جاء الإسلام ليصحح ما اختلف فيه الناس حول الخالق. مؤكداً وحدانية اللَّه سبحانه وتعالي. كما أراد أن يعرف الإنسان أن هناك فرقاً بين القديم والمحدث. أي بين الخالق والمخلوقات. كما يعرف الإنسان أن الله قائم بذاته. لا يستند إلي شيء ولا يعتمد علي شيء سواه. وكل ما سواه قائم به مفتقد إليه فهو الحي القيوم. وهو واحد لا ند له. ولا كفء. ولا شبيه في الذات أو الصفات والأفعال. يقول تعالي: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد. اللَّهُ الصَّمَدْ. لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُوُلَدْ. ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوًا أحَّدْ" وهو القائل: "لَيْسَ كَمَثَلِهِ شَيِّء". أما الإنسان فهو قابل للجمع بين الأضداد. تلتقي فيه القوي النورانية والقوي النارية وعليه تتنزل الملائكة بالرحمات. يقول تعالي: "إنَّ الذِّين قَالُوُا رَبُّنَا اللَّه ثُمَّ استَقَامُوُا تَتَنَزَّل عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَة. ألاَّ تخَافُوُا ولاَ تَحْزَنُوُا وأبْشِرُوُا باِلْجَنَّةِ التِّي كُنْتُمْ تُوُعَدُونَ نَحْنُ أُوْلِيَاؤكُمْ فِي الحَياةِ الدُّنْيَا وفِي الآخِرَة".. وعليه أيضاً تتنزل الشياطين في حال الكفر والضلال: "هل أُنَبِئْكُم علَي مَنْ تَتَنَزَّل الشَّياطِين. تَتَنَزَّل علَي كُل أفَّاك أثيم" فتنزل عليه بالغواية والوسوسة. فإذا تحرر الإنسان من الهمز والنزغ والمس والاستهواء كان منحازاً إلي ناحية النور. مؤيداً بالملائكة في كل موقف يساعده علي ذلك دوام ذكر الله والذي به تطمئن القلوب. أما إذا غفل الإنسان عن ذكر الله كان الشيطان قرينه "مَنْ يَعْشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين" والإنسان مخلوق مركب يجتمع به الروح والجسد خلقه الله لخلافته وسخر له ما في السموات وما في الأرض بعد قبوله الأمانة وخاطبه في حديث قُدْسي: "يا ابن آدم خلقتك لأجلي وخلقت الأكوان لأجلك. فلا تنشغل بما خُلِقَ من أجلك عمَّن خُلقت من أجله". وتقتضي العبودية طاعة أمر الله بغير إعمال للعقل فيما يتعلق بالأمر والنهي الإلهيين. وفيهما حتماً خير العباد.. وإن لم يدركوا ذلك بعلمهم المحدود ولا يعني ذلك إهمال العقل. فالعقل نعمة كبري من نعم الله وله دوره العظيم في حياة الإنسان وعمارة الأرض وهو شرط للتكليف بأحكام العبودية وسبيل لفهم الكتاب وللقياس والاستنباط.