علي طريقة الفنان محمود عبدالعزيز في فيلم الكيت كات حين أمسك بالميكروفون وراح يذيع كل الأسرار ويفضح المستور راح "جوليان أسانج" مؤسس موقع "ويكيليكس" يفضح أمريكا ويكشف كل القبيح الذي تحجبه ولا تريد لأحد ان يطلع عليه في الوقت نفسه ينزع القناع عن دول كثيرة في قارات الكون كانت تعتقد ان أسرارها في بئر عميقة . ومثلما وضع كثيرون أياديهم علي قلوبهم خوفا مما سيقوله الشيخ حسني في الكيت كات تعيش أمريكا الآن ومعها دول كثيرة في حالة فزع ورعب من الشيخ "جوليان أسانج" الذي عنده ملايين الوثائق وقد نوي ان ينشرها حتي آخر وثيقة وليحدث ما يحدث. طبعا قامت الدنيا ولم تقعد علي الموقع وكل من فيه وراحت كل الدول وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة تتباري في استعمال خلاصة أساليب القرصنة الإليكترونية لتدمير الموقع حتي لا يواصل سلسلة الفضائح ونزع كل أوراق التوت لكن الموقع يقاوم ويواصل ويصر القائمون عليه ان يكملوا المشوار مهما كانت العقبات بل انهم يهددون بنشر وثائق سبعة أضعاف ما تم نشره عن حرب العراق وأفغانستان. وكلما هدد الموقع بنشر المزيد ماتت دول كثيرة في جلدها وخصوصا الولاياتالمتحدة حيث يتوقع المراقبون توتر علاقات واشنطن مع نصف دول العالم بعد النشر لذلك توجه الدبلوماسيون الأمريكيون إلي وزارات الخارجية في الدول المختلفة علي أمل امتصاص الغضب الذي قد ينجم عن نشر هذه الوثائق كما يجري كبار المسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية اتصالات مكثفة بعدد كبير من الدول من أجل تحذيرها من احتمال نشر الوثائق وكشف المستور خصوصا وان الموقع في سبيله لنشر ثالث دفعة في الوقت الذي ترتب علي نشر 77 ألف ملف أمريكي سري في بند واحد فقط حول النزاع في أفغانستان كوارث وفضائح كثيرة حول العلاقات الحساسة التي تقيمها الولاياتالمتحدة مع دول كثيرة من بينها روسيا وإسرائيل وتركيا. الصحف الروسية تكشف القلق الروسي العميق لان التسريبات تتضمن توصيفات مزعجة عن الوضع السياسي والقادة الروسي الأمر الذي يسيء إلي موسكو كما ان كشف هذه المعلومات يمكن ان يتسبب في توتر بين الولاياتالمتحدةوروسيا. والتسريبات تقلق تركيا هي الأخري إذ تشمل الوثائق تقول بأن تركيا قدمت مساعدة إلي مقاتلي القاعدة في العراق. وروما أيضا إذ أعلنت الحكومة الإيطالية ان كشف الوثائق قد يؤدي إلي إنعكاسات سلبية علي إيطاليا. كما تسلط الوثائق الضوء علي القلق الإسرائيلي علي تفوقها النووي واستعدادها للتحرك وحيدة في وجه إيران وكذلك مساعيها اللا محدودة للتأثير علي السياسة الخارجية الأمريكية. وتكشف الوثائق الفترة الزمنية التي قدرها إيهود بارك وزير الدفاع الإسرائيلي في يونيو 2009 بمدة تتراوح بين 6 و18 شهراً لوقف إيران من امتلاك سلاح نووي كما كشفت التحذير الواضح من وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس من انه إذا فشلت الجهود الدبلوماسية سنخاطر بتهريب نووي وبحرب تطلقها ضربة إسرائيلية. وهنا تقول احدي الوثائق التي أعاد الموقع الإليكتروني لصحيفة لوموند الفرنسية نشرها الاحد الماضي ان إسرائيل أكدت للولايات المتحدة في ديسمبر العام الماضي بأن المفاوضات مع إيران لن تنجح وفي برقية أخري قالت الاستخبارات الإسرائيلية لأمريكا ان إيران تمارس لعبة الوقت باستخدام المفاوضات وبذلك فإنها سوف تتمتع بين العامين 2010-2011 بالقدرة التكنولوجية علي صنع سلاح نووي. وحتي هيلاري كلينتون جاءت رجلها هي الأخري في شرك الوثائق المتسربة حيث تحض علي التجسس وتأمر به وتتناول التايمز هنا كيف أمرت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الدبلوماسيين الأمريكيين بالتحرك والتجسس حول العالم ضد الأصدقاء والأعداء علي حد سواء. وصل الأمر حسب الوثائق بالطلب من الدبلوماسيين جمع معلومات شخصية عن الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" وكذلك معلومات خاصة عن ممثلي بريطانيا والصين وروسيا وفرنسا في مجلس الأمن وذلك رغم حظر المعاهدات الدولية التجسس علي الأممالمتحدة. وتواصل التايمز نشر ما جاء في الوثائق حول بحث الخارجية الأمريكية عن معلومات من كل الدول وتضرب المثال بألمانيا حيث لم تكتف الخارجية الأمريكية بتجنيد عميل من حكومة "ميركل" نقل عشرات الوثائق إلي الأمريكيين بل انه قام أيضاً بإعطاء توصيفات لزملائه فقام علي سبيل المثال بوصف وزير المالية الألماني "بالعجوز الغاضب" اما "ميركل" فقال عنها: عندما تقلق تصبح عنيدة لكنها تخاطر بان تصبح بغيضة ونادرا ما تكون مبدعة. والصحف البريطانية تتوقع هي الأخري الكشف عن ملايين الاتصالات بين وزارة الخارجية الأمريكية وسفارتها في لندن وبالتالي كشف معلومات محرجة عن رأي الأمريكيين في رؤساء وزراء بريطانيا. أشارت الصحيفة علي سبيل المثال إلي ان الوثائق ستكون محرجة أكثر مما هو متوقع فهناك الكثير من الإشارات بها تصف "جوردون براون" رئيس الوزراء السابق بانه ضعيف ومتذبذب كما تكشف رأي الرئيس الأمريكي أوباما ووصفه رئيس الوزراء البريطاني الحالي وزعيم المعارضة من قبل "ديفيد كاميرون" بانه سياسي عادي من الوزن الخفيف. وهنا تقول صحيفة "الصنداي تلغراف" عن الأثر السلبي لتلك التسريبات إنها تعتقد انه لن يقتصر علي الإحراج بل قد يمتد إلي أحداث أضرار بالغة في السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية وخصوصا مع انخفاض شعبية أوباما في أمريكا وبالتالي ستضر بوجهه الأنيق الذي أظهرته مواقفه وخطبه التي ألقاها في أماكن عدة بالعالم الأمر الذي أظهر إدارة أوباما بوجه بينما هناك وجه آخر تكشر فيه الإدارة عن أنيابها بكل قسوة طبقا للمراسلات والوثائق. القطة المحروقة تواصل الجري في حقل الأسرار الأمريكي دون ان تنجح معها أساليب الصد والرد والفرملة وهكذا فإن شريحة إليكترونية بحجم "عقلة الصباع" كانت بمثابة الشنيور الذي دق رأس أمريكا وزلزلها فأساس التسريبات كما تقول الجارديان بطاقة ذاكرة حملت ملفات بحجم 6.1 جيجا بايت وتشكل محتوي 287.251 ألف برقية سرية أرسلت من السفارات الأمريكية حول العالم وإليها. والعملية في غاية البساطة كما يقول الجندي "براد لي ما نينج 23 عاماً" والمتهم بانه مصدر التسريبات ففي محادثة بينه وبين أحد قراصنة الانترنت قوله: "العملية غاية في البساطة سي دي موسيقي محوت محتواه ونسخت الوثائق بعد ضغطها". ومثلما حققت الوثائق والموقع شهرة كبيرة في كل بلدان العالم أصبح مؤسس الموقع "جوليان أسانج" محل اعجاب الملايين بسبب إصراره علي التحدي والمواجهة لأكبر دولة في العالم معتبرا ان ما يفعله مجد علي حد قوله. ويقول للتايمز في فخر: "تعيش حياتك مرة واحدة لم لا تفعل إذا شيئا مجديا؟". E-mail: [email protected]