تعيين «رسلان» نائبًا للأمين العام وأمين التنظيم المركزي بحزب الجبهة الوطنية    محافظ الغربية يستقبل رئيس المنطقة الأزهرية الجديد ويؤكد: نعتز بدور الأزهر في ترسيخ القيم وتعزيز الهوية الوطنية    هبوط عالمي الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 14-8-2025 وعيار 21 للبيع بمنتصف التعاملات    تداول 39 ألف طن و800 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    «الأعلى للطاقة» يناقش توفير القدرة الكهربائية ل14 مشروعًا صناعيًا جديدًا    3 قرعات علنية لتسكين «توفيق أوضاع» مدن العبور الجديدة    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 61776 شهيدا    متهما الشرطة بتزوير الإحصاءات.. ترامب: واشنطن أخطر من دول العالم الثالث في جرائم العنف    شقيقة زعيم كوريا الشمالية: لا نرغب فى تحسين العلاقة مع الجنوب.. وتنفي إزالة مكبرات الصوت    تشيلسى يمنح عائلة جوتا وشقيقه 15 مليون دولار    رابطة الأندية تعدل موعد مباراة الطلائع والمصري بسبب منتخب اليد    «عيب يا كابتن».. هاني رمزي يرفض دفاع جمال عبدالحميد عن جماهير الزمالك في أزمة زيزو    منتخب مصر يستعجل اتحاد الكرة لحسم وديات نوفمبر وديسمبر    تصميم جديد لجائزة أفضل لاعب في الدوري المصري مستوحى من "تايكون تاور" بالعاصمة الإدارية    القبض على المتهم الثالث في واقعة مطاردة فتيات الواحات بالجيزة    درجات الحرارة 42 بالقاهرة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم    إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم على طريق القاهرة–أسيوط الصحراوي بالفيوم    بعد تصريحاته ل أنغام.. ياسمين الخطيب لمصطفى كامل: اللي عنده برد بيقفل موبايله    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    الأستاذ    تطورات الحالة الصحية للفنانة الكويتية حياة الفهد.. جلطة وممنوع عنها الزيارة    دعما للإنتاج الوثائقى.. توقيع بروتوكول بين الخارجية المصرية وقناة الوثائقية    موعد مباراة ليفربول القادمة والقنوات الناقلة    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    5 معلومات عن سكرتير عام محافظة قنا الجديد.. خبرة في المحليات    "الإنتاج الحربي" تشارك بمنتجاتها المدنية في معرض تكنولوجيا الإضاءة الدولي    مفتي تنزانيا يرحب بإنشاء مركز للغة العربية بالتعاون مع الأزهر    ضبط موظف بمستشفى لاختلاسه عقاقير طبية ب1.5 مليون جنيه    الداخلية تضبط عدة تشكيلات عصابية تخصصت في السرقات بالقاهرة    ضبط عددا من متجري المخدرات والأسلحة النارية في حملات بالمحافظات    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    «تنسيق الجامعات 2025».. ننشر شروط تقليل الاغتراب للمرحلتين الأولى والثانية    حالات إخلاء الوحدات السكنية طبقًا لقانون الايجار القديم.. ما هي؟    علي الغمراوي يبحث مع سفير ناميبيا التعاون في قطاع الدواء    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    منتخب السلة يواجه السنغال في ثاني مبارياته ببطولة الأفروباسكت    مركز الهناجر يحتفي بالنيل في عيده بمعرض دولي للكاريكاتير .. صور    أزمات الفنانين عرض مستمر.. إحالات للتحقيق وحوادث سير    وزير الصحة يبحث توطين صناعة مشتقات البلازما    «تعليم مطروح» تعلن الانتهاء من تجهيزات امتحان الدور الثاني للثانوية العامة    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    أمين عام حزب الله يشكر إيران على دعمها للبنان ومقاومته ضد إسرائيل    تبلغ ذروتها اليوم.. 8 نصائح مهمة من الصحة لتفادي مضاعفات الموجة الحارة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    بالقليوبية| سقوط المعلمة «صباح» في فخ «الآيس»    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوبل ومحفوظ والموناليزا
نشر في الجمهورية يوم 16 - 12 - 2010

في هذا الوقت من كل عام يقام الاحتفال السنوي بتسليم جوائز نوبل في الآداب والعلوم والسلام في السويد من قبل الأكاديمية السويدية وهذا العام تم منع المفكر والثائر الصيني "ليو" الحائز علي جائزة السلام من حضور الاحتفال ومنعت السلطات الصينية حتي السفير من تسلم الجائزة في اشارة صريحة منها
لرفضها اختيار ذلك السجين الحر الذي ينادي بالإصلاح والديمقراطية في بلاده ومن ثم اعتبرت الهيئات الدولية ان موقف الحكومة الصينية معاديا للسلام وحقوق الانسان وللحرية ولكل معاني الانسانية وتأتي الاحتفالية لتذكرنا بهؤلاء الذين حصلوا علي جائزة نوبل في العالم أجمع سواء في الآداب أو العلوم أو السلام وكلهم حققوا إنجازات للبشرية وعبروا عن أوطانهم وأحلام شعوبهم ولم يتشبهوا بالآخرين ولم يتخلوا عن هويتهم أو ثقافتهم وإنما حاربوا من أجل أناسهم البسطاء وتعرضوا للأذي من قبل السلطات وأنصار الديكتاتورية وليس "محفوظ" ببعيد عن هذا المجال الحر الواعي وهو المصري العربي الذي جاءته نوبل عام 1988 لتتوج تاريخه الإبداعي هو وجيلاً كاملاً من المبدعين الذين شكلوا العقل العربي وكونوا الفكر المصري ورسموا لوحة التنوير في القرن العشرين تلك التي عبرت بالأمة العربية نحو الحرية والتحرر من الاستعمار.
ولأن ميلاد محفوظ كان في 11 ديسمبر عام 1911 فان مائة عام من التنوير والاستنارة قد تزامنت مع مولده وتوفيق الحكيم وطه حسين ويحيي حقي والمازني والعقاد وشوقي وأباظة وإدريس واحسان والعشرات من عمالقة الفكر والأدب والسياسة لكن محفوظ تفرد بأنه اتخذ خطاً واضحا منذ البدايات ألا وهو الخط القصصي السردي الواقعي الفلسفي السياسي دون صدام مع السلطة السياسية وأفاد دوما الكتابة عبر آليات الرمز الواقعي والحدوتة والحكاية والمكان لمصر في القرن العشرين مصر القاهرية ابنة الطبقة الوسطي تلك الطبقة التي حيرت الكتاب وأرهقت المفكرين لأنها طبقة قد تتلاشي وتتآكل مع وجود الرأسمالية والديكتاتورية السياسية لكنها أبداً لا تنقرض ولا تنفك تظهر من جديد بصور وأشكال متعددة حتي ولو كانت مستسلمة أو خانعة مثلما كانت احسان في القاهرة 30 أو القاهرة الجديدة أو حتي كانت ضائعة مثل زهرة في زقاق المدق أو انها غابت عن الحقيقة كما في ثرثرة فوق النيل أو باعت عقلها كما في اللص والكلاب أو أخلاقها كما محفوظ عبدالدايم لأن تلك الطبقة الوسطي هي لب قضية التنوير عند نجيب محفوظ.
لكن محفوظ أبدع في كتاباته الفلسفية وتصادم مع التيارات الدينية المتطرفة لأنه كتب من منظور فكري انساني عبر نظرية د.شكري عياد عن أنسنة الدين أو تحويل اللامحدود إلي محدود واللاواقعي إلي انساني مجرد وتقريب الوجودي الروحاني كما في الأساطير اليونانية التي حاولت فك شفرات الطبيعة والقوي الميتافيزيقية في صور أساطير وآلهة للخير وللموت وللقتال وللحرب وللجمال وللمتعة والخصوبة ولكأن كل إله يحمل صفات بشرية تمنح الانسان جزءاً من وجوده لهذا فان محفوظ كتب في هذا المضمار عدة أعمال بدأها بأولاد حارتنا عام 1959 والتي نشرت في سلسلة مقالات بجريدة الأهرام وعند نشرها هاجمها العديد من علماء الأزهر الشريف وصودرت ومنعت من التداول بحجة انها دعوة للكفر والالحاد ولكن رواية قلب الليل وكذلك ملحمة الحرافيش تناولتا ذات المضمون ونفس الرواية أو القصة الكونية عن بدء الخلق وكينونة الخالق وعلاقة الخالق بالرسل والرسل بالبشر وهو ما حاول نجيب أن يجسده في صور وشخوص وأحداث وأزمنة وأمكنة وأسلوب سردي وصراعات بشرية كل هذا في قالب فني روائي يأخذ القارئ نحو الحدوتة ويدفعه لأن يتفاعل مع أبطال الروايات ويعيش صراعاتهم دون أن ينسي لحظة أن يتساءل ويتحاور مع عقله في مجال درامي بين القارئ والنص وبين الشخصيات والحياة وبين الكاتب والفكرة الفلسفية عن الوجود الانساني ولهذا كان منح نجيب محفوظ جائزة نوبل لانه بحث عن فلسفة الوجود والانسان في قالب روائي غير مسبوق في الأدب العالمي وبأسلوب شيق رشيق يصل إلي القارئ البسيط والمركب في آن واحد.
ان نجيب محفوظ وكتاباته مثل لوحة ليوناردو دافنشي المثال والفنان الإيطالي.. لوحة "الموناليزا" تلك المرأة ذات الابتسامة الساحرة التي تؤثر في المتلقي هل هي ابتسامة السعادة والرضا أم ابتسامة التأمل والتأني أم ابتسامة الاستسلام والسكون وقبول الألم لان كتابات نجيب محفوظ تحتمل في كل قراءة تأويلا مختلفا وتفسيرا متغيرا يحتمل كل عذابات البشرية ويحمل كل أفراحها وآمالها وأحلامها في حديث متصل من الصباح إلي المساء وأحلام وأصداء وطريق نحو المعرفة ونحو الحرية.. وستظل كتاباته مثل ابتسامة الموناليزا خالدة ومحيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.