هزتني بشدة الجريمة البشعة التي وقعت في إحدي قري المنوفية. عندما تجرد الخال الشاب من آدميته.. وتنكر لأزهريته.. وانعدمت رجولته.. ودهس علي كل الحرمات.. وانتهك كل المحرمات.. وقام باغتصاب ابنة شقيقته. الطفلة البريئة التي لا يتجاوز عمرها سبع سنوات. لم تردعه صلة القرابة وأن الطفلة من محارمه. وأنه مكلف بحمايتها لأنه في محل والدها.. ألم يسمع ذات يوم مقولة "أن الخال والد"؟!. ولم تردعه صفة الأزهرية التي تلتصق بكل طالب علم يدرس في الأزهر الشريف. والمدهش أنه يدرس في كلية أصول الدين. تلك الكلية العظيمة. التي أساء إليها بجريمته الشنيعة. تؤهل خريجيها لحمل أمانة حث المسلمين علي الالتزام بقواعد الدين الحنيف وبمكارم الأخلاق الحميدة. وتخرج فيها أئمة وعلماء عظام أبلوا بلاء حسنا في خدمة المسلمين والإسلام ويضيق المجال لذكر أسمائهم. ولم تردعه ريفيته وأنه ينتسب إلي "أولاد البلد" الذين كانوا يتميزون بالشهامة. والدفاع عن بنات أسرهم وعائلاتهم. وكانت تمتد شهامتهم لتشمل الدفاع عن "بنات الحتة" و"بنات بلدي" والتساؤل المحزن: أي أنوثة وجدها في تلك الطفلة حتي يغتصبها بعنف أكثر من مرة. دون أن ترف له عين أمام دموعها ودمائها؟ وبعد هذا الحادث المؤلم بأيام تناقلت الأخبار نبأ جريمة أخري عندما تجرد شاب من مشاعره تجاه خالته. وحاول اغتصابها ناسيا أنها من محارمه لأنها في منزلة أمه. وعندما رفضت قام بطعنها بالسكين حتي فارقت الحياة لتقابل ربها شهيدة دفاعا عن عرضها. ومن قبلها تناقلت الأنباء جرائم بشعة لآباء اغتصبوا بناتهم لفترات متواصلة دون رحمة. متنكرين لأبوتهم. ولشباب اغتصبوا شقيقاتهم. وتعددت أيضا حالات اغتصاب المدرسين للتلاميذ والتلميذات الصغار.. ووصلت البشاعة حدها في ممارسة هذه الرذيلة داخل الفصول الدراسية. وقد وصفت وسائل الإعلام هؤلاء بأنهم ذئاب بشرية.. ولكني أري أن أفعال هؤلاء المجرمين يتبرأ منها الذئاب. وأنها تعكس تزايد حالات الانحراف الديني والأخلاقي داخل مصرنا العزيزة مما يتطلب من كل المخلصين من أبناء هذا البلد أن يهبوا من أجل وقف الجرائم الجنسية والتي تهدد بتدمير بنيان المجتمع. وقد شخص علماء الاجتماع أسباب هذه الظاهرة في نوم الأشقاء مع الشقيقات في غرفة واحدة وأحيانا في سرير واحد. ويستمرون علي هذه الحالة حتي بعد أن يصلوا إلي مرحلة البلوغ. حيث تتصاعد بتقاربهم الجسدي الرغبة الجنسية. وأيضا مشاهدة بعض الأطفال لآبائهم أثناء العلاقات الزوجية مما يخلق اضطرابا نفسيا وجسديا لديهم. قد يدفعهم لتقليد الآباء مع المقربين منهم. ويحدث ذلك عادة في المناطق الفقيرة في مصر وما أكثرها حيث تعيش معظم الأسر في مساكن ضيقة. وهناك حالات كثيرة لأسر تعيش بكامل أفرادها في غرفة واحدة. وتستعمل حمامات مشتركة مع أسر أخري تقاسمها نفس الشقة. ويؤكدالخبراء علي دور وسائل الإعلام في انتشار الإباحية بالقنوات الفضائية والتي أثارت غرائز الشباب بشكل همجي. وأيضا ضعف وانعدام الرقابة الأسرية علي الشباب والفتيات. وانشغال معظم الآباء عن أسرهم من أجل تدبير لقمة العيش التي أصبحت صعبة جدا علي الفقراء الذين يشكلون الغالبية العظمي من سكان مصر. فهم يضطرون للعمل في أكثر من مكان حتي يتمكنوا بالكاد من تأمين الضروريات. وانشغال الأبوين يسهل علي الأبناء عبور الخطوط الحمراء دون أدني ممانعة أسرية. ولا نغفل انتشار الخمر والمخدرات واللذين يعتبران من أشد الأسباب للوقوع في الكبائر من المعاصي. وأيضا انحراف الطبيعة البشرية والكونية نتيجة دعوات هدامة للأخلاق وتدعو للتحرر. ولكني أؤيد رأي علماء الدين الذين يؤكدون أن ضعف الوازع الديني والتربية الإسلامية هي السبب الرئيسي في كل هذه المشاكل التي يعاني منها المجتمع المصري بشكل خاص والمجتمعات العربية والإسلامية بشكل عام. فضعف التربية الإيمانية في المنازل والمدارس والجامعات أفرز أجيالا هشة ليس لديها أية حصانة إيمانية. تقذف بها الشهوات حيث تشاء. وأري أن الحل يكمن في محاكمات عاجلة توقع عقوبة الإعدام علي مرتكبي جرائم الاغتصاب. وزنا المحارم علي أن يتم ذلك علانية جزاء إفسادهم في الأرض. وأن يتواكب مع ذلك حملة قومية جادة لنشر التربية الإسلامية المعتدلة والوسطية وترسيخها لدي الصغار والكبار. وقفة رحم الله الشاعر محمد إقبال الذي لخص الأزمة التي نعيشها في أشعاره المبدعة قائلا: إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحي دينا ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا