لتضيع ثروة هائلة يمكن أن تكسبها الهيئة التى تجاهد عاماً بعد عام لتقليل الفجوة بين خسائرها ومصروفاتها خاصة أن تذكرة السفر لم تعد كافية لتحقيق الأرباح، فقررت وزارة النقل حصر هذه الأراضى فى كافة أنحاء الجمهورية وتخطيطها لإقامة مشروعات استثمارية كبرى بنظام حق الانتفاع، بالإضافة لإنشاء محلات للمشروعات الصغيرة للشباب وأبراج سكنية ومكاتب إدارية.. سكان المناطق التى تقام فيها هذه المشروعات رحبوا بها مؤكدين أنها سوف تصب فى مصلحة الباحثين عن فرصة عمل أو سكن، فى حين يؤكد خبراء النقل أنها خطوة هامة تأخرت كثيراً، متوقعين أن تحدث طفرة فى عائدات السكة الحديد. فى البداية يقول ياسر شحاتة – قليوب البلد – إن رصيف محطة قليوب كان خالياً تماماً، وفكر فى مشروع كشك مأكولات ومشروبات، فحاول أن يستأجر مساحة صغيرة بالمحطة، ولكن كل محاولاته كانت فاشلة، فالقائمون على المحطة بقليوب قالوا إنهم غير مسئولين عن إعطاء تصاريح أو تراخيص بأى منشآت، وفى القاهرة دخل مكاتب كثيرة وتقدم بعدة طلبات وغرق فى دوامة من الروتين، ليقرر فى النهاية صرف النظر عن هذا المشروع والابتعاد عن السكة الحديد. الترخيصات ممنوعة فى قها ويؤكد حمدى المعداوى – قها – أن محطة قها يمكنها أن تدر دخلاً كبيراً للسكة الحديد، فالرصيف يكاد يكون خالياً من الأكشاك والمشروعات التجارية، وقد حاول منذ فترة بكل الوسائل أن يحصل على محل صغير بجوار المحطة ولكن لا أحد يهتم بهذه المشروعات، فالوحدة المحلية طلبت منه التوجه للمحطة حيث إن المكان يعد من أملاك السكة الحديد، وطلب منه ناظر المحطة الذهاب إلى القاهرة لأن هذه المشروعات خارج نطاق اختصاصه، أما فى القاهرة فكان لكل مسئول كلام مختلف، حتى وجد نفسه فى النهاية يصطدم بعدم إمكانية ترخيص ولو حتى كشك صغير بشكل رسمي! ويشكو محمد حسن – عين شمس – من أن محطة قطار عين شمس يمر منها عدد محدود من القطارات، لذلك لا تلقى الاهتمام الكافي، فاحتل الباعة الجائلون أسوارها حتى تحولت إلى سوق عشوائي، كما أن شريط القطار نفسه امتلأ بالقمامة ومخلفات هذه السوق، فلماذا تسكت الهيئة على أملاكها؟ فإذا حولت هذه المنطقة إلى باكيات أو محلات صغيرة سوف تدر دخلاً كبيراً عليها، وترحم المواطنين من مشاكل هذه السوق، وتعانى أيضا محطات الزاوية الحمراء والشرابية من نفس المشكلة حيث يتحول طريق السكة الحديد من بعد عبود إلى مقلب قمامة!! ويضيف طه حسانين – شبين الكوم – أن خطوة وزارة النقل بفتح الباب لتأجير مساحات لأصحاب المشروعات الصغيرة خطوة مهمة، حيث يتم التمهيد لعمل عدة محلات تجارية بشارع العهد، فإذا عمل ثلاثة أفراد فى المحلات الثلاثين التى يتم إنشاؤها حاليا سوف يعنى هذا حل مشكلة البطالة لتسعين عاطلا من خلال مشروع مضمون النجاح، حيث يتردد على المحطة يومياً آلاف الركاب. ويؤكد إسلام سند – قويسنا – أن أسوار السكة الحديد والأراضى المحيطة بها ظلت مهملة لسنوات طويلة، وقد احتلتها العشوائيات والمحلات غير المرخصة، بالإضافة إلى العديد من مظاهر التسيب، لذلك نرحب بتقنين التعامل مع هذه الأراضى وتخصيصها للمشروعات الشبابية الصغيرة، ولكن المهم أن تقدم بأسعار تناسب الشباب فعلا ويكون توزيعها بعيداً عن الوساطات والمحسوبيات. وأشار أحمد أبو سالم – كمسارى – إلى أن مساحة أراضى السكة الحديد كبيرة للغاية، وتتسع لمشروعات كبرى سواء تجارية أو سكنية أو حتى استثمارية، ولكن المهم أن ينعكس هذا النشاط على الهيئة والعاملين فيها، فرصيف محطة ميت غمر مثلا أقصر من قطار الإسكندرية وتجد عربات خارج الرصيف، والمحطة نفسها قديمة، بينما تشهد المنطقة المحيطة بها تعديات كثيرة، فإذا أزيلت هذه التعديات وتم استثمار الأرض بشكل صحيح وتوجيه العائد لصالح تطوير المحطة ورفع كفاءة القطارات والاهتمام بالعنصر البشرى تدريبياً ومادياً سوف تعوض الهيئة خسائرها وتحولها فى ظرف عامين على الأكثر لأرباح كبيرة. مشكلات مادية ويرى المهندس عيد عبدالقادر – رئيس هيئة السكة الحديد الأسبق – أن إعادة تخطيط واستغلال أراضى السكة الحديد خطوة هامة جداً بدأت منذ فترة طويلة لكنها واجهت مشكلات مادية، بالإضافة إلى عدم تحمس المستثمرين فى تمويل هذه المشروعات مثلما حدث فى محطة طنطا حيث كنا نخطط لإقامة فندق ومبنى إدارى ثم واجهتنا مشكلة انسحاب الممولين. وأشار إلى أن هناك آلاف الأمتار بمختلف أنحاء الجمهورية التى تصلح لإقامة العديد من المشروعات التجارية الصغيرة لشباب الخريجين بالإضافة إلى مساحات تصلح للأغراض الاستثمارية والترفيهية مثل المنصورة التى تحتوى على مخازن وورش قديمة تحتوى على بعض المهمات التى يمكن بيعها كخردة ويعاد استغلالها فى هذا المشروع، كما أن قويسنا وبركة السبع والمنيا وأسوان وطنطا تحتوى على أرض بجوار السكة الحديد، كما يمكن استغلال خط أبو قير بالإسكندرية فى عمل أكشاك فى إطار تطوير الخط. بينما يؤكد الدكتور حمادة فريد نائب رئيس هيئة السكة الحديد الأسبق ومساعد عميد كلية النقل الدولى بأكاديمية النقل البحرى أن شركة المشروعات أنشئت عام 2004 فى عهد المهندس حمدى الشايب وزير النقل الأسبق لاستثمار أراضى الهيئة وتوليد إيرادات غير تقليدية والحفاظ عليها من التعديات غير المشروعة، ورغم تخطيط الشركة للعديد من المشروعات الضخمة إلا أنها لم ترق للأرباح والاستثمارات المتوقعة، مشيراً إلى أن اهتمام الشركة بإقامة المشروعات الصغيرة وخلق فرص عمل للشباب سيكون له مردود جيد، ولكن الأهم من ذلك المشروعات الرائدة التى تمثل دفعة قوية لتحقيق الأرباح والوصول للتعادلية بين المصروفات والإيرادات، بالإضافة لتطوير الخطوط والمحطات والقطارات وتجديد أسطول الهيئة ورفع مستوى الخدمات المقدمة للركاب. زيادة الموارد ويؤكد مصدر مسئول بالوزارة أن المهندس علاء فهمى وزير النقل أمر بإعادة استغلال المساحات المهملة من الأراضى التابعة لحرم السكة الحديد واستثمارها فى إقامة مشرعات جديدة لزيادة موارد الهيئة المالية ومساندتها فى خطط التطوير المستقبلية، فقامت الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية بتنفيذ العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتمويل ذاتى داخل المدن والقرى بمختلف المحافظات، حيث تم إنشاء ما يقرب من 300 محل تجارى بجوار خطوط السكة الحديد تتميز بالشكل الحضارى وتساهم فى خلق فرص عمل للشباب حيث تم بناء 58 محلا بمحطة شبين و 35 أخرى فى قويسنا بالإضافة ل 80 محلا بالمحلة الكبرى و105 فى السنبلاوين بالدقهلية، وجار استصدار تراخيص لإنشاء محلات أخرى بمحافظة الشرقية. وكشف المصدر عن وجود عدد من المشروعات الاستثمارية الضخمة الجارى تنفيذها بمشاركة المؤسسات المالية الكبرى من خلال إقامة مبانٍ سكنية وتجارية وإدارية على الأراضى ذات المساحات الكبيرة التابعة للسكة الحديد، حيث يتم إقامة برج سكنى على كورنيش النيل بمحافظة الدقهلية بمسطح مبانٍ 12 ألف متر مربع يضم وحدات إدارية ومحلات تجارية، وجار إنهاء التراخيص المطلوبة لبناء برجين سكنيين بمدينة المنيا على مساحة 16 ألف متر مربع، كما بدأت الشركة بالتعاون مع محافظة سوهاج فى أعمال بناء 5 أبراج وسط المدينة بمسطح مبانٍ 36 ألف متر مربع تحتوى على أدوار سكنية ومحلات تجارية وجراج خدمي.. وهناك مشروع لإقامة مجمع سكنى بمنطقة محرم بك بالإسكندرية على مساحة 90 ألف متر مربع وتبدأ أعماله عام 2011. بالإضافة إلى تطوير محطتى سكك حديد مصر وسيدى جابر المقرر تنفيذها خلال عام ونصف العام بتكلفة حوالى 150 مليون جنيه، ويشمل المبانى الحالية وإقامة جراجات بالساحات الخارجية ومحلات تجارية مكيفة، أما محطة سيدى جابر سوف يتم إنشاء جراج متعدد الطوابق وكافيتريات ومطاعم مع خلق مساحات استثمارية جديدة لاستغلالها فى الأنشطة التجارية والترفيهية.