ضاق به الحال فى قريته فلم يجد بدا من ترك الزراعة والأرض والنزول للقاهرة بحثا عن الرزق، اشتغل عاملا بمدرسة ثم اتجه للتلاميذ ليعلمهم الزراعة وفلاحة الأرض، فأحب التلاميذ ما يفعلونه لينتشر بين أسوارالمدرسة حب الزراعة والاهتمام بالنباتات. نشأ محمد الشوادفى – 58 عاما – بإحدى قرى محافظة الشرقية من أسرة رقيقة الحال، واعتمد على نفسه منذ طفولته، فتعلم فنون الزراعة وأسرارها، وعندما اشتد عوده أمسك بالفأس وأخذ يزرع الأرض، ولكن مع تزايد احتياجاته وغلاء المعيشة لم تعد الأرض تخرج له ما ينتظره، فقرر أن يترك الزراعة والقرية بأكملها ليبحث عن مورد رزق جديد. نزل للقاهرة وعاش المعاناة بحثا عن وظيفة فى أم الدنيا حتى استقر باحدى المدارس التجريبية كعامل عهدة، ولاحظ أن أرض المدرسة غير معتنٍ بها، وحتى الحديقة تحتوى على الحشائش فقط، فاتجه إلى مدير المدرسة طالبا منه أن يعتنى بهذه الأرض. بدأ يعمل على زيادة التربة، ثم زرع فيها الأزهار، والخضراوات والفاكهة، ليجد الطلاب فى مدرستهم أشجارا جميلة تطرح ثمارا، فانجذبوا للعامل الذى يهتم بحديقة مدرستهم، فأخذ محمد يعلمهم الزراعة ويطلب منهم أن يعودوا لمنازلهم لشراء نباتات منزلية بسيطة والاعتناء بها، ليصبح داخل المدرسة اهتمام كبير بالزراعة، فكل طالب يحاول خلال الفسحة مساعدة الشوادفى فى أعمال الحديقة، وأصبح فى كل منزل نبات يعتنون به. يقول الشوادفي: «نجحت فى تعليم الزراعة لأطفال المدرسة»، وغرس بذرة التفوق والنجاح فى ابنائه حيث حصلت ابنته الكبرى على الدكتوراه، وتخرج أولاده الثلاثة الآخرين فى الجامعات.