استمرارية العبادة بعد شهر رمضان هي علامة قبول الله لأعمال العباد - كما يقول العلماء - لأن العبادة الموسمية التي تتوقف بعد رمضان لا تعني إلا ان هذا الشهر التدريبي الروحي لم يؤثر في طبيعة هذا التدريب. الدكتور محمد داوود الأستاذ بجامعة قناة السويس: يقول ان هدف الصيام هو التقوي أي ان العبد إذا ما احسن استغلال رمضان سيخرج بالنتيجة المرجوة وهي التقوي لله سبحانه وتعالي وقد عرفت التقوي بأنها الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد اليوم الرحيل وقد سئل سيدنا عمر بن الخطاب عن التقوي فقال هل سرت في طريق ذي شوك فقيل نعم فقال فماذا صنعت قال شمرت وحذرت أي ان التقوي تجعل الإنسان حذرا من الوقوع في حرمات الله مقبلا علي أوامره حريصا علي مراقبته في السر والعلانية مجتهدا في عمله متقنا ما يعمله محسنا إلي أهله وذوي رحمه وجيرانه وكل من يلقاه أي ان يكون إنسانا مجتهدا لأن يكون قرآنيا كما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم. ويضيف الدكتور حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر ان العبادات فرضها الله علي الإنسان يحوله إلي الإنسان الكامل الذي يليق به أن يكون خليفة الله في الأرض يستعمرها علي ما أمر الله ويملأها خيرا وسعادة وبالتالي فأي عبادة لا تغير من الإنسان في خلقه وسلوكه فعلي الإنسان أن يفتش في إيمانه ويعيد حساباته لأن العبادة الحقيقية التي تصل القلب بالسماء من شأنها أن تغير هذا القلب الذي يغير سلوك صاحبه ويغير خلقه بل يغير ما حوله إلي الأفضل والأحسن. ومن هنا فإن عبادة الصيام التي تضمن جوانب شتي من الصيام عن اللغو والغيبة والنميمة وتعلم الصبر وتعلم الاستغناء والتعود علي مراقبة الله في كل حركة وسكنة وغير ذلك.. كل هذا من شأنه أن ينتهي بالصائم إلي إنسان جديد في خلقه وسلوكه ومراقبته لربه. ومن هنا فعلي كل مسلم ان يحافظ بعد رمضان علي ما ناله من شحنة روحية تعينه علي استمرارية التقوي والإيمان أي يحافظ علي خلق البذل والعطاء الذي تعوده في رمضان وخلق الاحساس بالآخرين وخلق المراقبة. أما الشيخ إيهاب مجدي الإمام بالأوقاف فيقول ان الله سبحانه وتعالي شاءت قدرته أن يجعل ترقية إنسانية الإنسان والسمو به من خلال عبادات تبدأ بتوحيد الخالق وتتنوع من صلاة وزكاة وصيام وحج حتي تكتمل شخصية الإنسان الذي يتعامل بمنطق الزاهد فيما يملك غير المتكالب عليه المتقن فيما يعمل والنافع لمن حوله من البشر في كل ما يتعامل به هكذا كانت العبادة بعد هدفها الأول المتمثل في توحيد الله وامتثال أوامره ونواهيه عبادة وطاعة بصرف النظر عن أثرها الذي يأتي حقيقة وطبيعيا من خلال احسان الطاعة والاحسان كما وصفه رسول الله صلي الله عليه وسلم أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك.. أي أن يعيش الإنسان في حالة مراقبة وهذه الحالة تكتمل أركانها في الصيام عن الشهوات صياما لا رقيب علي العبد فيه إلا ربه فيصبح العبد في عداد المحسنين. ويضيف الشيخ ايهاب قائلا: إذا كانت العبادة هدفها اكتمال الموحد لله ليكون لائقا بمهمته في الأرض وهي الخلافة ولا تتحقق الخلافة الجيدة إلا بالاحسان الفردي الذي يتحول إلي احسان جماعي لأن الخير يعدي وينتقل للآخرين بل انه لا يعدي فقط وإنما يحمي من الانفلات إلي الطريق الآخر.. فعندما يعيش الإنسان وسط خيرين فإنه ينصلح سلوكه وتسري إليه عدوي الخير مثلما تسري إلي الإنسان الخير عدوي الشر إذا ما صاحب الأشرار وعاش وسطهم ونقل عنهم. ويطالب الشيخ إيهاب من أراد أن يستمر علي هذه القيمة وعلي هذا التدريب ان يحافظ علي صيام الاثنين والخميس ويحافظ علي أوقات الصلاة ويحافظ علي نظام رمضان فيجعل صلاة المغرب والعشاء في وقتها ولو اضاف إليها عدة ركعات قيام ليل وتلاوة ما تيسر من القرآن فضلا عن خوفه من ضياع هذا الجهد العبادي بالغيبة أو النميمة أو الاهمال. سؤال وجواب زكاة الفطر دين .. علي من تأخر في إخراجها صيام الست البيض .. قبل أيام الأعذار جائز توزيع الجمعيات لأموال صدقة الصيام .. بعد العيد لا شيء فيه كتب - محمد زين العابدين زكاة الفطر التي تأخر صاحبها في إخراجها إلي بعد العيد وماذا يصنع بها. وصيام الست البيض من شهر شوال بالنسبة لمن عليه أيام بعذر. وتوزيع الجمعيات الخيرية ما جمعته من صدقة الفطر بعد العيد ومدي جواز ذلك. * تسأل القارئة م.ف.ر من الاسماعيلية. قائلة: افطرت ثلاثة أيام بعذر في شهر رمضان فهل أقدم صيامها أم أصوم الأيام الست من شوال قبلها؟ ** يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة القاهرة يقول: من المعلوم ان صوم رمضان فرض وركن من أركان الإسلام الخمس وان من فاته الصوم بعذر وجب عليه القضاء قال الله تعالي: "ومن كان مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر" وصيام الست من شوال انما هو من النوافل ولا تقدم النافلة علي الفرض. والفرض لا يسقط إلا بالأداء بخلاف النافلة فلا يأثم تاركها وليست دنيا في ذمته. وهناك من ذهب إلي صيام الست من شوال أولاً وذلك لقول الله تعالي: "من أيام أخر" ولم يحددها فالقضاء مفتوح حتي رمضان القادم واستناداً إلي قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكانما صام الدهر كله" واستخلصوا من قول رسول الله: "ثم ا تبعه" بأن صوم الست دين. فلو صام المسلم الست من شوال ثم قضي بعد ذلك ما فاته فلا اثم عليه ولا حرج لانه لم يخل بشروط القضاء. والله أعلم * يسأل القارئ ر.م.ف من المنيا قائلاً: ما حكم الدين في بعض الجمعيات الخيرية التي تجمع زكاة الفطر وتحتفظ بجزء منها لتوزيعها بعد ذلك؟ ** يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور صبري عبدالرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يقول: ما دام المزكي قد أعطي الجمعية الخيرية المسئولة عن توزيع زكاة الفطر قبل صلاة العيد فقد برأت ذمته. فإن قامت الجمعية بالتوزيع علي جميع المحتاجين في المنطقة التي تعمل فيها وبقي شيء من المال يجوز لها ان توزعه بعد ذلك لمصلحة الفقراء والمساكين. فإن وجد محتاج في غير المنطقة التي يقيم فيها المزكي والجمعية أو المؤسسة فيجب مد يد العون والمساعدة لكل محتاج في المنطقة أو غيرها ولا تأثم الجمعية أو المؤسسة بحفظ ما لديها من أموال زكاة الفطر إذا كان لمصلحة الفقراء والمساكين وحيثما وجدت المصلحة فثم وجه الله. والله أعلم * تسأل القارئة ر.ح.م من الإسكندرية قائلة: أمتلك مبلغاً من المال وليس لدي أولاد وكفيفة البصر ويوجد في مكان إقامتي مسجد يعاد تجديده فما حكم الدين لو تبرعت بهذا المال للمسجد بدلاً من أدائي فريضة الحج نظراً لمتاعب الحج؟ ** يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور أحمد طه ريان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء يقول: قال الله تعالي مبيناً وجوب الحج علي المسلمين وموضحاً الجرم العظيم الذي يقع فيه من كان يستطيع الحج ولم يحج. فقال: "ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني حميد". وجاء في الأثر من خرج من بيته حاجاً أو معتمراً فمات أجري له أجر الحاج المعتمر إلي يوم القيامة. وغير ذلك من الآثار التي تبين فضل الحج والعمرة والأجر العظيم الذي يحصل عليه الحاج والمعتمر خصوصاً ما يبذله من جهد في السير من عناء السفر والزحام لان الثواب علي قدر المشقة. وكان ابن عباس رضي الله عنهما يبين ان المضاعفة في الثواب إلي مئة ألف ليست في الصلوات فقط بل في كل شيء يعد من قبيل العبادات وبما ان المشي في المناسك من العبادات فكذلك تجري فيه المضاعفة بحيث تضاعف الحسنة إلي مئة ألف حسنة. كما ان الصلاة فيه بمئة ألف صلاة. وبالنسبة لما ورد في السؤال فلو دفعت السائلة أضعاف تكلفة الحج في هذا المسجد الذي يعاد تجديده أو غيره من أعمال الخير لن تساوي فضل أداء فريضة الحج لأن الانفاق في وجوه الخير مستحب بينما الحج ركن من أركان الإسلام. إلا انه يتوقف الأمر علي الاستطاعة والاستطاعة بالنسبة للمرأة تتحقق بأمرين. الأول: القدرة علي الحج وتتمثل في المقدرة الصحية والمالية وكل وسائل الاستطاعة. الثاني: وجود المحرم المرافق لها أو الرفقة المأمونة في حج الفريضة فإن وجد المحرم أو الرفقة المأمونة فلا يسقط عنها ركن الحج. أما إذا عجزت عن وجود المحرم والمعين علي السفر خاصة وهي ذات ظروف خاصة فلا حرج عليها ان تتبرع بالمال لبناء مسجد أو أي عمل يعين الناس علي حياتهم كالمدارس والمستشفيات وغير ذلك من وجوه الخير. والله أعلم * تسأل القارئة ح.م.ف من الإسكندرية قائلة: ما حكم الدين فيمن تأخر عن أداء زكاة الفطر عن صلاة العيد؟ يجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ محمد حمودة من علماء الأزهر يقول: للفقراء زكاة الفطر طهرة للصائم وطعمة للفقراء والمساكين ويجب المبادرة باخراجها قبل صلاة العيد. بالنسبة لما ورد في السؤال فلقد حسم رسول الله صلي الله عليه وسلم لمن سأله عن أدائه لزكاة الفطر بعد صلاة العيد فقال: "ان هي إلا صدقة تصدقت بها". فإذا كان المسلم نسي إخراجها قبل صلاة العيد فلا اثم عليه لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ويجب عليه ان يعجل باخراجها حتي تبرأ ذمته. أما إذا لم يكن ناسياً فيكون إثما ويجب ان يخرجها لانها تعتبر دينا في ذمة صاحبها ودين الله احق بالقضاء. والله أعلم الخلط بين عمل الشيطان والنفس الأمارة يخلط كثير من الناس بين تزيين الشيطان وتزيين النفس الأمارة بالسوء. حيث يتحيرون عندما يقفون عند قول النبي صلي الله عليه وسلم : "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة. وغُلقت أبواب النار. وصفدت الشياطين". فلو كانت الذنوب كلها بسبب الشيطان لم نجد من يذنب في رمضان؟ بل هناك كثير من الذنوب ترتكب في رمضان. مع أن الشياطين مقيدة. فأني هذا؟! ويجاب علي ذلك بما يلي: أ ذهب بعض العلماء إلي أن التصفيد انما كان في زمان الوحي لئلا يتمكن مردة الجن وعتاة الشياطين من الرقي في أسباب السماء لاستراق السمع فقد كان القرآن ينزل في كل ليلة قدر ما قدر ان ينزل منجما علي حسب الوقائع في سائر السنة. والسماء وان كانت محفوظة بالشهب الثاقبة من كل شيطان مارد فيجوز أن يزاد في حراستها بتصفيد الشياطين تشديدا للأمر عليهم ومبالغة في الحراسة. ب يحتمل أن يكون المراد من التصفيد المذكور حسن أطماعهم من اغواء الصوام بما وطنوا أنفسهم عليه من المجاهدات ونوافل العبادات. ج ليس المراد أن الشياطين لا تتحرك أبدا بل هي تتحرك. وتضل من تضل. ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيره فيكون المقصود تقليل الشرور فيه. فهي تغل عن الصائمين. الصوم الذي حوفظ علي شروطه. وروعيت آدابه. وهذا أمر محسوس. فان وقوع ذلك فيه أقل من غيره. اذ لا يلزم من تصفيد جميعهم ألا يقع شر ولا معصية. د قد يراد أن الذنوب التي تقع تكون من تزيين النفس. فان للنفس مدخلا في المعصية. فهي تقف بك عند معصية بعينها لا تريد سواها. ولا تنتقل بك إلي غيرها وتظل تلح عليك إلي أن توقعك فيها. أما الشيطان فانه يريدك عاصيا بأية صورة وعلي أية حال. فان تأبيت عليه نقلك الي معصية أخري. الأمر الذي يبين أن للإغواءات أسبابا غير الشياطين. كالنفوس الخبيثة. والعادات القبيحة. والشياطين الإنسية. كما قال الإمام القرطبي رحمه الله. فالصوم وقاية للنفس. يحفظها من الوقوع في المكاره ووقاية من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجري الدم. ووقاية من النار فعن أبي سعيد الخدري قال سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: "من صام يوما في سبيل الله. بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا" فالصيام يزحزح صاحبه عن النار. فيكون من الفائزين. وهذا يفسر قول النبي صلي الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة: "الصيام جنة" وقال: "الصيام جنة وحصن حصين من النار". والجنة الوقاية والحماية فهي ما يتقي به المرء ويحتمي. د. محمد عبدالله فايد من حدائق الحكمة دعاء اليوم اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت. خلقتني وأنا عبدك. وأنا علي عهدك ووعدك ما استطعت. أعوذ بك من شر ما صنعت. أبوء لك بنعمتك. الفصل في النزاع الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتاب منزل من السماء. وإذا ردوا إلي عقولهم فلكل واحد منهم عقل. شراء النفس اشتر نفسك.. فالسوق قائمة. والثمن موجود. أخرج بالعزم من هذا الفناء الضيق. المحشو بالآفات إلي الفناء الرحب. الذي فيه ما لا عين رأت. فهناك لا يتعذر مطلوب. ولا يفقد محبوب. القلب يمرض القلب يمرض كما يمرض البدن. وشفاؤه في التوبة والحمية. ويصدأ كما تصدأ المرآة. وجلاؤه بالذكر. ويعري كما يعري الجسم. وزينته التقوي. ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن. وطعامه وشرابه المعرفة.