ما أن يقترب شهر رمضان. حتي تقوم الدنيا ولا تقعد. علي مستوي الأفراد والأسرة والدولة. انشغالا بتوفير السلع الاستهلاكية. بكل أنواعها. ويتم اعلان حالة الطوارئ القصوي. وما أن تأتي الأيام الأخيرة من شهر شعبان إلا وتتحول المحال والأسواق والشوارع والشوادر إلي خلايا نحل. ليس عملا وانتاجا وانما شراء وانفاقا. وتنتشر حمي الشراء مثل النار في الهشيم. وكأن الانتاج سيتوقف وان المجاعة والجدب قادمان. يشتري الناس ما يحتاجون ومالا يحتاجون ويحملون أنفسهم مالا يطيقون. اننا بلا فخر استطعنا أن نحول رمضان من شهر الصيام إلي شهر طعام واستهلاك. علي عكس الحكمة منه ومن مشروعيته. بل قلبنا الأمور رأسا علي عقب. فكأننا صائمون طوال العام سنفطر فقط في هذا الشهر. بالطبع ليس كل من يشتري كثيرا. علي خطأ. فهناك من يحاول شراء احتياجاته الأساسية الكافية للشهر كله. حتي يتفرغ للعبادة والعمل والصلاة والتراويح. ولا يكون منشغلا بالمشتريات. وهناك من يشتري كثيرا ولا يكون هذا لنفسه ولا لأسرته وانما لتوزيعه علي الفقراء والمساكين والمحتاجين. وأيضا للأهل والأقارب صلة للأرحام. وهذا لا يدخل في باب الإسراف ولا التبذير. وإنما القربات والعبادات. بينما المذموم والمرفوض والذي ربما يدخل في باب التحريم هو المبالغة في الشراء بما يفيض ويزيد علي الاحتياج. فليس هذا وحده الذي يحدث وانما أيضا المبالغة في الموائد. وتكون نهايته الإلقاء في سلة المهملات. كلنا نعلم ان المعدة بيت الداء. وأن الصيام بجانب فوائده الدينية وجزائه الكبير الذي تكفل الله به لأنه يفيد جميع أعضاء الجسد بلا استثناء من أجهزة عصبية ونفسية وخاصة الجهاز الهضمي. ولدينا السنة النبوية المطهرة التي توضح كيف نأكل في وجبات الافطار والسحور وما بينهما. وبين أيدينا ما جاء به العلم الحديث والدراسات الكثيرة. التي تؤكد منافع الصوم. وتنصح بالطرق السليمة لتناول الوجبات والمشروبات. لكن مع ذلك نتجاهل ذلك كله ونضرب به عرض الحائط ونلقي به وراء ظهورنا. ولا نهتم إلا بالبطون والطعام والشراب. ونعاني من التخمة وتحمل جسدنا عبئا جديدا بدلا من ان نستثمر هذا الشهر الكريم ونصومه بطريقة صحيحة. ليتخلص الجسم من الآثار السيئة للطعام المستمر طوال العام. كل عام وأنتم بخير.