يتعرض العالم الاسلامي لهجمة جديدة من الحرب الاستعمارية بدون السلاح التقليدي المعروف وإنما بنوع جديد من الأسلحة ألا وهي المفاهيم والمصطلحات التي يمررها لنا الغرب بين الحين والآخر من قبيل التنوير والمدنية والحرية الشخصية وتحرير المرأة. العلماء أكدوا أنها هجمة جديدة ولابد من تحصين المجتمعات الإسلامية منها وعدم الاعتماد علي الثقافة الغربية كعامل مساعد للنهوض فليس كل ما يقدمه الغرب لنا دائما خيراً. يقول الدكتور عبد الحليم عويس المفكر الاسلامي أن أزمة المفاهيم والمصطلحات الغربية بدأت مع الاستعمار الذي ما هو إلا إستدمار كما وصفه المفكرون الجزائريون لأنهم يقومون دائما وفي كل العصور بتدمير كل شئ من الأرض حتي البشر. أضاف أن الغرب حينما صدر الينا مصطلحات الحضارة والمدنية وحرية المرأة صدروها إلينا بخطأين أولهما أنه تم شحنها بالجانب المادي وسلب منها الجانب الروحي والاخلاقي والانساني فالمدنية ليست إلا مدنية الآلات والوسائل والمادة لكن تنمية العقل والوعي والروح فليست واردة في حضارتهم. قال عن المجتمعات الإسلامية والحرية للأسف الشديد تقبلت ذلك بسهولة ونسينا أننا إذا كنا متخلفين تكنولوجياً فهم متخلفين روحيا وإنسانيا فهم يمارسون القتل والتدمير ويكفي أن نعلم ان الرئيس الامريكي روزفلت صمم علي ضرب اليابان بالقنابل الذرية رغم استسلامها في الحرب العالمية الثانية وذلك لتأكيد القوة والرغبة في السيطرة وهذا أوضح دليل علي أنهم فارغون من القيم الإنسانية والروحية. أضاف أن الباحث في التاريخ الاوروبي والامريكي سيجد أن هناك عشرات الملايين من الضحايا الذين سقطوا في الصراع بين أبناء الديانة الواحدة وهذا دليل آخر علي وحشية المنهج الغربي وهذا المنهج يطبق الآن في أفغانستان والعراق وغيرها من المستعمرات الجديدة تحت اسم التحرير من الظلم والحكام الطغاة. قال للأسف الشديد إن الكثير من المفكرين والمثقفين العرب والمسلمين لا يفرقون بين التحديث والتغريب فهم يريدون ان نأخذ منهج التغريب بأن نأخذ من الغرب كل شئ بداية من أساليب الحياة في المأكل والمشرب وصولا علي عري النساء وممارسة الفجور خارج نطاق الأسرة السليم تحت اسم تحرير المرأة. أكد ان الدين الاسلامي حرر المصطلحات وفرق بين ما هو إنساني وما هو غير إنساني ووسع من مقاصد الشريعة الإسلامية علي أكثر من خمسين مقصداً كلها تهدف إلي حماية النفس الإنسانية من كل ما يشوبها ويخضعها للجوانب المادية. يقول الدكتور علي شعبان عميد كلية اللغات والترجمة إن هناك عدداً من المصطلحات البراقة سادت وانتشرت في المجتمعات الغربية وكانت لها مدلولاتها في إطار الثقافة الغربية التي قد تتعارض في بعض جوانبها مع قيم الحضارة الإسلامية ومفاهيمها وأغراضها. أشار إلي أن من هذه المصطلحات الحرية الشخصية التي تعني في الغرب أن للمرأة الحق المطلق في أن تفعل ما تشاء دونما ارتباط باي قيم اجتماعية أو ضوابط تفرضها عادات المجتمع وتقاليده فلذلك نري أن الفرد في الغرب قد يتحرر من ملبسه وسلوكه وعلاقاته بالآخرين دونما ضابط يضبطها في حين أن الحضارة الإسلامية والثقافة الإسلامية تنظر للمرء بوصفه فرداً في مجتمع يدور مع هذا المجتمع في إطار قيم ثابتة وضوابط حاكمة. قال إن الثقافة الإسلامية ترفض أن يسير الفرد مخموراً أو أن يتعرض للمحارم تعرضاً يخدش الحياء في حين أن ذلك مقبول عندهم فالحرية الشخصية في الإسلام مضبوطة بعدد من الأسس والضوابط التي تضبط حرية الإنسان بما يتفق والسلوك السائد في المجتمع. قال إن من تلك المصطلحات المدنية التي أطلقت لتحرير المرء من كل القيود الدينية والاجتماعية وهذا مرفوض في ظل الثقافة الإسلامية لانها تعطي المرء حقوقا ترتبط بما لا يتعارض مع حقوق الآخرين وهذه الضوابط منصوص عليها قواعد السلوكيات الاسلامية. أضاف ان من المصطلحات الغربية التي نتقبلها بهدوء حرية المرأة التي يريدون بها تحرير المرأة من كل القيود والضوابط التي تحفظ للمرأة عفتها وكرامتها وتبيح لها ان ترتدي ما تشاء وتكون الصداقات وأن ترتبط أو لا ترتبط بأسرتها ولكن هذا يخالف الضوابط الإسلامية فحرية المرأة في الإسلام مكفولة بما لايتعارض مع عفتها وكرامتها. اكد أن الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة تفوق ما تعطيه الحضارات الغربية لها فللمرأة ذمة مالية لا يمكن لأحد ان يجور عليها في حين أن في الغرب المرأة مسلوبة الذمة المالية وأباح لها أن تسلك من السلوكيات ما تشاء وحولوها الي سلعة تباع وتشتري و يحاولون دائما إضعاف مفاهيم العفة والطهارة التي تحرص عليها الثقافة الإسلامية..أوضح أن من تلك المفاهيم التنوير وهو من المصطلحات التي أشاعها الغرب للتخلص من المفاهيم الدينية ذلك ان الدين لا يؤدي دوراً ملموسا في حياة البشر في الحضارة الغربية في حين أن الدين مكون أساسي من مكونات ثقافة المجتمع الاسلامي. يقول الدكتور عبد العزيز جبريل أستاذ الدراسات الإسلامية بالزقازيق أن الإسلام يتعرض بين الحين والآخر إلي حملات ضارية الغرض منها التشكيك في تعاليمه ومحاولة تضليل أتباعه عن طريق تسويق بعض المصطلحات والشبهات الزائفة التي تبدو أمامنا كأنها حقائق بينما هي في الحقيقة سم يبثونه لشعوبنا وخاصة الشباب لزلزلة الثقة في مفاهيمنا وثوابتنا. أكد أن الإسلام دين يقدر الحرية والعقل والتقدم وكلها قيم رفيعة أصيلة في الإسلام تضع كل هذه الأمور في مكانها الصحيح إلا انه يميز بين الحق فيها والباطل فالإسلام لا يعادي اي جديد إلا إذا كان حراما ولا يصد عن اي تطور إلا إذا كان يؤدي إلي الانحدار. أوضح أن نظرية الحرية وما يقال عنه التقدم والتجديد والمدنية وغيرها من المفاهيم لابد وأن يتم تصحيحها وتفنيدها وتحريرها من القيم الزائفة المرتبطة بها فالإسلام قدم للبشرية منهجا متكاملا للفكر والحياة والمجتمع والأخلاق والحضارة وهو منهج تطبيقي وعملي قائم علي القرآن. أضاف أن المصطلحات الوافدة ما هي إلا من صنع أقوام بشريين أقاموها علي مقياس مجتمعهم وابتدعوها في ظل تحدياتهم لإنشاء عقلية تحتكر كل مقومات الحياة الإنسانية وهذا المخطط وضعته قوي الصهيونية. قال إن المسلمين إذا كانوا متمسكين بمقومات فكرهم التي استمدوها من القرآن والسنة فإن أي قوة ستعجز عن أن تقف في وجه المسلمين وإذا عادوا علي مصادر دينهم سيكونون قادرين علي الصمود في وجه أعتي قوي الأرض وسحقها أما الانزلاق وراء الأعداء فسوف يجر عليهم المصائب والويلات.