لن أمل من الحديث عن الارتباط بين تدهور التعليم وبين مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية التي نعاني منها. واذا كان تدني المستوي العلمي والفني لخريجي المدارس والجامعات هو احد عوامل انخفاض الانتاجية وتدني الميزة التنافسية للمنتج المصري علي مستوي العالم . فان انهيار القيم الاجتماعية وهذا العنف الذي يحدث في الشارع المصري وتغير سلوك المصريين وكثرة المشاكل الاجتماعية التي نعاني منها . هو نتاج طبيعي لارتفاع اعداد المتسربين من التعليم سنويا . ان تدهور حالة التعليم في المدارس الحكومية . وارتفاع تكلفة الدروس الخصوصية . ومصروفات المدارس الخاصة . وصعوبة المناهج . كلها عوامل ادت الي انتشار ظاهرة التسرب من التعليم وزيادة أعداد الاميين وخاصة في المناطق الفقيرة والعشوائية .. وهو مايعد واحدا من اهم الاسباب وراء زيادة حالات البلطجة والادمان التي انتشرت بشكل كبير بين الشباب . وخاصة في ظل تضاؤل فرص العمل المتاحة وزيادة حدة مشكلة البطالة .. فالبطالة والجريمة والادمان والبلطجة كلها ابواب ملكية مفتوحة علي مصراعيها لدخول العاجزين عن الاستمرار في التعليم .. وهي التربة الخصبة لتفريخ ونمو المدمنين والبلطجية. لقد بحت الاصوات من الحديث حول اصلاح العملية التعليمية . وتعددت الاراء حول اختيار نقطة البداية . وهل يبدأ الاصلاح من المعلم او من الحضانة اوالمدرسة او الجامعة . او من الموازنة وزيادة الموارد المخصصة لقطاع التعليم . او بانشاء هيئة لضمان جودة التعليم ؟ .. وفي رأيي انه يجب ان تتضمن استراتجية الاصلاح كل هذه الجوانب مجتمعة .. وهو ما اكد عليه كل المسئولين الذين شاركوا في ندوة. واقع التعليم في مصر وتحديات التطوير. التي عقدها مجلس الأعمال المصري الكندي منذ ايام . لقد اكد الدكتور حسام بدراوي رئيس لجنة التعليم بالحزب الوطني أن ميزانية التعليم التي تبلغ 47 مليار جنيه في موازنة العام المالي الحالي اي نحو "9,6%" من إجمالي الموازنة. والتي تصل قيمتها إلي "049 مليار جنيه" لا تتوافق مع متطلبات تطوير التعليم. خاصة وان 83 % من هذه الميزانية تذهب للأجور والمرتبات وليس لجودة العملية التعليمية. وأن متوسط ما ينفق علي الطالب في مصر أقل بكثير من الدول الاخري. وكشف الدكتور بدراوي عن أن حجم الانفاق علي الدروس الخصوصية يقدر بنحو 17 مليار جنيه. في الوقت الذي يمكننا فيه الاستفادة من هذه الأموال في تطوير العملية التعليمية إذا وضع اولياء الأمورثقتهم في نظام التعليم. لا يمكن لاي دولة تحاول اللحاق بركب الدول المتقدمة او ترتقي اقتصاديا واجتماعيا ثم تأتي في المركز 129 من بين 134 دولة في جودة التعليم ومن بين العشر الاواخر للعام السادس علي التوالي.