هو محاربة الشر.. وضرب بيد من حد على كل من يسول لنفسه إيذاء الناس.. وترويع المواطنين.. لكن وسط كل هذه الاجواء الساخنة دائماً.. كانت هناك ربة منزل يبدو عليها التوتر والقلق تطالب بمقابلة المقدم شريف فيصل رئيس مباحث قسم حدائق القبة.. لأمر هام وخطير على حد قولها.. وخلال لحظات كانت السيدة تجلس امام رئيس المباحث وتروى له مأساتها.. التى طالبت بأن يتم تسجيلها فى محضر رسمى.. نصاب خطير! وبدأت السيدة قائلة: اسمى علا السيد.. ابلغ من العمر 31 عاماً.. منذ فترة واصبت بمس من الجان.. ولجأت للعديد من الاطباء الذين فشلوا جميعا فى علاجى.. وهو ما دفعنى إلى اللجوء الى احد الدجالين المعروفين بقدراته الفائقة على العلاج من الجان.. وهذا بمقابل اموال ادفعها له.. واستطردت الشاكية كلامها قائلة: قبل فترة ذهبت اليه.. وطلب منى مبلغ مالى يقدر ب 2800 جنيه.. حصل عليها واعطانى بعض الاحجبة بعض أن قرأ بعض من التعاويذ على.. ثم انصرفت وعدت إليه اكثر من مرة.. كما طلب منى.. هذا لأن حالتى كما يقول مستعصية وتطلبت العديد من الجلسات.. لكن مرت عدة شهور ولم أشفى من مرضى.. وبالسؤال عنه اكتشفت أنه نصاب.. وعندما ذهبت اليه مرة اخرى للشكوى من نفس المرض.. ادعى انه لا يستطيع علاجى.. وهو ما جعلنى اطلب منه رد الاموال التى حصل عليها.. إلا انه رفض رفضاً تاماً.. وقال لى بالحرف الواحد: "اخبطى دماغك فى الحيط".. على الفور قام المقدم شريف فيصل بإبلاغ العميد ناصر حسن مدير قطاع الشمال.. الذى ابلغ على الفور اللواء اسامة الصغير مدير امن القاهرة.. ليطلب من رئيس القطاع تشكيل فريق بحث فوراً للقبض على الدجال المتهم والمعروف بصائد النساء.. دقائق قليلة وانطلقت مأمورية من رجال الشرطة بقيادة العميد ناصر حسن رئيس القطاع.. والعقيد محمد الالفى مفتش المباحث.. والمقدم معتز عمر مأمور القسم.. بعد أن تم تقنين الإجراءات الامنية والحصول على إذن من النيابة العامة للقبض على المتهم قبل هروبه.. ونجح بالفعل المقدم شريف فيصل رئيس مباحث القسم ومعاونيه الرائد حسن بكرى والرائد محمد برعى والرائد تامر عبد الفتاح من القبض على المتهم.. ليعودوا به إلى القسم مرة اخرى.. ولتتم مواجهته بالشاكية التى اكدت أقوالها.. وبمناقشة العميد ناصر حسن رئيس قطاع شمال القاهرة للمتهم.. اعترف بشهرته فى علاج الامراض والمس بالجان الذى يصيب بعض المواطنين.. ليتم إحالته إلى النيابة العامة التى قررت حبسه اربعة ايام على ذمة التحقيقات.. 30 عاماً! انتقلت "اخبار الحوادث" إلى قسم حدائق القبة للحوار مع المتهم.. جاء بخطوات ثابتة مؤكداً أن ما حدث له كبوة وسرعان ما تزول.. وأنه لم يخطىء فى حق احد.. ويرضى بقضاء الله ونصيبه.. وبابتسامة هادئة قال المتهم: اسمى احمد محمد ابراهيم.. ابلغ من العمر 52 عاماً.. اعلم جيدا اننى معروف بسمعتى الحسنة.. واسألوا بأنفسكم اهالى منطقة حدائق القبة والمناطق المجاورة لها.. فأنا لم اتأخر عن مساعدة أحد.. وتجدنى دائما فى افراح واحزان الناس.. اساندهم واحاول رسم الابتسامة وطرد الشيطان من حياتهم.. كثيرون يقولون أنك مشهور بالفعل بلقب الشيخ احمد الدجال؟!.. ويرد سريعا قائلا: عمرى ما سمعت تلك الكلمات من احد.. وربما تكون المرة الاولى التى اسمع أن لقب الدجال يطلق على.. أنا معروف فقط بالشيخ احمد.. وليس لى اسم شهرة غير ذلك؟!.. ومنذ متى وانت تعالج الناس من مس الشيطان والاعمال؟!.. يقول: منذ ثلاثين عاماً وأنا اساعد الناس الذين يطرقون بابى.. فخالقى سوف يحاسبنى إن بخلت على الناس بعلمى وقدرتى.. فأنا لدى موهبة فى التعامل مع الجان والمس الشيطانى.. واستطعت خلال الثلاثين عاماً الماضية علاج المئات وربما الآلاف من تلك الامراض الشيطانية.. التى يحاول بها بعض المرضى ومن لهم علاقة بالجان إيذاء الابرياء بها.. حيث اقوم بقراءة القرآن عليهم.. والتقى بهم فى عدة جلسات حتى يتخلص المريض من مرضه.. وكم من الجلسات تكفى للعلاج؟!.. كل مريض حسب طبيعة ايذائه.. وحسب الفترة التى تمكن خلالها العمل.. فبعض المرضى استطيع بفضل الله علاجهم فى جلسة او اثنين على الاكثر.. وبعض المرضى استغرق معهم عشرات الجلسات.. ست ورجل بقفطان! ونتتقل به إلى البلاغ المقدم ضده.. لنسأله: لكن ما تتحدث به هو اعتراف ضمنى بأنك تعالج الناس.. وتمارس اعمال السحر والشعوذة؟!.. انا اعترف فعلا انى اساعد الناس.. واعالجهم من السحر والشعوذة.. لكنى لا أمارس السعر والشعوذة.. فرق كبير بين علاج ومساعدة الناس وايذائهم.. ويضيف قائلا: وعمرى ما كنت نصاب.. فالنصاب يحصل على اموال من الناس من اجل علاجهم.. ولا يقوم بعلاجهم.. أما أنا فلا اتحصل على أى اموال من الناس.. ولا حتى مليم واحد.. واكتفى ببعض الدعوات منهم عند علاجهم.. ويكفينى اجرى من عند الله.. لكن هناك من اتهمتك بالنصب عليها.. والدليل القبض عليك ووضعك فى حجز الشرطة بعد ان امرت النيابة بحبسك أربعة أيام على ذمة التحقيقات؟!.. ويرد قائلا: حكاية هذه المرأة معى غريبة جدا.. فأنا لا اعرفها من الاساس.. وما حدث انه منذ فترة جاءت وطرقت بابى.. وكان معها رجل يرتدى قفطان.. وادعت اننى حصلت منها على 800 جنيه.. وقالا لى إن لم تدفع الاموال فسوف يقومان بإبلاغ رجال الشرطة.. لكنى قررت عدم دفع المال.. حتى اقسما بالله اننى حصلت منهما على أموال.. وهنا قلت لهما: ما دام اقسمتما بالله فانتما الاصدق.. واعطيتهما المال الذى طلباه.. لكن الغريب انهما جاءا لى مرة اخرى بعد بضعة ايام.. وقالا لى اننى حصلت منها على 2800 جنيه.. وهددانى مرة اخرى.. وهنا تأكدت انهما سيظلان يسامونى.. وهددانى بإلاغ الشرطة.. وهنا اخبرتهما بالموافقة.. فالشرطة سوف تقوم بعملها.. وتتحرى عنى.. وانا اثق فى جدية التحقيقات.. واعلم جيدا اننى فى ابتلاء من عند الله.. وان الله سينصر الحق ولو بعد حين.. ووجودى فى الحجز لا يزعجنى.. فهذا قدرى.. سألناه مرة اخرى: مادمت لا تحصل على اموال من الناس الذين تعالجهم فمن أين تصرف على نفسك؟!.. فرد قائلا: انا كنت موظفا فى شركة الغزل والنسيج.. ومعاشى يكفينى على اعباء الحياة ولا احتاج قرش من احد لمساعدتى.. ولو احتجت فأولادى بالتأكيد سوف يتكفلوا بى.. واضاف: على العموم المحامى الذى جاء به ابنى تفاهم مع السيدة.. وحسب ما علمته انها تنازلت عن البلاغ.. وانتظر قرار النيابة لانها هى صاحبة الحق الاصيل فى الإفراج عنى.. سؤال اخير: كيف تعيش فى حجز القسم.. وكيف يتعامل معك رجال الشرطة؟!.. ويرد قائلا: بصراحة سمعت عن الشرطة كتير.. بانها تعذب الناس وتلقنهم دروسا خاصة للمجرمين والمتهمين.. لكن بصراحة لم اتلق منهم سوى المعاملة الحسنة.. ولم اسمع منهم كلمة إهانة.. او حديثاً جرح مشاعرى.. *** حكاية عم احمد او الشيخ احمد انتهت.. لكنه مازال ينتظر مصيره داخل قسم الشرطة انتظاراً لقرار النيابة العامة.. لكن من المؤكد أن رجال الشرطة تعاملوا بمهنية فى هذه القضية بناءً على الاتهام الذى وجهته السيدة.. واعترافه الضمنى.. ولا يبقى سوى قرار جهات التحقيقات او المحكمة التى ستكون كلمتها التى ستكون بالتأكيد عنواناً للحقيقة..